«350 جنيهاً كهرباء... 150 جنيهاً مياه... 75 جنيهاً غاز... 200 جنيه إيجار... 2000 جنيه مصروف شهري».
فاتورة شهرية لأسرة مكونة من 6 أفراد، يتحصلّون على 3000 - 4000 جنيه (173 - 231 دولاراً) شهرياً مرتب رب المنزل الذي يعمل في قسم التوظيف بإدارة إحدى الشركات الخاصة.
عماد فوزي، أربعيني يعيش في حي شبرا الشعبي، بإيجار قديم؛ وهو ما يساعده على تدبر تكاليفه الشهرية، يقول لـ«الشرق الأوسط» عن ارتفاع الأسعار الحالية والمتوقعة قبل تطبيق زيادة متوقعة في الخدمات الحكومية يوليو (تموز) المقبل: «تخيل لو أنا عايش في إيجار جديد وبدفع شهرياً 1500 جنيه في المتوسط.. كنت هعيش إزاي؟».
ستة أطفال أصغرهم 5 سنوات، وأكبرهم 14 عاماً، يتوزعون على مراحل التعليم الأساسي، من حضانة وابتدائي وإعدادي، لكن ما زال التعليم في مصر مجاناً، وهو ما يساعده أيضاً على عدم تحمل تكاليف أكثر.
غير أنه أجاب عن السؤال الذي طرح نفسه في ظل ظروفه، ولماذا ستة أطفال؟ وقال: «أقل طفل عنده 5 سنوات... يعني خلفتهم قبل ارتفاع الأسعار... وكانت الدنيا مستورة وقتها.. وما ينفعش أرجع الأولاد تاني!».
وبينما يؤكد فوزي أن حياته لا تسير بالشكل الصحيح؛ نظراً للارتفاعات المقررة في الأسعار بدءاً من يوليو المقبل، ضمن برنامج الإصلاح الاقتصادي في البلاد الذي بدأ عام 2015، تقول مراكز بحثية: إن برنامج الإصلاح الاقتصادي يسير في مساره الصحيح، حيث تم استيفاء جميع معايير الأداء والأهداف الإرشادية في نهاية يونيو (حزيران) ونهاية ديسمبر (كانون الأول) 2018، عدا مستهدف شهر يونيو حول الدين العام.
بدأت مصر برنامجاً للإصلاح الاقتصادي في عام 2015، شمل رفع الدعم عن الوقود والغاز والكهرباء والمياه تدريجياً، وكان من المتوقع أن ينتهي في يونيو المقبل، لكن تم تمديده فيما يخص أسعار الكهرباء لعام 2022، بيد أنه حتى الآن لم تطل الإصلاحات الجهاز الإداري للدولة الذي يتضمن، وفقاً لتصريحات رسمية، ما يقرب من 7 ملايين موظف.
يقول تقرير صادر عن «بلتون» المالية: إن الرؤية المستقبلية إيجابية لمصر، مشيرة إلى أن وضع الاقتصاد الكلي المصري يتحسن بشكل ملحوظ، بفضل تطبيق سياسة الحكومة السليمة.
ويقول رب الأسرة عماد فوزي، إن رؤيته المستقبلية لأسرته في ظل الأوضاع الحالية «لا تبشر بالخير»، بفضل «نفس سياسات الحكومة السليمة».
وعن كيفية تدبر الأمور اليومية من أكل وشرب وأدوية وملبس، «الحكومة بتدبر حالها كويس»، يقصد فوزي حكومة منزله: الزوجة.
في مصر يطلق الأزواج عادة لفظ الحكومة على الزوجة؛ نظراً لمسؤوليتها المباشرة عن الأمور اليومية وكيفية تدبير النفقات، ومحاولة موازنة المصروفات بالإيرادات.
يوضح: «أعطي كل المرتب للحكومة وهي تقوم بتدبير النفقات الشهرية مع الأخذ في الاعتبار محاولتها الترشيد في بعض الشهور الموسمية»... مشيراً إلى الشهور التي تسبق الأعياد والمناسبات، مثل شهر رمضان وموسم دخول المدارس.
يضيف: «الحكومة في إيديها القرار... ناكل إيه ونشرب إيه؟... بناءً على المرتب الشهري».
والحكومة في مصر ملزمة بتوفير الموارد الغذائية للمواطنين، بأسعار معقولة تتناسب ومعدلات الدخل، غير أن معدل التضخم السنوي المرتفع أساساً منذ تعويم العملة في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2016، تراجع خلال مارس (آذار) بشكل طفيف، بينما انخفض التضخم الشهري بشكل ملحوظ، في مؤشر على هدوء نسبي في وتيرة الأسعار قبل إجراءات تضخمية مرتقبة خلال الأشهر المقبلة.
وانخفض التضخم السنوي في مصر الشهر الماضي إلى 13.8 في المائة، مقابل تضخم سنوي بـ13.9 في المائة خلال فبراير (شباط)، وفقاً للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
وعن كم الضغوط التي تتعرض لها الحكومة (زوجة رب الأسرة) في مصر، جراء ارتفاع الأسعار المستمر... وإمكانية الاقتراض أو زيادة الدخل... قال: «المرتب عادة ما ينتهي قبل آخر الشهر بعشرة أيام أو سبعة أيام... ولذلك؛ تقوم الحكومة بتدبير إنفاق إضافي من خلال سلفة ترد في أول الشهر مع المرتب... أو من خلال فوائد قرشين وضعتهم في البنك». وفي 28 مارس الماضي، أبقى البنك المركزي المصري أسعار الفائدة الرئيسية دون تغيير، ليظل سعر فائدة الإيداع لليلة واحدة عند 15.75 في المائة، وسعر فائدة الإقراض لليلة واحدة عند 16.75 في المائة. وتعتبر أسعار الفائدة تلك عالية.
وبينما تتدبر الأسر في مصر من خلال أسعار الفائدة العالية، تضغط بدورها على ميزانية الدولة؛ نظراً لارتفاع تكلفة الاقتراض المحلي؛ إذ بلغ الدين العام المحلي نحو 3.8 تريليون جنيه، فضلاً عن اللجوء للاقتراض الداخلي الذي تخطى 100 مليار دولار.
تعرضت الأسر المصرية والحكومة أيضاً لمزيد من الضغوط بعد تعويم العملة في نوفمبر عام 2016، وبينما اتخذت الدولة بعض الإجراءات لضبط ميزانياتها، تتخوف الأسر من تراجع أسعار الفائدة، والمتوقع قريباً.
يقول الدكتور شريف هنري، خبير الاقتصاد الكلي في مصر: إن أفضل عائد ثابت حالياً يتمثل في فوائد الأوعية الادخارية لدى البنوك، وأضاف: «الفائدة لمدة 3 سنين 15.25 في المائة»، موضحاً أن ضمان أسعار فائدة ثابتة تصل إلى أكثر من 15 في المائة لمدة ثلاث سنوات، وسط توقعات بهبوط معدل التضخم إلى أقل من 10 في المائة على مدار هذه الفترة الزمنية، هو أفضل استثمار حالياً.
ويضيف هنري لـ«الشرق الأوسط»، أن أسعار الفائدة العالية تعين الأسر المحدودة والمتوسطة المدخرة، على زيادة إيراداتهم الشهرية بشكل شبه ثابت، وبمعدل يصل إلى الأمان في المواسم.
وتوقع أن يحافظ البنك المركزي المصري على أسعار فائدة عالية حتى الربع الرابع من العام الحالي، مرجعاً ذلك إلى موجة التضخم التي ستأتي بعد ارتفاعات الأسعار بدء من النصف الثاني من العام الحالي.
وعن قطاع العقارات الذي يعتبره المصريون ملاذاً آمناً، قال هنري: إن أسعار الفائدة العالية استحوذت على جزء من مستثمري العقارات، فضلاً عن أن نحو 40 في المائة فقدت من قوة السوق، موضحاً أن هذه النسبة ما هي إلا مستثمرين اشتروا عقاراً ولم ينجحوا في بيعه، نظراً لتراجع القوة الشرائية في السوق، مع أزمة تمويل واضحة.
ويعتبر قطاع العقارات في مصر من أكثر القطاعات في البلاد إقبالاً من المواطنين على الاستثمار فيه؛ نظراً لأنه أصل من الممكن استخدامه في أي وقت لأي من أفراد العائلة، فضلاً عن أن التطورات الاقتصادية ترفع عادة الأسعار.
وأمام كل هذا، تعتبر الفائدة العالية، معطلة للاستثمارات؛ نظراً لأنها لا تشجع المستثمرين على المخاطرة في معظم القطاعات.
أسعار الفائدة في مصر... سند الفئات المحدودة والمتوسطة شهرياً
جذبت جزءاً كبيراً من مستثمري العقار
أسعار الفائدة في مصر... سند الفئات المحدودة والمتوسطة شهرياً
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة