ترمب مرتاح لردود الفعل على قرار إلغاء إعفاءات النفط الإيراني

اتهم كيري بخرق قانون يمنع الاتصال بإيران... ومخاوف من استخدامها «حزب الله» لحفظ ماء الوجه

ترمب مرتاح لردود الفعل على قرار إلغاء إعفاءات النفط الإيراني
TT

ترمب مرتاح لردود الفعل على قرار إلغاء إعفاءات النفط الإيراني

ترمب مرتاح لردود الفعل على قرار إلغاء إعفاءات النفط الإيراني

لم يثر قرار إدارة الرئيس دونالد ترمب وقف الإعفاءات من استيراد النفط الإيراني، ردود فعل تتناسب مع الحدث، أو على الأقل مع ردود فعل طهران وتهديداتها، سواء داخل الولايات المتحدة أو في العالم، وخصوصا لدى الدول المعنية بالقرار.
وقد يكون تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية خطف الأضواء، وحوّل القرار الأخير إلى تتمة طبيعية، في ظل إصرار واشنطن على تشديد الضغط على طهران لإجبارها على تغيير سياساتها.
كان لافتا أن حجم التصريحات لم يعكس التحفظات التي لطالما حذرت من احتمالات حصول تداعيات لا يمكن تحمل نتائجها، سواء على الوضع الاقتصادي وتجارة النفط، أو على المستوى الأمني واحتمال تعرض القوات الأميركية لهجمات انتقامية.
المخاوف من احتمال ارتفاع أسعار النفط لم تثر اهتمام الجمهور الأميركي، الذي بات أكثر ثقة بقدرة بلاده النفطية، وبأن الارتفاع سيكون مؤقتا وقصيرا جدا، مع نشر أرقام مستوى الإنتاج النفطي الإيراني الذي بدأ مسيرته التراجعية منذ أكثر من ستة أشهر. وهو ما اعتبر من بين الأسباب الرئيسية التي شجعت إدارة ترمب على عدم تمديد الإعفاءات في هذه المرحلة.
لا، بل على العكس من ذلك فقد بادر ترمب نفسه إلى الهجوم على معارضيه، وانتقد في تغريدة له بشكل حاد وزير الخارجية السابق جون كيري بسبب خرقه قانون «لوغان» الذي يمنع قيام أي أميركي بالاتصال بقوة أجنبية على عداء مع أميركا، خارج إطار المفاوضات الشرعية. وكان كيري قد اعترف أنه أجرى لقاءات سرية مع وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف بعد مغادرته منصبه خلال السنتين الماضيتين. في حين كشفت أوساط إعلامية أنه التقى أيضا عددا من وزراء الخارجية الأوروبيين بهدف الحفاظ على الاتفاق النووي مع إيران.
حتى مواقف الديمقراطيين، وخصوصا المرشحين الرئاسيين، الذين أعلن كثير منهم أنها قد تعود إلى الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، أو اشتراط التأكد من أنها لا تقوم بالغش، بحسب كمالا هاريس، لم تكن حاسمة أو معوقة لقرار ترمب. فموقف الحزب الديمقراطي لم يكن في الأصل موحدا حول هذا الملف. وزعيم الأقلية الديمقراطية في مجلس الشيوخ تشوك شومر كان صوت ضد الاتفاق النووي مع أربعة من كبار أعضاء الكونغرس الديمقراطيين أيضا خلال عهد أوباما، بسبب اعتراضهم على محدودية تأثيره على قدرات طهران على استئناف برنامجها النووي بعد انتهاء مدة الاتفاق.
هذا ما سمح لترمب للشعور بالثقة في قدرته على تنفيذ إجراءاته وعقوباته على إيران، بعدما لمس حدود ردود الفعل التي لم تخرج عن التمنيات وطلبات الوساطة من الدول المعنية بقرار وقف الإعفاءات، أو عن التهديدات اللفظية التي تصدر بين الحين والآخر عن مسؤولين إيرانيين.
قائد البحرية الإيرانية الذي هدد «بلغة هادئة» بإغلاق مضيق هرمز «إذا منعت بلاده من استخدام مياهه أو تعرضت لأي هجوم»، لم تثر كلماته ردود فعل يعتد بها. لا بل لا يوجد ما يشير إلى احتمال حصول أي تدهور في أمن المضيق أو وجود تحركات عسكرية فيه.
في هذا الصدد، قالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأميركية الكوماندور ريبيكا ريباريش في تصريحات «لـ«الشرق الأوسط»»، إن مضيق هرمز هو ممر مائي دولي والتهديدات بإغلاقه ستؤثر على المجتمع الدولي وتقوض التدفق الحر للتجارة. والولايات المتحدة تلتزم جنبا إلى جنب مع حلفائها وشركائها بضمان حرية التنقل والحفاظ على هذا التدفق الحر.
وأضافت ريباريش أن البنتاغون لا يريد التكهن بما يمكن أن تفعله إيران أو «حزب الله» أو حتى بطبيعة الرد الأميركي فيما لو حصل رد فعل منهما على القرارات الأخيرة. لكنها أضافت أن وزارة الدفاع ليس لديها أي معلومات موثوق بها تشير إلى وجود تهديد وشيك من أي نوع في تلك المنطقة.
وأكدت أن وزارة الدفاع اتخذت إجراءات حكيمة لضمان سلامة القوات الأميركية في جميع أنحاء العالم، والحفاظ على استعدادها لتنفيذ مهماتها.
على المنوال نفسه، أفادت وكالة «رويترز» نقلا عن مسؤول بوزارة الخارجية الأميركية بأن الولايات المتحدة دعت إيران إلى إبقاء مضيقي هرمز وباب المندب مفتوحين، وذلك بعد يوم من مطالبة الولايات المتحدة مشتري النفط الإيراني بوقف شراء خام طهران. وقال المسؤول: «نطالب إيران وجميع الدول باحترام حرية تدفق الطاقة والتجارة وحرية الملاحة» في المضيقين.
هذه اللغة الهادئة تعكس بلا أدنى شك مستوى الثقة الزائد الذي تتحرك من خلاله واشنطن في المنطقة، في ظل تقاطع كثير من المعلومات والتقارير التي تتحدث عن متاعب طهران حتى مع أقرب حلفائها وأصدقائها، سواء في سوريا أو في أي منطقة تتدخل فيها.
بعض الأوساط الأميركية تؤكد ما يرد من معلومات عن تصاعد التوتر بين روسيا وإيران في إدارة الملف السوري، وعن حصول اشتباكات مسلحة ولو لم تزل محدودة حتى الآن، ما يشير إلى أن الأمور لم تعد تسير كما تشتهيه طهران في سوريا.
وتضيف تلك الأوساط أن «حزب الله» وطهران في موقف سياسي حرج، جراء الاتفاقات التي بدأت تطفو على سطح العلاقات الإسرائيلية - الروسية في إدارة ملف الوجود الإيراني في سوريا، بعد تصاعد الهجمات الإسرائيلية ونوعيتها على المواقع الإيرانية.
حتى ملف العراق الذي كان يعتبر الخاصرة الرخوة لواشنطن، قطع شوطا لا بأس به في إعادة رسم حدود إيران وتدخلاتها في شؤونه. وجاء في البيان الذي أصدره وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو الإشادة بزيارة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي للسعودية، وجهوده في تعزيز «علاقاته بالجوار العربي للعراق».
لكن الأوساط حذرت من احتمال أن تلجأ طهران إلى تحريك أداتها الرئيسية في المنطقة، ممثلة بـ«حزب الله» اللبناني، الذي أثبت تبعيته المطلقة وتنفيذه الحرفي والدقيق لأوامر المرشد الإيراني علي خامنئي، بحسب تصريحات زعيمه نفسه.
خطاب نصر الله الذي هاجم فيه قرار وقف تمديد الإعفاءات النفطية، لم يكشف فقط عن تلك التبعية، بل وعن مخاوفه من احتمال تعرض موارده المالية إلى نضوب شديد.
فقرار واشنطن ملاحقة شبكاته المالية والإعلان عن جائزة مالية بقيمة 10 ملايين دولار لمن يدلي بمعلومات عنها، قرع جرس إنذار كبير، واعتبر تصعيدا خطيرا لأن تلك الإجراءات تدخل في تفاصيل نشاطات الحزب المالية وملاحقتها بحسب ما نقل عن تلك الأوساط.
والسؤال المطروح الآن هو عما إذا كان حصول تصعيد عسكري بين إسرائيل و«حزب الله»، هو الثمن الذي قد يدفعه لبنان لتنفيس الاحتقان الذي تتعرض له إيران والحفاظ على ماء وجهها السياسي؟ فهي تراهن على عامل الوقت قبيل دخول الولايات المتحدة في أجواء انتخاباتها الرئيسية، علّ الرئيس الأميركي الجديد ينهي سياسات ترمب ويعيد عقارب الساعة إلى الوراء بحسب وعود قد تكون تلقتها من بعض المسؤولين الأميركيين السابقين.


