المجلس العسكري يصدر قرارات بشأن القضاء والإعلام استجابة لقوى الشارع

أساتذة جامعة الخرطوم ينضمون للمعتصمين... قيادي في حركة التغيير لـ «الشرق الأوسط»: إنهاء الاعتصام مرهونٌ بحل الميليشيات

معتصمون امام مقر الجيش أمس (أ.ف.ب)
معتصمون امام مقر الجيش أمس (أ.ف.ب)
TT

المجلس العسكري يصدر قرارات بشأن القضاء والإعلام استجابة لقوى الشارع

معتصمون امام مقر الجيش أمس (أ.ف.ب)
معتصمون امام مقر الجيش أمس (أ.ف.ب)

أصدر المجلس العسكري الانتقالي السوداني، مجموعة من القرارات أعفى بموجبها رئيس الجهاز القضائي، والنائب العام، ورئيس النيابة العامة، ومدير عام هيئة الإذاعة والتلفزيون، كما أعاد هيكلة أركان الجيش، وهي مطالب قوى الشارع السوداني، الذي يواصل الاعتصام أمام قيادة وزارة الدفاع، وسط تطور نوعي بانضمام أكثر من 300 أستاذ من جامعة الخرطوم إلى المعتصمين في موكب مهيب.
ونقلت رويترز عن بيان صادر عن «الإعلام العسكري» أمس، إن رئيس المجلس العسكري الانتقالي، عبد الفتاح البرهان، أصدر مرسوماً أعفى بموجبه، رئيس القضاة «عبد المجيد إدريس»، وعيّن بدلا منه «يحيى الطيب إبراهيم أبو شورة»، رئيساً للجهاز في البلاد.
واشارت إلى بيان آخر، ذكر أن البرهان أصدر مرسوماً أعفى بموجبه كلا من عمر أحمد محمد عبد السلام من منصب النائب العام، وهشام عثمان إبراهيم صالح من منصبه مساعد أول النائب العام وإنهاء خدمة عامر إبراهيم ماجد رئيسا للنيابة العامة، وقضى القرار القرار بتكليف الوليد سيد أحمد محمود تسيير مهام النائب العام.
كما أصدر المجلس قراراً أعفى بموجبه مدير عام الهيئة السودانية للإذاعة والتلفزيون محمد حاتم سليمان من منصبه، وقراراً آخر عيّن به ﺍﻟﻔﺮﻳﻖ ﺍﻟﺮﻛﻦ ﻣﺮﺗضى ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻠﻪ حاكما ﻟﻮﻻﻳﺔ ﺍﻟﺨﺮﻃﻮﻡ.
كما أعاد البرهان تشكيل هيئة أركان الجيش السوداني، وعين الفريق أول الركن هاشم عبد المطلب أحمد بابكر رئيساً للهيئة، بديلاً للفريق أول ركن كمال عبد المعروف الذي أحيل للتقاعد بعد إعفائه من منصبه نائباً لرئيس المجلس العسكري الانتقالي السابق عوض بن عوف.
وبحسب القرار، تم تعيين الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين نائباً لرئيس هيئة الأركان، وتعيين الفريق أول ركن بحري عبد الله المطري في منصب المفتش العام، فيما احتفظ اللواء أحمد خليفة الشامي بمنصبه ناطقاً باسم الجيش، والفريق الركن آدم هارون نائبا لرئيس هيئة العمليات المشتركة، والفريق الركن مجدي إبراهيم عثمان رئيساً لأركان القوات البرية، والفريق طيار ركن محمد علي محمد محمود رئيساً لأركان القوى الجوية، والفريق بحري ركن مجدي سيد عمر مرزوق رئيساً لأركان القوات البحرية.
وجاءت سلسلة القرارات التي اتخذها المجلس أمس، في وقت يواصل فيه المحتجون السودانيون، لليوم العاشر على التوالي، اعتصامهم في شارع الجيش قبالة القيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع.
وتعد إقالة رئيس القضاء، ورئيس النيابة العامة، ومدير الهيئة القومية للإذاعة والتلفزيون، واحدة من مطالب المعارضة و«تحالف الحرية والتغيير» اللذين قادا الاحتجاجات التي أدت للإطاحة بنظام البشير، لكونهم يمثلون أبرز رموز النظام.
كما تتضمن المطالب حل المجلس العسكري الانتقالي وتكوين مجلس سيادة مدني يمثل فيه الجيش، وتكوين حكومة انتقالية مدنية لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية تمتد أربع سنوات.
وأعلن الجيش السوداني الإطاحة بالرئيس عمر البشير، والتحفظ عليه في «مكان آمن»، لم يعلنه، إثر تصاعد الاعتصام والاحتجاجات التي شارك فيها ملايين المواطنين، واستمرت منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) 2018 للمطالبة بعزل البشير وحكومته.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الانتقالي الفريق شمس الدين كباشي أول من أمس، إن قيادات الأجهزة الأمنية اضطرت لعزل الرئيس لفشله ونظامه في تقديم حلول للمشاكل السياسية والاقتصادية، ولأنه طالبهم بفض الاعتصام بغض النظر عن النتائج.
وكان تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود احتجاجات البلاد، قد طالب المجلس العسكري الانتقالي أول من أمس، بإقالة رئيس القضاء والنائب العام ونائبيهما، ضمن مطالبه بتهيئة الأوضاع لاستقلالية القضاء وعدالته.
من جهة أخرى، قال عضو المجلس العسكري الانتقالي الفريق ركن جلال الدين الشيخ، إن الاعتقالات التي تمت لرموز الحكومة السابقة والتحفظ عليهم في مكان آمن، تمت توطئة لإجراء محاكمات عادلة وفق القانون دون حماية لأي مفسد.
ونقلت «شروق نت» الحكومية، عن الشيخ من أديس أبابا أمس، قوله إن «قرار تسليم الرئيس السابق عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية أمر يتخذ من قبل حكومة شعبية منتخبة، وليس من قبل المجلس العسكري الانتقالي».
ورأى الشيخ أن قرار مجلس السلم والأمن الأفريقي، بإمهال مجلسه أسبوعين لتسليم السلطة للمدنيين، جاء بناء على سوابق مماثلة، وأن مجلسه بدأ مشاورات اختيار رئيس الوزراء.
وطلب الشيخ من «تجمع المهنيين» استيعاب ما سماه «الظروف الاستثنائية» التي تعيشها البلاد، وتفهم قضية التدرج في المعالجات حتى عودة الحياة الطبيعية في البلاد.
وتواصل الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش السوداني، وتزايدت أعداد المعتصمين بعد محاولة فض الاعتصام التي قامت بها قوات من الجيش أول من أمس، وتصدى لها المعتصمون بحواجز بشرية أمام الآليات التي كانت تنوي إزالة المتاريس التي أقاموها.
وفي تطور نوعي، دخل المئات من أساتذة جامعة الخرطوم، من حملة شهادات الدكتوراه والبروفسورات، ساحة الاعتصام في موكب خرج من الجامعة التي تعد من أهم جامعات البلاد.
وفشلت المحاولة الثانية التي قامت بها قوات من الجيش أمس، لإزالة المتاريس والحواجز في محاولة لفض الاعتصام، تحت ذريعة فتح الطرقات أمام حركة السير.
من جهته، قال القيادي في «قوى الحرية والتغيير»، الذي يقود الحراك الشعبي في السودان، عمر الدقير لـ«الشرق الأوسط»، إن «إنهاء الاعتصام مرهونٌ بقبول المجلس العسكري بتشكيل مجلس سيادي مشترك بين المدنيين والعسكريين وتصور قوى الحرية والتغيير، ثم حل ميليشيات نظام البشير فوراً واعتقال قياداتها، لضمان سلامة وأمن الشارع كي يعود المواطنون إلى بيوتهم آمنين».
وأضاف أن «مطالب الثورة كثيرة وعادلة، لكننا نعي أنها لا تتحقق كلها في يوم واحد. ما يهمنا الآن هو الإعلان بالالتزام ببرنامج المرحلة الانتقالية، والشروع مباشرة في عزل قيادات الحزب من المناصب القيادية في القضاء والإعلام والخدمة المدنية، وإلغاء القوانين المقيدة للحريات، وتصفية الشركات التي أنشأها حزب المؤتمر الوطني».



