هل هو صراع أحزاب تقليدي أم صراع ثقافي؟

انتخابات اتحاد أدباء العراق

ألفريد سمعان أمين عام سابق
ألفريد سمعان أمين عام سابق
TT

هل هو صراع أحزاب تقليدي أم صراع ثقافي؟

ألفريد سمعان أمين عام سابق
ألفريد سمعان أمين عام سابق

أتذكّر الآن، وأنا أشاهد جمع الأدباء العراقيين وهم يخوضون انتخاباتهم لاختيار قيادة جديدة لإدارة اتحاد الأدباء، وذلك يوم الجمعة المصادف 26/ 4/ 2019، تلك اللحظة التي دخلتُ فيها إلى اتحاد الأدباء، عام 1996، حيث لم يتجاوز عمري وقتذاك العشرين عاماً، وقد كانت لحظةً تداخلت فيها الرهبة والرغبة؛ الرهبة من المكان، ومن السطوة القاسية على كل شيء، والرغبة الجامحة لشاعر شاب يحلم بأن يقف على منصة الجواهري، الذي كان محرَّماً ذكرُه في ذلك الوقت.
وقد دارت هذه الأيام رحى صراعات باردةٍ وحاميةٍ في بعض المرات بين أدباء العراق، فيما بينهم، وذلك للسيطرة على إدارة وقيادة الاتحاد، ذلك الاتحاد الذي أسسه «الجواهري الكبير»، وكان كبار العراق معه من شعراء، ونقاد، ومفكرين، ولغويين، كمهدي المخزومي، وعلي جواد الطاهر، والسياب، وعبد الرزاق عبد الواحد، وسعدي يوسف، والغبان.
بقي الاتحاد خيمةً للأدباء العراقيين كما نسمع من أحاديث الكبار، إلا أن هذه الخيمة مزقتها فيما بعد عواصف الأحزاب، وعصفت بها الآيديولوجيا، فالقوميون يعتقدون أنّ اتحاد الأدباء في نهاية الخمسينات وبداية الستينات تابعٌ أو جزءٌ من منظومة الحزب الشيوعي العراقي، لذلك لجأ البعض من أدباء الستينات إلى تأسيس منتدى أدبي يقف بالضد من الاتحاد، وكان مقره في الأعظمية، وقد مرّت مسيرة الاتحاد بمجموعة من التوقفات والتعثرات، حيث الصراعات السياسية تقف في مقدمة تلك التوجهات، فلا أظن أن هناك صراعاً ثقافياً أو جدلاً معرفياً وفكرياً مهماً أدى إلى خلافات عميقة في الاتحاد، لا سابقاً ولا حالياً.
استعاد الاتحاد عافيته في السبعينات بعد عودة الجواهري من مغتربه في براغ، وبعد السيطرة شبه الشاملة لحزب البعث على مقاليد السلطة في العراق، توجهت أنظارهم لاتحاد الأدباء ليكون إحدى واجهات الدولة، حتى إنَّهم شرَّعوا قانوناً للاتحاد جعلوا من رئيسه (الجواهري) أشبه بالواجهة فقط، وحوَّلوا الصلاحيات إلى الأمين العام، الذي كان يشغله الشاعر شفيق الكمالي، وكأنَّ قانون الاتحاد فُصِّل على مقاس الشخصيات التي كانت موجودة في المشهد الثقافي والسياسي، وهي أشبه بالمحاصصة، الرئيس محسوب على اليسار بلا صلاحيات، والأمين العام بعثي بصلاحيات كاملة، وكان ذلك في عام 1972، وبهذا أحكم حزب البعث قبضته على اتحاد الأدباء، خصوصاً بعد عودة الجواهري إلى منفاه الجديد، نهاية السبعينات، وبهذا تخلص البعث من الجواهري، وبقي مهيمناً على إدارة الاتحاد، وعلى اختيار قيادته حتى لحظة 2003.
