فنان سوري يُجسّد تراث «الحارات الحجازية» في عمل احترافي

استخدم 1700 قطعة ليعيد حقبة خمسينيات القرن الماضي

النوافذ والزخارف والأبواب المنقوشة كما نقلها عيد في عمله الفني  -   قرّر نقل ذاكرة الماضي للحاضر عبر عمل فني مستمد من جدة القديمة
النوافذ والزخارف والأبواب المنقوشة كما نقلها عيد في عمله الفني - قرّر نقل ذاكرة الماضي للحاضر عبر عمل فني مستمد من جدة القديمة
TT

فنان سوري يُجسّد تراث «الحارات الحجازية» في عمل احترافي

النوافذ والزخارف والأبواب المنقوشة كما نقلها عيد في عمله الفني  -   قرّر نقل ذاكرة الماضي للحاضر عبر عمل فني مستمد من جدة القديمة
النوافذ والزخارف والأبواب المنقوشة كما نقلها عيد في عمله الفني - قرّر نقل ذاكرة الماضي للحاضر عبر عمل فني مستمد من جدة القديمة

عبّر فنان سوري عن إعجابه بالتراث الحجازي عبر تجسيده جانباً من الحارات القديمة في عمل فني احترافي مصغّر باستخدام 1700 قطعة.
وحرص الفنان عبد الرحمن عيد، في عمله على توضيح تفاصيل المنازل مثل أشكال النوافذ والزخارف والرواشين والأبواب المنقوشة، مروراً بمجسمات «العشش» فوق أسطح المنازل، كما عاشها الناس قديماً.
واستند عيد في ذلك إلى خبرة 18 عاماً قضاها في السعودية مشاهداً وشاهداً بعين الفنان على غنى مورث كل جزء فيها، وقرر نقل ذاكرة الماضي للحاضر عبر عمل فني مستمد من جدة القديمة يمتد أمتاراً عدة بكامل تفاصيله ليكون أنموذجاً حقيقياً لحقبة خمسينيات القرن الماضي التي أراد أن تُشاهد بالعين المجردة، لا أن تروى عنها القصص والحكايات، ساعده في ذلك تخصّصه الدّقيق في «ترميم المباني الأثرية»، الممزوج بموهبة الفن التي استطاع من خلالها أن يبدأ مشواره الفني بتصميم مجسمات لحارات دمشق القديمة.
وأكد عيد لـ«الشرق الأوسط»، أنّ البيئة الحجازية ثرية بالتفاصيل التي قد تغيب عن معظم ثقافات العالم، ففي كل ركن وفي كل زاوية من تراث الحجاز يرى زائرها امتداداً لحضارته وموروثه بسبب اختلاط الحضارات التي أسهمت الموانئ والتجارة القديمة في وصولها للمنطقة.
وقال: «أطمح إلى عمل فني أحقّق من خلاله رقماً قياسياً بعدد الأدوات التي سأجسد فيها هذا العمل، لنقل حقيقة مهارة وذائقة الأجداد إلى هذه البيئة الغنية بالفن وأشكاله، واستخدمت فيها جميع أنواع المعادن من نحاس وفضيات وأخشاب وغيرها».
ولفت إلى أنّه يعكف على تصميم الحارات الحجازية بثلاثة أجزاء يحتوي كل جزء على أكثر من 400 قطعة ما يشكل 1700 قطعة يدوية الصنع، ولم يتبق منه إلّا القليل الذي سينتهي خلال شهرين ليقدم في معرض بمدينة جدة.
وتابع عيد: «بدأت هذا العمل منذ أكثر من ثلاث سنوات عندما كنت أعمل في المنطقة الشرقية بعد زيارتي الحارات القديمة في مدينة جدة، حيث بدأ الإلهام يراودني هناك لأنّني استشعرت الجمال الدمشقي، وأخذني الحنين إلى هناك حيث أنتمي، ولم أشعر أنّني غريب عن هذا المكان، فبدأت فكرة نقل الجمال القديم للحاضر حتى يراه أبناء هذا الجيل ويعيشون تفاصيله كاملة».
وعمل الفنان السوري خلال سنوات صنعه للمجسّم على تصميم الأواني والأدوات اليومية في المنازل، ولم يغفل عن تصميم ورسم الكتابات ولصق الورق الذي كان يوضع على أعمدة الإنارة حينها، ونقل أسلاك الضوء كما كانت عليه حتى يعيش الرائي شعور وجوده في مدينة حقيقية.
وشارك في مهرجان «الجنادرية» بالرياض بمجسمات عدة، كان أهمها مجسم مكي، كما شارك في معارض مشتركة.



