خلاف غير مسبوق بين السلطتين الأمنية والقضائية يحرج الدولة

مفوض الحكومة يتحرى مخالفات ضباط ومدير الأمن الداخلي يبطل قراره

TT

خلاف غير مسبوق بين السلطتين الأمنية والقضائية يحرج الدولة

دخلت العلاقة بين مفوّض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي بيتر جرمانوس، والمديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، مرحلة بالغة التعقيد، بعد الدعوى التي تقدّم بها جرمانوس ضدّ شعبة المعلومات في قوى الأمن، واستتبعها بمذكرة وجهها إلى قائد وحدة الدرك العميد مروان سليلاتي، طلب فيها تزويده بجدول الأذونات التي أعطتها قوى الأمن لأشخاص وشركات، تسمح فيها بحفر الآبار الارتوازية، والبناء على الأملاك العامة والمشاعات، والترخيص للمرامل والكسارات بالعمل، في محاولة منه لوضع اليد على مخالفات أو رِشى تقاضاها ضباط وعناصر في قوى الأمن، واتخاذ الإجراء القانوني بحقهم.
هذه المذكرة التي يراد منها إحراج مؤسسة قوى الأمن ومديرها العام اللواء عماد عثمان، ردّ عليها الأخير ببرقية كانت أكثر حدّة، وتعبّر عن عدم تطابق الكيمياء بين الرجلين؛ حيث طلب في برقيته التي عممها على كافة وحدات قوى الأمن «إيداع القيادة كافة الكُتب والتكاليف الصادرة عن النيابة العامة العسكريّة، والمتضمّنة طلبات ضمّ مستندات أو معلومات تتعلّق بأعمال الضابطة الإداريّة الواقعة ضمن صلاحيات المديريّة العامة لقوى الأمن الداخلي»، مُرجعًا السبب إلى «الوقوف على ماهيّة هذه الطلبات، وعرضها على وزارة الداخليّة في حال اقتضى الأمر، على ألا تتمّ إجابة هذه الطلبات قبل صدور أمر من هذه القيادة».
ودعا المدير العام لقوى الأمن، إلى «عدم تزويد أي مرجع ذي صلاحية بأي معلومات أو مستندات، أو الرد على طلبات لا تدخل ضمن اختصاصه، على أن يتم الرجوع إلى هذه القيادة في كافة الحالات المماثلة»، مذكراً بأنّ «النيابة العامة العسكرية هي سلطة قضائية بحتة، غير مكلفة بأي مهام في إطار الضابطة الإدارية، وليست سلطة وصاية على المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، ولا تتمتع بأي صلاحية رقابية على الأعمال الإدارية لقوى الأمن».
ومع وصول الخلاف بين المرجعيتين القضائية والأمنية مرحلة اللاعودة، أكد مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخلاف غير المسبوق يشكل إحراجاً للسلطات القضائية والأمنية في آن». وأوضح أنها «المرّة الأولى التي يحصل فيها مثل هذا الصدام بين مؤسستين أساسيتين»، مؤكداً «وجود مساعٍ حثيثة للملمة ذيول ما حصل». وقال: «لا يمكن للقضاء أن يقوم بدوره في إحقاق الحق وترسيخ مفهوم العدالة، وملاحقة المجرمين، إذا كان على صدام مع المؤسسات الأمنية؛ لأن القضاء لا يمتلك أجهزة خاصة تنفذ قراراته وأحكامه ومذكراته العدلية، وهذا الأمر منوط بقوى الأمن الداخلي، وبقية الأجهزة الواقعة في إطار الضابطة العدلية، من مخابرات الجيش والشرطة العسكرية والأمن العام وأمن الدولة».
من جهته، أشار مصدر أمني إلى أن «المهمات التي تنفذها قوى الأمن الداخلي بكافة قطاعاتها وأولها شعبة المعلومات، تنسجم مع القانون، وتأتي تنفيذاً لمذكرات واستنابات صادرة عن النيابات العامة، والمراجع القضائية المختصة». وشدد على أن «كل التوقيفات والتحقيقات الأولية التي تجريها شعبة المعلومات أو الشرطة القضائية، أو مخافر وفصائل قوى الأمن، تحصل بأمر قضائي، ومنسجمة مع أحكام القانون».
وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر متابعة لمسار هذا الملف، أن «الادعاء المقدم من جرمانوس ضدّ المعلومات لا يزال عالقاً أمام قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوّان، الذي لم يتخذ قراراً بالسير به أو ردّه». ولفتت المصادر إلى أن «أي قرار بهذا الصدد يشكل إحراجاً للقضاء.



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.