ربما حدثت بعض التشققات بالجدار الذي صنعه حزب البعث، حيث جعل من اتحاد الأدباء تابعاً للمكتب المهني في قيادة حزب البعث، ومسؤول المكتب المهني كان هو مَن يختار رئيس الاتحاد، وقيادته بشكل عام، من خلال توجيهات مباشرة، وغير مباشرة، وقد أورد عدد من قيادات الاتحاد ما قبل فترة 2003 تصريحات بهذا الشأن، والشاعر جواد الحطاب على سبيل المثال أورد في مدونته الشخصية على «فيسبوك» مقالاً يبين فيه هيمنة المكتب المهني لحزب البعث، وسطوته في اختيار مَن يرغبون به، وطرد من يختلف معهم ولو قليلاً.
أقول: حدث بعض الصدع في الاتحاد أيام الانتخابات فقط، وكان ذلك في بداية التسعينات، وصعود نجم عدي صدام حسين، ومحاولةً منه لمدّ أذرعه، والهيمنة على المفاصل غير الحكومية للدولة، كاتحاد الشباب، واتحاد الطلبة، واتحاد الكرة، واللجنة الأولمبية، ونقابة الصحافيين، وتأسيس التجمع الثقافي، للهيمنة على اتحاد الأدباء، ومع هذا كان حزب البعث أقوى من عدي صدام حسين، إذ لم يستطع عدي في آخر دورة للاتحاد، على ما أذكر 1998 أو 1999، من فرض الشخوص الذين كان يرغب عدي بتوليهم قيادة الاتحاد، ذلك أن حزب البعث كان ينظر إلى عدي وأتباعه بما يشبه النظرة العدائية، رغم خوفهم من بطشه، لهذا بقي حزب البعث قابضاً على قيادة اتحاد الأدباء، على الرغم من تولي جيل الثمانينات إدارة وقيادة الاتحاد في أواسط التسعينات، حيث تولى رعد بندر رئاسة الاتحاد، وجواد الحطاب الأمانة العامة، وبقية الشباب في ذلك الوقت المكتب التنفيذي، كخالد مطلك ومنذر عبد الحر وهادي ياسين وآخرين.
وعلى الرغم من صعود نجم رعد بندر وقربه من صدام حسين، فإن توليه رئاسة الاتحاد كان ضربة للمكتب المهني في ذلك الوقت، وصعوده جاء بخلاف إرادة حزب البعث، ولكن حزب البعث لملم أوراقه سريعاً، وهجم بقوة ليعيد سيطرته على الاتحاد ولدورتين أو ثلاث بعد تلك الدورة وحتى 2003، ولم تنجح كل محاولات الشعراء والأدباء في ذلك الوقت في كسر سطوة المكتب المهني على اتحاد الأدباء، كمحاولة الشاعر لؤي حقي المقرب من صدام حسين، ومحاولات أدباء آخرين نزلوا بقوائم مضادة لحزب البعث، لكنهم فشلوا في آخر المطاف، حتى حلت لحظة تحشيد الأميركان لاحتلال العراق، حيث أتذكر أن أحد أعضاء المكتب التنفيذي في ذلك الوقت، وكان شاعراً، كان يصرخ في باحة اتحاد الأدباء قبل دخول الأميركان بأيام: «لو ذهب صدام حسين لقُضي علينا جميعاً»، وكان يقول هذه العبارة: «وين نروح؟!»، وبالفعل بعد 2003 لم يبقَ أي من قيادات اتحاد الأدباء، بحيث ذاب الجميع، مما اضطر عدداً من الأدباء غير المنخرطين في أي مسؤولية في الاتحاد إلى الحضور لمبنى الاتحاد في أول أربعاء بعد 9/ 4/ 2003، والمحافظة على ما تبقى من الاتحاد، والدعوة لتشكيل مجلس إدارة مؤقت، لإدارة الاتحاد، وكان معظم تلك القيادات من الإسلاميين الذين لم يغادروا البلاد، ولم يدخلوا بصراع مع حزب البعث في الوقت ذاته، حيث طُلب من الشاعر محمد علي الخفاجي أنْ يترأس هذه الإدارة المؤقتة، فرفض وقتها، وأوكل الأمر إلى القاص حميد المختار ومجموعة من الأصدقاء لتسيير أمور الاتحاد، أذكر منهم الشاعر والناقد فائز الشرع، والشاعر حسن عبد راضي، والشاعر نعمان النقاش (رحمه الله)، الذي بذل جهداً كبيراً في تلك الفترة لإدارة الاتحاد.
وبقي الاتحاد تقريباً سنة تحت هذه الإدارة التي مرت بمشكلات، وبنجاحات أيضاً، حتى دُعي إلى انتخابات عامة حضرها معظم الأدباء العراقيين، وانتخب مجلس مركزي جديد، وانتخب الناقد عناد غزوان رئيساً للاتحاد، وبقي بحدود شهرين في رئاسة الاتحاد حتى وافته المنية، ومن بعدها انتخب فاضل ثامر رئيساً للاتحاد، وألفريد سمعان أميناً عاماً وبقوا حتى انتخابات 2016، حيث تغير المشهد، وانتخب ناجح المعموري رئيساً، وإبراهيم الخياط أميناً عاماً، وقد استطاعت هذه الدورة التواصل مع معظم الأدباء العراقيين، كما أنها اشتغلت على بنية الاتحاد التحتية من قاعات، وغرف، وحدائق، وبنية الاتحاد الثقافية من مؤتمرات، ومهرجانات، وندوات على مدار الأسبوع، بحيث لا يخلو يوم من الأسبوع إلا وكان هناك نشاط لاتحاد الأدباء من قبل أحد منتدياته، التي تنوعت بتنوع الثقافة ومفاصلها.
لستُ هنا بصدد محاكمة الاتحاد، أو سرد سيرته الذاتية، ومكانته في المجتمع العراقي، ولكن الواقع أن اتحاد الأدباء في العراق بقي صوتاً مختلفاً عن معظم النقابات والمنظمات، ذلك أن صوته النقدي المعارض للسياسة المتخبط لعراق ما بعد 2003 حرمته كثير من الامتيازات، وبقي مؤسسة محرومة من الدعم الحكومي، ومع هذا بقي الاتحاد يقاوم وبقوة لإدامة نشاطاته الثقافية، ولكن بقي متهماً طيلة فترة ما بعد 2003 بأن الحزب الشيوعي استطاع أنْ يهيمن على الاتحاد مرة أخرى، وهو اتهام قد يكون فيه شيء من الحقيقة، ولكن الهيمنة ليست من الحزب الشيوعي، كحزب، وإنما من الأدباء الشيوعيين النشطين في الساحة الثقافية، أما الأحزاب فلا تملك سطوة كبيرة يمكن أن تفرضها على مؤسسات عريقة كهذه، هذا إذا عرفنا أن الدولة سحبت أياديها من الاتحاد سلباً وإيجاباً، فلا رقابة، ولا سطوة، ولا سيطرة، ولا دعم مادي في الوقت نفسه، فالأحزاب الإسلامية تتوجس من علاقتها بالاتحاد، وتتصوره عبارة عن مشرب للخمر فقط، فيما ابتعدت بقية التنظيمات عن الدخول في معمعة الاتحاد، وصراعاته الثقافية، وبهذا حقق الاتحاد شيئاً مهماً من استقلاليته. وها هو فضاء الديمقراطية المعقول في هذه الفترة يفرز قيادات ثقافية دون وصايا سوى كبيرة وملزمة، إنما اختلطت الأسماء والاختيارات والتوجهات المتضاربة في عدد كبير من أوراق الناخبين الأدباء، وهذا في حد ذاته مكسب ثقافي مهم، قد يجيب عن السؤال الذي وضعناه عنواناً فرعياً لهذه المقالة.



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».