المجلس المركزي الفلسطيني يركز في اجتماعه على {صفقة القرن}

«فتح» تقول إن مواجهتها تحتاج إلى أفعال

محتجون فلسطينيون يحاولون تسلق جدار من الأسلاك الشائكة شرق غزة الجمعة الماضية (إ ب أ)
محتجون فلسطينيون يحاولون تسلق جدار من الأسلاك الشائكة شرق غزة الجمعة الماضية (إ ب أ)
TT

المجلس المركزي الفلسطيني يركز في اجتماعه على {صفقة القرن}

محتجون فلسطينيون يحاولون تسلق جدار من الأسلاك الشائكة شرق غزة الجمعة الماضية (إ ب أ)
محتجون فلسطينيون يحاولون تسلق جدار من الأسلاك الشائكة شرق غزة الجمعة الماضية (إ ب أ)

قال رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، إنه بدء بتوجيه الدعوات لكافة أعضاء المجلس المركزي، لعقد المجلس منتصف الشهر المقبل، بناء على طلب من الرئيس محمود عباس.
وأشار الزعنون إلى أهمية مشاركة كافة الفصائل المنضوية تحت لواء منظمة التحرير، لحضور الدورة المقبلة للمجلس. ولفت رئيس المجلس الوطني إلى أن النِّقاش جارٍ مع اللجنة التنفيذية حول بنود جدول الأعمال.
ويفترض أن يناقش «المركزي» قرارات سابقة لم ينفذ منها شيء. وكان «المركزي» قد اتخذ قرارات بإلغاء الاتفاقات مع إسرائيل والانفكاك من العلاقة معها؛ لكن قراراته التي رحلت من «الوطني» إليه ثم إلى «التنفيذية»، لم تر النور بسبب التعقيدات التي ترافقها.
وقال أحد أعضاء المجلس مفضلاً عدم ذكر اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن الأعضاء سيضغطون هذه المرة من أجل قرارات واضحة، وليست توصيات لا تطبق. وأضاف، أن «قرارات (المركزي) ملزمة؛ لكنها لا تطبق لأسباب معروفة، وهذا ما سنبحثه هذه المرة».
وتطبيق قرارات «المركزي» هي بيد الرئيس محمود عباس الذي شكل لجنة من أجل دراسة كيفية التنفيذ؛ لكنه يتأنى بسبب الردود المحتملة على أي خطوة. ويخشى الفلسطينيون من ردود إسرائيلية قد تؤدي إلى انهيار السلطة كلياً، إذا أقدمت على قرارات مثل سحب الاعتراف بإسرائيل أو إلغاء الاتفاقات السياسية والأمنية معها، أو إعلان دولة فلسطينية تحت الاحتلال.
وتتخذ الجلسة هذه المرة أهمية بسبب أنها تستبق إعلان «صفقة القرن» المرتقبة. وقال عضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» جمال محيسن، إن الظرف الذي سينعقد فيه المجلس المركزي صعب جداً، في ظل إعلان ترمب عما يسمى «صفقة القرن»، مشيراً إلى أن الدورة المقبلة ستناقش ما نفذ من قرارات المجلسين الوطني والمركزي السابقة، ووضع آليات لتنفيذها.
وشدد محيسن على أن القضية الفلسطينية تتعرض لمخاطر استراتيجية تتطلب من الجميع الوقوف عند مسؤولياته، والارتقاء لمتطلبات المرحلة، من أجل التصدي لهذا المشروع الذي يهدد مستقبل القضية. وأكد أنه ليس مع بدء حوار جديد مع أي فصيل من الفصائل للتشاور بشأن الانضمام لجلسات المجلس المركزي، وذلك لخطورة المرحلة، داعياً الجميع لطرح آرائه في الاجتماع المقبل بما يصب لمصلحة أبناء شعبنا. وسيركز «المركزي» كما يبدو على «صفقة القرن».
وقال عضو اللجنة التنفيذية واصل أبو يوسف، إن جدول أعمال دورة المجلس المركزي المقبلة ستبحث مجموعة من القضايا المهمة، تتعلق بكيفية بلورة موقف عربي إسلامي ودولي، داعم لإجهاض ما تسمى «صفقة القرن» ما يتطلب وضع آليات عملية لمواجهتها.
وأضاف أبو يوسف في حديث لإذاعة «صوت فلسطين» الرسمية، أن المجلس المركزي سيناقش تحديد العلاقة مع إسرائيل، وفق قرارات المجلسين المركزي والوطني السابقة؛ خصوصاً في ظل المخططات الأميركية والإسرائيلية لإضفاء الشرعية على الكتل الاستيطانية في الضفة، والحيلولة دون إقامة دولة فسطينية مستقلة.
وأشار أبو يوسف إلى أن ترتيب الوضع الفلسطيني الداخلي من أبرز الملفات التي سيناقشها المركزي، مؤكداً على أن المدخل الرئيسي لذلك هو بتحقيق المصالحة الوطنية عبر تنفيذ الاتفاقات الموقعة، وليس عبر الأموال التي تدخل إلى غزة ولا التهدئة مقابل تهدئة.
وطالبت حركة «فتح» أمس بأفعال حقيقية من أجل التصدي لـ«صفقة القرن». وقال عضو المجلس الثوري والمتحدث باسم حركة «فتح» أسامه القواسمي، إن «التصدي لصفقة العار وإنجاز الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، بحاجة إلى أفعال حقيقية على الأرض، لا أقوال وبيانات مخالفة لما يجري على الأرض. وإن الوضع خطير للغاية، وهو بحاجة لرص الصفوف وتغليب مصلحة الوطن على المصلحة الحزبية، والارتقاء إلى مستوى الخطر الداهم لقضيتنا وشعبنا وقدسنا، وإن مجابهة صفقة العار الصهيو - أميركية تكون فقط من خلال الرفض الحقيقي والفعلي لكافة مشروعات روابط القرى الإسرائيلية المشبوهة، التي تسعى لتكريس الانقسام وفصل قطاع غزة عن الوطن».
وقال القواسمي: «إن إنهاء الانقسام على قاعدة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة وإجراء الانتخابات البرلمانية، واعتبار منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا، والرفض الفعلي للفخ الإسرائيلي حول التهدئة طويلة الأمد، مقابل مساعدات إنسانية في غزة، هو الرد الرافض الفعلي والحقيقي لصفقة العار». وحول موقف حركة «فتح» الرافض للجلوس مع «حماس» و«الجهاد»، قال القواسمي إن «الوقت الآن للتنفيذ وإنهاء الانقسام وليس للحوار والمفاوضات، وإنه لا يوجد شيء لم نتحاور ونتفق عليه مع (حماس) خلال 12 عاماً، تم تلخيصها مؤخراً بما سميناه (اتفاق القاهرة) أكتوبر (تشرين الأول) 2017، وإن الذهاب لمفاوضات وحوارات جديدة هو خداع لأنفسنا وشعبنا».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».