من الواضح أن المنافسة على لقب أفضل لاعب في الدوري الإنجليزي خلال العام ستنحصر بين رحيم سترلينغ وفيرجيل فان دايك، وهما بالفعل على رأس أفضل لاعبي هذا الموسم، لكن الكوري الجنوبي سون هيونغ - مين نجم فريق توتنهام هوتسبير ربما هو اللاعب الذي لم ينل حقه من التقدير بعد.
خلال الفترة الأخيرة، عايش نادي توتنهام هوتسبير أسابيع قليلة لا تنسى. وتبدو الصور المنشورة لملعبه الجديد رائعة، كما جاء رد فعل الجماهير تجاه الاستاد الجديد إيجابياً للغاية. خاض الفريق مباراتين على أرض الاستاد الجديد، فاز فيهما في الوقت الذي لم تخترق شباكه أي أهداف. إضافة لذلك، تمكن توتنهام هوتسبير من الفوز على مانشستر سيتي في دور ربع النهائي ببطولة دوري أبطال أوروبا، مع إحراز سون هيونغ - مين هدفاً حيوياً جديداً.
لقد اعتادنا في مثل هذا الوقت من العام أن يبدأ الحديث عن المرشحين لجائزة أفضل لاعب خلال الموسم، ويبدو أن هناك إجماعاً حول أن الاختيار النهائي سينحصر بين رحيم سترلينغ وفيرجيل فان دايك. وبالتأكيد هذين اللاعبين هما بين أبرز ثلاثة اختيارات من وجهة نظرنا للفوز بالجائزة، إذا أضيف إليهما سون، فهو لاعب رائع يتميز بقدر هائل من التناغم والاتساق في أدائه، ويبدو أنه يتألق على نحو خاص عندما تزداد حدة الضغوط عليه.
والملاحظ أنه عندما خرج هاري كين من الملعب أثناء مواجهة توتنهام هوتسبير أمام مانشستر سيتي في ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال، تحرك مستوى أداء سون نحو الارتفاع، كما لو أنه شعر بحافز بفضل العبء الأكبر الذي أصبح على عاتقه مع خروج هداف توتنهام الأول. بوجه عام، يمكن القول إن سون لاعب استثنائي، من حيث قدراته الفنية وصلابته الذهنية. علاوة على ذلك، يجيد الكوري الحديث بعدة لغات، ويملك ابتسامة رائعة ويسجل أهدافاً ساحرة ويعمل بدأب شديد وبمقدوره التعامل مع أي قدر من الضغوط. باختصار، يمكن القول إن سون يحمل بداخله بعض سمات البطل الخارق.
اليوم، يحتاج توتنهام هوتسبير إليه أكثر من أي وقت مضى، في ظل احتمالات غياب كين ربما لباقي الموسم بسبب إصابته في الكاحل. ولا يعد هذا بالأمر الجديد بالنسبة لكين، فقد سبق وأن غاب عن سبع مباريات بسبب الإصابة في يناير (كانون الثاني) وفبراير (شباط)، وشارك سون في أربع مباريات منها وسجل في كل منها وفاز توتنهام هوتسبير في المباريات الأربع. والآن، يبلغ رصيد سون من الأهداف 19 عبر جميع البطولات التي شارك بها، لتفصله بذلك ثلاثة أهداف فقط عن أفضل سجل له من الأهداف على الإطلاق والذي حققه منذ موسمين.
ورغم قدرة سون على تحمل مسؤوليات قائد الفريق، فإنه من المهم بالنسبة لأي فريق، خاصة في مثل هذا التوقيت من الموسم المبالغة في الاعتماد على لاعب واحد فيما يخص تسجيل أهداف. على سبيل المثال، يشكل محمد صلاح عنصراً محورياً بالنسبة لليفربول، لكن عندما لا يحرز أهدافاً يسارع روبرتو فيرمينو أو ساديو ماني بالعمل على تعويض ذلك. وبالمثل، نجد أن مانشستر سيتي يضم في صفوفه أكبر هداف في الدوري الممتاز، سيرغيو أغويرو، لكن سترلينغ وغابرييل خيسوس وليروي ساني يشاركون أيضاً في تسجيل الأهداف. يذكر أنه منذ عامين، كان ديلي ألي يسجل هدفاً في كل مباراة لحساب توتنهام هوتسبير، لكن بالنظر إلى أنه اليوم أصبح يلعب من نقطة أبعد عن المهاجم، اكتسبت إسهامات سون في تسجيل الأهداف أهمية أكبر.
