آلاف الجزائريين يتظاهرون مجدداً رفضاً للانتخابات الرئاسية

المعارضة أعلنت عدم مشاركتها في «الاجتماع التشاوري» الذي دعا إليه الرئيس المؤقت

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضا لبقاء رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضا لبقاء رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
TT

آلاف الجزائريين يتظاهرون مجدداً رفضاً للانتخابات الرئاسية

جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضا لبقاء رموز النظام السابق (أ.ف.ب)
جانب من المظاهرات التي شهدتها شوارع العاصمة الجزائرية أمس رفضا لبقاء رموز النظام السابق (أ.ف.ب)

بينما أعلن أغلب قادة أحزاب المعارضة، والنشطاء السياسيين بالجزائر رفضهم المشاركة في «الاستشارة السياسية»، التي ستنظمها رئاسة الدولة الاثنين المقبل، عبّر آلاف الجزائريين أمس في مسيرات ضخمة جابت كل أنحاء البلاد، خلال «جمعة الحراك التاسعة»، عن تمسكهم بمطلب «رحيل كل رموز النظام من دون استثناء». وطالبوا بإلغاء الانتخابات التي اعتبروها غير شرعية، باعتبار أنها جاءت بإمضاء رئيس الدولة المرفوض شعبيا عبد القادر بن صالح. معتبرين أن استدعاء الهيئة الناخبة «بحكومة ووزير أول، طالب الشعب باستقالتهما»، استفزاز للجزائريين الذين خرجوا في مسيرات سلمية للمطالبة بتغيير النظام. كما دعوا لمحاسبة رؤوس الفساد في البلاد، مشددين على ضرورة ضمان استقلالية القضاء، ورحيل رئيس البرلمان معاذ بوشارب، وحكومة نور الدين بدوي، منادين بجمهورية ثانية يقودها شخصيات وطنية لا صلة لهم بنظام عبد العزيز بوتفليقة.
وقال عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية» (إسلامية) في بيان، إنه لن يكون حاضرا في اجتماع الاثنين، «فالشعب ينتظر الاستجابة لطلبه، المتمثل في الرحيل الفوري لبقايا العصابة، وليس القفز على ذلك بفتح سلسة مشاورات ومفاوضات، تركنا شرفها لمن يتقن فن التفاوض على حساب الشعب، ويجد راحة في الجلوس حول طاولة العصابة». والمقصود بـ«العصابة» مجموعة مسؤولين بارزين، موالين للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة، ومن هؤلاء عبد القادر بن صالح الرئيس المؤقت، ورئيس الوزراء نور الدين بدوي. كما كان من بينهم رئيس «المجلس الدستوري» الطيب بلعيز، الذي استقال الثلاثاء الماضي، تحت ضغط الجيش.
وذكر جاب الله في بيانه: «تستمر السلطة السياسية، الفاقدة للشرعية، في طرح السؤال الخطأ: ماذا يريد الشعب منا؟ وماذا يجب علينا فعله؟ ولا يريدون أن يطرحوا على أنفسهم السؤال الصحيح الواجب الإجابة عنه، والذي يفرضه الشعب، وهو: متى ترحلون؟».
من جهته، صرح عبد الرزاق مقري، رئيس «حركة مجتمع السلم» الإسلامية، بأنه تسلم رسالة من حبة العقبي، الأمين العام للرئاسة، «تدعو الحركة إلى المشاركة في لقاء جماعي تشاوري، تنظمه رئاسة الجمهورية يوم الإثنين، لكن الحركة تؤكد أن اللقاء اعتداء على الإرادة الشعبية، وزيادة في تأزيم الأوضاع، وتعلن بأنها لن تحضره، كما تدعو جميع القوى السياسية والمدنية إلى مقاطعته». مشيرا إلى أن النظام السياسي «بصدد فرض سياسة الأمر الواقع، التي أوصلت البلد إلى ما هو عليه، وهو على نهجه مستمر في عدم الاستجابة للشعب الجزائري، الذي طالب بإبعاد رموز النظام عن إدارة المرحلة الانتقالية، والشروع في انتقال ديمقراطي حقيقي، عبر الحوار والتوافق الوطني. وستكون لهذا الموقف عواقب خطيرة على الجزائر والجزائريين، يتحمل أصحاب القرار الفعليين مسؤوليته».
