الأطفال... احتياط استراتيجي لتنظيمات الإرهاب في البقاء

لاختراق النقاط الأمنية والترويج الإعلامي

الأطفال... احتياط استراتيجي لتنظيمات الإرهاب في البقاء
TT

الأطفال... احتياط استراتيجي لتنظيمات الإرهاب في البقاء

الأطفال... احتياط استراتيجي لتنظيمات الإرهاب في البقاء

قالت دراسة مصرية إن «الأطفال احتياط استراتيجي لتنظيمات الإرهاب لضمان البقاء، نظراً لقلة عدد عناصر هذه التنظيمات، ولاستخدامهم في اختراق النقاط الأمنية أو استغلالهم كمادة إعلامية للترويج»، مؤكدة أن «التنظيمات وعلى رأسها «داعش» تبث أفكاراً مسممة خلال فتاوى تحول الأطفال لقنابل موقوتة وآلات للقتل والتدمير... وهذه التنظيمات وضعت استراتيجية بعيدة المدى لاستبدال مشاعر الكراهية والحقد والثأر من العالم بالبراءة».
وشهدت مصر قبل نحو أسبوعين هجوماً انتحارياً نفذه طفل في سن (15 عاماً) بالقرب من قوة أمنية أثناء قيامها بتمشيط منطقة السوق في مدينة الشيخ زويد بشمال سيناء، تبناه «داعش»، وأسفر عن سقوط 7 ضحايا من الشرطة والمدنيين، وإصابة أكثر من عشرين آخرين.
الدراسة أعدها المؤشر العالمي للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية أمس، أشارت إلى أن «التنظيمات الإرهابية ترى بنسبة 100 في المائة أن الأطفال يمثلون مستقبلها، لحمل رايتهم في المستقبل القريب، وهذا يُعظم من أهمية تجنيدهم». وأكد المؤشر أنه «رغم اتفاق أغلب التنظيمات الإرهابية في تجنيد الأطفال؛ إلا أن الاختلاف يكمن في خطابهم، فـ«داعش» يُبرز في خطابه ضرورة تجنيد الأطفال بنسبة 75 في المائة، وحثت فتاويه وإصداراته على ذلك لتجهيزهم للقتال، وهذا التجنيد إما أن يكون بشكل عنيف، أو غير عنيف، وغالباً ما يكون معبراً عن قيم الطاعة للوالدين وولي الأمر».
وقال المؤشر في دراسته، إن «تنظيم «القاعدة» يُبرز في خطابه ضرورة عملية تجنيد الأطفال بنسبة 25 في المائة، ورغم أن هذه النسبة قد تبدو قليلة مقارنة بـ«داعش»، فإن ذلك لا يعطي دلالة على وجود اختلاف بين استراتيجية التنظيمين في التجنيد، فالاختلاف يقع فقط في طريقة التطبيق؛ لكن الغاية تظل واحدة»، مضيفاً أن «داعش» يعتمد بنسبة كبيرة على الإعلام في عملية التجنيد، في حين يعتمد «القاعدة» على التنشئة بصورة أكبر».
ونشرت مجلة «بيتك» التابعة لـ«القاعدة» موضوعاً في يناير (كانون الثاني) الماضي، بعنوان «اجعلي ولدك شبلاً»، وفي فبراير (شباط) نشرت مجلة «ابنة الإسلام» موضوعاً بعنوان «لأجل أطفالنا سنقاتل» وأكدت المجلة حينها أن «أطفالنا أضحوا مستهدفين لاستعمالهم كأسلحة في هذه الحرب».
وعن روافد التنظيمات الإرهابية للحصول على الأطفال. أرجعه المؤشر العالمي للفتوى إلى ثلاثة روافد هي، «الأطفال من أبناء مقاتلي التنظيمات بنسبة 66 في المائة عن طريق خطف النساء، وتشجيع الزواج المبكر، وتدعيم تعدد الزوجات. والرافد الثاني عبر اختطاف الأطفال والقُصر دون علم أهاليهم إضافة إلى اليتامى وأطفال الشوارع بنسبة 24 في المائة، والثالث بنسبة 10 في المائة ويقوم على تجنيد المراهقين عبر وسائل التواصل الاجتماعي والألعاب الإلكترونية».
وأرجع مؤشر الفتوى تجنيد التنظيمات الإرهابية للأطفال إلى «طبيعة الطفل الانفعالية والمندفعة والتشبع بالأفكار دون تمييز بنسبة 45 في المائة، والتراجع في قوة التنظيمات العددية والضغوط الأمنية بنسبة 35 في المائة، واستغلال تدهور الأوضاع المعيشية في بعض الدول بنسبة 20 في المائة»، موضحاً أن «طبيعة الأطفال تُسهل عملية تلقينهم وتطويعهم للقيام بالعمل الإرهابي، كما أن الأفكار والأحداث التي تغرس في عقل الطفل تظل معه طوال حياته، وبالتالي يضمن التنظيم رسوخ أفكاره وتوارثها جيلاً بعد جيل».
وأكد المؤشر في هذا الصدد، أن «داعش» يستخدم الأطفال في أوقات الهزيمة والانحسار، باعتبارهم «قنابل موقوتة» جاهزة للانفجار في أي وقت أو مقاتلين يحملون الأسلحة، أو القذائف الخفيفة مثل القنابل اليدوية، إلى جانب بعدهم عن مواضع الشبهة عند النقاط والارتكازات الأمنية، فمن ذلك فتوى عضو الهيئة الشرعية لـ«داعش» أبو سعيد الجزراوي، التي صدرت في 2016 وتضمنت «إجازة استخدام الأطفال في تنفيذ عمليات انتحارية بعد تفخيخ أجسادهم بالقنابل»... كما «تستغل التنظيمات الإرهابية الأطفال في الدعاية من خلال استخدامهم كمواد إعلامية في إصداراتهم المرئية، للتعبير عن قوة التنظيم، وتأكيد استمرار وجوده عبر هذا الجيل، حتى لو تمت هزيمته».
وحول طرق التجنيد. أكد مؤشر الفتوى عبر «زرع الأفكار الجهادية في عقلية الطفل، والتعليم الذي يصب في صالح التنظيم، والتدريب الذي يعتمد على الإعداد البدني للطفل، بتدريبه على حمل السلاح وفنون القتال، وأخيراً التخصيص حيث يقوم التنظيم بتوزيع هؤلاء الأطفال حسب قدراتهم في عمليات التفخيخ والتفجير، أو التصوير والتتبع والرصد، أو إدارة مواقع التواصل وشبكات التنظيم الإلكترونية».
==========================================================================================================================

** كلام الصور:
(1) انفوغراف لدار الإفتاء بمصر يوضح طرق الاعتماد على الأطفال في العنف



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم