البنك الدولي يحذر من «صدمة حادة» يواجهها الاقتصاد الفلسطيني

التقرير يتوقع اتساع الفجوة التمويلية هذا العام ووزير التنمية يصفه بالواقعي

عامل في مركز توزيع مساعدات الأمم المتحدة الغذائية داخل مخيم الشاطئ بغزة فبراير الماضي (رويترز)
عامل في مركز توزيع مساعدات الأمم المتحدة الغذائية داخل مخيم الشاطئ بغزة فبراير الماضي (رويترز)
TT

البنك الدولي يحذر من «صدمة حادة» يواجهها الاقتصاد الفلسطيني

عامل في مركز توزيع مساعدات الأمم المتحدة الغذائية داخل مخيم الشاطئ بغزة فبراير الماضي (رويترز)
عامل في مركز توزيع مساعدات الأمم المتحدة الغذائية داخل مخيم الشاطئ بغزة فبراير الماضي (رويترز)

قال البنك الدولي إن الاقتصاد الفلسطيني يواجه صدمة حادة على صعيد المالية العامة، بسبب أزمة العوائد الضريبية التي تحتجزها إسرائيل، محذرا من تدهور أسرع للنشاط الاقتصادي ومستويات المعيشة إذا لم يتم حل المسألة في أسرع وقت.
وركز البنك في تقرير حديث، نشر أمس، ومن المقرر أن يقدمه إلى لجنة تنسيق المساعدات للشعب الفلسطيني في اجتماعها المقبل في بروكسل، في الـ30 من أبريل (نيسان) الجاري، على التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني، بما في ذلك معدلات النمو المتدنية منذ العام الماضي والعاجزة عن مسايرة النمو السكاني.
وقالت القائمة بأعمال المدير الممثل المقيم للبنك الدولي في الضفة الغربية وقطاع غزة ومديرة شؤون الاستراتيجية والعمليات لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا آنا بيردي إن «الاقتصاد الذي لم يشهد نموا حقيقيا في عام 2018، يواجه الآن صدمة حادة على صعيد المالية العامة بسبب الأزمة بشأن تحويلات إيرادات المقاصة».
وأضافت: «من الضروري إيجاد حل على وجه السرعة للحيلولة دون مزيد من التدهور للنشاط الاقتصادي ومستويات المعيشة، فإيرادات المقاصة تشكل مصدراً رئيسياً لدخل الموازنة العامة، وأصبحت كل شرائح السكان تشعر بآثار هذه الأزمة المستمرة في ظل حالة الضعف التي يشهدها الاقتصاد».
وكانت إسرائيل بدأت في فبراير (شباط) الماضي خصم مبلغ 42 مليون شيكل (نحو 11.5 مليون دولار) شهرياً من أموال العوائد الضريبية التي تحولها إسرائيل إلى السلطة الفلسطينية، كل شهر خلال عام 2019 بإجمالي 504 ملايين شيكل (نحو 138 مليون دولار)، وهو مبلغ يوازي ما دفعته السلطة لعوائل شهداء وأسرى في العام 2018، فردت السلطة برفض تسلم أي مبلغ مجتزأ وردت المقاصة كاملة لإسرائيل.
وتشكل هذه الأموال الدخل الأكبر للسلطة، ما سبب أزمة كبيرة. وقال البنك الدولي: «إذا لم تتم تسوية هذه الأزمة، فستزيد الفجوة التمويلية من 400 مليون دولار في عام 2018 إلى أكثر من مليار دولار في 2019».
ولفت التقرير إلى معدلات النمو المتدنية في الـ12 شهرا الماضية التي تعجز عن مسايرة النمو السكاني، ما أدى إلى زيادة معدلات البطالة وتدهور الظروف المعيشية. ويُعزَى غياب النمو في معظمه إلى التدهور الحاد للأوضاع في قطاع غزة، حيث يعاني أكثر من نصف السكان من البطالة، وتقلَّصت الأنشطة الاقتصادية بنسبة 7 في المائة في عام 2018.
وسلّط التقرير، الضوء على التحديات الكبيرة التي يواجهها الاقتصاد الفلسطيني وبشكل محدد آثار القيود المفروضة على دخول السلع ذات الاستخدام المزدوج التي تعتبر مستلزمات رئيسية للإنتاج والتكنولوجيا الحديثة.
وقال التقرير إن هذه السياسية تحول دون تنويع النشاط الاقتصادي والنمو المستدام في الأراضي الفلسطينية.
وتطرق البنك إلى قائمة طويلة بالفعل تشمل 56 سلعة مزدوجة ممنوعة من الدخول إلى الضفة الغربية، وهو ما يتجاوز كثيرا الممارسات الدولية المعتادة.
وجاء في التقرير «تبرز الآثار السلبية للقيود على السلع ذات الاستخدام المزدوج على أشدها في قطاعات الصناعة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والزراعة، حيث إن القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج تسببت في تقليص تركيز المواد الكيماوية الفعالة في الأسمدة، وهو ما جعلها أقل فاعلية، وأدى إلى انخفاض إنتاجية الأراضي إلى نصف مثيلتها في الأردن، و43 في المائة من غلتها في إسرائيل».
وبحسب البنك الدولي «فإن التطبيق الحالي للقيود على السلع ذات الاستخدام المزدوج يثير مشكلات على عدة مستويات، فالقيود لا تُميِّز بدرجة كافية بين الاستخدامات المشروعة وغير المشروعة وليست هناك شفافية في تطبيق القيود ولا تمتلك الشركات الفلسطينية القدرة على الطعن في القرارات الإدارية».
وقال البنك إن من شأن تخفيف القيود المفروضة على السلع ذات الاستخدام المزدوج، أن يضيف 6 في المائة إلى حجم الاقتصاد في الضفة الغربية و11 في المائة في قطاع غزة بحلول عام 2025 بالمقارنة مع السيناريو المتوقع إذا استمرت القيود.
وأوصى البنك الدولي بمجموعة من الإجراءات منها على المدى القصير ترشيد وتبسيط الإجراءات الإدارية الإسرائيلية لنظام السلع ذات الاستخدام المزدوج، وفي الأمد المتوسط استبدال النهج المتبع حاليا من خلال نظام يعتمد على تحليل المخاطر المتعلقة بوصول السلع ذات الاستخدام المزدوج للشركات، حيث يتم تسهيل وصول هذه السلع إلى الشركات التي لديها سجل قوي في مجال التعامل بسلامة وأمان مع المواد الخطرة.
وفي قطاع غزة، قال البنك إنه يمكن تنفيذ هذا النهج مع ضمان ألا يتم تحويل هذه السلع إلى الاستخدامات غير المشروعة، سواء من خلال الرقابة عن بعد أو الرقابة الفعلية من قِبَل الأمم المتحدة.
ووصف وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني التقرير بأنه يعكس الأوضاع الاقتصادية الواقعية، قائلا إن «إجراءات الاحتلال سبب رئيسي في التدهور». وقال مجدلاني إن التقرير يتطلب معالجة الأمر بقرارات واضحة من المجتمع الدولي لإنقاذ الوضع الاقتصادي في دولة فلسطين.
وطالب مجدلاني المانحين وعلى ضوء إجراءات الاحتلال وتقرير البنك الدولي إلى زيادة التعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، وتوفير مقومات عملها، مشددا على أن عدم معاقبة الاحتلال سيزيد من فرص تدهور أوضاع الاقتصادي الفلسطيني.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.