مهرجان «كان» يعلن عن قائمة أفلام الدورة الـ72

بينها أفلام لعرب كثيرين وأجانب محترفين

من فيلم ترنس مالك «هيدن لايف»
من فيلم ترنس مالك «هيدن لايف»
TT

مهرجان «كان» يعلن عن قائمة أفلام الدورة الـ72

من فيلم ترنس مالك «هيدن لايف»
من فيلم ترنس مالك «هيدن لايف»

أعلنت إدارة مهرجان «كان» السينمائي أمس قائمة الأفلام التي تشكل معاً عروض الدورة الثانية والسبعين التي ستنطلق في الرابع عشر من الشهر المقبل وتغلق أبوابها ليل الخامس والعشرين من الشهر نفسه.
أفلام من ترنس مالك، جيم جارموش، إيلي سليمان، كن لوتش، إكزافييه دولان وبدرو ألمادوفار تصطف جنباً إلى جنب مع مخرجين أقل شهرة مثل لادي لي وجوستين تريَت ومريح توزاني ومنية شكري وناريمان ألييف وأوليفييه لاكس. السماء التي تجمع هؤلاء ونحو ثلاثين اسماً آخر هي ذاتها التي يتجمع تحتها نحو أكثر من عشرة آلاف ضيف ومدعو ومثيلهما من الزائرين الآتين لحضور هذا الصرح السينمائي المتفاعل عاما بعد عام.
هذا بمعزل عن مئات ألوف المشاهدين الذين يؤمون العروض كل سنة. حسب مصادر المهرجان، أمَّ أفلام المسابقة وحدها في العام الماضي 800 ألف مشاهد. هذا، بالمقارنة مع نحو 5 ملايين تذكرة دخول بيعت في عموم الصالات الفرنسية في العام الماضي، يشكل ما تعرفه فرنسا من شعبية السينما وانتشار ثقافتها على النحو الذي بات مشهوداً عبر السنين.
المدير التنفيذي للمهرجان، تييري فريمو، ذكّـر في كلمته خلال المؤتمر الصحافي بالخطوات الطويلة التي قطعها المهرجان منذ دورته الأولى سنة 1938 وحتى اليوم. لم يكن لديه الوقت الكافي للمرور على سبعين سنة أو نحوها من الدورات، ولا على أكثر من ألفي مخرج وفيلم، لكن تحيته لتلك السنوات سجلت له، كذلك تحية رئيس المهرجان بيير ليسور للمخرجة الراحلة أنييس فاردا التي اختارها المهرجان موضوع ملصقه الرسمي وهي تعتلي ظهر أحد المساعدين لأجل أن تلتقط المشهد من الزاوية المناسبة، وذلك خلال تصوير فيلمها «النقطة القصيرة» سنة 1954.

جدد ومخضرمون
القول إن القائمة المعلنة مثيرة للاهتمام بات أمراً عادياً لا يشبع الفضول. لكنه الواقع كذلك. الدورة الجديدة تعرض لمخرجين حضروا «كان» وفازوا بجوائز منه وعادوا إليه أكثر من مرّة. في الوقت ذاته، أجرى المهرجان بحثه عن جدد يسند إليهم منصة الانطلاق مستقبلاً. ولم يفته أن الإعلام مستعد لتعداد عدد المخرجات النساء اللواتي سيدخلن المعمعة الكبيرة فتم تزويد المسابقة الأولى ومسابقة «نظرة ما» بما يلزم من أسماء نسائية؛ حتى لا يتم اتهام المهرجان بتقليل الشأن أو التجاهل.
لكن أبرز ما فيه هذه السنة وجود أسماء عربية تتوزع في أرجاء مسابقتيه.
على الشاشة الرئيسية يطالعنا المخرج الفلسطيني إيليا سليمان العائد إلى العمل بعد عشر سنوات غياب. قام صاحب «يد إلهية» (2002) و«الزمن الباقي» (2009) بتحقيق فيلم جديد من بطولة علي سليمان وفرنسوا جيرار وألان دهان إلى جانب المخرج نفسه الذي كتب السيناريو أيضاً. عنوان الفيلم «لا بد أنها الجنة»، وتقول النبذة المختصرة عنه إن المخرج زار وصوّر الفيلم في بلدان عدة ليكتشف أنها تماثل فلسطين. لا شيء آخر يوضح المقصود بذلك.
في نطاق مسابقة «نظرة ما» نجد عدداً أشمل من السينمائيين العرب: منية شكري تدفع بفيلمها «حب أخوي»، ومريام توزاني تعرض «آدم»، ومنية مدوّر تقدم «بابيشا»، بينما يعرض كريم عينوز، الذي يعيش ويعمل في ألمانيا حالياً «حياة غير مرئية». هذا الرباعي يشكل عُشر عدد المخرجين المنافسين في هذه المسابقة التي تضم 16 فيلماً.
بعض الأسماء المعروفة تصب هنا أيضاً يقودها برونو دومون الذي سنشاهد له «جين» (عن حياة الفرنسية «جوان د آرك»)، لكن المعظم الكاسح من مخرجين «نظرة ما» هم من الجدد تماماً أو ممن حقق سابقاً أفلاماً قليلة لم يسبق لها التوجه إلى محافل بهذا المستوى.
تبقى المسابقة الرئيسية الذخيرة الحية التي يطلقها المهرجان صوب المشككين بقدرته على صد هجمات منافسيه (فنيسيا وبرلين)، وهذه تضم سبعة عشر فيلماً، ليس فيلم إيليا سليمان سوى واحد منها.

أحداث
إذا ما كانت عودة إيليا سليمان، الذي عرض أفلامه السابقة في هذا المحفل حدثاً مهماً (لا بد من تقييمه بحد ذاته لاحقاً)، فإنه ليس الحدث الوحيد. هناك مخرجون آخرون لديهم من مكونات الإبداع ما يجعل كل فيلم يحققانه حدثاً موازياً في أهميته.
أحد هؤلاء المخرج الأسطوري ترنس مالك الذي يقدم هنا فيلمه الجديد «حياة مخبوءة». بطريقته الخاصة يعرض مالك حكاية (أو ما يشبه حكاية) لمزارع نمساوي رفض أن يحارب في صفوف النازيين خلال الحرب العالمية الثانية. أوغست ديل في دور البطولة ومعظم الأدوار هي لأوروبيين آخرين، بينهم يوغن بروشنوف و(الراحل) برونو غانتز وفرانز روغوفسكي. كذلك الحال مع الطاقم الذي اختاره للوقوف خلف الكاميرا، ومنهم مدير التصوير يورغ فدمر والموتير رحمن نزار علي.
والمسابقة تبدأ، كما ورد في «الشرق الأوسط» قبل أسبوع بفيلم «الموتى لا يموتون» للأميركي جيم جارموش، وهو أيضاً مخرج محسوب على كان ومشهود له بأعماله البديعة. هذا الفيلم الذي اختير ليكون فيلم الافتتاح يزدان بعدد كبير من الشخصيات، بينها بل موراي وتيلدا سوينتون وأدام دايفر.
ولا بد من ذكر كن لوتش الذي يعود إلى الشاشة الفرنسية بفيلمه الجديد «آسف، افتقدتك»، والإيطالي ماركو بيلوكو الذي يعرض «الخائن»، والإسباني بدرو ألمادوفار الذي يأتي بفيلمه الجديد «ألم ومجد» مع أنطونيو بانديراس وبينيلوبي كروز.
كل من لوتش وألمادوفار من بين أعتق المشتركين في دورات «كان»، كذلك الحال بالنسبة للأخوين جان - بيير داردين ولو داردين اللذين يوفران لنا «أحمد الشاب» (أو «الفتى أحمد»). موضوع هذا الفيلم شائك ومثير؛ كونه يقدم شخصية مسلم مراهق يخطط لقتل مدرّسه بعدما فهم القرآن الكريم على نحو مغلوط.
الفيلم الفرنسي «نايتهوك» لجوليانو دورنيل وكليبر فيلهو من بطولة أودو كير (من رعيل موجة السينما الألمانية الجديدة في أواخر السبعينات) والبرازيلية صونيا براغا. وهو من إنتاج الجزائري الأصل سعيد بن سعيد.
للتذكير، دورنيل كان عمل مصمم مناظر لفيلم «أكواريوس» الذي قام كليبر فيلهو بإخراجه بينما تولت سونيا براغا بطولته، وذلك قبل ثلاثة أعوام.
المخرج إيرا ساكس يعرض حكاية ثلاثة أجيال متعاقبة تعيش في البرتغال، وهو أيضاً من إنتاج سعيد بن سعيد. بطولة الفيلم مسنودة للفرنسية إزابل أوبير والأميركي ماريسا توماي لجانب البريطاني برندن غليسون.
الكوري بونغ جون يتناول في فيلم يزيد على الساعتين حكاية عائلة تصطدم بحادث مفجع ذات يوم كانت تقضيه في الحديقة العامة.
من فيلم ترنس مالك «هيدن لايف»



شاشة الناقد: الذكاء الاصطناعي

«ذكاء إصطناعي» (وورنر)
«ذكاء إصطناعي» (وورنر)
TT

شاشة الناقد: الذكاء الاصطناعي

«ذكاء إصطناعي» (وورنر)
«ذكاء إصطناعي» (وورنر)

A.I. ARTIFICIAL INTELLIGENCE ★★★⭐︎

* إخراج: ستيفن سبيلبرغ

* الولايات المتحدة | 2001 | استعادة

انتُخب قبل أيام «ذكاء اصطناعي» بوصفه أحد أفضل 100 فيلم في التاريخ، وذلك على موقع (Indiwire) المعروف. سبق له أن ورد في قائمة مجلة «Sight and Sound» قبل 4 سنوات، وهي بدورها من أهم وأشهر من بقي من مجلات السينما الورقية في العالم.

في عام 2001 ذُهل النقاد بهذا الفيلم المصنّف، بلا تردّد، بالخيال العلمي. كانت إحدى المرات الأولى التي يسمع معظم الناس بها كلمة «ذكاء اصطناعي» والمخرج سبيلبرغ أحسن اختيار العنوان والفيلم بوصفه مشروعاً ورثه عن ستانلي كوبريك (The Shining وEyes Wide Shut) الذي - من بعد سنوات عديدة من العمل عليه اقترحه على سبيلبرغ ومدّه بالتصاميم التي وضعها والمعالجات التي كتبها.

كان طبيعياً أن يصبّ المشروع المقتبس عن رواية «Supertoys Last All Summer Long» القصيرة وضعها برايان ألديس سنة 1969 في بحيرة كوبريك، وما اشتغل عليه في فيلمه الشهير «2001: أويسا الفضاء» (1968) حول خطر التكنولوجيا متمثلاً بالكمبيوتر المتقدم على الإنسان وقدراته الذهنية. وضع السيناريو والتصاميم الفنية ورسم كل شيء تمهيداً لتحقيقه لولا انشغاله في الوقت نفسه بما أصبح لاحقاً فيلمه الأخير «عينان مغلقتان واسعاً» (1999). الذي يتعامل فيه حول الرجل (توم كروز) الباحث عن هويّته بين الخيال والواقع.

إذ أقدم سبيلبرغ على تحقيق الفيلم بنى السيناريو الذي كتبه بنفسه على حكاية الولد المصنوع في المختبرات ديڤيد (هايلي جووَل أوزموند، مُذهل)، في إيجاز شديد لفيلم يتجاوز الساعتين. هو روبوت فريد من نوعه صُنع ليحب. يُباع لعائلة تفتقد ابنها الطبيعي مارتن الذي يرقد في المستشفى. تتبناه ويتعلّق ديڤيد بحب أمّه بالتبني، لكن خروج مارتن من المستشفى يدفع العائلة للتخلي عن ديڤيد وتركه وحيداً في عالم موحش يهرب منه إلى أعماق البحر بحثاً عن الجنية الزرقاء التي ستحوّله إلى إنسان حقيقي ليعود إلى «أمّه» آدمياً. بعد ألفي سنة تكتشفه مخلوقات فضائية هبطت الأرض وتحقق له حلمه.

سَعيُ ديڤيد للتحوّل إلى بشر حقيقي مستوحى من حكاية «بينوكيو» التي قرأتها له أمه (فرنسيس أوكونور). في نهاية رواية كارلو كولودي (1883) يتحوّل بينوكيو من ولد - خشب إلى بشر من لحم ودم، وهذا ما يبقى في بال ديڤيد وهو يسعى لتقليد مارتن في كل شيء استجداءً لحب أمّه. لكن هذه كانت وافقت على طلب زوجها بالتخلي عنه مكرهة، مدركة أن البيت لن يتَّسع لولدين وعليها اختيار ابنها الطبيعي وليس الصناعي.

تقود الأم سيارتها إلى غابة خطرة وتترك ديڤيد هناك رغم توسلاته. كلاهما يبكي لكنها ستُقدم على ما قرّرته تاركة ديڤيد لمصيره المجهول. تزداد رغبة الصبي في الارتقاء من آلي إلى حيّ ومن ثم تتحقق بعد ألفي سنة بقي خلالها هامداً لا يموت بفضل مساعدة تلك المخلوقات على الإتيان بشخص الأم المتوفاة.

عدا تأثير بينوكيو هناك كل ما يخطر على بال المُشاهد المزوّد ثقافياً من عقدة أوديب إلى موضوع الطفولة الباحثة عن مصيرها إلى موضوع البحار.

عقدة أوديب مقترحة في الـ45 دقيقة الأولى من خلال تعلّق ديڤيد بأمه. نُفورُ والده (بالتبني) منه تدريجياً، ثم شعور ديڤيد بالغيرة من مارتن الذي يُجيد فعل كل شيء على نحو أفضل.

أما موضوع الطفولة الباحثة فنجده مزروعاً (بعناية) في أفلام عدة لسبيلبرغ. هو في «هوك» (Hook) في 1991، و«إنديانا جونز والحملة الصليبية الأخيرة» (Indiana Jones and the Last Crosade) في 1989. كما في «إي تي، خارج الأرضي» (E.T. The Extr-Terrestrial في 1982). المثال الواضح كذلك نراه في «إمبراطورية الشمس» (Empire of the Sun) في 1987 الذي يبحث فيه فتى صغير عن والديه بعدما غزا الجيش الياباني الصين وانفصل عنهما.

البحار هي أيضاً من بين ما يتكرر في بعض أفلام سبيلبرغ محفوفة برموز الخطر والموت. في «ذكاء اصطناعي» يتجلّى ذلك بلجوء ديڤيد إلى البحر والبقاء في قاعه. يوعز المشهد بمشاهد أخرى وردت في «Jaws» سنة 1975 (الأطفال في خطر) والأهم في «دائماً» (Always) في 1989 من خلال مشهد سقوط طائرة في البحر وعدم قدرة قبطانها على الخروج منها. وهناك مشهد غرق سفينة في «أميستاد» (Amistad) تحمل عبيداً من أفريقيا (1997) ومقتلهم جميعاً.

كل هذا يرد في «ذكاء اصطناعي» من خلال حكاية تموج ما بين مؤثرات خاصّة رائدة (في ذلك الحين) وعواطف عاتية ومرتفعة تؤمّها مشاهد مطوّلة في بيت العائلة، ثم أخرى طويلة أيضاً عند نهاية الفيلم.

في حين تلعب المؤثرات كل ما هو مطلوب منها في فيلم من الخيال العلمي، مثل حال هذا الفيلم، لا تؤدي المشاهد العاطفية إلا أدواراً مرحلية. مشهد الفراق الصعب عندما تتخلّى الأم عن ديڤيد رغم توسلاته يصيب عاطفة المشاهدين بسبب توقيته كما بسبب تأييد المُشاهدين لديڤيد. لكن ما يلي من مغامرات في كنف ميدان لجماهير حاشدة يتم فيه التضحية بمن يُقبض عليهم من روبوتس وميكانيكيين آخرين لا علاقة فعلية له بما يقع، وسيبقى تحوّلاً مرحلياً من الحكاية الأم (ورموزها المذكورة آنفاً) إلى صنو المغامرات. يخدم ذلك الفصل تفعيل التشويق وحس المغامرة لكنه يودي بالمضمون العميق للحكاية إلى قاع.

مشاهدتي الأولى للفيلم (في يوليو/ حزيران، 2001 التي تبعها لقائي مع ستيفن سبيلبرغ) أذهلتني. الآن أشعر أن الفيلم كان رائداً وجيّدَ التنفيذ لكن «العاطفية» التي تشوب العديد من أعمال المخرج تدخلت طويلاً وأنتجت في النهاية مشاهد لا ضرورة لها.

* عروض: منصّة Apple‪+‬

«في ظلال بيروت» (ARTE)

في الصالات

* In the Shadow of Beirut ★★★ - فيلم تسجيلي حُقّق قبل عامين يرى النور حالياً ويدور حول أم لبنانية وابنتها تعيشان في مخيم صبرا. الفتاة مريضة والأم لا تستطيع معالجتها.

* Better Man (لم يُشاهد بعد) - سيرة حياة المغني البريطاني روبي ويليامز الذي قرّر الظهور كقرد على المسرح لأسباب نفسية وحقق نجاحاً.

* September 5 ★★ - عودة إلى أحداث أولمبياد ميونيخ 1972 إنما من زاوية تغطية الإعلام الأميركي لها. مضج ومتكلّف ويفتقر إلى موقف.

* Wolf Man ★ - فيلم رعب عن رجل يَرِث منزلاً يأوي إليه ثم تنتابه حالات مفزعة. يبدأ واعداً وينحدر بعد ذلك سريعاً.