في سياق ذلك، قال مصدر من حزب «طلائع الحريات»، إن رئيسه علي بن فليس، رئيس الوزراء السابق، قرر عدم تلبية دعوة بن صالح. كما اتخذت أحزاب المعارضة الأخرى نفس الموقف، وهي «جبهة القوى الاشتراكية»، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، و«جيل جديد». وفي نفس السياق أكد المحامي البارز مصطفى بوشاشي، «أيقونة الحراك»، أنه لن يحضر اللقاء، الذي سيغيب عنه أيضا رئيس الوزراء سابقا أحمد بن بيتور، الذي قال في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»: «لا يمكنني أن أنخرط في مسعى يعارضه الجزائريون بشدة». مشيرا إلى أن اللقاء «يشبه إلى حد كبير الندوة الوطنية التي أراد بوتفليقة تنظيمها، بعد تخليه عن الترشح لعهدة خامسة».
وكان بوتفليقة قد أعلن عن «ندوة وطنية»، تعقد قبل نهاية 2019 لبحث تعديل الدستور، وتحديد تاريخ رئاسية جديدة، تعوض الانتخابات، التي كانت مقررة يوم 18 من أبريل (نيسان) الجاري. غير أن تصعيد الاحتجاج وتحالف قيادة الجيش مع المتظاهرين أفشلا هذا المشروع. لكن الظاهر أن «بقايا النظام»، حسب وصف بعض الناشطين بالحراك، يبحثون عن بعثه بشكل مغاير.
ويرجح بأن «اللقاء الجماعي التشاوري»، بحسب ما ورد في الدعوة التي وجهتها الرئاسة للأطراف السياسية، سيقتصر على مشاركة الأحزاب الموالية للسلطة، والتي توارى قادتها عن الأنظار منذ بداية الحراك، وهي «جبهة التحرير الوطني» (حزب الرئيس السابق) بقيادة معاذ بوشارب، الذي يواجه حركة للإطاحة به، و«التجمع الوطني الديمقراطي» بقيادة رئيس الوزراء المعزول أحمد أويحيى، و«تجمع أمل الجزائر» برئاسة الوزير السابق عمر غول، و«الحركة الشعبية الجزائرية» برئاسة الوزير السابق عمارة بن يونس. وهذه الأحزاب تعاني من ضعف كبير بسبب الانشقاقات والاستقالات، التي هزتها في سياق تطور الحراك المعارض لها.
وكان «الاجتماع التشاوري»، في صلب مسيرات ومظاهرات «جمعة الحراك التاسعة»، التي جرت أمس بالعاصمة وفي كامل الولايات، والتي كانت كبيرة كما جرت العادة؛ حيث عارضه المحتجون بشدة، واعتبروه مجرد «مناورة جديدة للالتفاف على المطالب».
وأبدى المتظاهرون بالعاصمة استياء بالغا لإغلاق «النفق الجامعي»، الذي يعد من أهم مسارات الحراك؛ حيث يربط البريد المركزي بـ«ساحة موريس أدوان»، اللتان تعتبران من أشهر فضاءات التجمعات الشعبية.
ورفع المتظاهرون شعارات معادية لبن صالح وللحكومة، ولخليفة بلعيز في رئاسة «المجلس الدستوري»، كمال فنيش. كما لوحظ وجود لافتات معادية للسلطات الفرنسية، التي يرى قطاع من «الحراكيين» أنها كانت دعما وسندا لـ«العصابة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.