البيشمركة تبدأ التدريب على الأسلحة الأميركية والفرنسية.. وتستعد لاقتحام جلولاء

أكدت وزارة البيشمركة، أمس، بدء تدريب قوات البيشمركة على الأسلحة الحديثة التي أرسلتها الولايات المتحدة وفرنسا إلى الإقليم، فيما تواصل الهدوء لليوم الثاني على التوالي في جبهات القتال مع مسلحي «داعش».
وقال العميد هلكورد حكمت، الناطق الرسمي لوزارة البيشمركة في إقليم كردستان، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إن «العديد من دول العالم أبدت استعدادها لمساعدة إقليم كردستان في الحرب ضد (داعش)، منها سبع دول رئيسة هي الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا وفنلندا وإيطاليا، إضافة إلى دول أخرى». وتابع «برنامج دعم الإقليم عسكريا اقتصر في البداية على تقديم مساعدات سريعة من هذه الدول لإبعاد خطر (داعش) عن الإقليم، الآن هناك برنامج خاص ومنظم لتوصيل الأسلحة إلى إقليم كردستان، اتفقت عليه كل الدول التي عبرت عن استعدادها لدعم قوات البيشمركة».
وحول نوعية الأسلحة، قال حكمت «الأسلحة التي وصلتنا كانت أسلحة اعتيادية، ولم يوجد فيها أي نوع من الدبابات.. الآن هناك أسلحة ثقيلة ومتطورة في طريقها للإقليم وننتظر وصولها في أقرب وقت. نحن طالبنا العالم بكل الأسلحة والأعتدة والمعدات التي يحتاج إليها أي جيش متطور».
وحول بدء تدريب قوات البيشمركة من قبل الدول التي قدمت مؤخرا السلاح للإقليم، قال حكمت «هناك نظام في العالم، فعندما تمنح الأسلحة لأي جيش يجب أن يدرب أفراده على استخدام هذه الأسلحة من الدولة المانحة، وهناك استعداد جيد من قبل الدول التي قدمت لنا مساعدات عسكرية لتدريب قوات البيشمركة، وكما تعلمون فإن المساعدة العسكرية تتضمن السلاح والتدريب. قوات البيشمركة بدأت تتدرب على الأسلحة الحديثة التي تسلمتها مؤخرا من أميركا وفرنسا، إضافة إلى الأسلحة التي وصلت من الدول الأخرى».
أما بخصوص الأسلحة الإيرانية، فقد قال الناطق باسم وزارة البيشمركة «إيران تقدم المساعدات العسكرية لبغداد وإقليم كردستان، وكل ما تقدمه لنا يتم بعلم من الحكومة العراقية، وذلك عن طريق غرفة العمليات المشتركة بيننا وبين الحكومة العراقية، لكن إيران تقدم مساعدات عسكرية مباشرة للعراق والإقليم».
وحول آخر التطورات على جبهات القتال بين البيشمركة و«داعش»، أشار حكمت إلى أن «هناك هدوءا نسبيا على الجبهات». وحول الوضع في جبل سنجار، قال حكمت «قوات البيشمركة تسيطر على قمة جبل سنجار و(داعش) يسيطر على سفح الجبل من طرف سنجار فقط».
بدوره، قال سعيد مموزيني، مسؤول إعلام الفرع الرابع عشر للحزب الديمقراطي الكردستاني في نينوى، لـ«الشرق الأوسط»: «بحسب المعلومات التي حصلنا عليها، فإن (داعش) فجر مرقد الشيخ شمس الدين، أحد معابد الإيزيديين في القرى التابعة لسنجار»، نافيا في الوقت ذاته تفجير التنظيم المتشدد لأحد معابد الإيزيديين على جبل سنجار، وقال «قوات البيشمركة هي التي تسيطر على جبل سنجار و(داعش) يسيطر على القرى المحيطة بسنجار وفجر هذا المعبد في إحدى القرى التابعة لسنجار، كما فجر مزارات خمسة من شيوخ الإيزيديين في بعشيقة»، مشيرا إلى أن هناك تبادلا للقصف بالهاونات بين الطرفين بالقرب من قضاء بعشيقة.
في الوقت نفسه، واصلت القوات العراقية أمس إرسال تعزيزات لشن عملية تكسر الحصار الذي يفرضه مقاتلو «داعش» على بلدة آمرلي الشيعية التركمانية شمال بغداد منذ أكثر من شهرين، ويعاني سكانها نقصا شديدا في الماء والغذاء. وقال ضابط في الجيش برتبة فريق إن قوات الأمن تحشد عديدها في جبال حمرين الواقعة جنوب آمرلي، لمهاجمة مقاتلي «داعش» من جهة الجنوب. وتابع الضابط أن الهجوم سيكون بالتنسيق مع قوات البيشمركة الكردية وبدعم من سلاح الجو. بدوره، قال أحد المتطوعين إن آلاف العناصر من ميليشيات شيعية مثل «عصائب أهل الحق» ومنظمة «بدر» وغيرهم وصلوا إلى بلدة طوزخورماتو في محافظة صلاح الدين استعدادا لشن العملية.
من ناحية ثانية، تحولت قرية «عوسج» العربية قرب جلولاء التي حررتها قوات البيشمركة أخيرا من سيطرة «داعش» إلى مقر للقوات الكردية. والقرية مهجورة بعد أن فرت نحو خمسين أسرة كانت تسكنها.
واستعادت قوات البيشمركة السيطرة على هذه القرية الأسبوع الماضي، لكن علامات تهديد «داعش» لا تزال قائمة، إذ ترفرف رايات التنظيم السوداء على تلة يمكن مشاهدتها من مسافة بعيدة، حسب ما أفادت به وكالة الصحافة الفرنسية.
وفي أحد المنازل تركت الأبواب التي تؤدي إلى المخزن مفتوحة، فيما لا تزال آثار الرصاص ظاهرة على الجزء القريب من النافذة. وقال بختيار، وهو ضابط في البيشمركة الكردية، إن «قناص (داعش) اتخذ من هذا المكان موقعا له». وأكد الضابط وبقية القوات الكردية أن لديهم تعليمات مشددة بعدم المساس بالمنازل. وأكد مقاتلون في البيشمركة أن بعض السكان عادوا مرة ثانية من أجل نقل حاجياتهم بعد أن تراجع المسلحون. وبحسب المسؤولين الأكراد، لن يسمح للسكان بالعودة إلى منازلهم قبل طرد مسلحي «داعش» من بلدة جلولاء.
وشهدت هذه المناطق في زمن الرئيس المخلوع صدام حسين عملية تعريب، حيث هجر سكانها الأكراد وتم استبدال سكان عرب بهم. ولجأ بعض سكان هذه القرية إلى منطقة نوديمان، وهي قرية يقطنها عرب سنة، تبعد نحو سبعين كم شرق القرية، وتبعد كثيرا عن أعمال العنف. ويقول علي محمد جاسم، وهو أب لثلاثة أولاد ويرتدي دشداشة زرقاء ويضع كوفية بيضاء على رأسه، إنه مشتاق للعودة إلى دياره. وأوضح هذا الرجل البالغ من العمر خمسين عاما لكن ملامح الشيخوخة بادية على وجهه «هربنا من القرية من دون أن نأخذ أي شيء، باستثناء ملابسنا. نمنا في العراء يومين قبل أن نصل إلى هنا».
وتنام عائلة هذا الرجل الآن في داخل مسجد. وقالت زوجته إنهم لا يملكون فراشا ليناموا عليه، مشيرة إلى أنها تشعر بآلام في الظهر لأنها «تنام على الأرض». وأضافت أن «بعض الناس ليس لديهم مكان ليهربوا إليه سوى الوديان والمنازل المهجورة، وهم يعانون من أحوال مأساوية».
وفر هذا الرجل من قرية وادي عوسج، قبل أن يصلها المسلحون. وقال إنه «بعد أن سيطرت عناصر الدولة الإسلامية على جلولاء بدأت البيشمركة في قصف مواقعهم، لكن بعض القذائف كانت تسقط في القرية بدل أن تضرب مواقع المسلحين». وأضاف جاسم «نريد العيش في ظل أي سلطة تحمينا. نريد العيش بسلام فقط». وعند سؤاله عما إذا كان يرغب في العيش في ظل «داعش»، قال «لا أريد العيش في ظل جماعة تؤذيني ووجودها دفعني للفرار من منزلي».
ويتمنى هذا الرجل أن تتمكن القوات العراقية أو الكردية من السيطرة على الأمور في هذه المناطق. وقال «في ظل النظام السابق، كانت هناك مشاكل بين الأكراد والسلطات العراقية». وأضاف «كان ذلك في الماضي. نحن أولاد اليوم وليس لدينا أي عداء للأكراد الآن».
بدوره، أكد سيد أحمد، وهو مسؤول محلي عربي من قرية نوديمان، ما ذكره جاسم، وقال إنه لا مشاكل بين العرب والأكراد. وتابع «لأكثر من 11 عاما، لم نشعر بأي فائدة من الحكومة المركزية، ونحن نعيش في ظل الإدارة الكردية طيلة هذا الوقت».