السفير البريطاني في الخرطوم: التطبيع مع السودان رهن الانتقال لحكم مدني

أكد لـ«الشرق الأوسط» على عدم وجود جدول زمني لدى «الترويكا»

عرفان صديق
عرفان صديق
TT

السفير البريطاني في الخرطوم: التطبيع مع السودان رهن الانتقال لحكم مدني

عرفان صديق
عرفان صديق

قال عرفان صديق السفير البريطاني في الخرطوم لـ«الشرق الأوسط»، أمس، إن المجتمع الدولي سيكون مستعداً لـ«التطبيع» مع السودان في المدى الطويل في حال جرى الانتقال إلى «حكم مدني»، لافتاً إلى عدم وجود جدول زمني لدى «الترويكا» التي تضم واشنطن ولندن وأوسلو، إزاء الانتقال إلى الجسم المدني؛ لأن هذا شأن يخص السودانيين.
وتزور ماكيلا جيمس، مساعدة وزير الخارجية الأميركي، الخرطوم، وكان مقرراً أن تلتقي أمس رئيس المجلس العسكري عبد الفتاح برهان للتأكيد على دعم الانتقال إلى حكم مدني، إضافة إلى أن زيارتها استهدفت تقييم الوضع على الأرض ودعم التغيير الذي حصل بالإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير، وتشجيع المجلس العسكري لنقل السلطة إلى المدنيين بما يحافظ على الاستقرار، بحسب مصادر دبلوماسية غربية في لندن. وقالت: إن واشنطن تربط إزالة اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للإرهاب بمسار العملية الحاصلة والانتقال في الخرطوم.
وبعد مظاهرات استمرت أربعة أشهر، أطاح الجيش السوداني في 11 الشهر الحالي، بالرئيس عمر البشير (75 عاماً) الذي حكم البلاد طوال 30 عاماً، وشكّل «مجلساً عسكرياً انتقالياً» يتولى السلطة لعامين، في حين يطالب ممثلو الحراك بنقل السلطة إلى «مجلس مدني سيادي».
وقال صديق أمس: «الحكومة البريطانية تؤيد مطالب الشعب السوداني بالتغيير، ولا بد أن يكون التغيير حقيقياً إلى حكم مدني. وحتى الآن، لم نر أي اتفاق أو إجماع واضح للسير في هذا الاتجاه. الأولوية هي للاتفاق على الانتقال إلى حكم مدني، ونتمنى من كل الأطراف العمل للوصول إلى هذا الهدف».
وسئل السفير البريطاني في الخرطوم عن كيفية تحقيق ذلك، فأجاب: «نتشاور مع كل الجهات والتقيت عضوين في المجلس العسكري والقوى السياسية الأخرى، ونحض الجميع للوصول إلى حل وسط والوصول إلى موافقة كل الأطراف لتشكيل هذه الجهة المدنية للحكم».
وعن الحوافز الممكنة تقديمها للخرطوم، قال صديق: «لو حصل التغيير الحقيقي إلى حكم مدني، سيعطي ذلك إمكانية للمجتمع الدولي تطبيع العلاقات مع السودان بالمدى الطويل. التطبيع يعتمد على الخطوات السياسية»، لافتاً إلى إمكانية تقديم مساعدات اقتصادية وإنسانية أخرى.
وفي 15 الشهر الحالي، أمهل الاتحاد الأفريقي المجلس العسكري أسبوعين لنقل السلطة إلى المدنيين وإلا فإنه سيجمد عضوية السودان في الاتحاد. لكن الدول المشاركة في قمة تشاورية في القاهرة أمس دعا لها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بصفته رئيسا للاتحاد الأفريقي هذا العام، أكدوا منح السلطات السودانية الممثلة في المجلس العسكري، مهلة ثلاثة أشهر للانتقال السلمي للسلطة.
وأوضحت مصادر دبلوماسية غربية لـ«الشرق الأوسط» في لندن، أن موقف الاتحاد الأفريقي «إجراء روتيني يعلنه إزاء دولة أفريقية بسبب تكرار الانقلاب العسكري في القارة الأفريقية». وأشارت إلى أن «الترويكا» لم تضع جدولاً زمنياً واكتفت بـ«أخذ العلم» ببيان الاتحاد الأفريقي.
من جهته، قال صديق، أمس: «ليس لدينا أي جدول زمني لإنجاز ذلك. هذا بأيدي السودانيين، لكن لا بد من الإسراع في تحقيق ذلك».
والتقى ممثلو الحركة الاحتجاجية، مساء السبت، المجلس العسكري، وكان مقرراً أن يعلن الحراك أسماء المجلس المدني الأحد المدني، لكن ذلك لم يحصل. وقرر بدلاً من ذلك تعليق المفاوضات مع المجلس العسكري.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية، أن «ممثلي الحراك باتوا يتحدثون عن مطلبين ملموسين: الأول، مجلس مدني سيادي. والآخر، حكومة انتقالية». وأشارت إلى وجود اتجاه بأن يكتفي ممثلو الحراك (ويضم خمس كتل رئيسية) بتسمية ممثليهم في المجلس المدني.
في المقابل، قال دبلوماسيون التقوا قادة في المجلس العسكري، إن الأخير «أبدى استعداداً لتسليم السلطة اليومية إلى حكومة مدنية مع التأكيد على الدور السيادي للجيش، إضافة إلى القول بأن ممثلي الحراك هم طرف، لكنهم ليسوا الطرف الوحيد الذي يقرر مستقبل البلاد». ونقل أحدهم أيضاً عن ممثلي المجلس قولهم إنهم «لا يريدون السلطة، بل إنهم استجابوا لرغبة الناس في التغيير مع ضرورة الحفاظ على استقرار البلاد».
ودعا المجلس المتظاهرين إلى إزالة الحواجز من الشوارع، لكنه لم يقم بأي إجراء عملي لتنفيذ ذلك بحسب مراقبين في الخرطوم. وأوضحت المصادر أمس: «هناك جمود حالياً. المعارضة تراهن على استمرار الاحتجاجات للضغط لتلبية مطالبهم؛ إذ استعرضت الحركة الاحتجاجية قوتها بتنظيم مظاهرة مليونية الخميس الماضي للدفع باتجاه التغيير ونقل السلطة إلى مجلس مدني».
في المقابل: «يراهن المجلس على الوقت والدعم، إضافة إلى تلبية بعض المطالب»، بحسب المصادر. ولبّى المجلس العسكري حتى الآن عدداً من مطالب المحتجين بينها اعتقال البشير، ورفع حظر التجول الليلي والإفراج عن الكثير من المعتقلين السياسيين والمحتجين الذين سجنوا خلال المظاهرات. كما بدأت إجراءات التحقيق مع البشير وسط أنباء عن وجوده في سجن كوبر. لكن مصادر دبلوماسية غربية في الخرطوم قالت أمس: «ليس لدينا تأكيدات من أن البشير موجود في سجن كوبر. لم نر صورة أو دليلاً ملموساً لذلك»، مشيرة إلى أن دبلوماسيين غربيين طالبوا المجلس العسكري بتوفير دليل كهذا لـ«تعزيز الثقة بالإجراءات المتخذة ضده».
وإذ أشارت شخصيات في الحراك إلى الاستعداد لقبول محاكمة البشير في السودان و«غض النظر» عن تسليمه إلى محكمة الجنايات الدولية، قالت المصادر الدبلوماسية إن موقف الدول الغربية الكبرى هو «عدم الاعتراف أصلاً بشرعية البشير؛ لذلك هي تدعم محكمة الجنايات الدولية ومذكرة الاعتقال بحق البشير وضرورة تسليمه».



اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
TT

اليمن يطالب بتوسيع التدخلات الأممية الإنسانية في مأرب

نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)
نقص التمويل أدى إلى خفض المساعدات وحرمان الملايين منها (إعلام حكومي)

طالبت السلطة المحلية في محافظة مأرب اليمنية (شرق صنعاء) صندوق الأمم المتحدة للسكان بتوسيع تدخلاته في المحافظة مع استمرار تدهور الوضع الاقتصادي والإنساني للنازحين، وقالت إن المساعدات المقدمة تغطي 30 في المائة فقط من الاحتياجات الأساسية للنازحين والمجتمع المضيف.

وبحسب ما أورده الإعلام الحكومي، استعرض وكيل محافظة مأرب عبد ربه مفتاح، خلال لقائه مدير برنامج الاستجابة الطارئة في صندوق الأمم المتحدة للسكان عدنان عبد السلام، تراجع تدخلات المنظمات الأممية والدولية ونقص التمويل الإنساني.

مسؤول يمني يستقبل في مأرب مسؤولاً أممياً (سبأ)

وطالب مفتاح الصندوق الأممي بتوسيع الاستجابة الطارئة ومضاعفة مستوى تدخلاته لتشمل مجالات التمكين الاقتصادي للمرأة، وبرامج صحة الأم والطفل، وبرامج الصحة النفسية، وغيرها من الاحتياجات الأخرى.

ومع إشادة المسؤول اليمني بالدور الإنساني للصندوق في مأرب خلال الفترة الماضية، وفي مقدمتها استجابته الطارئة لاحتياجات الأسر عقب النزوح، بالإضافة إلى دعم مشاريع المرأة ومشاريع تحسين سبل العيش للفئات الضعيفة والمتضررة، أكد أن هناك احتياجات وتحديات راهنة، وأن تدخلات المنظمات الدولية غالباً ما تصل متأخرة ولا ترقى إلى نسبة 30 في المائة من حجم الاحتياج القائم.

وحمّل وكيل محافظة مأرب هذا النقص المسؤولية عن توسع واستمرار الفجوات الإنسانية، وطالب بمضاعفة المنظمات من تدخلاتها لتفادي وقوع مجاعة محدقة، مع دخول غالبية النازحين والمجتمع المضيف تحت خط الفقر والعوز في ظل انعدام الدخل وانهيار سعر العملة والاقتصاد.

آليات العمل

استعرض مدير برنامج الاستجابة في صندوق الأمم المتحدة للسكان خلال لقائه الوكيل مفتاح آليات عمل البرنامج في حالات الاستجابة الطارئة والسريعة، إلى جانب خطة الأولويات والاحتياجات المرفوعة من القطاعات الوطنية للصندوق للعام المقبل.

وأكد المسؤول الأممي أن الوضع الإنساني الراهن للنازحين في المحافظة يستدعي حشد المزيد من الدعم والمساعدات لانتشال الأسر الأشد ضعفاً وتحسين ظروفهم.

النازحون في مأرب يعيشون في مخيمات تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة (إعلام محلي)

وكانت الوحدة الحكومية المعنية بإدارة مخيمات النازحين قد ذكرت أن أكثر من 56 ألف أسرة بحاجة ملحة للغذاء، وأكدت أنها ناقشت مع برنامج الغذاء العالمي احتياجات النازحين وتعزيز الشراكة الإنسانية في مواجهة الفجوة الغذائية المتزايدة بالمحافظة، ومراجعة أسماء المستفيدين الذين تم إسقاط أسمائهم من قوائم البرنامج في دورته الأخيرة، وانتظام دورات توزيع الحصص للمستفيدين.

من جهته، أبدى مكتب برنامج الأغذية العالمي في مأرب تفهمه لطبيعة الضغوط والأعباء التي تتحملها السلطة المحلية جراء الأعداد المتزايدة للنازحين والطلب الكبير على الخدمات، وأكد أنه سيعمل على حشد المزيد من الداعمين والتمويلات الكافية، ما يساعد على انتظام توزيع الحصص الغذائية في حال توفرها.

خطط مستقبلية

بحث وكيل محافظة مأرب، عبد ربه مفتاح، في لقاء آخر، مع الرئيس الجديد لبعثة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، عبد الستار يوسف، الوضع الإنساني في المحافظة، وخطط المنظمة المستقبلية للتدخلات الإنسانية خصوصاً في مجال مشاريع التنمية المستدامة والتعافي المجتمعي والحاجة لتوسيع وزيادة حجم المساعدات والخدمات للنازحين واللاجئين والمجتمع المضيف، وتحسين أوضاع المخيمات وتوفير الخدمات الأساسية.

وكيل محافظة مأرب يستقبل رئيس منظمة الهجرة الدولية في اليمن (سبأ)

وطبقاً للإعلام الحكومي، قدّم الوكيل مفتاح شرحاً عن الوضع الإنساني المتردي بالمحافظة التي استقبلت أكثر من 62 في المائة من النازحين في اليمن، وزيادة انزلاقه إلى وضع أسوأ جراء تراجع المساعدات الإنسانية، والانهيار الاقتصادي، والمتغيرات المناخية، واستمرار النزوح إلى المحافظة.

ودعا الوكيل مفتاح، المجتمع الدولي وشركاء العمل الإنساني إلى تحمل مسؤولياتهم الأخلاقية في استمرار دعمهم وتدخلاتهم الإنسانية لمساندة السلطة المحلية في مأرب لمواجهة الأزمة الإنسانية.

وأكد المسؤول اليمني أن السلطة المحلية في مأرب ستظل تقدم جميع التسهيلات لإنجاح مشاريع وتدخلات جميع المنظمات الإنسانية، معرباً عن تطلعه لدور قوي وفاعل للمنظمة الدولية للهجرة، إلى جانب الشركاء الآخرين في العمل الإنساني في عملية حشد المزيد من الموارد.

حريق في مخيم

على صعيد آخر، التهم حريق في محافظة أبين (جنوب) نصف مساكن مخيم «مكلان»، وألحق بسكانه خسائر مادية جسيمة، وشرد العشرات منهم، وفق ما أفاد به مدير وحدة إدارة المخيمات في المحافظة ناصر المنصري، الذي بين أن الحريق نتج عن سقوط سلك كهربائي على المساكن المصنوعة من مواد قابلة للاشتعال، مثل القش والطرابيل البلاستيكية.

مخيم للنازحين في أبين احترق وأصبح نصف سكانه في العراء (إعلام محلي)

وبحسب المسؤول اليمني، فإن نصف سكان المخيم فقدوا مساكنهم وجميع ممتلكاتهم، بما فيها التموينات الغذائية، وأصبحوا يعيشون في العراء في ظل ظروف إنسانية قاسية. وحذر من تدهور الوضع الصحي مع زيادة انتشار الأوبئة وانعدام الخدمات الأساسية.

وطالب المسؤول السلطات والمنظمات الإنسانية المحلية والدولية بسرعة التدخل لتقديم الدعم اللازم للمتضررين، وفي المقدمة توفير مأوى طارئ ومساعدات غذائية عاجلة، إلى جانب المياه الصالحة للشرب، والأغطية، والأدوية.