الجيش الوطني ينفي قصف مدنيين في طرابلس بالسلاح الثقيل

استخدام الطائرات المسيّرة في المعارك للمرة الأولى... والسراج يطالب بلجنة تحقيق دولية

TT

الجيش الوطني ينفي قصف مدنيين في طرابلس بالسلاح الثقيل

احتدمت المعارك على أبواب العاصمة الليبية طرابلس، أمس، مع إعلان قوات حكومة الوفاق الوطني، التي يرأسها فائز السراج، ما سمته بـ«مرحلة الهجوم» المضاد على قوات «الجيش الوطني»، بعد أيام من الجمود العسكري الذي ساد محاور القتال، خاصة في الضواحي الجنوبية للمدينة.
وقال الجنرال عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية، التابعة للجيش الوطني، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» أمس، إن «قوات الجيش تتقدم بهدوء وفي الاتجاهات المحددة لها»، لافتاً إلى أن سبب احتدام القتال في المحور الجنوبي للعاصمة هو «وجود كل المتطرفين من الزاوية وجنزور هناك». وأضاف الحاسي، الموجود على تخوم المدينة، ويقود قوات الجيش ضمن عملية «الفتح المبين»: «كل المجموعات المتطرفة تركزت في المحور الجنوبي الغربي للعاصمة طرابلس»، موضحاً أن «الميليشيات الإرهابية ما زالت تستهدف المدنيين بالقصف العشوائي في محاولة لإلصاق التهمة بالجيش وتشويهه»، مؤكداً «أننا لم نقصف أي مكان بالأسلحة الثقيلة». وتابع: «الأمور مطمئنة تماماً، ووضع قواتنا المسلحة مطمئن جداً»، لكنه رفض تأكيد احتمال انتهاء العمليات وتحرير العاصمة قبل حلول شهر رمضان المبارك، وأضاف: «نسير وفقاً للجدول الزمني، وهناك مستجدات على الأرض بشكل مستمر».
واستؤنفت، أمس، حركة الملاحة مجدداً بعد تعطلها لساعات في مطار معيتيقة الدولي، المطار الوحيد العامل في طرابلس. وذكرت صفحة المطار على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أنّ رحلتين على الأقل جرى تحويل مسارهما نحو مطار مصراتة، الواقع على بعد 200 كيلومتر شرقاً، قبل أن تشير، صباح أمس، إلى استئناف الرحلات. وهزت بضع انفجارات المدينة، بعد ضربة جوية في وقت متأخر من مساء أول من أمس، وقال عدد من السكان إنهم شاهدوا طائرة تحلق لأكثر من 10 دقائق فوق العاصمة، وإنها أحدثت طنيناً قبل إطلاق النار على ضاحية جنوب المدينة في منطقة شهدت أعنف اشتباكات بين القوات المتحاربة. وجرى إطلاق مكثف لنيران المدافع المضادة للطائرات، وأحصى سكان عدة هجمات صاروخية، أصاب أحدها على ما يبدو معسكراً للقوات الموالية للسراج في منطقة السبع.
وتوعد الجيش الوطني الميليشيات المسلحة في طرابلس، وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش، في بيان لها: «رصاصنا لا يخطئ الهدف، وسنصب جام غضبنا من البر والبحر والجو على كل الميليشيات الإرهابية، التي روعت المدنيين واستهدفتهم بقنابل وصواريخ الموت». وأعلنت الشركة العامة للكهرباء تعرض محطة للكهرباء في منطقة قصر بن غشير لأضرار جسيمة، نتيجة للاشتباكات بجنوب طرابلس، مشيرة في بيان لها إلى انقطاع الكهرباء عن عدة مناطق بالمدينة.
ودخلت الطائرات المسيرة من دون طيار «الدرون» للمرة الأولى في المعارك، علماً بأن سكان تحدثوا عن هجمات لطائرات مسيرة في الأيام الماضية. لكن بيتر ميليت السفير البريطاني السابق لدى ليبيا، أكد هذه المعلومات بعدما اعتبر أمس أن استخدام الطائرات دون طيار ليلاً في طرابلس بمثابة تصعيد كبير، وحذر في تغريدة له عبر موقع «تويتر» من أن ذلك قد يطيل أمد القتال، ويزيد الإصابات في صفوف المدنيين، على حد زعمه.
وكان مصطفى المجعي، المتحدث باسم العملية العسكرية لحكومة السراج، أعلن بدء مرحلة الهجوم لقواته، لكن الكتيبة 155 التابعة للجيش الوطني قالت في المقابل إنها صدّت ما وصفته بهجوم كبير لميليشيات السراج على جميع المحاور في طرابلس. وأوضحت الكتيبة، في بيان لها، أن قوات الجيش تمكنت من صد هجوم هو الأعنف منذ انطلاق العمليات العسكرية، مشيرة إلى أن قوات الجيش انتقلت من الدفاع إلى التقدم في هذه الساعات، وتمكنت من السيطرة على مواقع جديدة بعد تكبيد ميليشيات «الوفاق» خسائر كبيرة في الأرواح والآليات. وأكدت الكتيبة تقدم قوات الجيش في محور وادي الربيع بعد كسر الهجوم والتقدم 7 كيلومترات باتجاه الشرق، بالإضافة إلى تقدم القوات في محور عين زارة. وقال شهود عيان إن الميليشيات التابعة لسراج جددت قصفها مساء أول من أمس على مناطق وداي الربيع وخلة الفرجان المكتظة بالسكان جنوب غربي طرابلس.
ونقلت وكالة الأنباء الليبية، الموالية للجيش، عن شهود إن الميليشيات التي تُطلق على نفسها اسم «ثوار طرابلس» قصفت هذه المناطق بالأسلحة المتوسطة والثقيلة من المزارع الخاصة بما يعرف بمشروع الموز، كما أوضحوا أن الميليشيات تستهدف هذه المناطق نظراً لدعمها قوات الجيش وتمركزها بداخلها. وقال أحمد المسماري، المتحدث باسم «الجيش الوطني»، إن قواته انتصرت في المعركة السياسية وأقنعت العالم أنّها تحارب الإرهاب، وأكّد في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس بمدينة بنغازي أنّ «معارك طاحنة» دارت في عدد من محاور القتال، مشيراً إلى أنّ «العدوّ تلقّى تعزيزات من إرهابيّي (القاعدة) و(داعش) ومرتزقة أجانب». وبحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية عن «تحالف قوات حماية طرابلس»، وهو تحالف يضم 4 ميليشيات موالية للسراج، تقدمت هذه القوات مدعومة من مجموعات مسلحة من مصراتة «قوة مكافحة الإرهاب» في وادي الربيع بالضاحية الجنوبية، وشنت هجوماً بالأسلحة المتوسطة والمدفعية الثقيلة، أسفر عن إصابة 8 جرحى.
من جانبه، طالب فائز السراج رئيس حكومة الوفاق الوطني، مجلس الأمن بإرسال «لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في خروقات وانتهاكات» قامت بها قوات «الجيش الوطني» خلال هجومها على طرابلس. وقال السراج، في بيان أصدره مساء أول من أمس، إنه «بناء على التعليمات الموجهة لوزارة الخارجية، تم تقديم خطاب لمجلس الأمن لإرسال لجنة تقصي حقائق أممية في الخروقات والانتهاكات» التي قامت بها قوات حفتر. وتضمن البيان سلسلة اتهامات موجهة لقوات الجيش الوطني، من بينها «قتل المدنيين وتهجيرهم واستخدام القُصر (أشخاص تحت السن القانونية) في القتال، واستهداف الأحياء المكتظة بالسكان بالأسلحة الثقيلة والصواريخ، وكان آخرها قصف أحياء ومطار معيتيقة الدولي واستهداف سيارات الإسعاف والمستشفيات».
بدورها، اتهمت أمس السيدة اليعقوبي عضوة مجلس النواب الليبي، عدداً من النواب في طرابلس برفض عقد جلسة للبرلمان بالعاصمة لحسم الموقف تجاه ما وصفته بعدوان حفتر على المدينة، مشيرة إلى أن بعض النواب انخرطوا في القتال ضد قوات الجيش الوطني، بينما يسعى آخرون للتفاوض مع حفتر. ونفت حكومة السراج بشكل قاطع ما يتداول في مواقع التواصل الاجتماعي، عن وجود تفاوض مع اللواء عبد الرزاق الناظوري رئيس أركان الجيش الوطني أو غيره ممن وصفتهم بـ«عصابة مجرم الحرب خليفة حفتر». وأكد الناطق باسم الحكومة ما أعلنته سابقاً، أنها مستمرة في رد المعتدين، إلى أن يتم دحرهم وردهم من حيث أتوا. وتحدثت وزارة الداخلية بحكومة السراج عن اجتماع تم أمس لمسؤولين محليين من أجل إعداد خطة أمنية مشتركة لتأمين الطوق الغربي للعاصمة، بالتعاون بين مديرية أمن الجفارة والزاوية والأجهزة الأمنية الأخرى لتسيير الدوريات والتمركزات الأمنية، بهدف إحكام السيطرة على مداخل ومخارج طرابلس، اعتباراً من اليوم (الاثنين). وقالت الوزارة في بيان لها، إن هذه الخطة ستشمل خلال المدة القادمة جميع مديريات الأمن المجاورة بطوق العاصمة.



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.