معارك طرابلس تدخل أسبوعها الثالث... والسراج يلاحق حفتر «جنائياً»

سلامة يحذّر من اشتعال الوضع... و«الصحة العالمية» تحذّر من ارتفاع القتلى

عائلة أفريقية تغادر منطقة السواني بعد ارتفاع وتيرة المعارك أمس (رويترز)
عائلة أفريقية تغادر منطقة السواني بعد ارتفاع وتيرة المعارك أمس (رويترز)
TT

معارك طرابلس تدخل أسبوعها الثالث... والسراج يلاحق حفتر «جنائياً»

عائلة أفريقية تغادر منطقة السواني بعد ارتفاع وتيرة المعارك أمس (رويترز)
عائلة أفريقية تغادر منطقة السواني بعد ارتفاع وتيرة المعارك أمس (رويترز)

مع دخول المعارك العنيفة، التي استمرت أمس حول العاصمة الليبية طرابلس أسبوعها الثالث، طلب فائز السراج رئيس حكومة «الوفاق»، رسميا، من المحكمة الجنائية الدولية البدء بالتحقيق في «جرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان»، من طرف المشير خليفة حفتر، القائد العام لـ«الجيش الوطني».
وتواصلت المعارك العنيفة أمس بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، داخل عدة مناطق على تخوم العاصمة، والتي خلفت بحسب آخر إحصائية لمنظمة الصحة العالمية قرابة 205 أشخاص، بينهم 18 مدنياً، كما أصيب 913 آخرون، كما توقعت ارتفاع عدد القتلى، وفي غضون ذلك أحبط «الجيش الوطني» هجوماً مفاجئاً على قاعدة عسكرية تابعة له في جنوب البلاد.
وقال السراج في رسالة وجهها إلى فاتو بنسودا، المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية، مساء أول من أمس، إن «حفتر ارتكب جرائم ضد المدنيين، ودمّر البنية التحتية بقصفها بالأسلحة الثقيلة، المحرم استعمالها داخل المدن، واستهدفت أيضا المنازل والمدارس والمستشفيات وسيارات الإسعاف».
وأضاف السراج موضحا: «باعتبار أن هذه الجرائم تدخل في اختصاص الجنايات الدولية، فإن الأمر يتطلب تقديم المسؤولين العسكريين والمدنيين في الجيش للمحكمة، وعلى رأسهم حفتر، الذي أطلق هذه العملية العسكرية بنفسه».
ودعا السراج الذي اطمأن أمس خلال اجتماع موسع عقده مع القادة العسكريين التابعين له، على «جاهزية القوات المرابطة في جبهات القتال لتنفيذ المهام الموكلة إليها»، المحكمة الجنائية، إلى الشروع بالتحقيق في هذه الجرائم والانتهاكات، وتقديم المسؤولين عنها للمحكمة، متعهدا بأن تزود حكومته المحكمة بكل المستندات والأدلة الثبوتية. كما أصدر باعتباره وزير الدفاع في حكومته، أوامر اعتقال بحق حفتر وستة عسكريين آخرين في الجيش الوطني، من بينهم اللواء عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية، واللواء صقر الجروشي قائد سلاح الطيران.
في المقابل، اتهم «الجيش الوطني» السراج ووزير داخليته فتحي باشا أغا بمنع تسليم جثمان ضحايا القصف على طرابلس إلى ذويهم لدفنهم، وأنه جرى إخبارهم بأن الجنازة ستكون جماعية في ميدان الشهداء طرابلس، بناء على تعليماتهما.
وقالت شعبة الإعلام الحربي، التابعة للجيش في بيان لها مساء أول من أمس، إن «قيادة الجيش لن ترتاح ولن يغمض لها جفن حتى الثأر للشهداء من هذه الميليشيات الإجرامية، التي جاوز إجرامها كل حد، هي ومن يقف خلفها».
واستهدفت طائرات تابعة لقوات السراج، أمس، قاعدتين لـ«الجيش الوطني» في الجفرة وهون، حيث شنت غارة جوية على مواقع في هون وضواحيها، دون وقوع أي أضرار بشرية في صفوف الجيش أو المدنيين هناك.
وفى محاولة لتشتيت «الجيش الوطني»، هاجم مسلحون قاعدة جوية رئيسية يسيطر عليها في جنوب البلاد، واندلع قتال حول قاعدة تمنهنت قرب سبها. لكن مصادر عسكرية قالت في المقابل إن الجيش تصدى للهجوم، مشيرة إلى أن قاعدة تمنهنت بالكامل «تحت السيطرة»، واعتبرت أن الهجوم «محاولة لفتح خط اقتتال لإبعاد قوات الجيش عن تخوم طرابلس».
من جهته، نفى حمزة حسن، مدير مطار تمنهنت الدولي، سيطرة الجماعات المسلحة التابعة لحكومة السراج على القاعدة، وأكد في تصريحات له أمس، نقلتها وسائل إعلام محلية، أن قوات الجيش تسيطر على القاعدة والمطار، مشيرا إلى قيامها أيضا بملاحقة هذه الجماعات المسلحة.
واستغل المهاجمون تحريك حفتر لقواته شمالا في محاولة للسيطرة على طرابلس، لشن الهجوم المباغت على هذه القاعدة الجوية الرئيسية في جنوب البلاد، والتي سيطرت عليها قوات «الجيش الوطني» في وقت سابق هذا العام. لكن رجال القبائل الذين تتغير ولاءاتهم ما زالوا يتمتعون بنفوذ في المنطقة الصحراوية قليلة السكان.
بدوره، أدان اللواء أحمد المسماري، المتحدث باسم قوات «الجيش الوطني»، استهداف المدنيين بصواريخ جراد والراجمات بشكل عشوائي على أحياء متفرقة بطرابلس، من قبل الميليشيات المسلحة، وتوعد بمحاسبة مرتكبيها. وقال المسماري في مؤتمر صحافي، عقدة بمدينة بنغازي، إن «القصف العشوائي تسبب في تدمير عدد من المنازل في حي الانتصار وأبو سليم في طرابلس».
في السياق ذاته، حذر مبعوث الأمم المتحدة لدى ليبيا غسان سلامة، الذي التقى السراج، أمس، من «اشتعال» الوضع في ليبيا، معتبرا الحملة التي شنها «الجيش الوطني» بقيادة حفتر على العاصمة، أوصلت الوضع إلى حالة من «الجمود العسكري» على الأرض.واعتبر سلامة، في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية بطرابلس، أمس، أن «الانقسامات الدولية القائمة قبل الهجوم» ووجودها «شجع» المشير حفتر على شن حملته.
واجتمع السراج وسلامة بمقر المجلس بالعاصمة طرابلس، حيث تناول الاجتماع مستجدات الأوضاع حول العاصمة، وجهود الأمم المتحدة لوقف الحرب، كما تطرق اللقاء للمشاورات التي تجري في مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع حول ليبيا دعت إليه ألمانيا.
إلى ذلك، اتهمت وزارة الداخلية بالحكومة الليبية، المعترف بها دوليا، فرنسا، أمس بدعم القائد خليفة حفتر، وقالت إنها ستوقف التعاون مع باريس. وذكرت الوزارة التي يوجد مقرها بطرابلس في بيان أنه سيتم وقف «أي تعامل مع الجانب الفرنسي في الاتفاقيات الأمنية الثنائية».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».