الشارع السنّي يفرز شخصيات جديدة ويبقي الزعامة للحريري

الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة والوزير السابق اشرف ريفي
الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة والوزير السابق اشرف ريفي
TT

الشارع السنّي يفرز شخصيات جديدة ويبقي الزعامة للحريري

الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة والوزير السابق اشرف ريفي
الرئيسان سعد الحريري وفؤاد السنيورة والوزير السابق اشرف ريفي

لا يختلف اثنان على أن الانتخابات النيابية التي حصلت في ربيع العام الماضي، أفرزت واقعاً جديداً في الشارع السنّي في لبنان، وساهمت بوصول شخصيات سنيّة إلى الندوة البرلمانية من خارج عباءة رئيس الحكومة سعد الحريري، الذي يقود تيّار «المستقبل» منذ اغتيال والده الرئيس السابق للحكومة رفيق الحريري في العام 2005.
لكنّ بروز هذا التنوّع في البيئة السنيّة، لم يصل مرحلة صياغة زعامات سنيّة منافسة للحريري أو قادرة على إضعافه، وفق تعبير خبراء وسياسيين، ردّوا أسباب ظهور زعامات سنية جديدة إلى عاملين، الأول قانون الانتخاب النسبي الذي أفقد «المستقبل» ثلث نوابه، والثاني انعكاس الاعتراض السنّي على التسوية السياسية التي أبرمها الحريري في خريف العام 2016. وأدت إلى وصول العماد ميشال عون إلى رئاسة الجمهورية.
وتتباين الرؤى حيال التعرجات التي يمرّ بها الشارع السنّي، الذي كان أكثر التصاقاً برفيق الحريري منذ دخوله معترك السياسة في العام 1992. وانكفاء بعض من هذا الشارع عن الحريرية السياسية، إلا أن لدى الوزير السابق رشيد درباس وصفا مغايرا للحالة السنّية، إذ أكد أن «قلب السنة في لبنان لا يزال مع سعد الحريري، لكنّ نبضات القلب التي كانت تخفق بمعدل 120 ضربة في الدقيقة، باتت في حدود 50 في الدقيقة». وأوضح في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة اليأس التي تعتري الشارع السنّي هي نتيجة واقع المنطقة بشكل عام وما حصل في سوريا بشكل خاص، ونتيجة التسوية السياسية التي أبرمها سعد الحريري في لبنان، وولّدت حالة من النكوص وإشاحة الوجه».
وكما أن المزاج الشعبي في كلّ دول العالم يرتبط بالمتغيرات السياسية، كذلك الحال في لبنان، حيث عزا عضو كتلة «المستقبل» النائب محمد الحجار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، تراجع تمثيل «المستقبل» النيابي، إلى «النظام الانتخابي وفق القانون النسبي الذي اعتمد لأول مرة في لبنان، والذي ساهم بوصول بعض الشخصيات السنيّة للندوة النيابية». وقال «عندما وافقنا على هذا القانون كنّا نعرف أنه سيسهم في بروز قوى أخرى، لكنّ حجمها أقلّ من «المستقبل» بكثير، علما بأن تيارنا عابر للطوائف، ولديه تمثيل وطني على مستوى كلّ الطوائف اللبنانية كما أسسه الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وإن كان جمهورنا الأوسع داخل البيئة السنيّة».
ولا ينكر النائب محمد الحجار، أن «مجموعة من الخيارات السياسية التي اعتمدها الرئيس الحريري، لعبت دوراً في نتائج الانتخابات، منها التسوية السياسية مع الرئيس ميشال عون، كما أن تراجع التقديمات الاجتماعية التي كان يقدمها «المستقبل» على مدى سنوات طويلة لجمهوره، أثرت كلّها في نتائج الانتخابات، مقابل الصرف المالي الهائل من قبل خصوم المستقبل». وشدد الحجار على أن «موضوع التسوية رغم المآخذ عليه، نجح في حماية لبنان، ومنع الدولة من السقوط»، مؤكداً أن «الآمال ما تزال معقودة على شخص الرئيس سعد الحريري لإنقاذ الوضع الاقتصادي بالتعاون مع القوى السياسية الأخرى».
وتقول مصادر قريبة من الحريري بأنه كان تلقّى نصائح من المقرّبين منه داخل تيّاره ومن أصدقاء وحلفاء بعدم المجازفة بموافقته على قانون انتخابي يقلّص حجم نوابه، لكن زعيم «المستقبل» آثر السير بالقانون النسبي، كي لا يطير الاستحقاق الانتخابي، وليساهم في تحقيق أفضل تمثيل للمسيحيين في البرلمان والسلطة، وهذا ما أسهم في صعود نجم شخصيات سنيّة بفضل هذا القانون، ما شكّل نقمة لدى جمهور «المستقبل» والشارع السنّي، غير أن هذا الامتعاض لا يشمل كلّ السنة بحسب الوزير رشيد درباس، الذي قال «لا شكّ أن قانون الانتخاب عوّم بعض الشخصيات السنيّة التي تكنّ العداء للحريري، كما أوجد شخصيات في البيئة السنيّة بعضها عاتب على الحريري ويمكن استمالتها بسهولة، وجزء منها ضدّه وهؤلاء يكنّون له العداء ولا يتغيّرون، وبعضهم يختلفون مع سعد الحريري من نفس الموقع ولا يشكلون أذى له».
ورغم التنوع السنّي الذي أفرزته الانتخابات، إلا أنها أوصلت نواباً منفردين وليست كتلاً، باستثناء رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي فاز بكتلة من أربعة نواب، وهم سنّي واحد (ميقاتي نفسه) وماروني وأرثوذكسي وعلوي، ويعترف معارضو الحريري أن الموجود في موقع السلطة، لا يمكنه إطلاق مواقف تصعيدية في وجه «حزب الله» كما يطلقها من هو في المعارضة، ويكشف درباس عن جانب من الحوار الذي دار بين الحريري والوزير السابق أشرف ريفي في لقاء المصالحة، حيث توجه الحريري إلى ريفي قائلاً «نحن نختلف معك ومع فؤاد (السنيورة) ومع رشيد (درباس) في السياسة، لكننا نبقى ضمن عائلة واحدة». وخاطب الحريري الجميع، قائلا: «أنا لا أستطيع الذهاب إلى الحرب (المواجهة الداخلية)، لأن قرع طبول الحرب يعني انهيار الاقتصاد وسقوط البلد، فأجابه درباس: نحن أصحاب رأي وأنت صاحب القرار».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.