الحكومة ترجئ مناقشة الموازنة إلى الثلاثاء المقبل... وتتقشف في سفر الوفود

وزير المال نفى وجود نية لخفض رواتب الموظفين

من جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
من جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة ترجئ مناقشة الموازنة إلى الثلاثاء المقبل... وتتقشف في سفر الوفود

من جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)
من جلسة مجلس الوزراء برئاسة رئيس الجمهورية أمس (دالاتي ونهرا)

قررت الحكومة اللبنانية أمس، عقد جلسة يوم الثلاثاء المقبل لدرس مشروع الموازنة العامة، على أن تتبعها جلسات متتالية حتى إقرار الموازنة، وتم إرجاء البحث فيها في جلسة أمس «لإفساح المجال أمام تسهيل النقاش داخل مجلس الوزراء». وأكد وزير المال علي حسن خليل، بعد انتهاء الجلسة أن كل ما أُشيع حول مضمون مشروع الموازنة غير صحيح، وبالأخص فيما يتعلق بمسألتي اقتطاعات من الرواتب للموظفين الرسميين والمتقاعدين.
عُقدت الجلسة برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون، الذي استهلها بدعوة الوزراء إلى مضاعفة الجهد لإنجاز ما هو مطلوب في هذه المرحلة من مشاريع، بعد التأخير الذي حصل.
وناقشت الحكومة 37 بنداً كانت مدرجة على جدول الأعمال مع بعض التفاصيل الأخرى المتعلقة بالهبات والسفر، وأُقر معظم البنود بعد نقاش حصل حول بعضها. وبعد انتهاء الجلسة، تحدث الوزير خليل إلى الصحافيين فقال إن «رئيس الحكومة سعد الحريري طلب من الأمانة العامة لرئاسة الحكومة أن يتم توزيع المشروع المعدّل للموازنة اليوم (أمس) قبل الأعياد، كي يتسنى للوزراء الاطلاع على تفاصيله والاستعداد لبدء مناقشته يوم الثلاثاء».
وأشار إلى أن مشروع الموازنة لم يتم وضعه على جدول الأعمال الذي يحدد مضمونه كلٌّ من رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، وقد اتفقا على أن تكون الجلسة يوم الثلاثاء المقبل. وقال خليل إن سبب التريث هو لإفساح المجال أمام تسهيل النقاش داخل مجلس الوزراء. ولفت إلى أن «كل القوى أصبحت على معرفة بكل القضايا المطروحة».
وأوضح خليل أن هناك عشرات الشائعات حول ما تتضمنه هذه الموازنة وهي شائعات «غير دقيقة وغير صحيحة، لا سيما ما يتعلق منها بمسائل الرواتب والأجور ومعاشات التقاعد». ورداً على سؤال عن إلحاق بعض الموظفين بسلسلة الرتب والرواتب ومنهم موظفون في سكك الحديد لا يعملون، قال خليل: «أنا لست في موقع الدفاع، ولديّ رأيي وعرضته ضمن الموازنة وستتم مناقشته في حينه. لكن الذي حصل اليوم، مثلما تم شرحه من قِبل وزير الأشغال، هو تنفيذ لقانون صادر ومن واجبنا أن ننفذه. وفي المقابل، فإن أي إجراء أكان يتعلق بتخفيض أو غيره، سيتم درسه كسواه».
وأضاف: «أنا أقول دائماً إن هناك العديد من الإدارات، وعلينا أن نعرف أن هناك 93 مؤسسة عامة، وقد حرصنا على تضمين قانون موازنة عام 2018 نصاً يؤكد ضرورة إعادة النظر في أوضاع هذه المؤسسات تمهيداً لدمجها أو إلغاء تلك التي لا حاجة إليها. وأنا شخصياً تقدمت باقتراح إلغاء ثلاث أو أربع مؤسسات وبدأنا باتخاذ الإجراءات التنفيذية لتطبيق هذه القوانين، هذا ما ستتم مناقشته عند عرض الموازنة. لكن وزير الأشغال أوضح أن كل النقاش حول سكة الحديد يتعلق بتسعة موظفين يقومون بأعمال إعداد الملفات حول المخالفات التي تقع على السكة. وهو تقدم بتقرير ذكر فيه أنه بخصوص رواتب هؤلاء الموظفين التسعة، فما تم توفيره بفضلهم على الدولة من دعاوى ومنع الاعتداءات ببعض الأماكن يعادل أكثر مما سيتم قبضه من قِبلهم».
وقال خليل: «رأيي المبدئي يقوم على اعتبار أن أي إدارة أو مؤسسة لا يعمل موظفوها يمكن للدولة، ومن دون ترتيب أعباء توظيف جديدة عليها، نقلهم إلى مؤسسات أخرى وهو ما يجب فعله. وهناك مادة واضحة بهذا الخصوص في الموازنة تتعلق بإلزامية تطبيقها من قِبل الوزراء».
ونال موضوع بدل السفر مساحة كبرى من النقاش في مجلس الوزراء، وكان مجلس الوزراء قد كلّف أمين عام مجلس الوزراء ومدير عام رئاسة الجمهورية بإعداد تقرير حول الآلية المرتبطة بالسفر، وأرسلاه إلى الوزراء لإبداء الملاحظات التي بدأت ترد إليهما.
وقال خليل: «سيكون هذا الأمر على جدول أعمال مجلس الوزراء مباشرةً بعد الانتهاء من الجلسات المخصصة للموازنة، وذلك في سبيل الاتفاق على ترشيد حقيقي لموضوع بدل السفر. وللأسف، فإن ما تم إقراره اليوم (أمس) -وكان موضع تحفظ بشأنها- كان كله على سبيل التسوية. والأهم أنه صدر قرار اليوم عن مجلس الوزراء يمنع دفع أو تغطية أي عملية سفر على سبيل التسوية، باستثناء ما يتعلق بالقضايا السياسية الطارئة المرتبطة برئيس الجمهورية ورئيس الحكومة أو حالة استثنائية يرتأيان أنه يمكن أن تحتاج إلى سفر سريع. أما أن تقوم وزارات أو إدارات بإجراءات سفر ومن ثم ترسل ملفات على سبيل التسوية، فالمجلس كان واضحاً بأنه لن يقبل بها».



مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
TT

مخابز خيرية في صنعاء تتعرض لحملة تعسف حوثية

يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)
يمنيون يتجمعون أمام مخبز في صنعاء للحصول على أرغفة مجانية (الشرق الأوسط)

استهلت جماعة الحوثيين شهر رمضان بتنفيذ حملات تعسف ضد أفران الخبز الخيرية بالعاصمة المختطفة صنعاء، وذلك في سياق إعاقتها المتكررة للأعمال الإنسانية والخيرية الرامية للتخفيف من حدة معاناة اليمنيين بالمناطق الخاضعة لسيطرتها.

وتحدثت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن بدء مشرفين حوثيين برفقة مسلحين يتبعون ما تسمى «هيئة الزكاة الحوثية» تنفيذ حملات دهم بحق مخابز خيرية تتبع مبادرات تطوعية ومؤسسات خيرية ورجال أعمال في مديريات متفرقة بصنعاء، لإرغام العاملين فيها على دفع إتاوات، أو تعرضها للإغلاق والمصادرة.

وأكدت المصادر أن الحملة المباغتة استهدفت في أول يوم من انطلاقها 14 مخبزاً خيرياً في أحياء بيت معياد وبير عبيد والجرداء والقلفان والسنينة ومذبح بمديريتي السبعين ومعين بصنعاء، وأسفرت عن إغلاق 4 مخابز منها لرفضها دفع إتاوات، بينما فرضت على البقية دفع مبالغ مالية يتم توريدها إلى حسابات ما تسمى «هيئة الزكاة».

اتساع رقعة الجوع يجبر آلاف اليمنيين للاعتماد على المبادرات الإنسانية (أ.ف.ب)

وأثار الاستهداف الحوثي موجة غضب واسعة في أوساط السكان والناشطين في صنعاء، الذين أبدوا استنكارهم الشديد لقيام الجماعة بابتزاز المخابز الخيرية، رغم أنها مُخصصة للعمل التطوعي والخيري، وإشباع جوع مئات الأسر المتعففة.

استهداف للفقراء

واشتكى عاملون في مخابز خيرية طاولها استهداف الحوثيين في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تكثيف حملات التعسف ضد المخابز التي يعملون فيها، وأكدوا أن الحملة التي شنتها الجماعة أجبرتهم على دفع إتاوات، بينما هددت أخرى بالإغلاق حال عدم الاستجابة لأوامرها.

واتهم العاملون الجماعة الحوثية بأنها تهدف من خلال حملات التعسف لتضييق الخناق على فاعلي الخير والمؤسسات والمبادرات التطوعية الإنسانية والخيرية بغية منعهم من تقديم أي دعم للفقراء الذين تعج بهم المدن كافة التي تحت قبضتها.

امرأة في صنعاء تبحث في برميل القمامة عن علب البلاستيك لجمعها وبيعها (الشرق الأوسط)

ويزعم الانقلابيون الحوثيون أن حملتهم تستهدف الأفران التي تقوم بتوزيع الخبز خلال رمضان للفقراء بطريقة تصفها الجماعة بـ«المخالفة»، ودون الحصول على الإذن المسبق من «هيئة الزكاة»، والمجلس الأعلى للشؤون الإنسانية التابع لها، والمخول بالتحكم في المساعدات.

وبينما حذرت مصادر إغاثية من مغبة استمرار الاستهداف الحوثي للمخابز الخيرية لما له من تأثير مباشر على حياة ومعيشة مئات الأسر الفقيرة، اشتكت عائلات فقيرة في صنعاء من حرمانها من الحصول على الخبز نتيجة حملات التعسف الأخيرة بحق الأفران.

وتؤكد المصادر الإغاثية أن التعسف الحوثي يستهدف الفقراء والمحتاجين في عموم مناطق سيطرة الجماعة من خلال مواصلة انتهاج سياسات الإفقار والتجويع المتعمدة، والسعي إلى اختلاق مبررات تهدف إلى حرمانهم من الحصول على أي معونات غذائية أو نقدية.

نقص الغذاء

ويتزامن هذا الاستهداف الانقلابي مع تحذيرات دولية حديثة من نقص الغذاء في اليمن حتى منتصف العام الحالي.

وفي تقرير حديث لها، نبَّهت «شبكة الإنذار المبكر من المجاعة» إلى أن ملايين اليمنيين سيعانون من عجز حقيقي في استهلاك الغذاء حتى منتصف العام الحالي على الأقل، حيث تستمرُّ الصدمات الاقتصادية الكلية، الناجمة عن الصراع المستمر في البلاد، في تقييد وصول الأسر بشدة إلى الغذاء.

يمنيات أمام بوابة أحد المطاعم في صنعاء للحصول على وجبة مجانية (الشرق الأوسط)

ولفتت الشبكة المعنية بمراقبة أوضاع الأمن الغذائي في العالم والتحذير من المجاعة إلى أن مجموعة من المناطق تحت سيطرة الحوثيين لا تزال تواجه نتائج الطوارئ، وهي «المرحلة 4» من التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، أي على بُعد مرحلة واحدة من المجاعة.

واعتاد الانقلابيون الحوثيون منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب، على استخدام مختلف الأساليب والطرق لتضييق الخناق على الجمعيات والمبادرات المجتمعية الإنسانية والخيرية، بغية حرمان اليمنيين من الحصول على أي مساعدات قد تبقيهم على قيد الحياة.