واشنطن تتراجع عن «علمها» بمصدر الضربات الجوية في ليبيا

مصادر مصرية لـ {الشرق الأوسط} : على الولايات المتحدة الكف عن «الغطرسة»

واشنطن تتراجع عن «علمها» بمصدر الضربات الجوية في ليبيا
TT

واشنطن تتراجع عن «علمها» بمصدر الضربات الجوية في ليبيا

واشنطن تتراجع عن «علمها» بمصدر الضربات الجوية في ليبيا

دخل مسلسل المشاكسات المصرية - الأميركية، المستمر منذ أكثر من عام، مرحلة «عض الأصابع»، بحسب مصادر ومراقبين مصريين، وذلك على خلفية ما وصف بمحاولات توريط مصر في مزاعم تدخل عسكري في ليبيا، مرورا بمناوشات دبلوماسية اتصلت بالتوترات الجارية في مدينة فيرغسون الأميركية وقانون «تنظيم التظاهر» المصري. وقالت مصادر مصرية مرموقة لـ«الشرق الأوسط» إنه ينبغي للولايات المتحدة مراجعة سياساتها الخارجية و«الكف عن الغطرسة؛ ليس مع مصر وحدها، وإنما مع دول المنطقة جمعاء».
وفي أحدث حلقات تلك المشاكسات، تراجعت الخارجية الأميركية فجر أمس عن اتهام مباشر لمصر بالتدخل عسكريا في ليبيا، عقب ساعات من إعلانها أن لديها «علما» بضلوع القاهرة في ضربات جوية شنت على ليبيا خلال الأيام الماضية. وهو الأمر الذي نفته القاهرة مرارا على مدار اليومين السابقين، سواء على مستوى الرئاسة أو الخارجية. وأوضح مسؤولون مصريون لـ«الشرق الأوسط»، في تعليق مقتضب، أن «اتهامات خطيرة من تلك النوعية، من شأنها أن تؤثر بقوة على مستوى العلاقات المشتركة»، دون مزيد من التوضيح. فيما قال مراقبون إن تلك الاتهامات تدخل العلاقات المصرية - الأميركية إلى مرحلة «عض الأصابع»، وإن هدفها المباشر هو «محاولة توريط مصر وإرباك علاقاتها مع دول الجوار، خاصة دولة تشهد اضطرابا داخليا على المستويات كافة مثل ليبيا، ويوجد فيها عدد كبير من أبناء الجالية المصرية».
وتتواصل تلك الاشتباكات مع مشاهد استمرت على مدار الأسبوع الماضي، حين انتقدت وزارتا الخارجية والداخلية المصريتان قبل أيام في بيانين متزامنين، وصفا من قبل مراقبين بـ«اللاذعين»، تعامل السلطات الأميركية مع المظاهرات المشتعلة في مدينة فيرغسون بولاية ميسوري الأميركية. وأوضح محللون مصريون لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الانتقادات المصرية لها جذور، وتأتي من قبيل «رد الصفعات» على التدخل الأميركي في الشؤون الداخلية المصرية، سواء كان ذلك خلال ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011 أو ثورة 30 يونيو (حزيران) 2013 وما تلاها عقب عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي، المنتمي إلى جماعة الإخوان.
وخلال لقاء للمستشار إبراهيم الهندي، وزير العدالة الانتقالية وشؤون مجلس النواب المصري، مع نائب السفير الأميركي في القاهرة ديفيد رانز، قبل يومين، قال رانز في محاولة لرد الكرة المصرية إن واشنطن تهتم بقانون التظاهر المصري كما تهتم القاهرة بأحداث فيرغسون، وأضاف: «تقبلنا ذلك (الاهتمام) كأصدقاء، ومن هذا المنطلق فإننا مهتمون بقانون التظاهر». لكن الوزير المصري رد سريعا بالقول إن قانون «تنظيم التظاهر» المصري ليس مسيسا، موضحا أن القانون شأنه شأن أي قانون آخر ينظم ويفرض بعض القيود لمراعاة النظام العام والآداب العامة والصحة العامة، وهو ما نص عليه العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية. وأنه يطبق بشكل مجرد من خلال المحاكم، وأن القضايا جنائية وليست سياسية.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.