«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)
البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)
TT

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)
البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

تظلّ منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته بطريقة تعكس تأثيره فيهم.

هذا ما يمكن تتبّعه في معرض «وسط البلد» الذي يضمّ لوحات للفنانَيْن المصريَّيْن فتحي عفيفي ووائل حمدان في غاليري «أكسس»؛ والمستمر حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي. فيه تظهر تنويعات من أعمال الفنانَيْن، ورؤيتهما للشوارع والبنايات ومَشاهد من الحياة اليومية لأهالي وسط البلد والمناطق الشعبية المحيطة بها.

في هذا السياق، يقول حمدان إنّ المعرض امتداد لمشروعه الفنّي الذي اهتم خلاله بفكرة المدينة قبل جائحة «كورونا». ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «حاول منسّق المعرض التوفيق بين أعمالي وأعمال الفنان فتحي عفيفي، فيمكن القول إنني جسّدتُ المدينة من أعلى في مسقطي، أو وفق نظرة الطائر، بينما جسَّد عفيفي المدينة من أسفل بتفاصيلها الدقيقة المرتبطة بالناس».

أعمال الفنان وائل حمدان عبَّرت عن الزخم في «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

ويتابع: «أتناول المدينة من منظور (اللاند سكيب أو سيتي سكيب)، وأهتم بفكرة ترابُط البيوت والأشكال العشوائية التي يمكن أن نخرج منها بسمات جمالية، حتى لو تضمَّنت قُبحاً ظاهرياً، خصوصاً أنّ هذه المدينة (القاهرة) مرَّت عليها حقب زمنية كثيرة تركت بصمتها».

ترتكز أعمال وائل حمدان على فكرة البيوت والبنايات المتراصّة أو المكدَّسة في مظهر تُبرزه الألوان ذات الطابع الكرنفالي أو الشعبي، وتوضح مدى الزخم أو الطبقات الزمنية المتراكمة في هذا المكان. ويربط في بعض أعماله بين الحشود والبنايات. يوضح: «في معارض سابقة، حاولتُ تقديم تجارب عن (سحر المدينة) وعملتُ على هذه التيمة لنحو عام. تحوّل الأمر إلى محاكاة الطبيعة أو الواقع، واستعنتُ بصور فوتوغرافية، ومن ثَمّ بدأتُ بتحليلها. هناك تجربة أخرى حوّلتُ فيها هذه الفكرة تجريداً كاملاً، ولا تظهر المدينة وبيوتها إلا بشكل رمزي عن طريق الخطوط والألوان».

معرض «وسط البلد» تداخلت فيه التيمات والرموز (الشرق الأوسط)

ويلفت إلى تغييرات في تفكيره على فترات متباينة، لكنه، خلال هذا المعرض، استطاع تقديم لوحات عن فكرة سيطرت على ذهنه طويلاً.

ومن قلب حي السيدة زينب الشعبي في وسط القاهرة، يتراءى إبداع فتحي عفيفي الذي اشتهر طوال مشواره الفنّي الممتدّ لنحو 50 عاماً برسم المصانع وعمّالها والأماكن الشعبية التي يقيم فيها، وهو ما قدَّمه في المعرض.

المهن البسيطة والباعة ضمن معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

يقول عفيفي لـ«الشرق الأوسط»: «ارتبطتُ بوسط البلد منذ السبعينات، ورأى أعمالي فنانون كبار مثل حسين بيكار وغيره. عدّوني ابن الحارة الشعبية التي أعبّر عنها في أعمالي. وبالفعل، عددتُ الحارة الشعبية والمصنع والعمال والبسطاء أبطال فنّي».

الفنان فتحي عفيفي قدَّم شخصيات شعبية ضمن معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

ويضيف أنّ «وسط البلد يمثّل زخماً ثقافياً كبيراً. ففيه أماكن مهمّة مثل (أتيليه القاهرة) والمقاهي التي ارتبطت بالمثقفين والمبدعين، والندوات والفعاليات التي شهدت حوارات في الشأنَيْن الثقافي والفنّي. لذلك أستعيد خلال هذا المعرض تلك الذكريات الجميلة لروح وسط البلد الحقيقية».

يشارك عفيفي في معرض «وسط البلد» بـ10 لوحات تمثّل مَشاهد من الحياة اليومية للمناطق الشعبية، مثل حوارات العمّال والباعة والكادحين. ويوضح: «حي السيدة زينب شكّل وجداني، وقد تأثّرتُ كثيراً بالموالد، مثل مولد السيدة زينب الذي امتلأ بأجواء المرح والتسلية. من هذه الموالد انطبعت صور ومشاهد انعكست في أعمالي بطرق مختلفة».