تلويح أميركي للعراق بـ{إجراءات} إذا انتهك العقوبات ضد إيران

TT

تلويح أميركي للعراق بـ{إجراءات} إذا انتهك العقوبات ضد إيران

في أول تعليق علني لمسؤول أميركي رفيع، حول العواقب التي قد يتعرض لها العراق في حال عدم امتثاله للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، لمح القائم بأعمال السفارة الأميركية في العراق، جوي هود، أول من أمس، إلى إمكانية أن تتجه بلاده لاتخاذ «إجراءات دبلوماسية ضد العراق في حال لم يلتزم».
وقال هود في مقابلة مع قناة «دجلة» الفضائية، إن «الولايات المتحدة لا تراقب إيران من القواعد التي توجد فيها قواتها في العراق، ولا نملك قواعد فيه». وذكر أن بلاده «تريد من العراق أن يكون مستقلاً بمجال الطاقة. أعطينا الحكومة استثناءات قصيرة الأمد بخصوص استيراد الطاقة من إيران. نريد أن يقوم العراق بإنتاج الطاقة والغاز دون الاستعانة بأحد».
واتهم إيران بـ«الضغط على العراق لخرق العقوبات الأميركية. نحن نراقب الأمر عن كثب ونتخذ إجراءات بهذا الصدد، ونوقف أي تحويلات لشركات وأفراد، خصوصاً من المرتبطين بجهات إيرانية كـ(الحرس الثوري)».
بدوره، قلل عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب عن تحالف «الإصلاح» فرات التميمي، من أهمية تصريحات القائم بالأعمال الأميركي، باعتبار أنه «قائم بالأعمال ولا يرتقي إلى مستوى عالٍ في الدبلوماسية الأميركية». واستبعد فرضية العقوبات الأميركية، وقال: «نحن بانتظار مجيء السفير الأميركي الجديد، لنرى ما يمكن عمله، وما هو الموقف الأميركي بالضبط».
وعبر التميمي في حديث لـ«الشرق الأوسط» عن قناعته بعدم «إقدام الولايات المتحدة الأميركية على فرض عقوبات دبلوماسية أو غير دبلوماسية على العراق، نتيجة موقف العراق الواضح من العقوبات، وارتباط البلدين باتفاقية الإطار الاستراتيجي». وأشار إلى أن «موقف الحكومة العراقية واضح تجاه العقوبات ضد إيران. والعراق يرتبط بجغرافيا كبيرة معها، الولايات المتحدة تدرك ذلك، شخصياً ليست لدي خشية من عقوبات أميركية».
لكن رئيس «مركز التفكير السياسي»، إحسان الشمري، يرى أن «فرض عقوبات دبلوماسية أمر وارد، وقد يؤدي ذلك إلى فتور في العلاقات بين واشنطن وبغداد، خصوصاً أن رئيس الحكومة عادل عبد المهدي كان قد أعلن أنه لن يلتزم بالعقوبات الأميركية ضد طهران». ويقول الشمري لـ«الشرق الأوسط»: «أتصور أن واشنطن تضع العراق الآن في دائرة اختبار قدرته على إيجاد البدائل، خصوصاً في ظل المساحة المتوفرة لديه، والرغبة السعودية والأردنية والمصرية في تجهيزه بالطاقة الكهربائية، ما يعني قدرته على الاستغناء عن الطاقة الإيرانية».
وتوقع الشمري أنه «في حال لم يسر العراق باتجاه إيجاد البدائل، فستقوم الولايات المتحدة بفرض عقوبات عبر مسارين: الأول دبلوماسي قد يؤدي إلى تضرر العلاقات بين واشنطن وبغداد، أما الثاني فهو الأصعب، ويخلخل الأوضاع السياسية، ويتمثل في فرض عقوبات على شخصيات وفصائل مسلحة وثيقة الصلة بإيران».
كما توقع أن «تعلن الولايات المتحدة في شهر يونيو (حزيران) المقبل أو الذي يليه، قوائم بأسماء شخصيات سياسية وفصائل وتجار مقربين لإيران، ويقومون بغسل أموالها في العراق، على لائحة الإرهاب، خصوصاً أن الكونغرس الأميركي قد ناقش إصدار قانون مطاردة الجهات التي تساهم في زعزعة الاستقرار في العراق».
إلى ذلك، عد النائب عن تحالف «الفتح» قصي عباس، أمس، حديث هود «أسلوباً جديداً لابتزاز السلطتين التنفيذية والتشريعية، بهدف الحيلولة دون أي تشريع أو قرار من شأنه تقنين الوجود الأميركي في العراق».
وطالب عباس في تصريحات، الخارجية العراقية، باستدعاء القائم بالأعمال وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية. معتبراً حديثه «تدخلاً في الشؤون الداخلية، وله تأثير سلبي على طبيعة العلاقة بين العراق وأميركا».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.