توصية أمنية للبيت الأبيض بإنهاء برنامج التنصت

أوصت وكالة الأمن القومي الأميركية، البيت الأبيض، بالتخلي عن برنامج المراقبة الذي يقوم بجمع معلومات حول المكالمات الهاتفية والرسائل النصية الأميركية بشكل كامل، قائلة إن الأعباء اللوجستية والقانونية للاحتفاظ به تفوق فوائده الاستخباراتية، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر.
وفي 29 يونيو (حزيران) 2018، كشفت الوكالة أنها حذفت مئات الملايين من سجلات الاتصالات التي تم جمعها منذ عام 2015، بسبب المشكلات التقنية التي نجمت عن تعامل الوكالة مع شركات الاتصالات، بموجب قانون جديد تم إقراره سابقاً لتنظيم الرقابة عليها.
وذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» أول من أمس، أن الوكالة التي خاضت مواجهات سياسية وقانونية مع الكونغرس والرأي العام حول برنامج التجسس، الذي كان يعد من الأسرار، قدمت توصية وليس طلباً؛ لأن الأمر مرهون بالبيت الأبيض، إذا كان يرغب في تمديد البرنامج أم لا، وهو ما لم يعلن عنه بعد.
وساد الاعتقاد منذ مدة بين كبار مسؤولي الاستخبارات، بأن برنامج التجسس لم يعد يوفر قيمة مهمة للأمن القومي، وأصبح صداعاً لوجستياً. ومع نمو المشكلات القانونية أجبرت وكالة الأمن الوطني في وقت سابق من هذا العام على وقف استخدام البرنامج، الذي ستنتهي صلاحيته القانونية في ديسمبر (كانون الأول)، ما لم يحصل الكونغرس على طلب من البيت الأبيض لتجديده.
وبدأ برنامج المراقبة بشكل سري في البداية ودون موافقة قضائية، خلال عهد الرئيس السابق جورج بوش، في أعقاب هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، ثم أقر قانون «باتريوت» الذي كان يهدف إلى جمع البيانات الوصفية لكل المكالمات المحلية في الولايات المتحدة، للبحث عن الروابط بين الشركاء المحتملين للمشتبه في ضلوعهم بالإرهاب. وتتضمن بيانات التعريف الأرقام والتواريخ الزمنية للمكالمة أو الرسالة النصية، ولكن لا تتضمن محتويات المحادثة. وبعدما كشف المتعامل السابق في وكالة الأمن الوطني إدوارد سنودن وجود البرنامج، فضلاً عن كشف مجموعة من الوثائق الخاصة بعمليات الوكالة، قبل نحو ست سنوات، اشتعلت ضجة دولية حول نطاق وقدرات التجسس الإلكتروني الأميركية. وبعض فضيحة سنودن أقر الكونغرس عام 2015 قانون الحرية في الولايات المتحدة، الذي يطلب من الوكالة استبدال نظام آخر للاطلاع على سجلات شركات الاتصالات، ببرنامج البيانات الوصفية العشوائي؛ لكن القانون الجديد واجه مشكلات في امتثال الشركات، وينظر إليه الكثيرون داخل مجتمع الاستخبارات على أنه عبء أكثر من كونه أداة مفيدة. فالتوجهات الجديدة التي تعمل عليها وكالة الأمن الوطني، تعكس تحولاً عميقاً في تحديد طبيعة التهديد الذي يمكن أن تتعرض له الولايات المتحدة، من مكافحة الإرهاب إلى مراقبة النيات الاستراتيجية للدول العدائية كالصين وروسيا.
وقال مستشار الأمن القومي للكونغرس، الجمهوري لوك موري، في مقابلة مع «البودكاست» في مارس (آذار)، إن وكالة الأمن القومي لم تستخدم البرنامج في الأشهر الستة السابقة.
كما أعلن السيناتور مارك وارنر من ولاية فرجينيا، وهو كبير الديمقراطيين في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ، إن تجديد البرنامج ليس أمراً مطروحاً؛ لأن إقناع الرأي العام سيكون أمراً صعباً؛ خصوصاً أن مزايا البرنامج لا تستحق العناء. وكانت مجموعة من المشرعين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي قد تقدمت الشهر الماضي بتشريع يدعو لإنهاء برنامج المراقبة، قائلين إنه «لم يوقف إطلاقاً أي هجوم إرهابي، ولا يزال يخالف الحريات المدنية». غير أن مشرعين آخرين من النافذين يقولون إنهم ما زالوا ملتزمين به.
وقال رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، السيناتور الجمهوري ريتشارد بور، من ولاية نورث كارولينا، في إشارة إلى قسم من قانون «باتريوت»: «إذا واجهنا مشكلات أو تحديات تقنية، فيتعين على وكالة الأمن القومي أخذها في الاعتبار. هذا أمر جيد. إنه ليس شيئاً نتجنبه بسهولة». وفي الشهر الماضي أقر مدير الوكالة الجنرال بول ناكاسوني، أن المسؤولين يراجعون ما إذا كان البرنامج لا يزال ضرورياً التمسك به.