السعودية والإمارات تقودان النمو الاقتصادي الخليجي

جانب من العاصمة الرياض
جانب من العاصمة الرياض
TT

السعودية والإمارات تقودان النمو الاقتصادي الخليجي

جانب من العاصمة الرياض
جانب من العاصمة الرياض

يتوقع معهد المحاسبين القانونيين في إنجلترا وويلز (ICAEW)، في أحدث تقاريره للرؤى الاقتصادية، أن تحقق دول مجلس التعاون الخليجي نمواً اقتصادياً بنسبة 2.3 في المائة في 2019، بتحسّن طفيف عن السنة الماضية بمعدل 0.3 نقطة مئوية. ويوضح التقرير أن اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي سيتأثر بسبب مواصلة «أوبك بلس» (الدول أعضاء «أوبك» ومنتجون مستقلون) خفض الإنتاج، وتحركات أسعار النفط.
ويقول التقرير، الذي تم إعداده من قبل «أكسفورد إيكونوميكس»، إنه رغم الحافز القوي للهيئات المسؤولة في دول مجلس التعاون الخليجي، من أجل تنويع اقتصاداتها خلال السنوات القليلة الماضية، يستمر النفط في فرض هيمنته؛ حيث يشكّل ما يصل إلى 46 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وعلى هذا النحو، فإن مواصلة «أوبك بلس» خفض الإنتاج ستحد من مساهمة القطاع النفطي في النمو الكلي في 2019.
وسيتراجع القطاع النفطي أيضاً بسبب انخفاض أسعار النفط، والتي من المتوقع، وفق التقرير، أن تبلغ 64 دولاراً للبرميل في 2019، بانخفاض مقداره 7 دولارات للبرميل عن متوسط الأسعار في 2018. ويشير مسار أسعار النفط إلى أن كثيراً من دول مجلس التعاون الخليجي ستُعاني لتحقيق التوازن في موازناتها لعام 2019؛ حيث إن السعر اللازم لتغطية نفقاتها هو أعلى بكثير من التوقعات الحالية للسعر.
ومن المتوقع أن يكون القطاع غير النفطي في دول مجلس التعاون الخليجي بمثابة المحرك الأساسي للنمو في 2019، مع نمو متوقع بنسبة 3.1 في المائة، مدعوماً بارتفاع الإنفاق الحكومي، لا سيما في الإمارات والسعودية، واستمرار الإصلاحات والإنفاق على المشروعات، بالإضافة إلى الخطط التحفيزية لدعم القطاع الخاص.
ويقول محمد باردستاني، المستشار الاقتصادي لمعهد المحاسبين القانونيين، والخبير الاقتصادي الأول للشرق الأوسط، في مؤسسة «أكسفورد إيكونوميكس»: «مع تراجع أسعار النفط وخفض الإنتاج في دول مجلس التعاون الخليجي، سيكون القطاع غير النفطي بمثابة المحرك الرئيسي للنمو. وتقلب سوق النفط في الآونة الأخيرة يفرض حاجة المنطقة إلى بذل جهود مستمرة للتنويع الاقتصادي، بما في ذلك الإصلاحات المالية والهيكلية. وسيتعين على حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لعب دور متزايد في تحفيز النمو الاقتصادي خلال 2019».
السعودية
من المرتقب أن تنمو التوقعات الاقتصادية للمملكة العربية السعودية بوتيرة ثابتة، بنحو 2 في المائة في السنوات المقبلة. وفي عام 2019 فإن الإنفاق بمعدلات قياسية للميزانية ومختلف المبادرات الحكومية الداعمة، سوف تضمن نمواً أسرع لنشاط القطاعات غير النفطية، حتى مع تباطؤ نمو القطاع النفطي.
ولا تزال المملكة العربية السعودية تمضي بخطوات ثابتة على مسار التحوّل تحت مظلة «رؤية 2030»، وهي الخطة الاقتصادية للمملكة التي تم الإعلان عنها لأول مرة في عام 2016. وشهدت الخطة تنفيذ كثير من الإصلاحات على مدار العام الماضي، بما في ذلك تطبيق ضريبة القيمة المضافة، وتنفيذ إصلاحات في أسعار الطاقة، مع الاستمرار في رسم الاستراتيجية التجارية والاستثمارية للمملكة خلال الفترة المقبلة.
وتظهر التقديرات الأولية أن إجمالي الناتج المحلي قد نما بنسبة 2.2 في المائة في عام 2018، بما يشكّـل تحسّناً كبيراً في نسبة الانكماش التي بلغت 0.7 في المائة في 2017. وكان النشاط مدعوماً بسبب توسع القطاع النفطي، ونمو القطاع غير النفطي بوتيرة أسرع. ومن شأن ارتفاع الإنفاق المالي بزيادة متوقعة بنسبة 7 في المائة، والمبادرات المحفّزة للنمو، أن يدعم النمو غير النفطي في 2019، وسط استمرار جهود التنويع الاقتصادي.
وتشير تقديرات يناير (كانون الثاني) إلى أن السلطات السعودية خفّضت الإنتاج، وأن متوسط إنتاج النفط الخام سوف يرتفع بشكل طفيف فقط هذا العام، من 10.3 مليون برميل في اليوم حسب الأرقام المسجّلة في 2018. وفي الوقت نفسه، ومع استحواذ القطاع النفطي على نحو 44 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، تستثمر السلطات السعودية بشكل كبير في المشروعات المتعلقة بالهيدروكربونات، والتي تشمل عقوداً كبيرة مثل مصفاة جازان ومحطة الفاضلي للغاز.
بلغ متوسط مؤشر مديري المشتريات لبنك «الإمارات دبي الوطني» للمملكة العربية السعودية (وهو مقياس النشاط في القطاع الخاص غير النفطي) 53.8 في 2018، واستهل المؤشر عام 2019 بانطباع أقوى، كما أن المستويات العالية من التفاؤل واستعادة نمو الائتمان يشيران إلى أن النشاط غير النفطي يجب أن يرتفع هذا العام. ومن المتوقع أن يتسارع النمو في القطاع غير النفطي إلى 2.6 في المائة، مدعوماً بسياسة مالية توسعية والمبادرات التحفيزية للقطاع الخاص التي تم الإعلان عنها في أواخر 2017، وتستمر حتى 2021.
ويقول مايكل آرمسترونغ، المحاسب القانوني المعتمد، والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين (ICAEW) في الشرق الأوسط وأفريقيا وجنوب آسيا: «تواصل المملكة العربية السعودية العمل نحو تحقيق أهداف (رؤية 2030)، مع استمرار تركيز الحكومة على تعزيز مساهمة اقتصادها غير النفطي. إن الإنفاق القياسي للميزانية ومختلف المبادرات الحكومية الداعمة للنمو ستساعد بكل تأكيد على ترسيخ أجندة التنويع الاقتصادي في البلاد، رغم تباطؤ نمو القطاع النفطي».
الإمارات
من المتوقع أن يتسارع النشاط الاقتصادي في دولة الإمارات العربية المتحدة إلى 2.2 في المائة في 2019، ليرتفع من نسبة تقديرية قدرها 1.7 في المائة في 2018، مدعوماً من تعافي نشاط القطاع غير النفطي، وزيادة الإنفاق العام على المستويين الاتحادي والمحلي، وارتفاع الاستثمارات قبل معرض «إكسبو 2020» المرتقب جداً، واستمرار الانتعاش الاقتصادي على مستوى المنطقة. وبحسب معهد المحاسبين القانونيين (ICAEW)، من المتوقع أن يدعم كل من القطاعين النفطي وغير النفطي معدلات النمو هذا العام.
