المغرب: مسيرات حاشدة لأساتذة التعاقد عشية جولة الحوار الثانية

الوضع مرشح لمزيد من التصعيد في الأيام المقبلة

TT

المغرب: مسيرات حاشدة لأساتذة التعاقد عشية جولة الحوار الثانية

نظمت التنسيقية الوطنية للأساتذة المتعاقدين المغاربة، أمس، مسيرة احتجاجية حاشدة في العاصمة الرباط، عشية بدء الحوار المرتقب اليوم بين وزارة التربية والأساتذة المتعاقدين، هو الثاني من نوعه، والذي يرتقب أن يكون حاسماً في تحديد مستقبل الملف والإضراب الذي دخل أسبوعه الثامن على التوالي.
وشكلت المسيرة، التي شارك فيها الآلاف من الأساتذة المتعاقدين، الذين قاموا بإنزال وطني في الرباط يمتد لثلاثة أيام، وسيلة للضغط على الحكومة ووزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي من أجل إسقاط نظام التعاقد، وإدماجهم في سلك الوظيفة العمومية.
وقال ربيع الكرعي، منسق جهة الدار البيضاء للأساتذة المتعاقدين، إن تنظيم المسيرة الاحتجاجية «يأتي انسجاما مع بيان 10 مارس (آذار)، الداعي إلى توحيد الأشكال النضالية مع باقي الشغيلة التعليمية بشأن ملفاتها العالقة»، في إشارة إلى مشاركة أساتذة ما يعرف بـ«الزنزانة 9» (سلم 9)، و«حاملو الشهادات»، الذين يطالبون هم الآخرين بحقهم في الترقية.
وأضاف الكرعي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوة التصعيدية تأتي ردا على ما اعتبره «مخالفة وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، سعيد أمزازي لمخرجات حوار 13 أبريل (نيسان)»، واتهم الوزارة بأنها «لم تلتزم بأي بند من بنود الاتفاق».
وأوضح الكرعي أن الخرجة الإعلامية لوزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، التي حدد فيه سقفا للحوار، «غير مسؤولة»، وقال إنه «لا يمكن الحديث عن الإدماج في جلسة الحوار، في الوقت الذي أكدت لجنة الحوار على أن الملف سيناقش في شموليته».
وبشأن الحوار المرتقب مع الوزارة اليوم، قال القيادي في تنسيقية الأساتذة المتعاقدين، إنه «ما زال قائما، ونتمنى أن تفي الوزارة بوعودها وأن تكون جادة ومسؤولة»، مطالبا الوزير بأن يكون «جادا ومسؤولا، ويحضر جلسة الحوار، ويدع عنه الأنشطة الجانبية، لأن هذا ملف ثقيل في البلاد»، في إشارة إلى رفض التنسيقية لغياب الوزير عن الجلسة السابقة للحوار.
وردا على سؤال حول ما إذا كانت التنسيقية ستبدي نوعا من المرونة بخصوص التفاوض حول مطلب الإدماج، قال الكرعي: «لا مرونة لنا، ومطلب الإدماج في الوظيفة العمومية لا بديل عنه، وإن لم يكن الإدماج فالشارع بيننا»، وذلك في رسالة تصعيد واضحة تدفع بالملف نحو مزيد من التصعيد، في ظل تمسك الحكومة بخيار التوظيف الجهوي، الذي تعتبره خيارا استراتيجيا لا رجعة فيه.
وكان مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، قد قال: «إن الوزارة الوصية هي المسؤولة عن تدبير ملف الأساتذة، ولم يحل على أي قطاع حكومي آخر، خلافاً لما أثير في بعض المواقع الإلكترونية»، وذلك في نفي واضح لما أثير بشأن تولي وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت تدبير ملف الأساتذة المتعاقدين.
وسجل الخلفي في اللقاء الصحافي الأسبوعي لمجلس الحكومة أن هذه الأخيرة تتطلع لحوار الثلاثاء (اليوم)، بين ممثلي الأساتذة المضربين والوزارة، «لإنهاء هذا المشكل، وضمان الاستقرار المهني والوظيفي للأساتذة، ومراعاة مصلحة التلاميذ».
في غضون ذلك، بدأت النقابات التعليمية الخمس أمس أسبوع الإضراب الوطني، الذي جاء مصحوباً باعتصام ممركز لمطالبة الحكومة بحل «المشكلات التعليمية المشتركة والفئوية المطروحة منذ سنوات، وذلك في إطار حوار تفاوضي حقيقي، يفضي إلى نتائج ملموسة، ويرفع الحيف عن مختلف فئات الشغيلة التعليمية».



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».