«المركزي» المصري لدعم السوق العقارية

نقل مديونيات العملاء إلى البنوك لاستكمال المشروعات

العاملون في سوق العقارات يأملون بمساهمة قرار البنك المركزي في إنعاش السوق (تصوير: عبد الفتاح فرج)
العاملون في سوق العقارات يأملون بمساهمة قرار البنك المركزي في إنعاش السوق (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

«المركزي» المصري لدعم السوق العقارية

العاملون في سوق العقارات يأملون بمساهمة قرار البنك المركزي في إنعاش السوق (تصوير: عبد الفتاح فرج)
العاملون في سوق العقارات يأملون بمساهمة قرار البنك المركزي في إنعاش السوق (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حالة من الركود سيطرت على السوق العقارية المصرية في الشهور السابقة، وهددت بوقف كثير من المشروعات العقارية، في ظل تباطؤ حركة البيع والشراء، واعتماد المطورين العقاريين على الأقساط التي يدفعها العملاء لاستكمال مشروعاتهم؛ مما دفع البنك المركزي المصري للتدخل لحل الأزمة، وتنشيط السوق العقارية عبر نقل مديونيات العملاء من الشركات العقارية، إلى البنوك، وهو ما وصفه خبراء العقارات، بأنه «قرار إيجابي يساهم في دعم سوق العقارات المتباطئة، ويساعد شركات العقارات على استكمال مشروعاتها».
ووضع قرار البنك المركزي الصادر عدداً من الضوابط، لنقل مديونيات وأقساط العملاء من الشركات إلى البنوك، مقابل عائد محدد، على ألا تتعدى قيمة تمويل القطاع المصرفي المصري للسوق العقارية الـ50 مليار جنيه (الدولار الأميركي يعادل 17.3 جنيه مصري)، واشترط البنك المركزي أن تكون الوحدات التي سيمولها القطاع المصرفي قد تم تسليمها بالفعل، وأن يكون العميل قد سدد 50 في المائة من ثمنها، وألا تزيد مدة الأقساط المتبقية على 6 سنوات، ولا يتم نقل مديونية العميل للبنك، قبل الاستعلام الائتماني عنه.
ويوفر القرار للشركات العقارية السيولة اللازمة لاستكمال مشروعاتها، أو البدء في مشروعات جديدة، كما أنه يستثني عملاء هذه الشركات من شرط الحد الأقصى لقيمة القسط الشهري في مقابل الدخل، حيث يشترط البنك المركزي ألا تزيد قيمة الأقساط التي يدفعها العملاء على 40 في المائة من دخلهم الشهري.
وقال الدكتور شريف الدمرداش، الخبير الاقتصادي، لـ«الشرق الأوسط»: إن «البنوك بموجب هذا القرار ستحل محل الشركات في تحصيل مديونية العملاء مقابل عمولة وضمانات في السداد»، مشيراً إلى أن «التباطؤ الذي شهدته السوق العقارية ليس نتيجة انخفاض الطلب وزيادة العرض، بل بسبب نقص السيولة، وضعف القدرة الشرائية».
وأضاف الدمرداش أن «القرار سيؤثر بشكل إيجابي على السوق العقارية المصرية، ويمنح قبلة الحياة للشركات العقارية، وبخاصة الشركات الصغيرة والمتوسطة»، مؤكداً أن «زيادة التسهيلات التمويلية ينعش سوق العقارات»، مطالباً بـ«إعادة النظر في أسعار العقارات في مصر، التي تعتبر مبالغاً فيها».
ويأمل العاملون في سوق العقارات أن يساهم هذا القرار في إنعاش السوق، لكنهم يطالبون بتخفيض شروط التمويل العقاري؛ لأنها الوسيلة الأكثر فاعلية لتنشيط السوق العقارية، وعقد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء المصري، اجتماعات عدة مؤخراً لتنشيط السوق العقارية، واقترح عدد من المطورين العقاريين تنشيط التمويل العقاري، وقال رجل الأعمال نجيب ساويرس، في تصريحات صحافية مؤخراً: إن «الطلب على العقارات يبلغ 10 أضعاف العرض، والأزمة في التمويل».
الدكتور فخري الفقي، الخبير الاقتصادي والمستشار السابق لصندوق النقد الدولي، قال لـ«الشرق الأوسط»: إن «البنك المركزي تدخل لحل مشكلة التمويل العقاري، التي تواجه عقبات عدة، نتيجة القيود الموجودة في قانون التمويل العقاري، ومن بينها عدم تسجيل 85 في المائة من العقارات في مصر».
وأضاف الفقي: «إنه نتيجة للقيود الموجودة في قانون التمويل العقاري، تدخل الشركات العقارية لتنشيط الطلب، وأصبحت هي من تقدم العرض وتنشط الطلب، عبر بيع الوحدات السكنية بتسهيلات في السداد»، مشيراً إلى أن «قرار البنك المركزي إيجابي لدعم الشركات وتنشيط السوق العقارية، لكنه يجب أن يتزامن مع قرارات أخرى لحل مشاكل التمويل العقاري، وبخاصة أن التمويل العقاري هو القاطرة التي يمكن أن تجر الاقتصاد المصري».
في هذا السياق، أعلن المهندس طارق شكري، رئيس غرفة التطوير العقاري باتحاد الصناعات المصري، عن «اتفاق الغرفة مع البنك المركزي على تجديد مبادرة التمويل العقاري للإسكان فوق المتوسط، ليبدأ تطبيقها في يوليو (تموز) المقبل بفائدة 10.5 في المائة»، وقال شكري، في تصريحات صحافية: إن «المطور العقاري يحتاج إلى الدعم والمساندة، حيث أجبرته التغيرات المتلاحقة في السوق على بيع الوحدات التي يبنيها بتسهيلات في السداد تصل إلى 10 سنوات؛ مما حمّله المزيد من الأعباء».
ورغم أن القرار قد يساهم في دعم السوق العقارية نظرياً، فإن القيود والشروط المفروضة للحصول على هذا التمويل ما زالت تشكل العائق الأكبر، حيث تضع البنوك الكثير من الشروط، والضمانات قبل منح التمويل، إضافة إلى ارتفاع أسعار الفائدة خارج مبادرة البنك المركزي، وهي أمور تقول الحكومة المصرية إنها «قيد الدراسة بهدف حلها، والتوصل إلى وسيلة لتنشيط السوق العقارية دون الإخلال بضمانات البنوك».


