الجزائر: بن صالح يبدأ مشاوراته السياسية تحسباً لرئاسية 4 يوليو

أحمد بن بيتور لـ «الشرق الأوسط»: لدي ورقة للخروج من المأزق الذي تعيشه البلاد

TT

الجزائر: بن صالح يبدأ مشاوراته السياسية تحسباً لرئاسية 4 يوليو

بينما أعلن رئيس وزراء الجزائر السابق أحمد بن بيتور عن استعداده للمشاركة في البحث عن حل سياسي للمأزق، الذي تتخبط فيه البلاد منذ أكثر من شهرين، استقبل رئيس الدولة المعين عبد القادر بن صالح، أمس، رئيس البرلمان والوزير السابق عبد العزيز زياري، إيذانا ببدء استشارة الطبقة السياسية، بخصوص إطلاق «هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات»، التي أعلن عنها منذ أسبوع.
وقال بن بيتور لـ«الشرق الأوسط»، إنه أعد «ورقة سياسية» تقترح حلا للأزمة الحالية، التي تفجرت بسبب إعلان الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة ترشحه لولاية خامسة، في انتخابات كان مقررا أن تجري أمس. لكن موجة الغضب التي اندلعت منذ 22 من فبراير (شباط) الماضي دفعت بوتفليقة إلى إلغائها، وأجبرته لاحقا على الاستقالة.
وذكر رئيس الوزراء سابقا (2000 - 2001) أنه يريد أن يضع «عصارة تجربته في التسيير بصفته رئيسا للوزراء ووزيرا للمالية تحت تصرف البلاد. وإذا طلبت مني السلطة، أو نشطاء الحراك الشعبي المساعدة، فأنا جاهز». مشيرا إلى أنه لم يتلق أي اتصال من أي جهة في النظام لتستشيره في حل للمأزق السياسي الحالي، «كما لم يطلب مني أحد أن أكون ضمن هيئة لكبار الشخصيات، تقود المرحلة الانتقالية، بديلا للمؤسسات التي تسير البلاد حاليا». مؤكدا أن «كثيرا من النشطاء السياسيين الذين التقيتهم، ناشدوني قبول عرض محتمل لإدارة شؤون البلاد في المرحلة المقبلة، لكنني لا أرحب بالفكرة».
وشدد بن بيتور على أنه لا يرغب أبدا في أن يكون عضوا في فريق جماعي، يهتم بتسيير المرحلة الانتقالية، أو أن يكون على رأسه... لكنه في المقابل يرغب في تقديم تصور للخروج من الأزمة، باعتباره الدور الوحيد الذي بإمكانه تأديته. لكن بن بيتور تحفظ عن الخوض في تفاصيل «ورقة الطريق»، التي يقول إنه أعدها.
في غضون ذلك، قال مصطفى بوشاشي، أحد أبرز نشطاء الحراك: «نرفض تدوير المناصب على الوجوه القديمة... نريد تغييرا حقيقيا يمس المسؤوليات الكبرى وطرق التسيير، ونريد اختفاء ممارسات النظام القديم، وأخطرها اعتقال النشطاء السياسيين ومداهمة الجامعة واعتقال الطلبة، كما حدث الأربعاء بكلية الحقوق والعلوم الإدارية بالعاصمة». في إشارة إلى دخول فصيل أمني إلى الكلية بالقوة لاعتقال طلبة كانوا في واجهة الإضرابات والمظاهرات الخاصة بالجامعة. وقد أثارت هذه الحادثة استياء قطاع واسع من الجزائريين، خاصة أنها جاءت بعد 5 أيام من إطلاق قنابل من نوع جديد على المتظاهرين بوسط العاصمة، تثير اختناقا في جهاز التنفس.
في سياق متصل، أعلنت رئاسة الدولة، أمس، عن طريق وكالة الأنباء الحكومية أن بن صالح استقبل رئيس «المجلس الشعبي الوطني» (الغرفة البرلمانية الأولى) ووزير التضامن السابق عبد العزيز زياري، من دون ذكر فحوى اللقاء.
وقال زياري في اتصال هاتفي بـ«الشرق الأوسط»، إن بن صالح بدأ «سلسلة من المشاورات مع الأحزاب والنقابات وتنظيمات المجتمع المدني، تخص الحلول للأزمة بهدف تجاوز هذه المرحلة... ولم يظهر لي أن بن صالح يفكر في الاستقالة، فهو شخص يتحمل مسؤولياته، هذا ما أعرفه عنه». ونقل عنه اعتزامه إطلاق «هيئة وطنية جماعية سيدة في قرارها، تعهد لها مهمة توفير الشروط الضرورية لإجراء انتخابات وطنية شفافة ونزيهة، والاضطلاع بالتحضير لها وإجرائها». وهذا المسعى أعلن عنه بن صالح يوم تنصيبه رئيسا مؤقتا في التاسع من أبريل (نيسان) الحالي.
وأضاف زياري موضحا: «تساءلنا سويا إن كان بالإمكان تنظيم انتخابات في الظروف التي تعيشها البلاد»، في إشارة إلى الاستحقاق الرئاسي، المقرر في الرابع من يوليو (تموز) المقبل، وإلى أن الحراك يرفضه بشدة، كما ترفضه أحزاب المعارضة، التي أعلنت الثلاثاء الماضي عقب اجتماع لها بالعاصمة، أنها لا تعترف ببن صالح، ولن تلبي دعوته للتشاور.
واستقبل الرئيس المؤقت أيضا بلعيد عبد العزيز، رئيس «جبهة المستقبل» ومرشح رئاسية 2014، وتطرقا إلى المواضيع نفسها التي أشار إليها زياري، بحسب مصدر حكومي.
ودعا بن صالح في وقت سابق، إلى «تجاوز الاختلافات والتوجسات، والتوجه نحو عمل جماعي تاريخي في مستوى رهانات المرحلة، قوامه التعاون والتكافل والتفاني، للوصول إلى الهدف الأساسي وهو وضع حجر الزاوية الأول للجزائر المرحلة المقبلة».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.