الرئيس الأميركي أقر بأن بلاده تفتقر إلى استراتيجية ضد التنظيم الإرهابي

أوباما يوفد كيري الى المنطقة لتشكيل تحالف دولي لمواجهة {داعش}

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال إجابته على اسئلة الصحافيين في البيت الأبيض عصر امس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال إجابته على اسئلة الصحافيين في البيت الأبيض عصر امس (رويترز)
TT

الرئيس الأميركي أقر بأن بلاده تفتقر إلى استراتيجية ضد التنظيم الإرهابي

الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال إجابته على اسئلة الصحافيين في البيت الأبيض عصر امس (رويترز)
الرئيس الأميركي باراك أوباما خلال إجابته على اسئلة الصحافيين في البيت الأبيض عصر امس (رويترز)

أعلن الرئيس الأميركي باراك أوباما أمس عزمه ارسال وزير خارجيته جون كيري الى منطقة الشرق الأوسط للعمل على تشكيل تحالف دولي لمواجهة تنظيم {داعش}. وأضاف أوباما انه {متشجع ان دولاً في المنطقة، ليست دائما متفقة في السابق، هي الآن متفقة على مواجهة داعش}، مما يعني امكانية بناء التحالف الدولي لمواجهة التنظيم الإرهابي.
وتزامن ذلك مع كشف أوباما في مؤتمر صحافي ان الإدارة الأميركية ليس لديها استراتيجية لمواجهة داعش على المدى البعيد، معلنا انه طلب من وزير دفاعه تشاك هيغل والمسؤولين الامنيين وضع استراتيجية طويلة الأمد لدحر {داعش}. ولمح أوباما الى ان الضربات الجوية الأميركية ضد مقاتلي {داعش} في العراق، التي وصلت أمس الى 106 ضربات منذ بداية الشهر الحالي، ستتواصل في الفترة المقبلة.
وقال أوباما أمس ان {داعش تشكل تهديداً وشيكاً للشعب العراقي وشعوب المنطقة، لذا يجب ان تكون الضربات العسكرية جزءا من استراتيجية اوسع على المدى البعيد}. وتحدث أوباما مطاولا عن الانقسامات الطائفية في المنطقة، معتبرا ان هناك حاجة لاعطاء {السنة في العراق أملا}، وان هناك حاجة لـ{سنة معتدلين} في سوريا.
وكرر أوباما عبارة {ليست لدينا استراتيجية} حول كيفية التعامل مع تهديد {داعش} ثلاث مرات في مؤتمره الصحافي أمس، مقراً بأن {ما نقوم به هو محدود حاليا.. نحمي مواطنينا في العراق والاليات المهمة لسلامة مواطنينا هناك.. وعندما نرى فرصة ان ندعم الوضع الانساني بشكل متواضع سنفعل ذلك}. وأضاف: {اولويتنا الاساسية الان حماية مواطنينا وتقييم القدرات العراقية والكردية العسكرية}، موضحا ان تشكيل {حكومة عراقية متحدة وشاملة} امر جوهري لمواجهة داعش.
واضاف اوباما: {نحن ندفع الساسة العراقيين بذلك الاتجاه، وعندما نحقق ذلك، فان قدرتنا على مواجهة داعش تتفاقم.. لذا من الضروري الا نسمح لداعش بان تسيطر على العراق}.
وشدد أوباما في مؤتمر صحافي مقتضب في البيت الابيض أمس قبل اجتماعه بكبار مسؤوليه لبحث التطورات في العراق وسوريا على الدور الاقليمي في تحالف دولي لمواجهة {داعش}. وقال: {نحن بحاجة الى استراتيجية اقليمية.. وجزء من الهدف بان يشعر السنة في العراق وسوريا بان لديهم حكومة تحميهم وتحمي عائلاتهم وتلك الاليات غير موجودة.. القضية ليست فقط قضية امنية بل سياسية}. مختتماً بالقول ان {استئصال سرطان من العراق لن يكون سهلا.. ولكن لن نسمح لداعش بأن تتمركز في العراق}.



رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية
TT

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

رياح اليسار تهب مجدداً على أميركا اللاتينية

هل عادت رياح اليسار تهب من جديد على أميركا اللاتينية بعد موجة الانتصارات الأخيرة التي حصدتها القوى والأحزاب التقدمية في الانتخابات العامة والرئاسية؟
من المكسيك إلى الأرجنتين، ومن تشيلي إلى هندوراس والبيرو، ومؤخراً كولومبيا، خمسة من أقوى الاقتصادات في أميركا اللاتينية أصبحت بيد هذه الأحزاب، فيما تتجه كل الأنظار إلى البرازيل حيث ترجح الاستطلاعات الأولى فوز الرئيس الأسبق لولا دي سيلفا في انتخابات الرئاسة المقبلة، وإقفال الدائرة اليسارية في هذه المنطقة التي تتعاقب عليها منذ عقود شتى أنظمة الاستبداد العسكري والمدني، التي شهدت أبشع الديكتاتوريات اليسارية واليمينية.
بعض هذه الدول عاد إلى حكم اليسار، مثل الأرجنتين وهندوراس وبوليفيا، بعد أن جنح إلى الاعتدال، ودول أخرى لم تكن تتصور أنها ستقع يوماً في قبضة القوى التقدمية، مثل تشيلي وكولومبيا، فيما دول مثل المكسيك وبيرو ترفع لواء اليسار لكن اقتصادها يحتكم إلى أرسخ القواعد الليبرالية.
هذه الموجة تعيد إلى الأذهان تلك التي شهدتها المنطقة مطلع هذا القرن مع صعود هوغو تشافيز في فنزويلا، وتحت الظل الأبدي الوارف لفيديل كاسترو، فيما أطلق عليه يومها «اشتراكية القرن الحادي والعشرين». ومن المفارقة أن الدوافع التي كانت وراء ظهور هذه الموجة، نجدها غالباً في تمايزها عن تلك الموجة السابقة التي كان لارتفاع أسعار المواد الأولية والصادرات النفطية الدور الأساسي في صمودها. فيما محرك التغيير اليوم يتغذى من تدهور الوضع الاجتماعي الذي فجر احتجاجات عام 2019 وتفاقم مع ظهور جائحة «كوفيد». يضاف إلى ذلك أن تطرف القوى اليمينية، كما حصل في الأرجنتين وكولومبيا وتشيلي وبيرو، أضفى على الأحزاب اليسارية هالة من الاعتدال ساعدت على استقطاب قوى الوسط وتطمين المراكز الاقتصادية.
ومن أوجه التباين الأخرى بين الموجتين، أنه لم يعد أي من زعماء الموجة الأولى تقريباً على قيد الحياة، وأن القيادات الجديدة تتميز ببراغماتية ساعدت على توسيع دائرة التحالفات الانتخابية نحو قوى الوسط والاعتدال كما حصل مؤخراً في تشيلي وكولومبيا.
حتى لولا في البرازيل بحث عن حليفه الانتخابي في وسط المشهد السياسي واختار كمرشح لمنصب نائب الرئيس جيرالدو آلكمين، أحد زعماء اليمين المعتدل، الذي سبق أن هزمه في انتخابات عام 2006.
ولى زمن زعماء اليسار التاريخيين مثل الأخوين كاسترو في كوبا، وتشافيز في فنزويلا، وإيفو موراليس في بوليفيا، الذين اعتنقوا أصفى المبادئ الاشتراكية وحاولوا تطويعها مع مقتضيات الظروف المحلية، وجاء عهد قيادات جديدة تحرص على احترام الإطار الدستوري للأنظمة الديمقراطية، وتمتنع عن تجديد الولاية، وتلتزم الدفاع عن حقوق الإنسان والحفاظ على البيئة.
لكن مع ذلك لا يستقيم الحديث عن كيان واحد مشترك تنضوي تحته كل القوى التقدمية الحاكمة حالياً في أميركا اللاتينية، إذ إن أوجه التباين بين طروحاتها الاقتصادية والاجتماعية تزيد عن القواسم المشتركة بينها، الأمر الذي يدفع إلى التساؤل حول طبيعة العلاقات التي ستقيمها هذه القوى التقدمية مع محيطها، وأيضاً مع بقية دول العالم.
وتشير الدلائل الأولى إلى ظهور توتر يتنامى بين رؤية القوى التقدمية الواقعية والمتعددة الأطراف للعلاقات الدولية، والمنظور الجيوستراتيجي للمحور البوليفاري. ومن المرجح أن يشتد في حال فوز لولا في البرازيل، نظراً لتمايز نهجه الدبلوماسي عن خط كوبا وفنزويلا، في الحكم كما في المعارضة.
ويلاحظ أن جميع القوى اليسارية الحاكمة اليوم في أميركا اللاتينية، وخلافاً لتلك التي حكمت خلال الموجة السابقة، تعتمد أسلوباً دفاعياً يهدف إلى صون، أو إحداث، تغييرات معتدلة من موقع السلطة وليس من خلال التعبئة الاجتماعية التي كانت أسلوب الأنظمة اليسارية السابقة، أو البوليفارية التي ما زالت إلى اليوم في الحكم. ولا شك في أن من الأسباب الرئيسية التي تدفع إلى اعتماد هذا الأسلوب الدفاعي، أن القوى اليسارية والتقدمية الحاكمة غير قادرة على ممارسة الهيمنة السياسية والآيديولوجية في بلدانها، وهي تواجه صعوبات كبيرة في تنفيذ برامج تغييرية، أو حتى في الحفاظ على تماسكها الداخلي.
ويتبدى من التحركات والمواقف الأولى التي اتخذتها هذه الحكومات من بعض الأزمات والملفات الإقليمية الشائكة، أن العلاقات مع كوبا ونيكاراغوا وفنزويلا ستكون مصدراً دائماً للتوتر. ومن الأمثلة على ذلك أن الرئيس الكولومبي الجديد غوستافو بيترو، ونظيره التشيلي، اللذين كانا لأشهر قليلة خلت يؤيدان النظام الفنزويلي، اضطرا مؤخراً لإدانة انتهاكات حقوق الإنسان التي يمارسها نظام نيكولاس مادورو، علماً بأن ملايين الفنزويليين لجأوا في السنوات الأخيرة إلى كولومبيا وتشيلي.
وفي انتظار نتائج الانتخابات البرازيلية المقبلة، وبعد تراجع أسهم المكسيكي مانويل لوبيز لوبرادور والتشيلي بوريتش لقيادة الجبهة التقدمية الجديدة في أميركا اللاتينية، برزت مؤخراً صورة الرئيس الكولومبي المنتخب الذي يتولى مهامه الأحد المقبل، والذي كان وضع برنامجه الانتخابي حول محاور رئيسية ثلاثة تمهد لهذا الدور، وهي: الحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية وتغير المناخ، والدور المركزي لمنطقة الكاريبي والسكان المتحدرين من أصول أفريقية، والميثاق الإقليمي الجديد الذي لا يقوم على التسليم بريادة الولايات المتحدة في المنطقة لكن يعترف بدورها الأساسي فيها.