مقالات ذات صلة

وزير أميركي: المسيّرات في سماء الولايات المتحدة ليست تهديداً أجنبياً

صورة من فيديو متداول تُظهر مسيّرات في سماء نيوجيرسي (أ.ب)

وزير أميركي: المسيّرات في سماء الولايات المتحدة ليست تهديداً أجنبياً

قال مسؤول أمني إن المسيّرات والأجسام الطائرة، التي شُوهدت في سماء شمال شرقي الولايات المتحدة، ليست نتيجة تهديد أجنبي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ ديفين نونيز (يسار) برفقة ترمب خلال المؤتمر الوطني الجمهوري في ميلووكي بويسكونسن في 17 يوليو (أ.ف.ب)

ترمب يستكمل تعييناته قبل أسابيع من تنصيبه رئيساً

أعلن الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ترشيحَين جديدَين ضمن إدارته الجديدة، قبل أسابيع من تنصيبه رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ أجسام طائرة تظهر في سماء نيوجيرسي (أ.ب)

المسيرات المجهولة بسماء أميركا تظهر ثغرات في أمنها الجوي

قال مستشار الأمن القومي في الإدارة الأميركية المنتخبة بقيادة دونالد ترمب إن رصد طائرات مسيرة في ولاية نيوجيرسي سلط الضوء على ثغرات في أمن المجال الجوي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (أ.ب)

نتنياهو: إسرائيل ليس لديها مصلحة بالدخول في صراع مع سوريا

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الأحد، إنه تحدث مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، بشأن التطورات في سوريا وأحدث مساعي إطلاق سراح الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شؤون إقليمية دونالد ترمب يلتقي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض في مارس 2019 (رويترز)

تقرير: نتنياهو وترمب يبحثان الوضع في سوريا و«حرب غزة» واتفاق الرهائن

بحث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في اتصال هاتفي مع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، الليلة الماضية، الوضع في سوريا، و«حرب غزة»، واتفاق الرهائن.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».