خبير عسكري: دمشق عاجزة عن مواجهة السلاح الأميركي.. وتهديدها بالرد «مكابرة سياسية»

المعارضة تطالب بأن تشمل الضربات الجوية «داعش» و«النظام» لإنهاء ظاهرة المجموعات المتطرفة

مقاتلون سوريون يتجولون في شوارع حلب التي دمرت بعد تعرضها لقصف النظام السوري(أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون يتجولون في شوارع حلب التي دمرت بعد تعرضها لقصف النظام السوري(أ.ف.ب)
TT

خبير عسكري: دمشق عاجزة عن مواجهة السلاح الأميركي.. وتهديدها بالرد «مكابرة سياسية»

مقاتلون سوريون يتجولون في شوارع حلب التي دمرت بعد تعرضها لقصف النظام السوري(أ.ف.ب)
مقاتلون سوريون يتجولون في شوارع حلب التي دمرت بعد تعرضها لقصف النظام السوري(أ.ف.ب)

تترقب المعارضة السياسية والعسكرية الخطوات التنفيذية للتحرك العسكري الأميركي المرتقب ضد تنظيم «داعش» في سوريا، مجددة مطالبتها «المجتمع الدولي بمحاربة كل التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها نظام الرئيس بشار الأسد و«داعش». واعتبر الائتلاف أن النظام «أكبر راع وداعم للتنظيمات الإرهابية»، واصفا تهديد دمشق بالرد على الطيران الأميركي إذا شن ضربات من دون التنسيق معها بـ«استعراض لا قيمة له».
وفيما لم تكن المعارضة تشكك بموقف واشنطن الرافض للتنسيق مع النظام، تتوقع، ووفق المعطيات التي تملكها أنها لن تكون هي بعيدة عن أجواء أي ضربة عسكرية ضد التنظيم في سوريا، لا سيما أن الخارجية الأميركية كانت قد طلبت من الائتلاف الوطني، إطلاق مناشدة لمساعدته في مواجهة الإرهاب، قبل أيام وفق ما كشف عضو الائتلاف الوطني أحمد رمضان.
وقال رمضان لـ«الشرق الأوسط» سبق أن طلبت الخارجية الأميركية من الائتلاف الوطني لقوى الثورة، أن يطلق مناشدة للتدخل ومواجهة الإرهاب، وهو ما حصل في 16 أغسطس (آب) الماضي، بعقد مؤتمر صحافي في غازي عنتاب بتركيا، دعا فيه رئيس «الائتلاف الوطني السوري» هادي البحرة المجتمع الدولي لـ«مساعدة الجيش السوري الحر»، مناشدا العالم إنقاذ سوريا من «داعش». واعتبر البحرة حينها أن «عدم رحيل نظام الرئيس بشار الأسد يعني مزيدا من الإرهاب»، متهما النظام بـ«التنسيق غير مباشر مع «داعش».
وقال رمضان: «التوقعات تشير إلى أن الجانب الأميركي سيعمل بداية، على دعم الجيش الحر لمواجهة (داعش)»، مشيرا إلى أن تحركا قد بدأ في حلب بعد تشكيل غرفة عمليات بإمكانات ذاتية، تضم عددا من الكتائب العسكرية، وقد نجحت لغاية الآن في إبعاد خطر «داعش» عن بلدات عدة في الشمال.
وتوقع عضو الائتلاف أن يحصل تنسيق أميركي مع المعارضة والجيش الحر لضرب «داعش» لتفادي التعرض للثوار، وأن تأخذ الوعود بدعم الجيش الحر عسكريا، طريقها نحو التنفيذ، ولا سيما أن 90 في المائة من المناطق التي سيطر عليها تنظيم «داعش» كانت في يد المعارضة، مضيفا: «من الطبيعي أن تعود هذه المناطق إلى المعارضة». وفيما لفت إلى أن معلومات من قبل الإدارة الأميركية كانت تؤكد أنه لن يكون هناك اتصال أو تنسيق أمني أو عسكري مع النظام، أشار إلى أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم حاول في كلامه الأخير عرض خدمات أمنية، وهي الممارسات التي اعتاد القيام خلال عشرات السنوات، في سوريا ودول عدة.
وفي هذا الإطار، اعتبر عضو الائتلاف الوطني عبد الرحمن الحاج أنه في حال قامت واشنطن بالتنسيق مع النظام لتنفيذ ضربة عسكرية فسيكون هذا الأمر مكافأة له، مضيفا في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن ضرب (داعش) من دون اتخاذ أي قرار بشأن النظام، لن يؤدي إلى إنهاء ظاهرة المجموعات المتطرفة، بل على العكس من ذلك، فالنظام سيعمد إلى العمل على إنشاء تنظيمات أخرى».
ورأى الحاج أن دمشق تحاول استغلال الفرصة المناسبة لتكون جزءا من الحل، معتبرا أن دعوتها لا يبدو أنها تلقى آذانا صاغية من الغرب بشكل عام وواشنطن بشكل خاص، وهي التي تعلم جيدا دور النظام في ظهور هذه التنظيمات المتطرفة في سوريا. وأكد رمضان أن المعارضة تطالب بتقديم الدعم العسكري لها لمواجهة خطر الإرهاب المتمثل بـ«النظام السوري»، و«داعش»، مشيرا إلى أن هناك رأيين اليوم في الإدارة الأميركية، أحدهما يؤيد فكرة التدخل المباشر والآخر يفضل التريث قليلا.
وسأل الحاج، ردا على قول المعلم إن سوريا سترد إذا لم يتم التنسيق معها بشأن الضربات الجوية ضد «داعش»، قائلا: «لو كان لها القدرة لفعلت قبل ذلك، هذا الكلام ليس أكثر من استعراض لا قيمة ولا معنى له».
وفيما أكد الحاج أنه لا يوجد أي تواصل مع الائتلاف والمعارضة من قبل أي جهة غربية بشأن الضربة العسكرية ضد «داعش» في سوريا، قال: «المعارضة مستمرة في عملها لتحرير المناطق وإذا أبعدت داعش فستتولى المعارضة السيطرة على الأرض».
ومن وجهة النظر العسكرية، قلل العميد المتقاعد نزار عبد القادر من قدرات النظام السوري العسكرية لمواجهة الطيران الأميركي، وقال في حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «ليس لدى سوريا القدرة على المواجهة إذا قررت واشنطن تنفيذ غارات ضد (داعش)، كما أنها خسرت كل قواعدها الجوية في المناطق التي يسيطر عليها التنظيم». وأضاف: «ما تملكه أميركا من تكنولوجيا عالية قادرة على شل مختلف الوسائل الإلكترونية التي تملكها سوريا في نظام دفاعها الجوي». وقال: «لم يسبق للنظام السوري أن تصدى للطيران الإسرائيلي الذي لا يصل إلى قدرة الطيران الأميركي، بل على العكس من ذلك، التزم الصمت». وأضاف: «القول إن النظام سيتصدى للطيران الأميركي ليس إلا عرض مجاني للغرب وكلام سياسي في مجال المكابرة».
وفيما رأى عبد القادر أنه من غير الواضح حتى الآن، ما هي المقاربة التي تفكر بها أميركا في الحرب بسوريا، رأى أن الضربات الجوية ضد التنظيم ستضعف قدراته، لكنها لن تكون حاسمة، لا سيما أن المناطق التي يسيطر عليها تسمح له باستقدام مئات المقاتلين. وأضاف: «إنه لا بد من القيام بعمل بري واسع وأن تشمل العمليات العسكرية المسرحين السوري والعراقي في الوقت عينه لكسر ظهر التنظيم بالكامل». وكان للائتلاف الوطني، موقف من كلام وزير الخارجية السوري، استهجن خلاله ما وصفه بـ«مجموعة الأكاذيب».
ورأى في بيان له، أن نظام الأسد، عبر تاريخه كله، هو أكبر راع وداعم للتنظيمات الإرهابية، والأمثلة أكثر من أن تحصى، وليس شاكر العبسي وتنظيم فتح الإسلام في لبنان هو المثال الوحيد، فرئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، في عشية تفجيرات بغداد الإرهابية في أغسطس 2009، وجه أصابع الاتهام إلى الأسد المتعاون مع تنظيم «داعش» في العراق بتدبيرها، ومن ثم أكد المالكي أن معظم التفجيرات الإرهابية التي تقع على أرض العراق تأتي من قبل النظام.
ولفت البيان إلى أن تركيز «المعلم» على ضرورة تعاون المجتمع الدولي مع نظام الأسد في ضرب تنظيم «داعش» يتناقض مع تاريخ هذا النظام بصنع الإرهاب وحقيقة امتناعه عن ضرب مواقع التنظيم وقتا طويلا من الزمن. واعتبر إن النظام الذي يريد أن يستثمر القرار الدولي 2170 لمصلحته، ويوحي للعالم باستعداده ومقدرته على ضرب الإرهاب، كان تواطأ في الأمس القريب، في تسليم (مطار الطبقة) لتنظيم «داعش».
ودعا الائتلاف المجتمع الدولي لمحاربة كل التنظيمات الإرهابية، وفي مقدمتها نظام الأسد وتنظيم «داعش» وميليشيات «حزب الله» والميليشيات الإيرانية والعراقية التي تعتدي على الأراضي السورية والشعب السوري.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».