انتقادات لتصريحات وليد جنبلاط عن شبعا وأوساطه تعدها تجاوباً مع «تعليمات سوريا»

TT

انتقادات لتصريحات وليد جنبلاط عن شبعا وأوساطه تعدها تجاوباً مع «تعليمات سوريا»

استمر السجال في لبنان حول المواقف الأخيرة التي أطلقها رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، النائب السابق وليد جنبلاط، وتحديداً تلك المتعلقة بمزارع شبعا، وقوله إنها «غير لبنانية».
ورد جنبلاط، يوم أمس، على الحملات ضده، قائلاً: «قبل هذا السيل من الاتهامات والتهجمات، أذكّر بالتالي: بعد التحرير، عام 2000، كان لي الموقف نفسه، عندما طالبت بإعادة التموضع للجيش السوري. آنذاك، جرى التخوين، واليوم أيضاً. قد تكون هناك أراضٍ يملكها لبنانيون في مزارع شبعا وكفرشوبا وغيرها، لكن الملكية شيء والسيادة شيء آخر، بعد أن أحرقت الخرائط».
وأكد جنبلاط أن الحكومة السورية رفضت إعطاء لبنان الأوراق الثبوتية حول لبنانية المزارع، فكان أن بقيت السيادة مبهمة حتى هذه اللحظة، لكن ربحنا سفارة»، وتوجّه إلى منتقديه قائلاً: «خذوا راحتكم بالتخوين والتحليل، سنكمل المسيرة بهدوء، ونترك لكم منابر القدح والذم».
أتى ذلك في وقت طالبت فيه هيئة أبناء العرقوب ومزارع شبعا جنبلاط بالتراجع عما قاله، آسفة في بيان لها «أن يعود رئيس الاشتراكي بالجدل حول حقنا في أرضنا في مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، وهو جدل تجاوزناه منذ سنوات حين التقينا به، وسلمناه ملفاً عن لبنانية المزارع والتلال، وأعدنا تسليمه هذا الملف في أثناء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني في مجلس النواب، برئاسة الرئيس نبيه بري، حيث صدر قرار بإجماع وطني، بتاريخ 7 (مارس) آذار 2016، بأن مزارع شبعا وتلال كفرشوبا هي أراض لبنانية محتلة من قبل العدو الصهيوني، ويجب تحريرها».
وفيما علمت «الشرق الأوسط» أن هناك تعميماً من قبل جنبلاط وقيادة حزبه بضرورة عدم الرد من قبل وزراء ونواب «اللقاء الديمقراطي» على كل الحملات والمواقف ضده، خصوصاً من قبل النائب طلال أرسلان، قال مصدر نيابي في «اللقاء الديمقراطي» لـ«الشرق الأوسط» إن التعليمات المعطاة للبعض من قبل النظام السوري ما زالت سارية المفعول منذ ما قبل الانتخابات النيابية، بغية العمل على تحجيم جنبلاط، في حين شرع النظام مؤخراً، وعبر حلفائه، في فتح معركة المؤسسات الدرزية الرسمية والشرعية، من مشيخة العقل إلى المجلس المذهبي وقانون الأوقاف، وتركت المهمة للنائب أرسلان ليتولاها، حيث شن حملة عنيفة على مشيخة العقل والأوقاف، على خلفية مسائل عقارية مزعومة، نفتها المشيخة عبر بيان فندت فيه كل هذه المزاعم.
ورأى المصدر أن المطلوب جراء تلك المواقف التصعيدية إحداث فتنة في الجبل، لكن لولا المساعي وحكمة جنبلاط في منع محازبيه ومناصريه من الردود على الاستفزازات، لكنا شاهدنا اهتزازاً لاستقرار الجبل، مؤكداً أن «أمن الجبل واستقراره خط أحمر، ونحن كحزب اشتراكي ولقاء ديمقراطي سبق أن طالبنا بأن يكون الأمن ممسوكاً فقط من الجيش اللبناني والقوى الأمنية الشرعية. وبدورنا، نرفع الغطاء عن أي كان، في حال حصلت إشكالات، أو حتى الرد على الذين يحاولون جرنا إلى الفتنة المطلوبة من بشار الأسد».
ويسأل المصدر: «جنبلاط تحدث في السياسة حول المسائل الداخلية والإقليمية، فهل ذلك بات من المحرمات أم أنه ممنوع المس بنظام يقتل شعبه ويسعى إلى فتنة في الجبل ولبنان؟»، متوجهاً إلى حلفاء النظام السوري بالقول: «لماذا هذا الصمت المطبق حول نقل رفات الجنود الإسرائيليين إلى تل أبيب عبر روسيا؟ فلم نسمع (حزب الله)، ولا سائر منظومة (الممانعة)، يستنكرون - ولو بخجل - ما جرى من مهزلة وبيع وشراء من قبل النظام السوري مع تل أبيب، الذي ليس بجديد، باعتبارها تحمي الأسد من السقوط».



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.