«الحرس الثوري» يلوح بإغلاق مضيق هرمز

«الخارجية» الإيرانية تتوقع زيادة التبعات السلبية للعقوبات بعد إنهاء الإعفاءات

عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني يقودون زورقاً أمام ناقلة نفط قبالة ميناء بندر عباس في الخليج العربي - أرشيفية (أ.ف.ب)
عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني يقودون زورقاً أمام ناقلة نفط قبالة ميناء بندر عباس في الخليج العربي - أرشيفية (أ.ف.ب)
TT

«الحرس الثوري» يلوح بإغلاق مضيق هرمز

عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني يقودون زورقاً أمام ناقلة نفط قبالة ميناء بندر عباس في الخليج العربي - أرشيفية (أ.ف.ب)
عناصر من «الحرس الثوري» الإيراني يقودون زورقاً أمام ناقلة نفط قبالة ميناء بندر عباس في الخليج العربي - أرشيفية (أ.ف.ب)

لوّح «الحرس الثوري» الإيراني مرة أخرى، أمس، بخيار إغلاق مضيق هرمز إذا ما مُنعت طهران من استخدامه، فيما توقعت وزارة الخارجية الإيرانية في أول تعليق على إعلان واشنطن قرار إنهاء الإعفاءات النفطية، زيادة التبعات «السلبية» للعقوبات الأميركية التي بدأت في أغسطس (آب) الماضي، مشددة على أنها تكثف اتصالات ومشاورات مع شركات أوروبية ودولية وإقليمية وأجهزة داخلية إيرانية.
وعلق قائد القوات البحرية التابعة لـ«الحرس الثوري» علي رضا تنغسيري قبل ساعات من بيان البيت الأبيض، على تسريبات وسائل الإعلام بشأن توجه إدارة ترمب لإنهاء العقوبات في إطار تنفيذ خطة «تصفير صادرات النفط الإيرانية». ورغم التراجع الملحوظ في نبرة تنغسيري مقارنة بقادة آخرين من «الحرس الثوري» هددوا سابقاً بإغلاق مضيق هرمز، فإنه قال إن «مضيق هرمز ممر بحري وفقاً للقوانين الدولية، وسنغلقه في حال منعنا من استخدامه» وذلك في إشارة إلى خطة الإدارة الأميركية منع صادرات النفط الإيرانية.
وهذه ليست المرة الأولى التي تهدد فيها إيران بإغلاق مضيق هرمز. ولجأت سابقاً لمثل هذا التهديد عندما واجهت عقوبات دولية ووضعها مجلس الأمن الدولي تحت الفصل السابع. ولكن التهديدات عادت مرة أخرى بعدما وردت على شكل تلميحات على لسان الرئيس الإيراني حسن روحاني بعد شهرين من انسحاب دونالد ترمب من الاتفاق النووي في مايو (أيار) الماضي. وقال في زيارته إلى النمسا بداية يوليو (تموز) الماضي إن «أي دولة لن تتمكن من تصدير النفط من الخليج إذا لم تصدر إيران نفطها».
في يوليو الماضي قال روحاني مخاطباً ترمب: «لقد ضمنّا دائماً أمن هذا المضيق، فلا تلعب بالنار لأنك ستندم». وأضاف: «السلام مع إيران سيكون أُمّ كل سلام، والحرب مع إيران ستكون أم كل المعارك».
وقال المرشد الإيراني علي خامنئي في التوقيت نفسه إن تهديدات روحاني بإغلاق الممر الدولي إذا ما منع تصدير النفط الإيراني «تعبر عن سياسة ونهج النظام».
وشكلت تهديدات روحاني منعطفاً في عودة الهدوء إلى العلاقات المتوترة مع قادة «الحرس»، عقب انتقادات لاذعة وجهها لاختبارات الصواريخ الباليستية في الأشهر الأولى من تنفيذ الاتفاق لنووي. وقال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس» في رسالة لروحاني: «أقبل يديك».
وأتت خطوة ترمب بإنهاء الإعفاءات في حين تشهد طهران هزات ارتدادية لقرار تصنيف «الحرس الثوري» إرهابياً، ورداً مماثلاً من طهران بتنصيف «قوات القيادة المركزية» على قائمة الإرهاب، مما ينذر باحتمال مواجهة عسكرية في الخليج.
وفي اليوم السابع من تصنيف «الحرس» منظمة إرهابية، قرر المرشد علي خامنئي إنهاء خدمات قائد «الحرس الثوري» محمد علي جعفري ونقل شارة القيادة لنائبه حسين سلامي المعروف بمواقفه المتشددة في الدفاع عن سياسات «الحرس الثوري» الإقليمية وتطوير برنامج الصواريخ.
ونفى تنغسيري، أمس، أن يكون تغيير قائد «الحرس الثوري» على صلة بتصنيف الجهاز العسكري الإيراني على قائمة الإرهاب في الولايات المتحدة.
على خلاف ذلك، قال المتحدث باسم قيادة الأركان المسلحة الإيرانية أبو الفضل شكارجي، أمس، إن قرار تعيين حسين سلامي «رد حازم على الأعداء» و«صفعة للقوات الأميركية».
ونشر موقع المرشد الإيراني أمس صور تقليد سلامي رتبة اللواء من قبل خامنئي أول من أمس.
ورفضت الخارجية الإيرانية، أمس، قرار الرئيس الأميركي إنهاء الإعفاءات النفطية، مشددة على أنها ستواصل الاتصالات بكل الأجهزة الإيرانية وشركات أجنبية؛ أوروبية ودولية وإقليمية، لبحث الإجراءات الأميركية.
ولفت المتحدث باسم الخارجية إلى أن «الوزارة ستنقل نتائج الاتصالات والمشاورات الداخلية والخارجية لأجهزة صنع القرار»، مضيفاً: «سيتخذ القرار المطلوب في هذا الخصوص قريباً».
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية عن الخارجية الإيرانية بأن «إيران لم تعلق ولن تعلق أي أهمية على الإعفاءات المرتبطة بالعقوبات المزعومة، ولا تعدّ أنها تتمتع بأي صدقية».
وبدءاً من مطلع مايو المقبل، ستواجه هذه الدول؛ الصين والهند وكوريا الجنوبية وتركيا واليابان وتايوان وإيطاليا واليونان، عقوبات أميركية إذا استمرت في شراء النفط الإيراني.
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعادت واشنطن فرض عقوبات اقتصادية شديدة على طهران وعلى كل الدول التي لا تلتزم بها، بعد انسحابها من الاتفاق الدولي حول البرنامج النووي الإيراني الذي وقع في 2015.
ومن الدول التي ستتأثر بالقرار الأميركي أكثر من غيرها الصين وتركيا. أما البلدان الأخرى؛ اليونان وإيطاليا واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان، فقد خفضت بالفعل مشترياتها من إيران بشكل كبير.



تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
TT

تصريحات ميتسوتاكيس تُعيد إشعال التوتر بين أثينا وأنقرة بعد أشهر من الهدوء

إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)
إردوغان مستقبلاً ميتسوتاكيس خلال زيارته لأنقرة في مايو الماضي (الرئاسة التركية)

أشعل رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس توتراً جديداً مع تركيا، بعد أشهر من الهدوء تخللتها اجتماعات وزيارات متبادلة على مستويات رفيعة للبناء على الأجندة الإيجابية للحوار بين البلدين الجارين.

وأطلق ميتسوتاكيس، بشكل مفاجئ، تهديداً بالتدخل العسكري ضد تركيا في ظل عدم وجود إمكانية للتوصل إلى حل بشأن قضايا المنطقة الاقتصادية الخالصة والجرف القاري.

تلويح بالحرب

نقلت وسائل إعلام تركية، السبت، عن ميتسوتاكيس قوله، خلال مؤتمر حول السياسة الخارجية عُقد في أثينا، إن «الجيش يمكن أن يتدخل مرة أخرى إذا لزم الأمر». وأضاف: «إذا لزم الأمر، فسيقوم جيشنا بتنشيط المنطقة الاقتصادية الخالصة. لقد شهدت أوقاتاً تدخّل فيها جيشنا في الماضي، وسنفعل ذلك مرة أخرى إذا لزم الأمر، لكنني آمل ألا يكون ذلك ضرورياً».

رئيس الوزراء اليوناني ميتسوتاكيس (رويترز - أرشيفية)

ولفت رئيس الوزراء اليوناني إلى أنه يدرك أن وجهات نظر تركيا بشأن «الوطن الأزرق» (سيطرة تركيا على البحار التي تطل عليها) لم تتغير، وأن اليونان تحافظ على موقفها في هذه العملية. وقال ميتسوتاكيس: «في السنوات الأخيرة، زادت تركيا من نفوذها في شرق البحر المتوسط. قضية الخلاف الوحيدة بالنسبة لنا هي الجرف القاري في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط. إنها مسألة تعيين حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة، وعلينا أن نحمي جرفنا القاري».

من ناحية أخرى، قال ميتسوتاكيس إن «هدفنا الوحيد هو إقامة دولة موحّدة في قبرص... قبرص موحّدة ذات منطقتين ومجتمعين (تركي ويوناني)، حيث لن تكون هناك جيوش احتلال (الجنود الأتراك في شمال قبرص)، ولن يكون هناك ضامنون عفا عليهم الزمن (الضمانة التركية)».

ولم يصدر عن تركيا رد على تصريحات ميتسوتاكيس حتى الآن.