«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
TT

«جمعة رجب»... مناسبة حوثية لفرض الإتاوات وابتزاز التجار

مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)
مسلحون حوثيون ضمن حشدهم الأسبوعي في صنعاء بأمر من زعيم الجماعة (رويترز)

استهلت الجماعة الحوثية السنة الميلادية الجديدة بإطلاق حملات جباية استهدفت التجار وأصحاب ورؤوس الأموال في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، بغية إجبارهم على دفع الأموال لتمويل احتفالات الجماعة بما تسميه «جمعة رجب».

وتزعم الجماعة الحوثية أن دخول اليمنيين في الإسلام يصادف أول جمعة من شهر رجب الهجري، ويستغلون المناسبة لربطها بضرورة الولاء لزعيمهم عبد الملك الحوثي تحت ادعاء أن نسبه يمتد إلى علي بن أبي طالب الذي أدخل اليمنيين في الإسلام قبل أكثر من 14 قرناً هجرياً. وفق زعمهم.

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفين حوثيين برفقة عربات ومسلحين يتبعون عدة مكاتب تنفيذية تابعة للجماعة، نفذوا حملات واسعة ضد متاجر ومؤسسات تجارية في عدة مديريات في المدينة، وأجبروا ملاكها على دفع جبايات، بينما أغلقوا عدداً من المتاجر التي رفض ملاكها التبرع.

وأكدت المصادر أن الانقلابيين شرعوا في توسيع أنشطتهم الاستهدافية في تحصيل الإتاوات أكثر مما كان عليه قبل أشهر ماضية، حيث لم تستثنِ الجماعة حتى صغار التجار والباعة المتجولين والسكان الأشد فقراً.

الانقلابيون سيطروا بالقوة على مبنى الغرفة التجارية في صنعاء (إعلام محلي)

وفي ظل تجاهل الجماعة المستمر لفقر السكان في مناطق سيطرتها، أقرت ما تسمى اللجنة العليا للاحتفالات والمناسبات في اجتماع لها بصنعاء، إطلاق برنامج الفعاليات المصاحب لما يُسمى ذكرى «جمعة رجب»، بالتوازي مع بدء شنّ حملات جباية على التجار والسكان الذين يعانون من ظروف معيشية حرجة.

وهاجم بعض السكان في صنعاء كبار قادة الجماعة لجهة انشغالهم بابتكار مزيد من الفعاليات ذات المنحى الطائفي وتخصيص ميزانية ضخمة لأعمال الدعاية والإعلان، ومكافآت ونفقات لإقامة الندوات وتحركات مشرفيها أثناء حشد الجماهير إليها.

وكانت تقارير محلية اتهمت في وقت سابق قيادات حوثية بارزة في الجماعة يتصدرهم حمود عباد وخالد المداني بجباية مليارات الريالات اليمنية من موارد المؤسسات الحكومية الخاضعة لسلطات الجماعة في صنعاء، لافتة إلى أن معظم المبالغ لم يتم توريدها إلى حسابات بنكية.

تعميم صوري

في حين زعمت وسائل إعلام حوثية أن تعميماً أصدره القيادي في الجماعة حمود عباد المعين أميناً للعاصمة المختطفة، يقضي بمنع إغلاق أي محل أو منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ ما سماها «الإجراءات القانونية»، نفى تجار وأصحاب مؤسسات تجارية بصنعاء توقّف عناصر الجماعة عن مداهمة متاجرهم وإغلاقها بعد رفضهم دفع جبايات.

تجمع للمارة في صنعاء أثناء محاولة اعتقال مالك أحد المطاعم (الشرق الأوسط)

وفي مسعى لتلميع صورتها عقب حملات التعسف كانت الجماعة أصدرت تعميماً يُلزِم قادتها في عموم المديريات والمكاتب التنفيذية في صنعاء بعدم إغلاق أي منشأة تجارية إلا بعد اتخاذ «الإجراءات اللازمة».

وحض التعميم الانقلابي كل الجهات على «عمل برامج شهرية» لتنفيذ حملات نزول ميداني لاستهداف المتاجر، مرة واحدة كل شهر عوضاً عن تنفيذ حملات نزول يومية أو أسبوعية.

واعترفت الجماعة الحوثية بوجود شكاوى لتجار وملاك منشآت تجارية من قيام مكاتب تنفيذية في صنعاء بتحصيل مبالغ مالية غير قانونية منهم بالقوة، وبإغلاق مصادر عيشهم دون أي مسوغ قانوني.

توسيع الاستهداف

اشتكى تُجار في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من تصاعد كبير في حملات الاستهداف وفرض الإتاوات ضدهم عقب صدور تلك التعليمات التي يصفونها بـ«غير الإلزامية».

ويتهم عدد من التجار القياديَين حمود عباد وخالد المداني، والأخير هو مشرف الجماعة على المدينة، بتكثيف الأنشطة القمعية بحقهم وصغار الباعة وإرغامهم في كل حملة استهداف على دفع جبايات مالية مقابل السماح لهم بمزاولة أنشطتهم التجارية.

الحوثيون يستهدفون المتاجر والشركات لإجبارها على دفع الأموال (إعلام حوثي)

ويتحدث (أحمد.و)، مالك محل تجاري بصنعاء، عن استهداف متجره بسوق شعبي في حي السنينة بمديرية معين بصنعاء من قِبَل حملة حوثية فرضت عليه دفع مبلغ مالي بالقوة بحجة تمويل مناسبة «جمعة رجب».

وذكر أن عناصر الجماعة توعدته بالإغلاق والاعتقال في حال عدم تفاعله مع مطالبها غير القانونية.

وتحدث أحمد لـ«الشرق الأوسط»، عن إغلاق عدد من المتاجر في الحي الذي يعمل فيه من قِبَل مسلحي الجماعة الذين قال إنهم اعتقلوا بعض ملاك المحلات قبل أن يتم الإفراج عنهم بعد أن رضخوا لدفع الجبايات.