وانتعشت معدلات إنتاج النفط في الإمارات خلال 2018، لتخفّف من حدة الأوضاع في أسواق النفط العالمية، لا سيما بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات على صادرات النفط الإيرانية. ومن المتوقع أن ترتفع مستويات الإنتاج أكثر لتصل في المتوسط إلى 3.07 مليون برميل في اليوم هذا العام، بزيادة من متوسط 3 ملايين برميل في اليوم في 2018، مما يعكس الاستثمار المتواصل لدولة الإمارات من أجل تعزيز قدرتها الإنتاجية. ومن المتوقع أن ينمو القطاع النفطي بنحو 2 في المائة في 2019، ليسجّل أسرع معدل نمو للقطاع في ثلاث سنوات؛ لكن زيادة الإنتاج ستتأثر بانخفاض أسعار النفط في 2019. وفي المقابل، من المتوقع أن يتسارع القطاع غير النفطي للإمارات من نسبة تقديرية قدرها 1.3 في المائة في 2018 إلى 2.1 في المائة في 2019. وسيتم دعم النمو في القطاع غير النفطي من الميزانيات التوسعية والمبادرات الحكومية المتنوعة والمحفّزة للنمو، لا سيما في أبوظبي ودبي، والتي تمثّل مجتمعة ما نسبته 90 في المائة من إجمالي الناتج المحلي لدولة الإمارات.
كما أعلنت حكومة دبي عن عدد من المبادرات لدعم النمو، بما في ذلك خفض بعض الضرائب والرسوم، ووضع تدابير للحد من التكاليف الإجمالية لممارسة الأعمال للصناعات الرئيسية. ومن المتوقع للمشروعات الكبيرة التي تم إطلاقها استعداداً لمعرض «إكسبو 2020»، وكذلك القوانين الجديدة لتأشيرات الدخول، أن تستمر في تعزيز أعداد السياح القادمين إلى دولة الإمارات، مما يساعد دبي في الحفاظ على مكانتها كوجهة عالمية رئيسية للسياحة والاستثمارات الأجنبية المباشرة.
ويقول مايكل آرمسترونغ: «قامت دولة الإمارات العربية المتحدة بعمل رائع في تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، في سياق جهودها لتنويع الاقتصاد وتحقيق أهداف (رؤية 2021). ومن المتوقع للمشروعات الكبيرة استعداداً لمعرض (إكسبو 2020) وقوانين التأشيرات الجديدة والميزانيات التوسعية ومختلف المبادرات الحكومية الداعمة للنمو، أن تساهم في النمو الإجمالي للاقتصاد في 2019. ويبرز النمو المتوقع للقطاع غير النفطي أجندة العمل الطموحة للإمارات في مشوار التحول الاقتصادي».
ولكن على الرغم من التحسينات العامة في بيئة الاقتصاد الكلي، ظلت سوق العقارات ضعيفة طوال 2018؛ حيث واصلت أسعار مبيعات المساكن انخفاضها.
وألقت حالة الركود في سوق العقارات بظلالها على سوق دبي المالي، الذي انخفض بنسبة 24 في المائة تقريباً على أساس سنوي في فبراير (شباط) 2019، بينما كانت سوق أبوظبي للأوراق المالية في منأى عن ذلك؛ حيث نمت بنسبة 8 في المائة على أساس سنوي في يناير 2019.
ومن غير المرجح أن تشهد الظروف الحالية لسوق العقارات أي انتعاش ملموس هذه السنة، لا سيما في ظل النمو القوي والمتوقع للعرض، والوتيرة البطيئة لسوق العمل والوظائف.
علاوة على ذلك، تباطأ سوق استحداث فرص العمل من 2.6 في المائة في الأرباع الثلاثة الأولى من 2017، إلى 1.6 في المائة خلال الفترة نفسها من 2018. وبصورة ملحوظة، تأثرت بعض الوظائف في القطاعات الرئيسية؛ فمثلاً انخفض إجمالي التوظيف في قطاع الخدمات، الذي يمثّـل نحو 20 في المائة من إجمالي العمالة، بنسبة 1.3 في المائة على أساس سنوي في الربع الثالث من 2018، بينما انخفضت الوظائف في قطاعات «النقل والتخزين والاتصالات» و«التصنيع» بنسبة 4 في المائة، و1.1 في المائة، على التوالي خلال الفترة نفسها.


مقالات ذات صلة

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

الاقتصاد العاصمة الرياض (رويترز)

وسط طلب قوي... السعودية تبيع سندات قيمتها 12 مليار دولار على 3 شرائح

جمعت السعودية 12 مليار دولار من أسواق الدين العالمية، في بيع سندات على 3 شرائح، وسط طلب قوي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جانب من معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» العقاري بالرياض (الشرق الأوسط)

القروض العقارية السعودية في أعلى مستوياتها على الإطلاق

شهدت عمليات الإقراض العقارية التي توفرها شركات التمويل ارتفاعاً إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق بنهاية الربع الرابع من عام 2024 إلى 28 مليار ريال.

زينب علي (الرياض)
الاقتصاد منشأة «لوسيد موتورز» في كوستا ميسا بكاليفورنيا (رويترز)

«لوسيد» تتفوق على تقديرات تسليم السيارات الكهربائية... وسهمها يرتفع

أعلنت مجموعة «لوسيد» المتخصصة في السيارات الكهربائية عن تسليمات قياسية في الربع الرابع يوم الاثنين، متجاوزة توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مبنى وزارة التجارة السعودية (واس)

نمو السجلات التجارية المصدرة في السعودية 67 % بالربع الرابع

ارتفع إجمالي السجلات التجارية في السعودية بنسبة 67 في المائة خلال الربع الرابع من عام 2024 مقارنة بالفترة المماثلة من 2023 حيث تم إصدار أكثر من 160 ألف سجل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد الرياض (رويترز)

غداة إعلان خطتها الاقتراضية لـ2025... السعودية تبدأ تسويق سندات دولية

تطرُق السعودية أسواق الدين العالمية ببيع مزمع لسندات على ثلاث شرائح، ومن المتوقع أن تُسهم حصيلتها في تغطية عجز الموازنة وسداد مستحقات أصل الدين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

أسعار النفط تواصل التراجع في ظل توقعات وفرة المعروض وقوة الدولار

منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
منصة النفط والغاز البحرية «إستر» في المحيط الهادئ في سيل بيتش بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

واصلت أسعار النفط خسائرها للجلسة الثانية على التوالي يوم الثلاثاء بفعل تصحيح فني بعد صعود الأسبوع الماضي، في حين أثّرت التوقعات بوفرة المعروض وقوة الدولار أيضاً على الأسعار.

وانخفضت العقود الآجلة لخام برنت 28 سنتاً أو 0.37 في المائة إلى 76.02 دولار للبرميل بحلول الساعة 0148 بتوقيت غرينتش، في حين هبط خام غرب تكساس الوسيط الأميركي 33 سنتاً أو 0.45 في المائة ليغلق عند 73.23 دولار.

وصعد الخامان القياسيان لخمسة أيام متتالية الأسبوع الماضي، وبلغا أعلى مستوياتهما منذ أكتوبر (تشرين الأول) عند التسوية يوم الجمعة، لأسباب منها توقعات بمزيد من التحفيز المالي لإنعاش اقتصاد الصين المتعثر.

وقالت كبيرة محللي السوق في «فيليب نوفا» بريانكا ساشديفا: «من المرجح أن يكون ضعف هذا الأسبوع بسبب تصحيح فني، إذ يتفاعل المتداولون مع البيانات الاقتصادية الأضعف على مستوى العالم، التي تقوض التفاؤل الذي شوهد في وقت سابق».

وأضافت: «بالإضافة إلى ذلك، فإن قوة الدولار تقلص على ما يبدو المكاسب الحالية في أسعار النفط».

وشهد الدولار تقلبات لكنه ظل قريباً من أعلى مستوى له في عامين، الذي لامسه الأسبوع الماضي، وسط حالة من عدم اليقين بشأن نطاق الرسوم الجمركية المتوقع أن تفرضها إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

ويجعل الدولار القوي النفط أكثر تكلفة لحائزي العملات الأخرى.

ومن المتوقع أن يحافظ الطلب المتزايد من الدول غير الأعضاء في منظمة «أوبك»، إلى جانب الطلب الضعيف من الصين، على إمدادات جيدة في سوق النفط العام المقبل، وقد أدى ذلك أيضاً إلى الحد من مكاسب الأسعار.