حكومة السراج تنفي تسخير المهاجرين لخدمة حربها في العاصمة

مهاجرون أفارقة داخل أحد مراكز الإيواء في الزاوية غرب طرابلس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة داخل أحد مراكز الإيواء في الزاوية غرب طرابلس (أ.ف.ب)
TT

حكومة السراج تنفي تسخير المهاجرين لخدمة حربها في العاصمة

مهاجرون أفارقة داخل أحد مراكز الإيواء في الزاوية غرب طرابلس (أ.ف.ب)
مهاجرون أفارقة داخل أحد مراكز الإيواء في الزاوية غرب طرابلس (أ.ف.ب)

نفى جهاز مكافحة الهجرة غير المشروعة، التابع للمجلس الرئاسي في حكومة «الوفاق الوطني» في العاصمة الليبية، تقارير دولية تتحدث عن «تسخير مئات المهاجرين وإجبارهم على نقل السلاح إلى جبهات الحرب في طرابلس»، فضلاً عن «تعرضهم للعنف الجنسي»، وقال إن الجهاز «يولى اهتماماً لجميع نزلائه، ويسعى إلى تأمينهم وتوفير الرعاية الصحية المطلوبة لهم».
وقال مسؤول بالجهاز التابع لوزارة الداخلية، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أمس، إن «بعض المنظمات الدولية تتهم أجهزتنا الأمنية باستخدام المهاجرين في نقل السلاح إلى خطوط القتال الأمامية بالعاصمة، وهذه كلها تقارير عارية عن الصحة».
وأضاف المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه لدواعٍ أمنية، أن «لدينا بعض الأزمات والإخفاقات في عدد من مراكز الإيواء لأسباب خارجة عن إرادتنا»، لكنه أوضح أن «بعض المنظمات درجت منذ سنوات على توجيه الاتهامات المرسلة إلينا دون التثبت منها».
كانت منظمة «هيومن رايتس ووتش» قد قالت مساء أول من أمس، إن «المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في ليبيا يتعرضون للتعذيب والحرمان من الطعام والرعاية الطبية، وللعمل القسري والابتزاز والعنف الجنسي»، بالإضافة إلى تعرض بعض مقرات الاحتجاز التي تقع في الضواحي الجنوبية من العاصمة لمخاطر بسبب الحرب الدائرة بين «الجيش الوطني» وقوات موالية لحكومة «الوفاق» في تلك المناطق.
وأفادت المنظمة في بيانها بأنه من خلال جمع شهادات محتجَزين اثنين في مركز اعتقال في تاغوراء، ضاحية شرق طرابلس، تبين أنّ «مسلحين أجبروهما على إصلاح مركبات عسكرية»، وتحدث أحد المحتجزين عن إحضاره مع معتقلين آخرين إلى «منطقة شهدت قتالاً متكرراً».
وأضافت المنظمة أنه وفقاً لأحد المصادر، فإنّ أحد المحتجزين في مركز اعتقال طريق السكة في طرابلس قال إن «بعض أعضاء الميليشيات خزّنوا الأسلحة والذخائر، بما فيها الصواريخ المحمولة على الأكتاف والقنابل اليدوية والرصاص قرب مكان إيواء المحتجزين، وأُجبر المحتجزون على المساعدة في نقلها».
وتقول حكومة «الوفاق» إنها تسعى دائماً إلى تأمين المهاجرين غير الشرعيين، لحين نقلهم طوعاً إلى دول أخرى تفضل استضافتهم، مشيراً إلى أن هناك تقارير «موجهة تفتقر إلى النزاهة والحيادية، ولا ترى إلا ما يخدم مصالحها وتوجهها فقط».
ونقلت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، 325 لاجئاً الأربعاء الماضي من مركز احتجاز بمنطقة قصر بن غشير، جنوبي طرابلس، بسبب تصاعد العنف قرب العاصمة، إلى مركز احتجاز في الزاوية، شمال غربي ليبيا، حيث تقل المخاطر التي يواجهونها.
وقالت المفوضية إن عملية الإجلاء الأخيرة «ترفع عدد المهاجرين واللاجئين الذين نقلوا بسبب الاشتباكات إلى 825 في أربع عمليات خلال الأسبوعين الماضيين». وبينما تمسك المسؤول بجهاز مكافحة الهجرة برفضه للتقارير الدولية التي تتحدث عن «وجود سخرة» في بعض مراكز الإيواء، قال إن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، «لم تزر غالبية مراكز الإيواء، حتى تُصدر أحكاماً مشكوكاً في صحتها».
واستغرب المسؤول من أن بعض المنظمات الدولية ذكر أنه «يتم استخدام المهاجرين في تعلية مباني مراكز للإيواء، في حين أن المراكز المستهدفة مُشيدة من الصفيح». كما تصدى أيضاً في رده على الاتهام الذي أوردته «رايتس ووتش» بـ«حرمان المهاجرين من الطعام»، وقال: «ليس لدينا نزيل ينام من غير عشاء... رغم أن مركزي السبعة وتاغوراء لا يحتويان على مواد للإعاشة، ونضطر للاعتماد على صدقات المواطنين، والشركات المحلية لإطعام النزلاء».
وتابع المسؤول ذاته موضحاً: «منذ مطلع أبريل (نيسان) الجاري وبعض الشركات المحلية تورّد المواد الغذائية للمركزين دون مقابل مادي»، مشيراً إلى أن «بعض المواطنين يقدمون زكاتهم حتى لا يجوع أي لاجئ في ليبيا».
وانتهى المسؤول إلى أن بعض المنظمات، مثل «أطباء بلا حدود»، و«الدولية للهجرة» توجد بشكل يومي في مراكز الإيواء، وترصد ما يجري هناك، لكنها «لم تذكر أن المهاجرين يتعرضون للسخرة».
وأحصت المنظمة الدولية للهجرة 5,933 محتجزاً في «مراكز احتجاز» رسمية. لكن جماعات عسكرية تحتجز مئات آخرين في أماكن لا تخضع لأي إشراف.
وفي بيان صدر منتصف الأسبوع الماضي حول الوضع الإنساني في ليبيا، أشارت مساعدة مبعوث الأمم المتحدة ماريا دو فالي ريبيرو، إلى «القلق» حيال وضع «المهاجرين، طالبي اللجوء واللاجئين، الذين يوجد 3,600 منهم في مراكز احتجاز ضمن مناطق قريبة من خطوط المواجهة، ولذلك تسعى المنظمة الدولية للهجرة إلى إجلائهم إلى مكان أكثر أمناً».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».