استفتاء مصر ينطلق بكثافات متباينة في أول أيام التصويت

حضور بارز للعاملين بالمنتجعات السياحية... والنتائج خلال أسبوع حداً أقصى

TT

استفتاء مصر ينطلق بكثافات متباينة في أول أيام التصويت

استهل الناخبون المصريون أول أيام الاستفتاء على تعديل دستور البلاد، أمس، بحضور متباين الكثافة في اللجان الممتدة بالمحافظات كافة، وفي حين برزت على نحو لافت مشاركة كثيفة من المصوتين الوافدين - (الناخبون الموجودون خارج محال لجانهم الانتخابية الأصلية) - في المناطق ذات الطابع السياحي مثل جنوب سيناء وتحديداً مدينة شرم الشيخ، وكذلك العاصمة الإدارية الجديدة والقاهرة، بدا الإقبال متوسطاً في محافظات شمال ووسط الصعيد، وبعض مدن الدلتا ومحافظات حدودية.
وتستهدف التعديلات التي يحق لأكثر من 61 مليون مصري التصويت بشأنها على مدار ثلاثة أيام تنتهي غداً (الاثنين)، السماح للرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي بالاستمرار في سدة الحكم حتى عام 2024، والترشح بشكل استثنائي لفترة ثالثة تنتهي عام 2030، فضلاً عن استحداث مجلس الشيوخ، وتخصيص ربع مقاعد مجلس النواب للسيدات، والنص الدستوري على صيانة القوات المسلحة لـ«مدنية الدولة»، والحفاظ على الديمقراطية والحريات.
وقال المتحدث الرسمي، باسم «الهيئة الوطنية للانتخابات»، المستشار محمود الشريف، في مؤتمر صحافي بوسط القاهرة، أمس، إن «لجان الاقتراع على مستوى جميع المحافظات بدأت أعمالها في تمام الساعة التاسعة من صباح أمس (بتوقيت القاهرة)». وأضاف الشريف أن عددا قليلا جدا من اللجان تأخر في العمل لوقت «لم يتجاوز 30 دقيقة»، ولكن «في عدد من اللجان بجنوب سيناء (شرم الشيخ) والقاهرة طلب القضاة المشرفون والموظفون دعما ومعاونة بسبب كثافة الحضور في الساعات الأولى».
ويجري الاستفتاء تحت إشراف قضائي بمشاركة 19 ألفا و339 قاضيا - (أساسي واحتياطي) - منهم 15 ألفاً و324 قاضياً فعلياً على صناديق الاقتراع والباقي احتياطي.
وتصدرت مدينة الشيخ زويد، في شمال سيناء قائمة المدن الأكثر كثافة في التصويت بالمحافظة، بحسب ما رصد مراسل «الشرق الأوسط»، والذي أفاد بأن «عملية التصويت أجريت وسط حضور أمني مكثف، وهدوء في نطاق المحافظة التي تجري فيها عمليات متواصلة لمطاردة عناصر إرهابية تدين بالولاء لتنظيم داعش».
وفي حين لم يعلن الشريف خلال المؤتمر الذي أقيم بمنتصف يوم التصويت، حصراً لعدد المصوتين الذي حضروا أمام اللجان، شدد على أن «الهيئة الوطنية للانتخابات هي الوحيدة المخول لها إعلان نتائج التصويت في الاستفتاء، وأن القانون أتاح لوسائل الإعلام وممثلي منظمات المجتمع المدني حضور لجان الفرز حصرا عدديا وتسليمها للهيئة كي تعلن النتائج النهائية».
وأشار إلى أنه «سيتم إعلان النتائج النهائية للاستفتاء خلال 5 أيام من تسلم أوراق فرز اللجان الفرعية، في موعد أقصاه 27 أبريل (نيسان) الحالي».
وفي ساعة مبكرة من صباح، أمس، أدلى الرئيس المصري بصوته في إحدى مدارس منطقة مصر الجديدة شرق القاهرة.
وكذلك بثت وسائل إعلام محلية، صوراً لتصويت شيخ الأزهر، أحمد الطيب، وبابا الأقباط تواضروس الثاني في الاستفتاء، ورئيس مجلس النواب الدكتور علي عبد العال، وأحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، فضلاً عن وزراء ومسؤولين بارزين.
بدوره، أكد المستشار لاشين إبراهيم رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات اهتمام الهيئة بـ«المتابعة الدولية لمنظمات المجتمع المدني ودورها في تسيير عملية الاستفتاء». واستقبل إبراهيم، ممثلي «منظمة إيكو اليابانية، ومنتدى جالس، ومتطوعون بلا حدود»، موضحاً أنه «تم توفير الدعم الفني واللوجيستي لضمان إجراء عملية الاستفتاء في نزاهة وشفافية، وإجراءات التيسير على المواطنين للمشاركة في الاستفتاء من مختلف الفئات».
وشرح المتحدث الرسمي باسم الهيئة، آلية عملها بشأن الاستفتاء، وقال إنها تعمل بشكل يومي؛ ما جعلها جاهزة بشكل تام ومباشر وسريع لأي استحقاق ديمقراطي «بداية من قاعدة بيانات الناخبين التي يتم تحديثها وتنقيتها وتعديلها بشكل فوري ومباشر من خلال التواصل مع كل الجهات المعنية».
وتابع أنه بمجرد «تلقي الهيئة كتاب رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس النواب لدعوة المواطنين للاستفتاء على تعديلات الدستور، تم الإعداد للاستفتاء». وموضحا أن «الدستور نص في مواده على أن تعديل الدستور يتم وفق احتساب عدد الأصوات الصحيحة من المشاركين وليس بنسبة محددة من قاعدة بيانات من يحق لهم التصويت».
ولفت المتحدث إلى أن «80 مؤسسة مجتمع مدني، دولية ومحلية، طالبت بمتابعة عملية الاستفتاء، وكذلك بالنسبة للمؤسسات الإعلامية، تقدمت 40 محلية و152 دولية تضم 548 مراسلا ومتابعا».
ويشمل الاستفتاء على تعديل 12 مادة من مواد الدستور (والتي تضم في صياغته الحالية 247 مادة مقسمة على ستة أبواب رئيسية)، فضلًا عن إضافة باب جديد عن «مجلس الشيوخ» ويضم في طياته 7 مواد جديدة، وكذلك حذف فصلين من الباب السادس؛ هما الفصل الأول والثاني.
حكومياً، وصف الدكتور مصطفى مدبولي رئيس مجلس الوزراء، عملية التصويت بأنها «تسير بشكل جيد وحضاري». وإنه يتلقى بشكل دوري التقارير في هذا الشأن، ويتابع شخصيا سير عملية التصويت من خلال غرفة العمليات أكثر من مرة.
وأشار رئيس الوزراء إلى أن «دور الحكومة هو تيسير الإجراءات لإدلاء المواطنين بأصواتهم، وتأمين الجوانب اللوجيستية والإدارية».
وأشار رئيس الوزراء إلى أن انتخابات المصريين بالخارج تسير بشكل منتظم منذ أمس، وبمظهر حضاري جيد للغاية.
وفرضت قوات الجيش والشرطة تأميناً شاملاً في اللجان كافة، وتفقد اللواء محمود توفيق وزير الداخلية «إجراءات تأمين سير عملية الاستفتاء على التعديلات الدستورية من داخل غرفة العمليات الرئيسية بقطاع الأمن».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».