اجتماع عسكري ـ سياسي تركي لبحث الملف السوري قبل «آستانة»

TT

اجتماع عسكري ـ سياسي تركي لبحث الملف السوري قبل «آستانة»

تناول اجتماع عسكري - سياسي لمسؤولين أتراك الملف السوري، في وقت قالت مصادر دبلوماسية إن الجولة الراهنة لمحادثات آستانة ستسعى إلى الانتهاء من مسألة تشكيل لجنة صياغة الدستور السوري، فضلاً عن مناقشة الوضع في إدلب في ضوء اتفاق سوتشي الموقّع بين أنقرة وموسكو في سبتمبر (أيلول) الماضي والأوضاع في مناطق شمال شرقي سوريا الخاضعة للأكراد، إضافة إلى الوضع الإنساني وعودة اللاجئين.
وانطلقت، أمس، في العاصمة الكازاخية نور سلطان (آستانة سابقاً) الاجتماعات الفنية للإعداد للجولة الثانية عشرة من المحادثات التي تعقد اليوم. وذكرت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، أن تركيا تأمل في أن يتم الانتهاء من الاتفاق على لجنة صياغة الدستور في ضوء المحادثات الأخيرة بين الرئيسين التركي رجب طيب إردوغان والروسي فلاديمير بوتين ومباحثات وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف في أنقرة.
وأشارت المصادر إلى أن اتفاق ملف إدلب سيناقش بالتفصيل في ضوء اتفاق سوتشي الخاص بإقامة منطقة عازلة منزوعة السلاح بين قوات النظام والمعارضة مع التركيز على إخراج المجموعات والعناصر الإرهابية من إدلب والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار والانتهاكات المتكررة وتحسين الوضع الإنساني، ووقف انتهاكات النظام في المناطق التي فرض سيطرته عليها في الفترة الأخيرة.
ولفتت المصادر إلى أنه ستتم مناقشة آليات جديدة لتنظيم عمليات إطلاق سراح المعتقلين، حيث تعقد اللجنة المعنية اجتماعها الثامن خلال محادثات، فضلاً عن مناقشة مقترح بشأن انضمام دول جديدة لمسار آستانة كمراقبين بعد أن تم الاتفاق على السماح بحضور ممثلين عن الأردن والصليب الأحمر الدولي ومفوضية الأمم المتحدة للاجئين الجولة الحالية كمراقبين إلى جانب مشاركة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، جير بيدرسون.
ويشارك الوفد التركي في المحادثات بوفد يرأسه مساعد وزير الخارجية، سادات أونال.
وبحسب المصادر، يناقش الاجتماع الرئيسي، اليوم، إلى جانب تشكيل لجنة صياغة الدستور، مسألة خفض التصعيد في إدلب والأوضاع في شمال شرقي البلاد، والخطوات الواجب اتخاذها لزيادة الثقة بين الأطراف المتنازعة، وعودة اللاجئين والأوضاع الإنسانية.
في سياق متصل، عُقد في أنقرة ليل، الأربعاء - الخميس، اجتماع رفيع المستوى ضم وزيري الدفاع خلوصي أكار، والخارجية مولود جاويش أوغلو، وقيادات الجيش التركي.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان: إن الاجتماع حضره إضافة إلى أكار وجاويش أوغلو، كل من رئيس الأركان العامة الجنرال يشار غولر، وقائد القوات البرية الجنرال أوميد دوندار، وقائد القوات البحرية الأميرال عدنان أوزبال، وقائد القوات الجوية الجنرال حسن كوجك آكيوز، ونائب وزير الدفاع يونس إمره كارا عثمان أوغلو، ونائبي وزير الخارجية سادات أونال (رئيس الوفد التركي في محادثات آستانة) وياووز سليم كيران، وكبار الموظفين بالوزارتين.
وبحث الاجتماع قضايا الأمن الإقليمي والعلاقات الخارجية، وفي مقدمتها التطورات الأخيرة في سوريا والموضوع التي سيتم تناولها في آستانة والانسحاب الأميركي من سوريا والمنطقة الآمنة المزمع إنشاؤها في الشمال الشرقي منها.
وذكر البيان، أن الاجتماع شدد على الحزم بخصوص الحفاظ على حقوق ومصالح تركيا وحماية أمنها القومي.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.