الجيش الوطني يحشد لحسم معركة طرابلس... و«الوفاق» تطوّق العاصمة

المسماري يؤكد إسقاط مقاتلة و«سلاح الجو» ينفي

الجيش الوطني يحشد لحسم معركة طرابلس... و«الوفاق» تطوّق العاصمة
TT

الجيش الوطني يحشد لحسم معركة طرابلس... و«الوفاق» تطوّق العاصمة

الجيش الوطني يحشد لحسم معركة طرابلس... و«الوفاق» تطوّق العاصمة

زاد الجيش الوطني الليبي، أمس، من تعزيزاته العسكرية على تخوم العاصمة طرابلس، فيما بدا أنه اتجاه لتسريع حسم القتال، الذي أوشك أسبوعه الثالث على الانتهاء في مواجهة قوات حكومة «الوفاق» التي طوقت العاصمة، أمس، ونفت إسقاط طائرة حربية.
وتجددت الاشتباكات بمحور وادي الربيع ومنطقة الهيرة جنوب العاصمة، إذ أعلن اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم الجيش الوطني، أن المضادات الأرضية بقاعدة الجفرة الجوية «تمكنت صباح أمس من إسقاط طائرة للميليشيات (الإرهابية)، حاولت الهجوم على القاعدة من ضمن 3 طائرات، وفرّت اثنتان، فيما يجري البحث عن الطائرة والطيار». لكن حكومة السراج نفت هذه المعلومات على لسان وزير داخليتها فتحي باش أغا. كما نفى سلاح الجو التابع للحكومة إسقاط أي طائرة تابعة له، وأكد أنه «لم ينفذ أي طلعة جوية أمس، نظراً إلى سوء الأحوال الجوية».
كانت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش الوطني، قد أعلنت في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس، عبر صفحتها على «فيسبوك» عن وصول ما وصفته «بتعزيزات عسكرية ضخمة من المنطقة العسكرية - الجبل الغربي للمشاركة في عمليات تحرير العاصمة»، مشيرةً إلى أن القوات التي وصلت إلى جبهات القتال تضم مختلف وحدات الجيش بالمنطقة وعلى رأسها قائدها اللواء إدريس مادي.
في غضون ذلك، أكد المسماري أن المدعي العام العسكري أصدر أمراً بضبط وإحضار اللواء فرج المبروك الصرصاع، المدعي العام العسكري بطرابلس و32 ضابطاً، وضباط صف آخرين، وذلك لمشاركتهم مع الجماعات الإرهابية في الحرب على الجيش.

وقال المسماري في مؤتمر صحافي من مدينة بنغازي أمس، إن الجيش يرصد تحركات الجماعات الإرهابية، وكل من يتعاون معها خصوصاً من العسكريين والأجهزة الأمنية. موضحاً أن قوات الجيش نفّذت أربع غارات جوية لدعم القوات في محور العزيزية، منها غارة على مخازن أسلحة في معسكر 27. مشيراً إلى أن قوات «تحاول التقدم نحو منطقة الهيرة، والسيطرة على العزيزية والهيرة، حيث إن المنطقتين تشهدان معركة شرسة، يقودها من جانب أسامة الجويلي وأبو عبيدة الزاوي وعدد من المرتزقة. لكن الموقف تحت السيطرة».
وأشار المسماري إلى أن غالبية المقاتلين المنحدرين من مدينة الزنتان، والذين كانوا يقاتلون في صفوف الجويلي انفضّوا عنه.
مبرزاً أن قوات قامت بعدة غارات على الجفرة وقاعدة عقبة بن نافع، لكن لم تسجل أي أضرار بشرية في القاعدة.
ولفت المسماري إلى ضبط باخرة إيرانية رست في ميناء مصراتة، مدرجة على قائمة العقوبات الأميركية لارتباطها بالحرس الثوري، ولديها عمليات غير شرعية في نقل الأسلحة والذخائر، مشيراً إلى أن هناك باخرة أخرى قادمة من الأردن ستدخل ميناء مصراتة تحمل 100 سيارة قد تُستخدم في القتال، حسب تعبيره.
وقال المسماري مساء أول من أمس، إن اللواء ركن إدريس مادي، آمر المنطقة العسكرية الغربية، توجه على رأس قوة كبيرة من مدينة الزنتان إلى غرفة عمليات «تحرير طرابلس»، مشيراً إلى أنه «تسلم المهمة القتالية المكلف بها»، لكن دون الكشف عن مزيد من التفاصيل.
من جانبها، أكدت غرفة «عمليات الكرامة»، التابعة للجيش، في ساعة مبكرة من صباح أمس، أن القوات باتت أقرب من 7 كيلومترات من قلب العاصمة، التي قالت إنها «ستصبح عاجلاً جداً عاصمة ليبيا الموحدة».
وأرجع المسماري «بطء تقدم القوات إلى الكثافة السكانية في المناطق التي تشهد المعارك»، وقال للصحافيين إن الجيش «يستدعي قوات الاحتياط لفتح جبهات جديدة على طرابلس، والجيش سيستخدم المدفعية والمشاة في الأيام المقبلة».
وشهدت جبهات الاقتتال الرئيسية هدوءاً أول من أمس، مع تراجع حدة القصف مقارنةً بالأيام السابقة. وقد سيطرت قوات «الجيش الوطني» على مساحة كبيرة في المنطقة الواقعة جنوبي طرابلس، بما في ذلك قاعدة أمامية في بلدة غريان الجبلية، التي تبعد نحو 80 كيلومتراً جنوبي العاصمة.
في المقابل اعتبر فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، ضحايا المعارك في جنوب طرابلس منذ بدء القتال «شهداء واجب». وقد أصدر السراج أمس، قراراً ينص على توفير «حقوق ومزايا لمن يفقدون حياتهم من العسكريين والمدنيين في أثناء تأدية الواجب، ولكل من فقد حياته من أفراد قواته والقوات المساندة لها في الدفاع عن مدينة طرابلس وضواحيها والمدن الأخرى». كما طلب من غرفة العمليات المختصة حصر أسماء هؤلاء واتخاذ الإجراءات اللازمة.
وفى محاولة لتأكيد استمرار هيمنة حكومته على مقدرات الأمور في العاصمة طرابلس، اصطحب فتحي باش أغا، وزير الداخلية بحكومة السراج، أمس، وفداً إعلامياً، وقال في بيان وزعه مكتبه، إن «الوضع الأمني داخل العاصمة يسير بشكل جيد، ولا توجد أي خروقات أمنية داخل المدينة ومحيطها».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».