دمشق تؤكد «استثمار» موسكو مرفأ طرطوس

TT

دمشق تؤكد «استثمار» موسكو مرفأ طرطوس

لمّح وزير النقل السوري علي حمود إلى إمكانية تأجير أكثر من مرفأ في سوريا إضافة إلى مرفأ طرطوس المزمع توقيع عقد تأجيره لروسيا.
وأوضح حمود أن ما يتم طرحه في وسائل التواصل الاجتماعي عن «استئجار» أو «مقايضة» ميناء طرطوس مع الجانب الروسي، غير صحيح، مؤكداً أن العقد الذي سيتم توقيعه مع شركة «ستروي ترانس غاز» الروسية الخاصة هو «استثمار» لشراكة في إدارة وتوسيع وتشغيل مرفأ طرطوس وفق نظام عقود التشاركية بين القطاعين العام والخاص، المعمول به في سوريا.
وكان نائب رئيس الوزراء الروسي، يوري بوريسوف، قد أعلن عقب لقائه الرئيس السوري بشار الأسد بدمشق الأسبوع الماضي أنه سيتم توقيع اتفاقية لتأجير ميناء طرطوس لمدة 49 عاماً.
وأوضح وزير النقل علي حمود أن استثمار المرفأ وارد في بروتوكول «اللجنة السورية - الروسية المشتركة»، وأن التعاقد مع الجانب الروسي «مُجدٍ اقتصادياً»، مع التأكيد على مردود هذه الخطوة الاستثمارية على «فك الحصار والحد من العقوبات الظالمة»، وقال وزير النقل السوري في تصريحات نشرتها صحيفة «الوطن» المقربة من النظام: «وجود شركة عالمية مستثمرة للمرفأ من شأنه أن يعطي أجواء إيجابية للسفن العالمية ويحثها على ارتياد المرفأ، الأمر الذي من شأنه التخفيف من وطأة الحصار الظالم المفروض على سوريا، والمساهمة في وصول احتياجات ومستلزمات الشعب السوري».
وقالت مصادر اقتصادية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إن «النظام السوري لجأ إلى تأجير مرفأ طرطوس لتتمكن روسيا من توريد المحروقات بشكل (منتظم) إلى سوريا عبر ميناء طرطوس، بعد فشل المساعي لدى مصر للسماح بعبور ناقلات النفط الإيرانية إلى سوريا؛ إذ لم تدخل أي ناقلة نفط إيرانية الموانئ السورية خلال الأشهر الستة الأخيرة؛ أي منذ فرض عقوبات أميركية على إيران، إضافة لتوقف الخط الائتماني الإيراني الممنوح لسوريا». ولفتت المصادر إلى «فشل جهود إقناع (قوات سوريا الديمقراطية) المدعومة من الولايات المتحدة الأميركية، والتي تسيطر على غالبية حقول النفط شرق البلاد، من أجل توريد النفط بشكل (منتظم) إلى مناطق سيطرة النظام. علما بأن الحكومة السورية تعتمد حالياً على إمدادات الغاز المعبأ من روسيا، وحقول النفط الواقعة في مناطق سيطرة (قوات سوريا الديمقراطية)».
وأظهرت بيانات لموقع رصد حركة النفط «تانكر تراكر» أن توريد النفط الإيراني إلى سوريا انخفض من 66 ألف برميل يومياً عام 2018 إلى «صفر برميل» بحلول العام الحالي.
وأكد هذه المعلومات ما كشفه تقرير لوكالة «بلومبرغ» لتتبع السفن عن أن سوريا لم تتسلم ولو قطرة نفط واحدة من إيران طيلة شهر مارس (آذار) الماضي؛ حيث أظهرت بيانات «بلومبرغ» أن سوريا وأوروبا لم تتسلما خلال الشهر الماضي أي شحنات نفط من إيران.
ولم تفلح حزمة الإجراءات الإسعافية التي اتخذتها حكومة النظام في تخفيف وطأة أزمة البنزين.
ولفت وزير النقل السوري إلى «إمكانية الاستفادة من علاقات روسيا مع مختلف الدول، خصوصاً (دول الجوار)، والاستفادة من (العلاقات التجارية الضخمة) للجانب الروسي الصديق، في ظل (ظروف الحظر الاقتصادي المفروض)». وأضاف: «الاستثمار من شأنه تنشيط قطاع النقل البري والسككي بكل أنواعه... واستكمال مشروع ربط الساحل السوري مع العراق والخليج، واستكمال المرفأ الجاف الرافد لعمل المرفأ البحري، وتقوية عمل المرافئ الجافة في المحافظات».
وبرر حمود تحديد فترة عقد مرفأ طرطوس بـ49 عاماً، بأن «الجدوى الاقتصادية للمشروع تحتاج لهذه المدة لتحقيق الربح المطلوب للطرفين... إذ إن التكلفة التقديرية للمشروع تتجاوز 500 مليون دولار، حيث يتضمن المشروع توسيعاً بالاتجاه الشمالي للمرفأ، وأعمالاً تطويرية في المرفأ، وتحديث البنية التحتية للمرفأ الحالي، وإنشاء مرفأ جديد؛ بحيث يزداد الإنتاج من 4 ملايين طن حالياً، ليصل إلى 38 مليون طن سنوياً».
يذكر أن الإعلان عن تأجير مرفأ طرطوس لروسيا شكّل مفاجأة. وهو اتفاق انبثق عن اجتماع «اللجنة الحكومية الدولية الثنائية للتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني»، التي يرأسها وزير الخارجية السوري وليد المعلم. ويتضمن «توسيع أراضي المركز اللوجيستي للبحرية التابعة للاتحاد الروسي في ميناء طرطوس، وزيارات السفن العسكرية للاتحاد الروسي إلى البحر الإقليمي والمياه الداخلية وموانئ الجمهورية العربية السورية». ودخلت هذه الاتفاقية حيز التنفيذ الرسمي في بداية عام 2018.
وتحمل الاتفاقية ملاحق سرية عدة تتضمن مخططات المناطق والإحداثيات الجغرافية التي يحق للجانب الروسي تسلم الأراضي والمناطق المائية ضمنها خلال سريان الاتفاقية؛ حيث تشمل الاتفاقية أراضي المنطقة الساحلية ومنطقة المياه في ميناء طرطوس والمنطقة الأمامية، وهي تشمل سطح الأرض كما تشمل سطح البحر وقاعه.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.