مقالات ذات صلة

مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

الاقتصاد وزير المالية خلال لقائه مع رئيس وأعضاء الاتحاد المصري لجمعيات ومؤسسات المستثمرين (وزارة المالية المصرية)

مصر: نظام ضريبي جديد للمشروعات الصغيرة والمتوسطة لجذب ممولين جدد

أكد وزير المالية المصري، أحمد كجوك، أن أولويات بلاده المالية والضريبية تُشكِّل إطاراً محفّزاً للاستثمار، ونمو القطاع الخاص في الاقتصاد المصري.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أعلام الدول الأعضاء المؤسسين لمنظمة «بريكس»: البرازيل وروسيا والصين وجنوب أفريقيا والهند (رويترز)

نيجيريا تنضم إلى مجموعة «بريكس» بوصفها دولة شريكة

أعلنت البرازيل، الرئيس الحالي لمجموعة «بريكس» للاقتصادات النامية، انضمام نيجيريا إلى المجموعة بوصفها «دولة شريكة».

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أعمال حفر البئر الاستكشافية «نفرتاري - 1» بمنطقة امتياز شمال مراقيا بالبحر المتوسط (وزارة البترول المصرية)

«إكسون موبيل» تعلن اكتشاف مكامن للغاز الطبيعي قبالة سواحل مصر

أعلنت شركة «إكسون موبيل»، الأربعاء، أنها اكتشفت مكامن غاز طبيعي قبالة سواحل مصر، بعد نجاحها في حفر بئر استكشافية في البحر الأبيض المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال لقائه مهندسين وفنيين في حقل ريفين البحري (وزارة البترول المصرية)

مصر: «بي بي» تنتهي من حفر بئرين لإنتاج الغاز بحقل «ريفين» البحري

أعلنت وزارة البترول المصرية، الأحد، انتهاء شركة «بي بي» البريطانية، بنجاح، من أعمال الحفر واستكمال الآبار، للبئرين الإضافيتين بحقل غاز «ريفين» بالبحر المتوسط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مبانٍ تحت الإنشاء بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

انكماش القطاع الخاص في مصر خلال ديسمبر بسبب ضعف الجنيه

واصل القطاع الخاص غير النفطي بمصر انكماشه خلال ديسمبر في الوقت الذي تدهورت فيه ظروف التشغيل مع انخفاض الإنتاج والطلبيات الجديدة بأسرع معدل بثمانية أشهر

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».