زاحمت النوازع السياسية والتجارية اللافتات التي اكتست بها شوارع وميادين القاهرة والمحافظات المصرية، منذ قرابة شهر، لتحض المواطنين على المشاركة في الاستفتاء على التعديلات الدستورية، اليوم، في وقت حظي التحفيز على التعاطي الإيجابي مع هذه التعديلات بالمساحة الكبرى من خلال مبادرة تحت عناوين مختلفة من بينها (اعمل الصح)، (شارك... قول رأيك).
وعبّر مؤيدون للتعديلات الدستورية في دعايتهم عن آمالهم في توجه المواطنين إلى مقار التصويت، بهدف «استقرار وتقدم مصر»، و«القضاء على الإرهاب»، إذ رأى أحد تجّار بيع الزينة وفوانيس رمضان، في ميدان السيدة زينب أحد الأحياء الشعبية بوسط القاهرة، واكتفى بتعريف نفسه بالحاج سيد، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن «البلد محتاجة تستقر أكثر، وهناك مشاريع شغالة مين هيكملها؟».
وحول تكلفة اللافتات، قال الخمسيني سيد: «جمعنا (فلوس) من بعض التجار في المنطقة، وعلقنا لوحات لدعم الرئيس السيسي لاستكمال مسيرته». وتضمنت تلك اللافتات بعض العبارات، أبرزها: «نعم من أجل مصر»، و«التصويت بنعم واجب وطني للاستقرار»، «انزل وشارك مصر محتاجة صوتك (...)».
واستبقت الدعاية المُحفزة للمواطنين للتصويت بـ«نعم» على التعديلات قرار البرلمان بالموافقة عليها، وهو ما تصدى له رئيس مجلس النواب علي عبد العال في حينه، وقال إن «الدولة ليس لها علاقة بلافتات تأييد التعديلات المنتشرة في الشوارع».
وذهب عبد العال في رده على النائب البرلماني أحمد الشرقاوي، إلى أن «هذه دعاية نابعة من مواطنين متطوعين وليست سياسة دولة... ومن يقول (نعم) هذه حريته، ومن يقول (لا) كذلك، ويعلم الجميع أن (لا) سُمعت في البرلمان بشأن هذه التعديلات مثل (نعم)».
وحملت اللافتات في مناطق عدة بمحافظات مثل القاهرة والجيزة بعداً دعائياً، إذ حرص أصحاب المحال وتوكيلات بيع السيراميك والسيارات، على وضع أسمائهم عالياً، مطالبين المواطنين بضرورة التصويت على التعديلات، لـ«مزيد من الاستقرار»، وهو ما عبر عنه صاحب محل شهير لبيع الأسماك في ضاحية فيصل بمحافظ الجيزة، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، مكتفياً بالابتسام، في رده على دوافعه لرفع لافتة كبيرة بعرض الطريق، مضيفاً: «عايزين (نريد) الاستقرار للبلد».
ووجدت بعض الأحزاب المعارضة، غير المؤثرة في المشهد السياسي العام الأجواء مناسبة للوجود في الشارع السياسي بواسطة الدعاية الواسعة للتصويت على التعديلات بـ«نعم» من جهة، والتعريف بنفسها من جهة ثانية، بينما كثف حزب (مستقبل وطن) الممثل في البرلمان بـ57 نائباً، من لافتات (out door) على بعض الجسور الرئيسية والطرق السريعة تدعو للتصويت على التعديلات، وحمل بعضها عنوان، (شارك... قول... رأيك).
ولوحظ انتشار واسع للافتات التي تحمل أسماء وصورا لنواب البرلمان لحث المواطنين على المشاركة في الاستفتاء، وهو ما بدا واضحاً في دوائر انتخابية كقصر النيل وعابدين ومصر القديمة، لكن في دائرة مثل بولاق الدكرور، لم تخل اللافتات التي علا بعضها أسماء وصور نوابها، من توجيه المواطنين إلى ضرورة التصويت على الاستفتاء بـ«نعم» «لاستكمال مسيرة التنمية التي بدأها الرئيس السيسي»، وذهب النائب محمد إسماعيل إلى أن الاستفتاء على الدستور «واجب وطني».
وانتشرت في شوارع بالأحياء الشعبية، والمناطق الراقية، والميادين العامة، لافتات بأسماء آحاد المواطنين تدعو إلى أهمية التوجه للتصويت في الاستفتاء، وعمد بعضهم إلى وضع صورته الشخصية مقابل صورة السيسي مع التنويه ببنط كبير عن اسم صاحب اللافتة ودعمه للرئيس.
وأنعش الاستفتاء على التعديلات الدستورية، سوق المطابع ومكاتب الدعاية والإعلان، في مقابل كساد واسع في مهنة الخطاطين الذين كانوا يعتمدون على لافتات القماش، والكتابة على حوائط البنايات في انتخابات رئاسية ونيابية سابقة، وهو ما أكده صاحب مكتب دعاية في شارع قصر العيني بوسط القاهرة: «نعم، الاتجاه الآن لـ(بنرات) الكومبيوتر، انتهى زمن الكتابة على لوحات القماش».
وقال رمي توفيق (35 عاماً) الذي كان يتحدث بحذر، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن مكتبه يشهد حالة رواج في مواسم الانتخابات بشكل عام، ومنذ قرابة شهر وهو يعمل في أوقات إضافية للانتهاء من لافتات الدستور.
وأضاف أن «كثيراً من الزبائن وخاصة أعضاء بمجلس النواب يتعاقدون معنا لتعليق (اليفط) ونصب الفراشة (الخيام) في الشوارع»، «العمال يفرحون في مثل هذه المواسم لحصولهم على (بقشيش) من المعلنين». وشهدت مصر أجواء مماثلة أثناء الاستفتاء على الدستور في عام 2014، على خلفية دعوات «الحرب على الإرهاب»، و«استقرار البلاد»، بعد عزل الرئيس الأسبق محمد مرسي على إثر انتفاضة شعبية، وهو ما ترجم باصطفاف المواطنين بشكل مكثف أمام مقار الاستفتاء بمحافظات مصر.
لافتات الاستفتاء... دعاية وطنية وتجارية
لافتات الاستفتاء... دعاية وطنية وتجارية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة