زيلينسكي... من ممثّل لدور الرئيس إلى ممثّل الشعب الأوكراني

الرئيس الأوكراني المنتخب وزوجته (رويترز)
الرئيس الأوكراني المنتخب وزوجته (رويترز)
TT

زيلينسكي... من ممثّل لدور الرئيس إلى ممثّل الشعب الأوكراني

الرئيس الأوكراني المنتخب وزوجته (رويترز)
الرئيس الأوكراني المنتخب وزوجته (رويترز)

قال الأوكرانيون المتعطّشون للتغيير والتخلص من الفساد كلمتهم، وانتخبوا ممثلاً كوميدياً لا خبرة له في السياسة ولا ماضي له في ساحاتها، رئيساً لهم لولاية من خمس سنوات.
سيتولّى فولوديمير زيلينسكي البالغ من العمر 41 عاماً رئاسة أوكرانيا، البلاد الشاسعة التي تبلغ مساحتها 603 آلاف كيلومتر مربّع يعيش فيها 43 مليون نسمة، والتي تشكل نقطة تماس، بل ساحة مواجهة، بين روسيا والغرب الذي اقترب كثيراً من الحدود الغربية لخصمه بالتدريج والقضم منذ سقوط الاتحاد السوفياتي.
لم يتردد الأوكرانيون في اختيار زيلينسكي على حساب الرئيس المنتهية ولايته بترو بوروشينكو الموالي للغرب، والذي أتى إلى السلطة في كييف بعد انتفاضة عام 2014 التي أطاحت "صديق" موسكو فيكتور يانوكوفيتش. فقد اختار نحو ثلاثة أرباع المقترعين الممثل الهزلي المشهور بتأديته دور رئيس البلاد في مسلسل تلفزيوني، مقابل ربع الأصوات للرئيس.
وقد عبّر الناس بذلك عن غضبهم، أولاً من الفساد المستشري الذي لم يتراجع في السنوات الخمس المنصرمة، وثانياً من الوضع الاقتصادي المتردّي، وثالثاً من النزاع مع روسيا الذي أدى إلى ضمّها شبه جزيرة القرم واندلاع حرب انفصالية في شرق البلاد أوقعت آلاف القتلى وأفضت إلى ولادة "جمهوريتين" انفصاليتين هما دونيتسك ولوغانسك.
ولد فولوديمير زيليسنكي في 25 يناير (كانون الثاني) 1978 في مدينة كريفييه ريي – أو كريفوي روغ بالروسية وتعني "القرن المقوّس" – في جنوب غربيّ أوكرانيا، لوالدين يهوديين. ودرس الحقوق في جامعة المدينة، إلا أنه لم يعمل قطّ في المحاماة بل اتّجه إلى التمثيل مبكراً عبر خوضه أولا مسابقة للمواهب، ثم انضمامه إلى أكثر من فرقة مسرحية كوميدية. وتسنّى له لاحقاً العمل في السينما والتلفزيون، واشتهر مسلسله "خادم الشعب" الذي انطلق عام 2015 ويؤدي فيه دور رئيس البلاد. وتفصيلاً هو في المسلسل مدرّس تاريخ على المستوى الثانوي في عقده الرابع، يفوز بالانتخابات الرئاسية بعد انتشار شريط فيديو له يتذمّر فيه من الفساد في إدارات الدولة وأجهزتها...
ودفع نجاح المسلسل الشركة المنتجة "كفارتال 95" إلى تأسيس حزب يحمل اسم "خادم الشعب" في مارس (آذار) 2018. وفي 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام نفسه أعلن زيلينسكي الترشّح للانتخابات الرئاسية. وقال في إحدى المقابلات الصحافية إنه دخل معترك السياسة لاستعادة ثقة الناس بالسياسيين، ولجذب أشخاص محترفين ومحترمين إلى السلطة، وتحقيق التغيير الإيجابي في أوكرانيا.
لا شك في أن فوز فولوديمير زيلينسكي، المتزوج من أولينا ولهما ولدان، شكّل وسيشكّل صدمة سياسية إيجابية في أوكرانيا المثقلة بالمشاكل. لكن فترة السماح المعطاة له لن تكون طويلة، فالتحدّيات الماثلة أمامه كثيرة وكبيرة، في طليعتها الوضع الاقتصادي السيئ في بلاد يبلغ ناتجها القومي الإجمالي 411 مليار دولار سنوياً، نصيب الفرد منها أقل من 10 آلاف. وليس من قبيل المغالاة القول إن أوكرانيا تقف على شفير الإفلاس، والأموال التي وعدها بها صندوق النقد الدولي منذ العام 2014 لم تصل إلا بدفعات متباعدة لأن كييف لم تلتزم خطة التقشّف ومكافحة الفساد.
وبالتالي، سيكون على الرئيس المنتخب أن يجد وسيلة لجعل الناس الذين محضوه ثقتهم يتقبّلون فكرة إقرار تدابير تقشفية في بلد يعتبر من الأكثر فقرا في أوروبا. ولن يكفيه هنا مجرّد الحديث عن مكافحة الفساد لأن الناس يريدون تحسناً سريعاً في مستوى معيشتهم وفرص عمل توقف نزف الهجرة.
أما التحدّي الثاني الكبير فهو كيف سيتعامل زيلينسكي مع الواقع الجغرافي والتاريخي لأوكرانيا. وجدير بالذكر هنا أنه وعد خلال حملته الانتخابية بالعمل على ضم بلاده إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة حلف شمال الأطلسي "ناتو"، على أن يقرر الشعب الأمرين في استفتاءين. ولكن عليه في الوقت نفسه أن يحل النزاع مع موسكو التي تتريّث قبل إعلان أي موقف منه، علماً أن روسيا تعتبر أن أي رئيس غير بوروشينكو هو في المبدأ أفضل لها. ولن يكون من السهل أبداً أن يجترح الرئيس الشاب معادلة توفّق بين "أوروبيّته وأطلسيّته" من جهة، وضرورة نسج علاقة طبيعية وسلمية مع جاره الكبير الشرس من جهة أخرى.
أما التحدّي الثالث الذي على زيلينسكي خوضه بسرعة، فهو الخروج من عباءة إيغور كولومويسكي، الملياردير الأوليغارشي الذي يملك مصالح ومؤسسات كثيرة منها شبكة التلفزيون التي كانت تبث مسلسل "خادم الشعب"، والذي يقال إنه كان وراء ترشيح الرئيس المنتخب ويحرّكه كيفما يشاء...
أسدل الستار على الانتخابات الرئاسية وخرج الفائز بها ليحيّي الجمهور الذي عرفه ممثلاً يُضحكه كثيراً بسخريته من الوضع السائد، لكنه الآن يقف أمام الجمهور ممثلاً له في امتحان التعامل مع الوضع السائد نفسه، فهل ينجح رئيساً كما نجح ممثلاً؟



تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
TT

تركيا تُعلن استعدادها «لتقديم الدعم اللازم للبنان»

لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)
لبنانيون يسيرون بجانب السيارات في شوارع بيروت (رويترز)

أعلنت تركيا، الأربعاء، أنها «مستعدة لتقديم الدعم اللازم للبنان» بعد ساعات من دخول اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل حيّز التنفيذ.

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان إنها «ترحب بالنتيجة الإيجابية للمفاوضات بشأن وقف إطلاق النار في لبنان، وتأمل أن يكون دائماً».

وأضافت: «على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل للاحترام الصارم لوقف إطلاق النار، والتعويض عن الأضرار التي سببتها في لبنان»، معربة عن «دعم» أنقرة لهذا المسار، من دون مزيد من التوضيحات، وفقاً لما ذكرته الـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشار بيان الخارجية: «بهذه المناسبة، نودُّ أن نذكر بأنه من أجل ضمان السلام والاستقرار في المنطقة، يجب إعلان وقف دائم وشامل لإطلاق النار في غزة في أسرع وقت ممكن، ويجب وضع حد لسياسات إسرائيل العدوانية».

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» حيّز التنفيذ في الساعة الرابعة فجر الأربعاء بالتوقيت المحلي للبنان. ووسّعت إسرائيل حربها التي تشنّها على قطاع غزة، لتشمل لبنان في الفترة الماضية، وقتلت عدداً من كبار قادة جماعة «حزب الله» التي تتبادل معها إطلاق النار منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وكان الرئيس الأميركي جو بايدن قد ذكر تركيا، الثلاثاء، «إلى جانب مصر وقطر وإسرائيل وغيرها»، خلال تعداده الدول الوسيطة للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، وإطلاق سراح الرهائن الذين تحتجزهم «حماس».

وقال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، اليوم، إن تركيا مستعدة للمساعدة بأي طريقة ممكنة للتوصل لوقف إطلاق نار دائم في قطاع غزة، وعبّر عن ارتياحه لاتفاق وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في لبنان.

وكانت حركة «حماس» قد أعلنت اليوم أنها «جاهزة لاتفاق وقف إطلاق النار وصفقة جادة لتبادل الأسرى» مع إسرائيل، موضحة أنها أبلغت الوسطاء في مصر وقطر وتركيا بذلك.

وقال الرئيس الأميركي، جو بايدن، أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة ستدفع مرة أخرى باتجاه التوصل إلى وقف إطلاق نار في غزة «مع تركيا ومصر وقطر وإسرائيل ودول أخرى».