البدلة الإيطالية مزيج من رومانسية «لادولتشي فيتا» وقوة جيمس بوند

من نابولي إلى ميلانو.. ستة أسماء مهمة في عالم التفصيل الرجالي

من «زينيا» بدلة من صوف تروفيو 600 الممزوج بالحرير  -  برلوتي berluti  -  بريوني  Brioni  -  بريوني  Brioni  -  كورنيلياني corneliani
من «زينيا» بدلة من صوف تروفيو 600 الممزوج بالحرير - برلوتي berluti - بريوني Brioni - بريوني Brioni - كورنيلياني corneliani
TT

البدلة الإيطالية مزيج من رومانسية «لادولتشي فيتا» وقوة جيمس بوند

من «زينيا» بدلة من صوف تروفيو 600 الممزوج بالحرير  -  برلوتي berluti  -  بريوني  Brioni  -  بريوني  Brioni  -  كورنيلياني corneliani
من «زينيا» بدلة من صوف تروفيو 600 الممزوج بالحرير - برلوتي berluti - بريوني Brioni - بريوني Brioni - كورنيلياني corneliani

منذ بداية القرن الماضي إلى منتصفه، كان مجرد الإشارة إلى التفصيل على المقاس، يجعل اسم شارع سافيل رو البريطاني الشهير بمحلاته المتراصة بجوار بعضها، يقفز إلى البال. فاسم الشارع، الذي يعود تاريخ بعض الأسماء الموجودة فيه إلى أكثر من قرن من الزمن، أصبح مرادفا للأناقة الرجالية في أجمل حالاتها وأكثرها ترفا، ليس لأنها كانت ولا تزال تتعامل مع عائلات مالكة، بل لأنها تتعامل مع الزبون على مستوى شخصي يلبي رغباته وطلباته، أيا كانت. في الخمسينات من القرن الماضي، امتد تأثير هذا الشارع إلى عواصم عالمية أخرى، لا تنقصها الخبرة في التفصيل على المقاس، لكنها ظلت لزمن طويل عائلية تعمل في إطار محدود لا يعرفه إلا قلة من الزبائن. في الخمسينات من القرن الماضي بدأ نجمها يبزغ، مع زيادة الإقبال على التفصيل على المقاس وبفضل نجوم السينما الذين اكتشفوا الأسلوب الإيطالي وأعجبوا به. كان مظهر هؤلاء النجوم، وتسرب أخبار بأنهم يستعينون بخياطين من نابولي أو روما خلال تصوير أفلامهم في إيطاليا، كافيا لكي يشعل الرغبة في أزياء مفصلة على المقاس وإنعاش هذا المجال في كل من روما ونابولي. طبعا، من الخمسينات إلى اليوم، تغيرت الأذواق والتطلعات، كما تغيرت الخريطة الشرائية، ودخل الشباب لعبة الكبار. فجأة أصبح الكل يتطلع إلى الرقي ويريد التميز عن الآخرين، ولم يكن هناك ما هو أكثر تفردا وخصوصية من التفصيل على المقاس وحسب الطلب. وإذا كان سافيل رو، يشتهر بالتفصيل الإنجليزي الذي لا يعلى عليه إلى حد الآن، فإن التفصيل الإيطالي انتهج له خطا أكثر انطلاقا مع لمسة لامبالاة تجعله مختلفا عن الرسمية الإنجليزية، من دون أن يدير ظهره لتقاليد أيام زمان.
ورغم شهرة بعض خياطي نابولي أو روما وميلانو، فيما بعد، فإن بعضهم لا يزال سرا لا يعرفه إلا الذين يلمون بالموضة وما يجري خلف واجهة عروض الأزياء والحملات الإعلانية. ولا تزال الموضة الرجالية تعترف بأنها تدين بالكثير لخياطي مدينة نابولي على وجه الخصوص، سواء الذين هاجروا إلى نيويورك، أو الذين آثروا البقاء فيها لتوريث حرفيتهم وخبراتهم للأجيال التالية، مؤثرين بذلك على مصممين عالميين من أمثال جيورجيو أرماني أو ميوتشا برادا أو إيرمينغلدو زينيا وبريوني، وغيرهم ممن استقروا في ميلانو، ولعبوا دورا مؤثرا في جعلها واحدة من أهم عواصم الموضة العالمية. وحتى الآن لا تزال نابولي وجهة من يريد بدلات مفصلة على المقاس على يد خياطين لا يزالون يحترمون تقاليد أيام زمان، بينما ميلانو وجهة من يريد أسماء عالمية، علما بأن أغلب مصمميها المعروفين ركبوا موجة تقديم خدمة التفصيل على المقاس وحسب الطلب.
أفضل الأسماء التي تقدم بدلات مفصلة على المقاس في إيطاليا (دون ترتيب):

1 - بريوني Brioni
من بيوت الأزياء التي يثق فيها الرجل، ويفتخر بها الإيطاليون إلى حد أن وزارة التراث الثقافي أدرجت أرشيفها، الذي يضم أكثر من 700 بدلة ومئات النماذج والصور والرسمات من الخمسينات إلى اليوم، ضمن التراث الإيطالي. كل بدلة تخرج من معاملها تتم بحرفية ودقة، من منطلق أنها قطعة فريدة «تفوق أحلام وتوقعات أي زبون» حسب شعار الدار. تأسست على يد غايتانو سافيني ونازارينو فونيكولي في عام 1945 بروما، وسرعان ما لمع اسمها واخترقت أبواب هوليوود. فقد كانت البطل الحاضر في الكثير من الأفلام وعلى رأسها أفلام «جيمس بوند» من فيلم «غولدن آي» إلى «كازينو روايال»، فضلا عن أن الكثير من النجوم تبنوها في حياتهم ومناسباتهم الخاصة. ولعل ليندي هيمينغ، مصممة ومنسقة أزياء «جيمس بوند» تلخص جمالية بدلات بريوني أكثر من أي شخص آخر، بقولها إن تعاملها مع خياطي الدار كان ممتعا لأنهم «كانوا متفتحين على أي فكرة، ولديهم خبرة طويلة في التعامل مع رؤساء دول وسياسيين، وبالتالي لا يعانون من عقدة التمسك بالتقاليد وعدم التغيير».
جانب التفصيل على المقاس الذي تشتهر به الدار لا يقتصر على البدلات فحسب، بل يشمل كل ما يتعلق بخزانة الرجل من قريب أو بعيد، بما في ذلك الإكسسوارات.
Brioni، Via Gesù 3، 20121 Milan، +39 02 7639 0086

2 - كورنيلياني corneliani
لا يزال الكثير من بيوت الأزياء الرجالية المتخصصة تحارب من أجل الحفاظ على كينونتها كشركة عائلية، وترفض تدخل أي مستثمر من الخارج رغم إغراءات التوسع. وتعتبر كورنيلياني واحدة من هذه البيوت، التي تعتبر أن أسرار المهنة يجب أن تبقى داخلية تورث من جيل إلى آخر. تأسست في الخمسينات من القرن الماضي وتتميز بأسلوب يجمع الكلاسيكي التقليدي بالعصري، الذي يطمح لمخاطبة كل الأعمار في خمس قارات، حيث توجد لها فروع. وهي من البيوت التي نجحت دائما في استقطاب الطبقات الأرستقراطية في أوروبا، ولا سيما أنها كانت توفر لهم خدمة التفصيل على المقاس منذ البداية، وفي الوقت ذاته تحرص على تطوير تقاليدها لمواكبة إيقاع العصر وتقنياته. قسمها الخاص بالتفصيل على المقاس يتيح للرجل الاختيار من بين عدد كبير من أنواع الأقمشة المترفة، بـ500 لون. وسواء كان المطلوب بدلة عمل أو سهرة، فإن كل التفاصيل تتم باليد. السترة وحدها تتطلب 150 خطوة و27 مرحلة باليد. فلسفة الدار تتمحور في مقولة مؤسسها بأن «بدلة من كورنيلياني تهدف أن تعكس تفرد كل رجل، لتحوله إلى أيقونة.. من الضروري أن تناسب بيئته وقيمه، تعانق قوته، تحتضن روحه، تعزز إيجابياته وتكشف عن شخصيته.. لتكون النتيجة بمثابة تحفة».
Corneliani، Via Montenapoleone 26، 20121 Milan، +39 02 7631 7955

3 - كيتون Kiton
من البدلات التي تضج بالأسلوب الإيطالي الراقي، إلى ربطات العنق والقمصان المفصلة على المقاس، تفخر هذه الدار بأصولها النابولية وتاريخها القائم على التفصيل. عندما أسسها سيرو باووني في عام 1968، اعترف قائلا إنه يقدر «الجمال وفي الوقت ذاته أنا مخلص للتقاليد»، لهذا وضع نصب عينه تقاليد نابولي لمخاطبة زبون يقدر المنتجات المترفة أيا كان ثمنها. وتجدر الإشارة هنا إلى أن نابولي، ومنذ القرن الثامن عشر، كانت منطقة جذب للطبقات المخملية من ألمانيا وبريطانيا التي كانت تأتي إليها للغرف من ثقافتها وفنونها، وتستغل وجودها فيها لتفصيل أزياء خاصة تليق بأجواء إيطاليا الدافئة. اليوم يمكن تمييز أزياء كيتون بسهولة، نظرا لخطوطها المحددة، أكثر من تلك التي تطرحها بريوني مثلا، والمنحوتة على جسم الرجل أكثر من تلك التي يطرحها جيورجيو أرماني. من المواصفات الأخرى التي تميزها قمصانها الناعمة التي يتطلب صنع كل واحد منها نحو 22 خطوة كذلك تبطين البدلات التي يغلب عليه الحرير بألوان متوهجة. وسواء تعلق الأمر بأزياء المرأة أو الرجل، فإن الأزرار دائما تتم باليد على يد حرفي مستعملا خيوطا من حرير الفارو. افتتحت الدار مؤخرا محلا في ميلانو لتلبي الطلبات المتزايدة عليها.
Kiton، Via Gesù 11، 20121 Milan، +39 02 7639 0240

4 - برادا Prada
ليس هناك دار أزياء تمثل ميلانو أكثر من هذه الدار. فهي أشهر من نار على علم، وأي شخص مواكب للموضة أو متطلع إليها، لا بد أنه وقع أسيرا لسحرها، حيث جمعت خبرة التفصيل مع القدرة على التسويق بشكل متوازن. يُذكر أن أول محل لها في ميلانو كان الوجهة المفضلة للعائلات الإيطالية العريقة، وبعدهم الطبقات الأرستقراطية الأوروبية، ومع الوقت أصبحت عروضها تضيف ثقلا ومصداقية لأسبوع ميلانو وتجذب إليه عشاق الموضة من كل حدب وصوب. عندما يتعلق بأزيائها الرجالية، فهي تبقى المفضلة لرجل يريد خزانة متكاملة تضمن له الأناقة. دخلت خدمة التفصيل على المقاس في عام 2003 في محلها الواقع بميلانو، لكنها سرعان ما وفرتها فيما لا يقل عن 40 محلا آخر في العالم، نظرا لحجم الطلب عليها. ولا يتعلق الأمر هنا بالبدلات والمعاطف فحسب، بل أيضا بالقمصان التي يمكن للزبون أن يختار من بين ست ياقات مختلفة وخمس حواشي أكمام وأزرار، بالإضافة إلى تفاصيل أخرى مثل الجيوب أو الطيات وما شابه ليضفي عليها الخصوصية المطلوبة.
Prada Uomo، Via Montenapoleone 6، 20121 Milan، +39 02 7602 0273

5 - إيرمنيغلدو زينيا Ermenegildo Zegna
عندما يتعلق ببدلة تتمتع بكل مواصفات الأناقة، فإن التصميم هو أول ما يتبادر إلى الذهن إضافة إلى نوعية الأقمشة. فالطريقة التي تنسدل بها هذه الأقمشة على الجسم وكيف تلفه، ومدى خفتها، عناصر مهمة تعرفها «زينيا» حق المعرفة، كون الأقمشة تدخل في صميم جيناتها وتاريخها عندما افتتحت أول معمل لغزل الصوف في عام 1910. اليوم تعرف الدار بتصاميمها الرشيقة، إلا أن الأقمشة لا تزال مكمن قوتها. أكبر مثال على هذا قماش تطلق عليه «تروفيو 600» يتميز بنعومة بالغة إلى حد أن كيلوغراما منه يتمدد ليصل إلى 200 كيلومتر، يتم مزجه بـ15 في المائة من الحرير لصنع بدلات جد متميزة ومنعشة للصيف. جدير بالذكر، أن «زينيا» لا تزال ملكا عائليا، يديرها الجيل الرابع، ورغم توسعها لمجالات كثيرة مواكبة لمتطلبات العصر، لا تزال تحافظ على نفس التقاليد التي بنيت عليه، على الأقل فيما يخص تفصيل البدلات على المقاس، والتي تتوفر في الكثير من محلاتها. أهم ما يميزها أنها محددة على الجسم بخطوط تستحضر الأسلوب النابولي التقليدي.
Ermenegildo Zegna Via Monte Napoleone، 27، 20121 Milan، Italy

6 - برلوتي Berluti
لم يستطع أغنى رجل في فرنسا، برنار أرنو، أن يقاوم سحرها، فضمها إلى «إل في إم إش» أكبر مجموعة للمنتجات المترفة، ومنح مفاتيحها لوريثه أنطوان أرنو ليسيرها ويشرف عليها بنفسه. بدأت كدار إيطالية متخصصة في صناعة وتفصيل الأحذية في عام 1895، وكان من أهم زبائنها، جون كوكتو، أندي وورهول، ودوق ويندسور وغيرهم. بعد أن تولى أليساندرو سارتوري، الذي كان يعمل مع «زي زينيا»، مهمته فيها كمدير فني في عام 2011، توسعت الدار إلى الأزياء الرجالية بحرفية تعطي الانطباع بأن تاريخها في هذا المجال يمتد إلى أبعد من هذا التاريخ، خصوصا بعد أن توجهت إلى التفصيل على المقاس، مستفيدة من اسمها الذي له رنة الذهب بالنسبة للبعض. يقول المصمم إن «النقلة التي قامت بها الدار للتفصيل على المقاس كانت طبيعية بحكم تاريخها الطويل في مجال الأحذية الخاصة. والنتيجة تكون دائما قطعة تثير الانتباه من الوهلة الأولى، يقدرها صاحبها أكثر لأنها تزيده أناقة تلفه من الأكتاف إلى الكاحل، وفي الوقت ذاته تتيح له حرية حركة أكبر». قد تكون برلوتي الدار الوحيدة لحد الآن التي تقدم هذه الخدمة من الرأس إلى الأقدام.
يوجد لها الآن محلات في الكثير من عواصم العالم، بما في ذلك ميلانو، كما تتوفر على موقع «مستر بورتر» Mr Porter.com
Berluti، Via Verri 5، 20121 Milan، +39 02 7602 8554



الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
TT

الأقمشة تبرز لاعباً أساسياً في أزياء المساء والسهرة هذا الموسم

الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)
الممثلة الأميركية أوبري بلازا في جاكيت توكسيدو وقبعة من المخمل تتدلى منها ستارة من التول (دولتشي أند غابانا)

في عالم الموضة هناك حقائق ثابتة، واحدة منها أن حلول عام جديد يتطلب أزياء تعكس الأمنيات والآمال وتحتضن الجديد، وهذا يعني التخلص من أي شيء قديم لم يعد له مكان في حياتك أو في خزانتك، واستبدال كل ما يعكس الرغبة في التغيير به، وترقب ما هو آتٍ بإيجابية وتفاؤل.

جولة سريعة في أسواق الموضة والمحال الكبيرة تؤكد أن المسألة ليست تجارية فحسب. هي أيضاً متنفس لامرأة تأمل أن تطوي صفحة عام لم يكن على هواها.

اقترح المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 قطعاً متنوعة كان فيها التول أساسياً (رامي علي)

بالنسبة للبعض الآخر، فإن هذه المناسبة فرصتهن للتخفف من بعض القيود وتبني أسلوب مختلف عما تعودن عليه. المتحفظة التي تخاف من لفت الانتباه –مثلاً- يمكن أن تُدخِل بعض الترتر وأحجار الكريستال أو الألوان المتوهجة على أزيائها أو إكسسواراتها، بينما تستكشف الجريئة جانبها الهادئ، حتى تخلق توازناً يشمل مظهرها الخارجي وحياتها في الوقت ذاته.

كل شيء جائز ومقبول. المهم بالنسبة لخبراء الموضة أن تختار قطعاً تتعدى المناسبة نفسها. ففي وقت يعاني فيه كثير من الناس من وطأة الغلاء المعيشي، فإن الأزياء التي تميل إلى الجرأة والحداثة اللافتة لا تدوم لأكثر من موسم. إن لم تُصب بالملل، يصعب تكرارها إلا إذا كانت صاحبتها تتقن فنون التنسيق. من هذا المنظور، يُفضَّل الاستثمار في تصاميم عصرية من دون مبالغات، حتى يبقى ثمنها فيها.

مع أن المخمل لا يحتاج إلى إضافات فإن إيلي صعب تفنن في تطريزه لخريف وشتاء 2024 (إيلي صعب)

المصممون وبيوت الأزياء يبدأون بمغازلتها بكل البهارات المغرية، منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الأول) تقريباً، تمهيداً لشهري نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول). فهم يعرفون أن قابليتها للتسوق تزيد في هذا التوقيت. ما يشفع لهم في سخائهم المبالغ فيه أحياناً، من ناحية الإغراق في كل ما يبرُق، أن اقتراحاتهم متنوعة وكثيرة، تتباين بين الفساتين المنسدلة أو الهندسية وبين القطع المنفصلة التي يمكن تنسيقها حسب الذوق الخاص، بما فيها التايورات المفصلة بسترات مستوحاة من التوكسيدو أو كنزات صوفية مطرزة.

بالنسبة للألوان، فإن الأسود يبقى سيد الألوان مهما تغيرت المواسم والفصول، يليه الأحمر العنابي، أحد أهم الألوان هذا الموسم، إضافة إلى ألوان المعادن، مثل الذهبي أو الفضي.

المخمل كان قوياً في عرض إيلي صعب لخريف وشتاء 2024... قدمه في فساتين وكابات للرجل والمرأة (إيلي صعب)

ضمن هذه الخلطة المثيرة من الألوان والتصاميم، تبرز الأقمشة عنصراً أساسياً. فكما الفصول والمناسبات تتغير، كذلك الأقمشة التي تتباين بين الصوف والجلد اللذين دخلا مناسبات السهرة والمساء، بعد أن خضعا لتقنيات متطورة جعلتهما بملمس الحرير وخفته، وبين أقمشة أخرى أكثر التصاقاً بالأفراح والاحتفالات المسائية تاريخياً، مثل التول والموسلين والحرير والمخمل والبروكار. التول والمخمل تحديداً يُسجِّلان في المواسم الأخيرة حضوراً لافتاً، سواء استُعمل كل واحد منهما وحده، أو مُزجا بعضهما ببعض. الفكرة هنا هي اللعب على السميك والشفاف، وإن أتقن المصممون فنون التمويه على شفافية التول، باستعماله في كشاكش كثيرة، أو كأرضية يطرزون عليها وروداً وفراشات.

التول:

التول كما ظهر في تشكيلة المصمم رامي علي لربيع وصيف 2025 (رامي علي)

لا يختلف اثنان على أنه من الأقمشة التي تصرخ بالأنوثة، والأكثر ارتباطاً بالأفراح والليالي الملاح. ظل طويلاً لصيقاً بفساتين الزفاف والطرحات وبأزياء راقصات الباليه، إلا أنه الآن يرتبط بكل ما هو رومانسي وأثيري.

شهد هذا القماش قوته في عروض الأزياء في عام 2018، على يد مصممين من أمثال: إيلي صعب، وجيامباتيستا فالي، وسيمون روشا، وهلم جرا، من أسماء بيوت الأزياء الكبيرة. لكن قبل هذا التاريخ، اكتسب التول شعبية لا يستهان بها في القرنين التاسع عشر والعشرين، لعدد من الأسباب مهَّدت اختراقه عالم الموضة المعاصرة، على رأسها ظهور النجمة الراحلة غرايس كيلي بفستان بتنورة مستديرة من التول، في فيلم «النافذة الخلفية» الصادر في عام 1954، شد الانتباه ونال الإعجاب. طبقاته المتعددة موَّهت على شفافيته وأخفت الكثير، وفي الوقت ذاته سلَّطت الضوء على نعومته وأنوثته.

التول حاضر دائماً في تشكيلات المصمم إيلي صعب خصوصاً في خط الـ«هوت كوتور» (إيلي صعب)

منذ ذلك الحين تفتحت عيون صناع الموضة عليه أكثر، لتزيد بعد صدور السلسلة التلفزيونية الناجحة «سيكس أند ذي سيتي» بعد ظهور «كاري برادشو»، الشخصية التي أدتها الممثلة سارة جيسيكا باركر، بتنورة بكشاكش وهي تتجول بها في شوارع نيويورك في عز النهار. كان هذا هو أول خروج مهم لها من المناسبات المسائية المهمة. كانت إطلالة مثيرة وأيقونية شجعت المصممين على إدخاله في تصاميمهم بجرأة أكبر. حتى المصمم جيامباتيستا فالي الذي يمكن وصفه بملك التول، أدخله في أزياء النهار في تشكيلته من خط الـ«هوت كوتور» لعام 2015.

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» استعملت فيها ماريا غراتزيا تشيوري التول كأرضية طرزتها بالورود (ديور)

ما حققه من نجاح جعل بقية المصممين يحذون حذوه، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة دار «ديور» التي ما إن دخلت الدار بوصفها أول مصممة من الجنس اللطيف في عام 2016، حتى بدأت تنثره يميناً وشمالاً. تارة في فساتين طويلة، وتارة في تنورات شفافة. استعملته بسخاء وهي ترفع شعار النسوية وليس الأنوثة. كان هدفها استقطاب جيل الشابات. منحتهن اقتراحات مبتكرة عن كيفية تنسيقه مع قطع «سبور» ونجحت فعلاً في استقطابهن.

المخمل

إطلالة من خط الـ«كروز» لدار «ديور» اجتمع فيها المخمل والتول معاً (ديور)

كما خرج التول من عباءة الأعراس والمناسبات الكبيرة، كذلك المخمل خرج عن طوع الطبقات المخملية إلى شوارع الموضة وزبائن من كل الفئات.

منذ فترة وهو يغازل الموضة العصرية. في العام الماضي، اقترحه كثير من المصممين في قطع خطفت الأضواء من أقمشة أخرى. بملمسه الناعم وانسداله وألوانه الغنية، أصبح خير رفيق للمرأة في الأوقات التي تحتاج فيها إلى الدفء والأناقة. فهو حتى الآن أفضل ما يناسب الأمسيات الشتوية في أوروبا وأميركا، وحالياً يناسب حتى منطقة الشرق الأوسط، لما اكتسبه من مرونة وخفة. أما من الناحية الجمالية، فهو يخلق تماوجاً وانعكاسات ضوئية رائعة مع كل حركة أو خطوة.

تشرح الدكتورة كيمبرلي كريسمان كامبل، وهي مؤرخة موضة، أنه «كان واحداً من أغلى الأنسجة تاريخياً، إلى حد أن قوانين صارمة نُصَّت لمنع الطبقات الوسطى والمتدنية من استعماله في القرون الوسطى». ظل لقرون حكراً على الطبقات المخملية والأثرياء، ولم يُتخفف من هذه القوانين إلا بعد الثورة الصناعية. ورغم ذلك بقي محافظاً على إيحاءاته النخبوية حتى السبعينات من القرن الماضي. كانت هذه هي الحقبة التي شهدت انتشاره بين الهيبيز والمغنين، ومنهم تسلل إلى ثقافة الشارع.

يأتي المخمل بألوان غنية تعكس الضوء وهذه واحدة من ميزاته الكثيرة (إيلي صعب)

أما نهضته الذهبية الأخيرة فيعيدها الخبراء إلى جائحة «كورونا»، وما ولَّدته من رغبة في كل ما يمنح الراحة. في عام 2020 تفوَّق بمرونته وما يمنحه من إحساس بالفخامة والأناقة على بقية الأنسجة، وكان الأكثر استعمالاً في الأزياء المنزلية التي يمكن استعمالها أيضاً في المشاوير العادية. الآن هو بخفة الريش، وأكثر نعومة وانسدالاً بفضل التقنيات الحديثة، وهو ما جعل كثيراً من المصممين يسهبون فيه في تشكيلاتهم لخريف وشتاء 2024، مثل إيلي صعب الذي طوعه في فساتين و«كابات» فخمة طرَّز بعضها لمزيد من الفخامة.

من اقتراحات «سكاباريللي» (سكاباريللي)

أما «بالمان» وبرابال غورانغ و«موغلر» و«سكاباريللي» وغيرهم كُثر، فبرهنوا على أن تنسيق جاكيت من المخمل مع بنطلون جينز وقميص من الحرير، يضخه بحداثة وديناميكية لا مثيل لها، وبان جاكيت، أو سترة مستوحاة من التوكسيدو، مع بنطلون كلاسيكي بسيط، يمكن أن ترتقي بالإطلالة تماماً وتنقلها إلى أي مناسبة مهمة. الشرط الوحيد أن يكون بنوعية جيدة حتى لا يسقط في خانة الابتذال.