بلديات لبنان تستعيد أموالها من الخزينة وتتجنّب الإفلاس

عون وقّع مرسوم صرف 466 مليون دولار من مستحقاتها

TT

بلديات لبنان تستعيد أموالها من الخزينة وتتجنّب الإفلاس

وقّع الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس، المرسوم الخاص بتوزيع عائدات الصندوق البلدي المستقل عن العام 2017. ويقضي المرسوم الذي حمل أيضاً تواقيع رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري، ووزير المالية علي حسن خليل، ووزيرة الداخلية والبلديات ريا حفار الحسن، بتوزيع مبلغ 700 مليار ليرة (466 مليون دولار) على البلديات والاتحادات البلدية، وفق القواعد والأسس المعتمدة. ويخصص القسم الأكبر من هذه الأموال لمشروعات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والسياحية.
ويشكّل هذا المرسوم، الذي تأخر صدوره نحو 17 شهراً، متنفساً للبلديات التي لم تتقاضَ مستحقاتها منذ خريف العام 2017، والغارقة في ديون كبيرة وعدم تسديد رواتب موظفيها؛ خصوصاً أن العائدات التي تجبيها البلديات من الرسوم لا تغطي 10 في المائة من مصاريفها.
واعتبر عضو كتلة «المستقبل» النيابية النائب وليد البعريني، أن «دفع مخصصات البلديات عن العام 2017 أمر جيّد، لكنه لا يعدو كونه جرعة مخدّر، وسرعان ما تعود الأزمة المالية للبلديات إلى الظهور مجدداً». وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «المبالغ التي ستخصص لبعض البلديات الواقعة في عجز مالي أصلاً، لن تكفيها سوى لدفع رواتب الموظفين، وتسديد ديونها لمتعهدي الأشغال، وجمع النفايات وبعض الأعمال الاستثنائية وحالات الطوارئ». وتوقع البعريني أن «تعود الأزمة في الأشهر المقبلة، وبشكل أسوأ في كثير من البلديات، لأن بعض المجالس البلدية ورؤسائها هم جزء من المشكلة، كونهم يراعون ناخبيهم أكثر من رصد عائدات البلديات للصالح العام». ورأى أن ذلك «سببه غياب الرقابة وغياب المحاسبة لكل بلدية لا تحقق إنجازات».
وتتولى المجالس البلدية في لبنان الأعمال الإنمائية نيابة عن الدولة والوزارات المختصة، مثل رفع النفايات وتعبيد الطرق الداخلية، وتوفير المياه للمواطنين، وإنارة الطرق بين الأحياء الداخلية، وترميم المواقع السياحية الواقعة في النطاق الجغرافي لكلّ بلدية، لكن غالباً ما تعاني تلك البلديات من شحّ الأموال، خصوصاً في البلدات الكبيرة التي لا تكفيها أموال الصندوق البلدي المستقلّ لسدّ حاجاتها.
من جهته، أعطى محمد المصري رئيس اتحاد بلديات سهل عكار (شمال لبنان) انطباعاً إيجابياً لصدور مرسوم تسديد مستحقات البلديات، إذ عبّر عن ارتياحه لهذه الخطوة، ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «صرف الأموال يحرّك العجلة الاقتصادية والإنمائية في القرى والبلدات العكارية، كما في باقي المناطق اللبنانية». وقال إن «البلديات فور تسلّمها مستحقاتها المالية ستبادر إلى تسديد ديونها، ولا سيما أن المستحقات تأخرت 18 شهراً».
وتفاقم أزمة البلديات من معاناة بلدات منطقة عكار، الأكثر فقراً وحرماناً في لبنان. وقال محمد المصري: «نحن على أبواب شهر رمضان المبارك، والموظفون ينتظرون قبض رواتبهم، كما أن متعهدي الأشغال سيتقاضون مستحقاتهم المترتبة في ذمة البلديات كديون، بالإضافة إلى المؤسسات التجارية التي تبيع مواد البناء وغيرها». ولفت إلى أن «البلديات في سهل عكار متوقفة عن تقديم الخدمات والأشغال منذ أشهر طويلة، كما أنها غير قادرة على تسديد رواتب الموظفين، وقد وعدنا بدفع المستحقات منذ شهر سبتمبر (أيلول) الماضي، لكن الدولة لم تفِ بتعهداتها حتى الآن».
ويأتي مرسوم دفع مستحقات الصندوق البلدي المستقل، بعد سلسلة تحركات واعتصامات نفّذها موظفو البلديات في مناطق لبنانية، احتجاجاً على عدم قبض رواتبهم منذ نحو 16 شهراً، وكانت آخرها سلسلة اعتصامات نفذها هؤلاء في وسط بيروت قرب البرلمان اللبناني، في نفس التوقيت الذي عقدت فيه جلسات تشريعية، وهو يأتي أيضاً بعد أن بلغت بعض البلديات حافة الإفلاس.
وشدد رئيس اتحاد بلديات سهل عكار، على أن «البلديات لم تستجدِ المال من الدولة، بل كانت تطالب بمستحقاتها الموجودة في وزارة المال، والمتأتية من رسوم الهاتف الثابت والخليوي، ومن العائدات الجمركية، وغيرها من مصادر الدخل». وأشار محمد المصري إلى أن «البلديات ملزمة بتقديم الخدمات لناخبيها، الذين يسددوا الضرائب للخزينة، وهذا حقهم الطبيعي».



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.