اعتقال أشهر رجال الأعمال المرتبطين بحكم بوتفليقة بتهم فساد

غالبية الأحزاب قاطعت مشاورات الرئاسة تمهيداً للانتخابات المقبلة

TT

اعتقال أشهر رجال الأعمال المرتبطين بحكم بوتفليقة بتهم فساد

بينما قال قضاة جزائريون لـ«الشرق الأوسط» إن المحاكم المدنية والعسكرية «مقبلة على معالجة أكبر فضائح فساد في الـ20 سنة الماضية»، تورط فيها رجال أعمال وجنرالات، كان لهم نفوذ كبير، حسبهم، خلال فترة حكم الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، جرى أمس اعتقال: «الإخوة كونيناف»، ملاك أكبر مجموعة للمقاولات، ويسعد ربراب أشهر مليارديرات الجزائر، في قضايا فساد أيضا.
وبث التلفزيون الحكومي أمس في نشرة أخبار منتصف النهار، أن «فصيلة التحريات التابعة للدرك الوطني بالجزائر العاصمة اعتقلت الرئيس المدير العام لمجمع سيفيتال (للصناعات الغذائية) أسعد ربراب، ورجال الأعمال الأشقاء كونيناف، وذلك للاشتباه في تورطهم في قضايا فساد».
وأفاد التلفزيون الحكومي بأن ربراب «محل شبهة تصريح كاذب، يتعلق بحركة رؤوس الأموال من وإلى الخارج، وتضخيم فواتير مرتبطة باستيراد تجهيزات، واستيراد عتاد مستعمل، رغم الاستفادة من الامتيازات الجمركية الجبائية والمصرفية. وسيتم تقديم المشتبه به أمام وكيل الجمهورية (ممثل النيابة) لدى محكمة سيدي امحمد بالعاصمة، فور الانتهاء من التحقيق».
وعرف ربراب بمعارضته لبوتفليقة. لكن ثروته زادت بشكل لافت خلال فترة حكمه، وذلك بفضل قروض حصل عليها من مصارف حكومية.
وأضاف التلفزيون الرسمي، الذي لا «يغامر» أبدأ بنشر مثل هذه الأخبار، من دون «أوامر فوقية» حسب مراقبين، أن قسم التحقيقات بالدرك اعتقل أيضا أربعة من الإخوة كونيناف، وعلى رأسهم رضا مسير المجموعة الاقتصادية التي تملكها العائلة، وذلك بشبهة «إبرام صفقات عمومية مع الدولة، دون الوفاء بالتزاماتهم التعاقدية، وكذا استغلال نفوذ الموظفين العموميين، للحصول على مزايا غير مستحقة». وأوضح التلفزيون أنه «سيتم تقديمهم أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد فور الانتهاء من التحقيق». مؤكدا في ذات السياق أن «فصيلة التحريات للدرك الوطني تواصل تحقيقاتها الابتدائية ضد الكثير من رجال الأعمال، منهم من اتخذ القضاء بحقهم إجراءات المنع من مغادرة التراب الوطني». كما «سلمت استدعاءات إلى رئيس الوزراء السابق أحمد أويحيى، ووزير المالية محمد لوكال للمثول أمام وكيل الجمهورية لدى محكمة سيدي امحمد في قضية تتعلق بشبهة تبديد المال العام، وتقديم امتيازات غير مشروعة».
وذكر قاض برتبة مستشار، يشغل منصبا قياديا بـ«نادي قضاة الجزائر» (تنظيم نقابي حديث النشأة)، أن المحاكم «تلقت تعليمات صارمة من قيادة المؤسسة العسكرية لمتابعة أي شخص، مهما علا شأنه في الدولة، في حال وجود شبهة فساد ضده. وبلغني أن عائلة الرئيس السابق، وخاصة شقيقه (سعيد بوتفليقة) محل تحقيق في قضايا فساد واستغلال النفوذ، وأرجح اتهامه عن قريب».