ويستمد سون روحا جديدة من ملعب توتنهام الجديد ويقول: «الملعب الجديد سيمنح توتنهام ميزة إضافية. وسنستفيد من هذه المزايا لأجل الوصول إلى نهائي دوري الأبطال».
ولا غرابة في متابعة مسيرة سون الرائعة، فهو ابن لنجم كرة القدم الكوري الجنوبي، سون هيونغ، الذي وصل إلى مستوى جيد في بلاده، وقرر تدريب أطفاله على لعب كرة القدم وتعهد بأن يصل بهم إلى القمة ويساعدهم على تجنب المشاكل والعقبات التي واجهها هو شخصيا.
ويقول سون: «لقد قرر والدي تدريبنا لمدة أربع ساعات على مهارة ركلة الكرة في الهواء عن طريق القدم والركبة والصدر والكتف والرأس وعدم السماح لها بالسقوط على الأرض. لكن بعد نحو ثلاث ساعات، بدأت أرى الكرة الواحدة ثلاث كرات، وبدأت أرى الأرض حمراء اللون، وشعرت بتعب شديد. وكان والدي غاضبا للغاية. أعتقد أن هذه كانت أفضل قصة حدثت لنا، ولا نزال نتحدث عنها أنا وشقيقي عندما نجتمع معا. هل يمكنك أن تظل أربع ساعات تركل الكرة من دون السماح لها بأن تسقط على الأرض؟ إنه أمر صعب للغاية، أليس كذلك؟»
مهلا، هل حقا تمكن سون من ركل الكرة وعدم السماح لها بأن تسقط على الأرض لمدة أربع ساعات كاملة، وهو لا يزال في العاشرة من عمره؟ يقول النجم الكوري الجنوبي: «نعم، لم تسقط الكرة على الأرض ولا مرة واحدة طوال هذه المدة».
وفي الثقافة الكورية، ينظر إلى كلمات الأب على أنها قوانين يجب تنفيذها والالتزام بها، وبالتالي التزم سون بتعليمات والده تماما. في الحقيقة، تعكس هذه القصة الكثير من الصفات الشخصية التي يتمتع بها سون، ومن بينها بالتأكيد الموهبة الفطرية التي يمتلكها. يقول سون: «ما إن استطعت أن أمشي وأنا طفل، حتى بدأت أركل الكرة».
لكن الشيء الذي أسهم في تطور مستواه ووصوله إلى أن يصبح أفضل لاعب في آسيا هو استعداده لتنفيذ مطالب والده، فضلا عن التزامه وتركيزه بكل تأكيد مع ناديه توتنهام.
وتشير إحدى الإحصاءات الرياضية التي أعلنت عنها شركة «أوبتا» إلى أن سون قد سجل أهدافا من 19.3 في المائة من تسديداته على المرمى في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وهو الأمر الذي يجعله مرشحا بقوة للمنافسة على لقب أفضل لاعب هذا الموسم.
يقول سون: «لقد كان منتصف نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي نقطة تحول كبرى، بنسبة مائة في المائة، بالنسبة لي. لقد كنت أسافر كثيرا، ولم أكن أشعر بأنني على ما يرام، وكان ذهني مشغولا بالكثير من الأشياء، وكانت الأمور صعبة بعض الشيء. واتخذ المدير الفني لتوتنهام قراره، وكان مثاليا بالنسبة لي، وكان هذا القرار يتمثل في التدريب بكل قوة مع الفريق ثم الحصول على أكبر قدر ممكن من الراحة. وكما قلت سابقا، سوف تكون محظوظا للغاية لو قابلت مديرا فنيا عظيما، وهذا ما حدث معي بالفعل، حيث تطور مستواي بشكل ملحوظ تحت قيادة بوكتينيو».
ويرى جمهور توتنهام هوتسبير والكثير من النقاد أن السلام النفسي الذي يتميز به سون كان أحد أهم الأسباب التي ساعدت على تطور مستواه بهذا الشكل، فضلا عن امتلاكه لقدر هائل من الطاقة والإيجابية والحيوية، وبكل تأكيد الابتسامة التي لا تفارق وجهه. ورغم أن سون يمتلك ثقة لا حدود لها في قدراته وإمكانياته، فإنه يتحلى بالتواضع الشديد، وهو الأمر الذي نادرا ما تراه في لاعب بهذه الموهبة الكبيرة.
سون هيونغ ـ مين... بطل توتنهام الخارق يجيد التألق تحت الضغوط
النجم الكوري استطاع تعويض غياب الهداف كين وأثبت أنه يمتلك ثقة لا حدود لها في قدراته
سون هيونغ ـ مين... بطل توتنهام الخارق يجيد التألق تحت الضغوط
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة