نتنياهو يضع خطة لإجهاض محاكمته

نواب ثلاثة يصرفون جل تفكيرهم ومشاريعهم لتوفير حصانة راسخة له

TT

نتنياهو يضع خطة لإجهاض محاكمته

قبل أن يباشر رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف، بنيامين نتنياهو، العمل على تشكيل حكومته الجديدة، يكرس جل جهوده، للخطة التي كان وضعها سلفا مع مجموعة ضيقة من رفاقه وحلفائه وترمي إلى إجهاض محاكمته بتهمة الفساد. فهو يدرك أن الملفات الثلاثة المفتوحة ضده قوية ومكنوزة بالأدلة الدامغة، فإذا ما رضخ ودخل قفص الاتهام، لن يخرج من هناك إلا إلى السجن. ولذلك، فإن الخطة تقضي بمنع الوصول إلى المحكمة. وكما هو معروف، هناك ثلاثة ملفات مفتوحة ضد نتنياهو، أحدها يحتوي على تهمة تلقي الرشى واثنان يحتويان على تهمة خيانة الأمانة والاحتيال. وفي حال إدانته بها، فإن الحكم عليه سيكون السجن الفعلي ما يزيد عن خمس سنوات. وفي هذه المرحلة، قطعت الملفات شوط التحقيق وأصدر المستشار القضائي للحكومة تقريرا يبلغ فيه نتنياهو أنه سيقدم ضده ثلاث لوائح اتهام، بعد جلسات السماع. وجلسات السماع هذه تتم عادة للمسؤولين الكبار المتهمين في قضايا ومخالفات. وخلالها يتم عرض مواد التحقيق على المحامين واستجواب ممثلي النيابة حولها.
وكان يفترض أن تتم جلسة الاستماع قبل الانتخابات الإسرائيلية في التاسع من الشهر الجاري، لكن المستشار أبيحاي مندلبليت قرر تأجيلها إلى ما بعد الانتخابات، حتى لا تتسرب منها القصص والحكايات فيتم اتهام المستشار بأنه يتدخل في الانتخابات. وتقرر أن يتقدم محامو الدفاع عن نتنياهو للحصول عليها من النيابة في اليوم التالي للانتخابات. ولكن المحامين أقدموا على ألعوبة ستضطر المستشار إلى التأجيل مرة أخرى. فهم لم يحضروا إلى النيابة للحصول على الملفات، بدعوى أنهم لم يقبضوا بعد أجرتهم من نتنياهو. ونتنياهو لم يدفع لهم لأنه يطلب السماح له بأن يجمع تبرعات من أصدقائه في الخارج. ولكن مجلس نزاهة السلطة منعه من الحصول على تبرعات كهذه باعتبار أنه غني بما يكفي لكي يدفع من جيبه. واستأنف نتنياهو على القرار ولم تحسم القضية بعد.
وبسبب أعياد الفصح اليهودية وما يليها من أعياد، لن يستطيع المستشار مندلبليت تسريع معالجة هذه الألعوبة. وينتظر بفارغ الصبر. وقد أصبح واضحا من الآن أنه سيضطر إلى تأجيل بدء المحاكمة عدة شهور أخرى، وليس قبل سنة من الآن.
لكن نتنياهو لا يكتفي بذلك، وهو يستعد لإدخال شرط على اتفاقية الائتلاف مع حلفائه في الحكومة القادمة، يضمن تجنيدهم جميعا إلى جانبه لمنع محاكمته. وهناك طريقتان، سيتم اختيار أحداهما: الأولى تقضي بسن قانون ما يسمى بـ«الطريقة الفرنسية». فحسب القانون الفرنسي لا يجوز محاكمة رئيس حكومة أو وزير طالما يقوم بمهام مسؤوليته. والطريقة الثانية تغيير قانون الحصانة البرلمانية بحيث لا يجوز نزع الحصانة عن رئيس الحكومة إلا من خلال أكثرية مميزة من 61 نائبا في الكنيست (البرلمان الإسرائيلي). وفي الحالتين يحتاج نتنياهو إلى حلفائه. ومع أنه شخصيا لا يتحدث في الموضوع بشكل علني، إلا أن هناك ثلاثة نواب من حزبه ومعسكره يقومون بالمهمة. فيتصلون مع رؤساء أحزاب اليمين الائتلافي ويطلبون منهم صراحة الالتزام بإجهاض محاكمة نتنياهو.
والخطة، حسب مصادر مقربة منه، هي أن يعمل كل ما في وسعه لكيلا تبدأ المحاكمة. ولكن، في حال خروج الأمور من بين يديه واضطر للدخول إلى قفص الاتهام، فإن خطته تقضي بأن لا يترك منصبه كرئيس حكومة. فالقانون الإسرائيلي يتيح له ذلك. وعندئذ سيواجه الرأي العام، وسائل الإعلام الإسرائيلية والعالمية، التي ستشن هجوما كاسحا عليه وتتهمه بأنه يهمل قضايا الدولة حتى يتفرغ للمحاكمة. ولهذا الظرف، أعد نتنياهو خطة خاصة. فهو ينوي تعيين وزير قضاء مريح له من أعضاء حزبه الليكود. وفي نهاية هذه السنة سينهي رئيس النيابة، شاي نتسان، عمله ويقوم نتنياهو سوية مع الوزير الجديد بتعيين رئيس جديد للنيابة، وسيكون الاختيار وفقا للمصلحة. والأمر نفسه ينطبق على منصب المستشار القضائي للحكومة، الذي سينهي مهامه في مطلع السنة القادمة. ويخطط نتنياهو عندها أن يحضر للمحكمة ويمين في الأسبوع فقط. وفي حالة كهذه لن يتهم بأنه يهمل أوضاع البلاد.
وهكذا، ستطول المحكمة أكثر بكثير من وضع محاكمة طبيعي. وقد تتعب النيابة من هذه المماطلة. وعندئذ يقترح عليها صفقة: يترك العمل السياسي مقابل وقف المحاكمة. وقد سبق أن شهدت إسرائيل مثل هذه الصفقات مرة مع رئيس الدولة الأسبق، عيزر وايزمان، الذي اتهم بتلقي الرشى فأبرم صفقة ترك بموجبها الكرسي الفخم مقابل إبطال لائحة الاتهام.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».