الاحتياطي الأجنبي التونسي تحت «مستوى الضمان»

TT

الاحتياطي الأجنبي التونسي تحت «مستوى الضمان»

سجلت مخزونات تونس من النقد الأجنبي تراجعاً خلال الفترة الأخيرة؛ حيث باتت لا تغطي سوى 76 يوم توريد، وهو ما اعتبره خبراء في مجالي الاقتصاد والمالية «دليلاً على تواصل الأزمة الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد التونسي».
وشهد المخزون المحلي من العملة الأجنبية خلال شهر أبريل (نيسان) انخفاضاً، مقارنة بالمستوى الذي كان عليه خلال شهر مارس (آذار) الماضي، إذ كان لا يقل عن 14.222 مليار دينار تونسي (نحو 4.74 مليار دولار)، وسجل قبل يومين رقماً جديداً لا يزيد عن 13.091 مليار دينار (نحو 4.36 مليار دينار) وهو ما يساوي تراجعاً في حدود 7.1 في المائة. وكانت المخزونات التونسية من النقد الأجنبي تتجاوز حدود 90 يوم توريد، وهو الحد الأدنى المسموح به لدى الدول لضمان الاستقرار الاقتصادي، وكذلك ضمان استقرار المعاملات المالية.
وذكرت مصادر تونسية، تعمل ضمن المنظومة البنكية المحلية، أن توفير السلطات التونسية لمخزون من حاجياتها الاستراتيجية من القمح والنفط والأدوية، يغطي عدة أشهر مقبلة، نظراً للارتفاع الحاد لأسعار هذه المواد في الأسواق الخارجية، هو الذي أسهم في تدني المخزون من العملة الصعبة.
وبتذبذب الصادرات المحلية من مادة الفوسفات المهمة على المستوى الاقتصادي، فإن تونس تفتقر لأنشطة تدر العملة الصعبة طوال السنة، ولا توجد مدخلات غير بعض القطاعات الموسمية على غرار السياحة، وعدد من المنتجات الفلاحية، على رأسها زيت الزيتون، علاوة على التمور والحمضيات.
وخلال الأشهر الماضية، وفّرت الحكومة التونسية مبلغ 980 مليون دولار لتغطية احتياجات استراتيجية لا يمكن التغافل عنها، وهي تمس الطاقة والحبوب والأدوية، واستوردت تبعاً لذلك الطاقة بمبلغ 760 مليون دولار، والحبوب بقيمة 120 مليون دولار، والأدوية بنحو 100 مليون دولار.
ومن المنتظر أن يستعيد هذا المخزون النقدي الأجنبي مستواه العادي خلال الأشهر المقبلة، في ظل بوادر موسم سياحي ناجح، وكذلك موسم فلاحي قد تسجل فيه الحبوب والزيوت والتمور والحمضيات أفضل النتائج، باعتبارها من أهم المنتجات التي كانت توفر عملة صعبة خلال السنوات الماضية.
وفي حال صرف القسط السادس من القرض المتفق بشأنه مع صندوق النقد الدولي، والمقدر بنحو 250 مليون دولار، فإن الاحتياطي المحلي من النقد الأجنبي سيستعيد بعضاً من توازنه.
وكان البنك المركزي التونسي قد كشف، الثلاثاء الماضي، عن تحسن طفيف للدينار التونسي (العملة المحلية) مقابل العملة الأوروبية، وانخفضت قيمة اليورو لأول مرة منذ أكثر من 6 أشهر إلى مستوى 3.38 دينار تونسي، بعد أن كانت تقارب حاجز 4.5 دينار تونسي، وهو ما اعتبر من قبل الجهات الحكومية دليلاً أولياً على بداية تعافي الاقتصاد التونسي.
يذكر أن الحكومة التونسية اتخذت عدة إجراءات للحد من التوريد المؤثر على المخزون المحلي من النقد الأجنبي. ومنع البنك المركزي التونسي إثر هذا التوجه الحكومي، البنوك المحلية من تمويل الواردات، ضمن قائمة بـ220 منتجاً مورداً، غير أن هذا الحل لم تبرز نتائجه إلى العيان، وواصلت تلك المدخرات التأرجح لتدرك مستوى الخط الأحمر، أي أقل من 90 يوم توريد لأشهر متتالية.



الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
TT

الساعات الأخيرة قبل إسدال الستار على مؤتمر «كوب 16» في الرياض

جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)
جلسة المفاوضات التي تعمل على حسم بنود الإعلان الختامي لمؤتمر «كوب 16» (الشرق الأوسط)

على مدار الأسبوعين الماضيين، اجتمع قادة الدول والمنظمات الدولية، والمستثمرون، والقطاع الخاص، في العاصمة السعودية الرياض، لمناقشة قضايا المناخ، والتصحر، وتدهور الأراضي، وندرة المياه، وسط «مزاج جيد ونيات حسنة»، وفق الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو، خلال مؤتمر صحافي عُقد مساء الخميس.

وجرى جمع 12 مليار دولار تعهدات تمويل من المنظمات الدولية الكبرى. وفي المقابل، تُقدَّر الاستثمارات المطلوبة لتحقيق أهداف مكافحة التصحر وتدهور الأراضي بين 2025 و2030 بنحو 355 مليار دولار سنوياً، مما يعني أن هناك فجوة تمويلية ضخمة تُقدَّر بـ278 مليار دولار سنوياً، وهو ما يشكل عقبة كبيرة أمام تحقيق الأهداف البيئية المطلوبة.

وحتى كتابة هذا الخبر، كانت المفاوضات لا تزال جارية. وكان من المرتقب إعلان النتائج في مؤتمر صحافي عصر اليوم، إلا أنه أُلغي، و«تقرَّر إصدار بيان صحافي يوضح نتائج المؤتمر فور انتهاء الاجتماع، وذلك بدلاً من عقد المؤتمر الصحافي الذي كان مخططاً له في السابق»، وفق ما أرسلته الأمم المتحدة لممثلي وسائل الإعلام عبر البريد الإلكتروني.

التمويل

وقد تعهدت «مجموعة التنسيق العربية» بـ10 مليارات دولار، في حين قدَّم كل من «صندوق أوبك» و«البنك الإسلامي للتنمية» مليار دولار، ليصبح بذلك إجمالي التمويل 12 مليار دولار، وهو ما جرى الإعلان عنه يوم الخميس.

وكانت السعودية قد أطلقت، في أول أيام المؤتمر، «شراكة الرياض العالمية للتصدي للجفاف»، بتخصيص 150 مليون دولار على مدى السنوات العشر المقبلة.

وأشار تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إلى وجود فجوة تمويلية تبلغ 278 مليار دولار سنوياً، تهدد قدرة الدول على تحقيق أهداف مكافحة هذه الظواهر بحلول عام 2030، ما يشكل عقبة أمام استعادة الأراضي المتدهورة التي تُقدَّر مساحتها بمليار هكتار.

وتبلغ الاستثمارات المطلوبة لتحقيق هذه الأهداف بين 2025 و2030، نحو 355 مليار دولار سنوياً، في حين أن الاستثمارات المتوقعة لا تتجاوز 77 ملياراً، مما يترك فجوة تمويلية ضخمة تصل إلى 278 مليار دولار، وفق تقرير تقييم الاحتياجات المالية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، الذي أصدرته في اليوم الثاني من المؤتمر. وفي وقت تواجه الأرض تحديات بيئية تتعلق بتدهور الأراضي والتصحر، إذ أشارت التقارير التي جرى استعراضها، خلال المؤتمر، إلى أن 40 في المائة من أراضي العالم تعرضت للتدهور، مما يؤثر على نصف سكان العالم ويتسبب في عواقب وخيمة على المناخ والتنوع البيولوجي وسُبل العيش.

وفي الوقت نفسه، يفقد العالم أراضيه الخصبة بمعدلات مثيرة للقلق، وزادت حالات الجفاف بنسبة 29 في المائة منذ عام 2000، متأثرة بالتغير المناخي، وسوء إدارة الأراضي، مما أدى إلى معاناة ربع سكان العالم من موجات الجفاف، ومن المتوقع أن يواجه ثلاثة من كل أربعة أشخاص في العالم ندرة كبيرة في المياه بحلول عام 2050، وفقاً لبيانات اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر. وقد ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال خمسين عاماً، وفق آخِر تقارير «البنك الدولي».

وفي ظل هذه الظروف، جاء مؤتمر الرياض «كوب 16» لمناقشة أهمية التعاون الدولي والاستجابة الفعّالة لمجابهة هذه التحديات، وليسلّط الضوء على ضرورة استعادة 1.5 مليار هكتار من الأراضي بحلول عام 2030 لتحقيق الاستدامة البيئية.

يُذكر أن «مؤتمر كوب 16» هو الأول من نوعه الذي يُعقَد في منطقة الشرق الأوسط، وأكبر مؤتمر متعدد الأطراف تستضيفه المملكة على الإطلاق. وصادف انعقاده الذكرى الثلاثين لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، إحدى المعاهدات البيئية الثلاث الرئيسية المعروفة باسم «اتفاقيات ريو»، إلى جانب تغير المناخ والتنوع البيولوجي.