خلافات مزمنة

تسود خلافات مزمنة بين البلدين الجارين العضوين في حلف شمال الأطلسي (ناتو) حول الجرف القاري، وتقسيم الموارد في شرق البحر المتوسط، فضلاً عن النزاعات حول جزر بحر إيجه.

وتسعى اليونان إلى توسيع مياهها الإقليمية إلى ما هو أبعد من 6 أميال، والوصول إلى 12 ميلاً، استناداً إلى «اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار» لعام 1982 التي ليست تركيا طرفاً فيها.

وهدّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان من قبل، مراراً، بالرد العسكري على اليونان إذا لم توقف «انتهاكاتها للمياه الإقليمية التركية»، وتسليح الجزر في بحر إيجه. وأجرت تركيا عمليات تنقيب عن النفط والغاز في شرق البحر المتوسط في عام 2020 تسبّبت في توتر شديد مع اليونان وقبرص، واستدعت تحذيراً وعقوبات رمزية من الاتحاد الأوروبي، قبل أن تتراجع تركيا وتسحب سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» في صيف العام ذاته.

سفن حربية تركية رافقت سفينة التنقيب «أوروتش رئيس» خلال مهمتها في شرق المتوسط في 2020 (الدفاع التركية)

وتدخل حلف «الناتو» في الأزمة، واحتضن اجتماعات لبناء الثقة بين البلدين العضوين.

أجندة إيجابية وحوار

جاءت تصريحات رئيس الوزراء اليوناني، بعد أيام قليلة من تأكيد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في كلمة له خلال مناقشة البرلمان، الثلاثاء، موازنة الوزارة لعام 2025، أن تركيا ستواصل العمل مع اليونان في ضوء الأجندة الإيجابية للحوار.

وقال فيدان إننا «نواصل مبادراتنا لحماية حقوق الأقلية التركية في تراقيا الغربية، ونحمي بحزم حقوقنا ومصالحنا في بحر إيجه وشرق البحر المتوسط، ​​سواء على الأرض أو في المفاوضات».

وعُقدت جولة جديدة من اجتماعات الحوار السياسي بين تركيا واليونان، في أثينا الأسبوع الماضي، برئاسة نائب وزير الخارجية لشؤون الاتحاد الأوروبي، محمد كمال بوزاي، ونظيرته اليونانية ألكسندرا بابادوبولو.

جولة من اجتماعات الحوار السياسي التركي - اليوناني في أثينا الأسبوع الماضي (الخارجية التركية)

وذكر بيان مشترك، صدر في ختام الاجتماع، أن الجانبين ناقشا مختلف جوانب العلاقات الثنائية، وقاما بتقييم التطورات والتوقعات الحالية؛ استعداداً للدورة السادسة لمجلس التعاون رفيع المستوى، التي ستُعقد في تركيا العام المقبل.

ولفت البيان إلى مناقشة قضايا إقليمية أيضاً خلال الاجتماع في إطار العلاقات التركية - الأوروبية والتطورات الأخيرة بالمنطقة.

وجاء الاجتماع بعد زيارة قام بها فيدان إلى أثينا في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أكد البلدان خلالها الاستمرار في تعزيز الحوار حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.

لا أرضية للتوافق

وقال ميتسوتاكيس، في مؤتمر صحافي عقده بعد القمة غير الرسمية للاتحاد الأوروبي في بودابست في 9 نوفمبر، إن الحفاظ على الاستقرار في العلاقات بين بلاده وتركيا سيكون في مصلحة شعبيهما.

وأشار إلى اجتماع غير رسمي عقده مع إردوغان في بودابست، مؤكداً أن هدف «التطبيع» يجب أن يكون الأساس في العلاقات بين البلدين، وتطرق كذلك إلى المحادثات بين وزيري خارجية تركيا واليونان، هاكان فيدان وجيورجوس جيرابيتريتيس، في أثنيا، قائلاً إنه جرى في أجواء إيجابية، لكنه لفت إلى عدم توفر «أرضية للتوافق بشأن القضايا الأساسية» بين البلدين.

وزير الخارجية اليوناني يصافح نظيره التركي في أثينا خلال نوفمبر الماضي (رويترز)

وسبق أن التقى إردوغان ميتسوتاكيس، في نيويورك على هامش مشاركتهما في أعمال الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر (أيلول) الماضي، وأكد أن تركيا واليونان يمكنهما اتخاذ خطوات حازمة نحو المستقبل على أساس حسن الجوار.

وزار ميتسوتاكيس تركيا، في مايو (أيار) الماضي، بعد 5 أشهر من زيارة إردوغان لأثينا في 7 ديسمبر (كانون الأول) 2023 التي شهدت عودة انعقاد مجلس التعاون الاستراتيجي بين البلدين، بعدما أعلن إردوغان قبلها بأشهر إلغاء المجلس، مهدداً بالتدخل العسكري ضد اليونان بسبب تسليحها جزراً في بحر إيجه.