لكن البرلماني محسن بلعباس، ورئيس حزب «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، ألقى شكوكا حول مصداقية التحقيقات بخصوص هؤلاء الأشخاص، وقال إن التحري حول الفساد المتفشي منذ عشرين سنة «يتطلب أن يستدعي القضاة كل المسؤولين، بداية من عبد العزيز بوتفليقة ومحمد مدين (مدير المخابرات سابقا) المدعو توفيق، وإلا ففي الأمر إن».
في ظل هذه الأجواء، باتت أوساط سياسية وإعلامية تبدي مخاوف من احتمال إطلاق حملة قضائية ضد كل من تقرب من بوتفليقة، وذلك «لإعطاء الانطباع بأن السلطة الحالية، مجسدة في قيادة الجيش، تسعى إلى تحقيق مطالب الشعب، المتمثلة في طي صفحة النظام السابق نهائيا».
في سياق متصل، ذكرت محكمة الاستئناف العسكرية بالبليدة (50 كلم جنوب العاصمة)، أمس، أن قاضي التحقيق العسكري أصدر أوامر بحبس اللواء باي سعيد، القائد السابق للناحية العسكرية الثانية (غرب)، واعتقال اللواء شنتوف حبيب، القائد السابق للناحية العسكرية الأولى (وسط)، بناء على تهمة «التلاعب بأسلحة وذخيرة حربية، ومنحها لأشخاص غير مؤهلين، ومخالفة التعليمات العامة العسكرية».
وقال مصدر قضائي لـ«الشرق الأوسط» إن رجل الأعمال المسجون علي حداد، المعروف بقربه من «جماعة الرئيس السابق»، حصل على سلاح كلاشنيكوف من أحد اللواءين. وقد ضبط السلاح بحوزته عندما اعتقل قبل 20 يوما بالحدود الجزائرية التونسية. وقد تعرض شنتوف وباي في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للسجن. لكن أفرج عنهما مع ضباط كبار في قضية غامضة، وهم اللواء مناد نوبة، القائد السابق للدرك الوطني، واللواء عبد الرزاق شريف قائد الناحية العسكرية الرابعة (جنوب)، والمدير السابق للمصالح المالية بوزارة الدفاع اللواء بوجمعة بودواور. زيادة على ضابط في جهاز الشرطة بولاية وهران بغرب البلاد. وأشيع أن رئيس أركان الجيش الفريق قايد صالح، هو من أمر بسجنهم.
وقالت تقارير صحافية إن هؤلاء المسؤولين العسكريين، وضابط الشرطة، توبعوا بشبهة «استغلال الوظيفة والمنصب لتسهيل عمليات عقارية ضخمة»، لفائدة مستورد لحوم حمراء محبوس بتهم المتاجرة بالمخدرات الصلبة، يسمى كمال شيخي.
في غضون ذلك، قاطعت غالبية الأحزاب السياسية، أمس، جلسة مشاورات دعا إليها الرئيس الانتقالي عبد القادر بن صالح لتأسيس هيئة تنظيم الانتخابات الرئاسية المقررة في الرابع من يوليو (تموز) المقبل لاختيار خليفة عبد العزيز بوتفليقة. لكن لم يحضر رئيس الدولة افتتاح الجلسة كما كان مقررا، واكتفى بإرسال الأمين العام للرئاسة حبة العقبي، الذي قلل من أثر غياب المدعوين، بما أن «التشاور سيستمر مع الفاعلين السياسيين وخبراء القانون الدستوري ليس ليوم واحد فقط. هذه إرادة الدولة»
ورفض المتظاهرون تنظيم الانتخابات في الموعد، الذي حدده رئيس الدولة، وطالبوا برحيل كل رموز «النظام»، وأولهم بن صالح نفسه ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. وبالنسبة للعقبي، فإن الانتخابات ستجري في «الموعد الذي أعلنه رئيس الدولة، وهو أمر فرضه الدستور»، الذي يحدد مهلة تنظيم الانتخابات بتسعين يوما من تاريخ تولي الرئيس الانتقالي السلطة، بعد استقالة بوتفليقة في الثاني من أبريل (نيسان) الجاري تحت ضغوط الشارع والجيش.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.