في تطور نوعي داعم للحراك الشعبي؛ التحق العشرات من قضاة السودان بالمعتصمين في ساحة الاعتصام، بالقرب من قيادة الجيش بالخرطوم. وتعتبر المشاركة الأولى للسلطة القضائية في الاحتجاجات، منذ اندلاعها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ وأغلبهم من القضاة الذين وقفوا ضد تنفيذ قانون الطوارئ ضد المحتجين، الذي أعلنه الرئيس المخلوع عمر البشير قبل سقوطه بشهرين.
وانطلق موكب القضاة الحاشد من أمام المحكمة الدستورية بوسط الخرطوم؛ يتقدمه عدد من القضاة بالمحكمة العليا ومحاكم الاستئناف وقضاة المحاكم الجزئية في درجاتها المختلفة؛ للمشاركة في الحشد المليوني الذي دعت إليه قوى الحرية والتغيير، التي تقود الحراك الشعبي لمزيد من الضغط على المجلس العسكري الانتقالي لتلبية مطالبها بانتقال كامل للسلطة للمدنيين.
وردد القضاة في طريقهم إلى ساحة الاعتصام هتافات وشعارات تنادي باستقلالية السلطة القضائية، ودعوا إلى تطهيرها من بقايا النظام السابق، الذي يسيطر كلياً على القضاء؛ وحظي الموكب باحتفاء كبير من مئات الآلاف عند وصوله إلى ساحة الاعتصام.
وأعاد موكب القضاة ذات المشاهد التاريخية في ثورتي الشعب السوداني في أكتوبر (تشرين الأول) 1964 وأبريل (نيسان) 1985؛ حيث لعب القضاة دوراً بارزاً ومشهوداً حينما خرجوا في مسيرات، تتقدمهم رموز القضاء آنذاك، يؤيدون مطالب الشعب السوداني في مواجهة الأنظمة الديكتاتورية.
وتعرض القضاء السوداني منذ بداية حكومة الإنقاذ إلى سياسة التمكين، التي أقرتها «الجبهة الإسلامية» بعد وصولها إلى الحكم بانقلاب عسكري في العام 1989 نفذه الرئيس المخلوع عمر البشير؛ حيث أحيل مئات من القضاة، يشهد لهم بالكفاءة والنزاهة، وتم تسكين الموالين لهم من الإسلاميين.
ويقول المتحدث باسم الموكب؛ قاضي محاكم الاستئناف؛ أحمد الناطق؛ إن خروج القضاة اليوم لتأكيد ولائهم ونصرتهم للشعب السوداني في ثورته الظافرة، وتفكيك الدولة العميقة، التي لم يسلم منها القضاء السوداني، الذي تضرر ضرراً كبيراً.
وأكد الناطق في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن أبرز مطالب القضاة إعادة هيكلة السلطة القضائية بالكامل وإبعادها عن التسييس؛ وإقالة رئيس القضاء الحالي ونوابه وجميع الذين ينتمون للنظام السابق والذين لا يزالون يسيطرون على مفاصل السلطة القضائية.
وأضاف أن جميع القضاة تواثقوا وتعاهدوا على الانتصار لهذه الثورة، وعدم الرجوع إلى المربع الأول، وتطهير القضاء وعودته إلى سيرته الأولى؛ مشيراً إلى أن الموكب يشارك فيه القضاة من كل الدرجات المختلفة، ومن كل العاملين في المحاكم بالخرطوم، وممثلو عدد من ولايات البلاد. وتابع؛ هذا أول موكب للقضاة منذ العام 1985، ونواصل الترتيب لمواكب أخرى خلال الأيام المقبلة يشارك فيها كثير من القضاة في جميع أنحاء البلاد. ومن جانبه، أكد قاضي المحكمة العليا، مولانا الأمين الطيب البشير، وقوف القضاة المستقلين إلى جانب الشعب السوداني. مضيفاً؛ ستتواصل المواكب خلال الأيام المقبلة، وسينضم القضاة إلى الحراك الشعبي في ساحة الاعتصام حتى تتحقق مطالب الشعب السوداني كاملة.
وقال إن السودان خلال المرحلة المقبلة سيكون قضاء قوياً ونزيهاً يؤدي واجباته المنوطة به.
ورصدت «الشرق الأوسط» مشاركة عدد من قضاة المحكمة العليا المعروفين، محمد أحمد الحاج، ومحمد الفاتح، والأمين الطيب البشير؛ بجانب أعداد كبيرة من قضاة محاكم الاستئناف.
قضاة السودان يطالبون بإقالة رئيسهم
قضاة السودان يطالبون بإقالة رئيسهم
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة