الجيش الليبي يتهم السراج بضم «إرهابيين» إلى قواته

TT

الجيش الليبي يتهم السراج بضم «إرهابيين» إلى قواته

مع اتساع جبهة الاقتتال في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس بين «الجيش الوطني»، والقوات الموالية للمجلس الرئاسي بحكومة «الوفاق»، دخلت على محاور الاشتباكات عناصر مُصنفة ضمن «جماعات إرهابية»، بهدف منع سقوط العاصمة في قبضة الجيش. لكن المجلس الرئاسي نفى ذلك.
وقال مسؤول عسكري، تابع لـ«الجيش الوطني» في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم رصد عشرات المقاتلين وهم يحاربون مع قوات «الوفاق» في محاور عدة بمحيط طرابلس، لافتاً إلى أنهم «تأكدوا من وجود مقاتلين ينتمون إلى تنظيم (أنصار الشريعة) يتقدمون جبهات القتال، وعلى رأسهم قيس عبد الكريم الأبح، وشقيقه محمد، نجلي عميد بلدية غرب الزاوية، عبد الكريم الأبح».
ويعتبر تنظيم أنصار الشريعة في ليبيا، الذي تعده الأمم المتحدة تنظيماً إرهابياً، ميليشيا إسلام سياسي تأسست بعد عام من اندلاع الانتفاضة الليبية، على يد محمد الزهاوي، الذي قتل في نهاية 2014 خلال معارك ضد قوات «الجيش الوطني» في بنغازي. ورغم أن التنظيم المرتبط بـ«القاعدة» أعلن حلّ نفسه في مايو (أيار) 2017، فإن عناصره سارعت فيما بعد لمبايعة تنظيم «داعش».
وأدلت الصحافية الإيطالية فانيسا توماسيني، بشهادتها عن معارك طرابلس، ونقلت فضائية (218) الإخبارية، عنها أمس، أنها رصدت وجود عدد من العناصر التابعة لـ«أنصار الشريعة»، وهم يقاتلون جنباً إلى جنب مع القوات التابعة للمجلس الرئاسي. وسبق أن اتهم اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، تركيا «بنقل مقاتلين من (جبهة النصرة)، الموالية لتنظيم (القاعدة)، من سوريا للقتال مع الميليشيات في طرابلس ضد قوات الجيش». كما سبق أن حذر المتحدث العسكري في إفادة سابقة من وجود عناصر خارجية، تحارب مع قوات «الوفاق»، وقال إن الجيش بات «يحارب دولاً تقف وراء الميليشيات والتنظيمات الإرهابية».
وتواكبت تحذيرات المسماري مع تصريحات لنائب وزير الدفاع الروسي ألكسندر فوكين، لقناة (روسيا اليوم)، منتصف الأسبوع الماضي، أوضح فيها أن هروب «الإرهابيين» من ساحات القتال في سوريا والعراق إلى دول أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الساحل «بات أمراً واقعاً»، وقال إن «ما يسهل نزوح هؤلاء الإرهابيين إلى ليبيا هو طردهم من الدول التي دمروها».
وأضاف المسؤول العسكري، الذي رفض ذكر اسمه لأنه غير مخول له الحديث مع الإعلام، أن الأوضاع في طرابلس «اجتذبت فلول الجماعات الإرهابية، التي هربت من ضربات الجيش في مدينتي بنغازي ودرنة، ممن كانوا يعرفون بـ(مجلسي شورى ثوار بنغازي ودرنة)، لافتاً إلى أن «إغداق حكومة (الوفاق) على الميلشيات بالمال الكثير دفعهم للاصطفاف خلف السراج، دفاعاً عن مكتسباتهم التي حققوها على مدار ثماني سنوات مضت».
وتابع المسؤول العسكري موضحا أن «أعداد الإرهابيين، الذين أتوا من خارج البلاد لمواجهة الجيش في بنغازي ودرنة، وحتى مدن الجنوب الليبي كثيرة، وهذا كان واضحاً في القتلى، الذين سقطوا خلال تطهير البلاد منهم».
واستقطبت مدينة درنة (شمال شرقي) خلال الأعوام الماضية جماعات إرهابية كثيرة، توافدت على البلاد منذ عام 2014، لكن «الجيش الوطني»، بقيادة المشير خليفة حفتر، تمكن من «تطهير» المدينة منهم، ما دفع بعض العناصر للهرب إلى مدن أخرى مجاورة، غير خاضعة لسيطرة الجيش.
وقال الضابط في «الجيش الوطني» محمد سالم، أمس، إن محمد عبد الكريم شقيق قيس الأبح قتل في معركة طرابلس، التي قضى فيها حتى الآن 278 شخصاً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
في السياق ذاته، نقلت وكالة «سبوتنيك» عن مصدر عسكري ليبي، منتصف الأسبوع، أن «التطورات التي حدثت الأيام الماضية أدت إلى وجود العناصر الإرهابية بشكل علني في صفوف قوات (الوفاق)، خاصة أن بعضهم متخوف من وجود تلك العناصر في صفوفهم».
وأشار المصدر ذاته إلى أن «الموجودين في صفوف القتال الآن هم من تنظيمات (أنصار الشريعة) و(القاعدة)، و(داعش)، والمعركة معهم ستكون دامية وشرسة، لكونهم يكفرون الجميع، بمن فيهم من يوجد في طرابلس».
وشدد على أنه «في حال تراجع الجيش الليبي عن معركة طرابلس فسيتحول المشهد في العاصمة إلى ما شهدته بنغازي من سيطرة لأنصار الشريعة عام 2013، وستصبح العاصمة في يد الجماعات الإرهابية»، كما لفت إلى وجود عناصر تقاتل في صفوف القوات في العاصمة، «هم من العائدين من سوريا والعراق، وتم نقلهم عبر إحدى دول جوار سوريا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».