الحكومة المغربية تطَّلع على نتائج «الطاولة المستديرة» حول الصحراء

TT

الحكومة المغربية تطَّلع على نتائج «الطاولة المستديرة» حول الصحراء

قدم ناصر بوريطة، وزير الخارجية والتعاون الدولي المغربي، أمس، عرضاً أمام الحكومة حول مستجدات قضية الصحراء، وذلك على بعد أيام من التقرير الذي سيقدمه الأمين العام للأمم المتحدة لمجلس الأمن حول الصحراء، المقرر نهاية أبريل (نيسان) الحالي.
وكشف مصطفى الخلفي، الناطق الرسمي باسم الحكومة المغربية، خلال لقاء صحافي عقده عقب اجتماع الحكومة في الرباط، أن بوريطة عرض «ما نتج عن تفاعل المغرب مع بعض المتدخلين الدوليين في الملف، وموقف المغرب على ضوء عقد مائدتين مستديرتين بجنيف في ديسمبر (كانون الأول) 2018، ومارس (آذار) 2019، وخصوصاً فيما يتعلق بمشاركة كل طرف فيها وسيرها ونتائجها»، فضلاً عن «تدبير بعثة (مينورسو)، وبعض الأفكار والمشروعات غير المنتجة التي تروج بشأنها»، من دون أن يوضح المقصود بهذه المشروعات والأفكار، وقال إنها مطروحة في وسائل الإعلام.
وكان بوريطة قد صرح الثلاثاء الماضي من موسكو، بأن المغرب «يريد حلاً واقعياً لقضية الصحراء، وغير مستعد للتعامل مع مواقف تتعارض مع قرارات مجلس الأمن»، مشيراً إلى أن «المغرب تعامل منذ البداية بوضوح مع هذا المسلسل (اللقاءات المتعلقة بالصحراء)، ولا يريد اجتماعات لمجرد اجتماعات؛ بل يريد إنهاء هذا النزاع الإقليمي الذي طال أمده»، مضيفاً أنه «إذا كانت هناك رغبة حقيقية عند الأطراف الأخرى، فالمغرب وضع فوق الطاولة مبادرة للحكم الذاتي».وسجل بوريطة أنه «إذا كانت بعض الأطراف لا تزال متمسكة بمواقف عفى عليها الزمن، فالمغرب يخرج بنتائج ويحدد موقفه؛ لكنه غير مستعد للاستمرار في مسلسل للكلام، ولاجترار مواقف متناقضة مع قرارات مجلس الأمن، وأكثر من ذلك مواقف غير عملية وبعيدة عن التوافق».
وبشأن الموقف من الوضع في ليبيا، قال الخلفي إن موقف المغرب «واضح وصريح، وهو يتابع بقلق تطورات الوضع في ليبيا في ظل التصعيد العسكري، والمسار السياسي هو الحل الأمثل للأزمة الليبية»، مذكراً باللقاء الذي جمع الأربعاء بوريطة بجمعة القماطي، المبعوث الشخصي لرئيس حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج، والذي جرى خلاله التأكيد على أهمية اتفاق الصخيرات.
وفي موضوع منفصل، نوه سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية أمس، بمبادرة الملك محمد السادس، الرامية إلى المساهمة في ترميم وتهيئة بعض الفضاءات داخل المسجد الأقصى المبارك وفي محيطه، موضحاً أن المبادرة الملكية جاءت في الوقت المناسب: «نظراً لما يعيشه المسجد الأقصى مؤخراً من مؤامرات، ولأن بعض مرافقه وساحاته بحاجة ماسة إلى ترميم وصيانة». وأبرز العثماني أن المبادرة، التي أمر الملك محمد السادس بأن تتم بتنسيق مع دائرة الأوقاف الإسلامية الهاشمية الأردنية، الجهة الوصية على إدارة أوقاف الأقصى: «تجسد الاهتمام الشخصي للملك، بوصفه رئيس لجنة القدس الشريف، ومواقفه، دفاعاً عن مدينة القدس الشريف».
وبخصوص أزمة المدرسين المتعاقدين، نفى الخلفي تولي عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، ملف الأساتذة المتعاقدين المضربين منذ عدة أسابيع، من أجل إيجاد حل للأزمة. وأوضح أن هذا الملف «تدبره الوزارة الوصية، وهي وزارة التربية والتعليم، ولم يحل على أي قطاع حكومي آخر، خلافاً لما أثير في بعض المواقع الإلكترونية». مبرزاً أن حواراً من المقرر أن يجرى الثلاثاء المقبل بين ممثلي الأساتذة المضربين والوزارة، قصد إنهاء هذا المشكل، وحتى يتسنى «ضمان الاستقرار المهني والوظيفي للأساتذة، ومراعاة مصلحة التلاميذ».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.