تفاعلت على المستويات الرسمية والشعبية والدينية، أمس، قضية رجل الدين الذي اعتقلته مفرزة أمنية بمنفذ الشلامجة الحدودي مع إيران بمحافظة البصرة، وأظهر تسجيل مصور انتشر على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي عناصر الأمن وهم يوجهون إهانة إلى رجل دين شيعي ويتهمونه بالمتاجرة بمادة «الزئبق الأحمر».
وانتقد نائب رئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي ما سماها «تصرفات غير مسؤولة»، قام بها عناصر أمن يعملون في منفذ الشلامجة الحدودي مع إيران بمحافظة البصرة.
وقال في بيان: «تابعنا بقلق بالغ حادثة اعتقال رجل دين في محافظة البصرة، وما تخللها من تصوير فيديوي، والمقطع يوضح تصرفات غير مسؤولة من قبل عدد من الأفراد المنسوبين (على) المنافذ الحدودية في المحافظة».
وأشار الكعبي إلى أن «الاعتقال جاء دون استكمال الإجراءات الأولية المتبعة ضمن السياقات القانونية بحق رجل الدين، كما جاء منافياً لمبادئ حقوق الإنسان، وبعيداً عن قوانين وأساسيات الضبط الأمني والعسكري، وفيه الكثير من التشهير بحق شخص لم تثبت التهمة عليه».
وتباينت ردود الفعل الشعبية حيال إلقاء القبض على رجل الدين؛ بين مستهجن للعملية، ومؤيد، ومطالب بمعاملة رجال الدين كالأشخاص العاديين في حال ارتكبوا أعمالاً مخالفة للقانون.
ولا يزال الغموض يحيط بملابسات الحادث وما إذا كان رجل الدين منتمياً إلى عصابة تقوم بتهريب البضائع الممنوعة بانتظام - كما تفيد اعترافات مفرزة الأمن الحدودية - أم إن الأمر يتعلق بسوء تصرف من عناصر المفرزة الأمنية وبقية العناصر في النقاط الحدودية المختلفة.
وحالة الغموض هذه دفعت بوزارة الداخلية إلى إصدار بيان أعلنت فيه توقيف جميع أفراد المفرزة التي اعتقلت رجل الدين. وذكرت الوزارة في بيان أن مفتشها العام جمال الأسدي وجّه بإجراء تحقيق في الملابسات التي رافقت عملية إلقاء القبض على رجل دين في محافظة البصرة، وأن اللجنة المشكلة «قامت باستدعاء آمر المفرزة الرائد (ع.ش.س) والمنسوب إلى قسم المخدرات والمؤثرات العقلية في محافظة البصرة التي نفذت عملية إلقاء القبض». وأشارت الوزارة إلى أن آمر المفرزة وأعضاءها «أفادوا بأن عملية القبض جرت بصورة قانونية أصولية وجاءت بعد ورود معلومات واعترافات من قبل عصابة تم إلقاء القبض عليها سابقاً».
وطرأ بعد ظهر أمس تحول دراماتيكي في قضية رجل الدين المعتقل، بعد تدخل رجل دين آخر اسمه واثق البطاط، قائد ما يسمى «جيش المختار»، وتحولت الانتقادات والبيانات المنددة لتركز على البطاط الذي هدد في تسجيل فيديو الضابط والمفرزة بالقول: «سنخلع عيونك، وسنجعل رأسك منفضة سكائر، وسنسحلك وأهلك والمجموعة التي نفذت عملية القبض، وعوائلهم».
وعدّ البطاط؛ المعروف بولائه المعلن لإيران، ما حصل «إهانة لعمامة كل رجل دين في العالم، وعمامة رسول الله والمرجعية، والمتاجرة بالزئبق الأحمر تهمة أسطورية»، على حد تعبيره.
ووجهت وزارة الداخلية برفع دعوى قضائية ضد واثق البطاط، مشيرة إلى أنه «استخدم لغة بربرية انتقامية لا تختلف عن منطق (الدواعش)». وذكرت الوزارة في بيان أن «المدعو واثق البطاط صرح مهدداً ومتوعداً لأحد ضباط الوزارة والمجموعة التي كانت بإمرته، حيث استمر المدعو البطاط بكيل التهديدات بالقتل وفقء الأعين والوعيد بأساليب يمجها المنطق والشرعة الإنسانية والقانونية». وأكدت أنها «قامت بالإيعاز إلى الدائرة القانونية فيها باتخاذ كافة الإجراءات القانونية بحق المدعو واثق البطاط، وإقامة دعوى قضائية بحقه تمهيداً لتقديمه للعدالة إزاء ما صدر عنه من تهديدات تمس سيادة القانون في البلاد». ودعا بيان الداخلية «المؤسسة الدينية إلى الاستمرار بدعم المؤسسة الأمنية».
ودخل على خط أزمة رجل الدين والبطاط شخصيات برلمانية وطلبة علوم دينية في حوزة النجف. وفيما عدّ النائب عن «سائرون» صباح العكيلي أن تحالفه «لا يتعامل مع الشخصيات غير المحترمة»، في إشارة إلى البطاط، ودعا الحكومة إلى اتخاذ إجراءات صارمة بحقه، أعلنت مجموعة من طلبة العلوم الدينية في حوزة النجف، أمس، البراءة من واثق البطاط وتهديده مفرزة أمنية. وقالت مجموعة الطلبة في بيان: «في الوقت الذي ندين ونستنكر تصرف منتسب وزارة الداخلية الذي تصرف بصبيانية وحقد وعدم مهنية مع أحد رجال الدين الذي لم تثبت إدانته، والقيام بالتشهير به في وسائل التواصل الاجتماعي، كذلك نستنكر وندين تصريحات واثق البطاط التي يهدد بها ويتوعد بالانتقام وهو أسلوب مرفوض ولأنه يؤدي إلى الإخلال بالأمن العام». وأشاروا إلى أن البطاط «معروف بتصريحاته غير المنضبطة، وقد سبق أن اعتقلته الأجهزة الأمنية جراء أمثال تلك التصريحات التي تمس سيادة الدولة وتهدد أمن المواطن».
وفي موضوع ذي صلة بحالات الفساد والتهريب في الموانئ والمنافذ الحدودية، كشف عضو مجلس النواب فائق الشيخ علي، أمس، عن فساد في الموانئ بإشراف ميليشيات ومهربين. وقال الشيخ علي في تغريدة على «تويتر»: «أيها الإعلام... إليكم هذا الفساد!... ما تزال السيارات القديمة تدخل العراق ببواخر! يشتريها المهرب بثمن شبه مجاني من أوروبا، ليدخلها إلى العراق بالاتفاق مع سلطات موانئنا». وأضاف: «ثم تقوم ميليشيات الموانئ بمصادرتها، لتبيعها إلى المهرب نفسه، فيقوم هو بدوره ببيعها أصولياً داخل العراق».
يذكر أن منفذ الشلامجة الحدودي في البصرة شهد في غضون الأسابيع الماضية القبض على عدد من المسافرين العراقيين والإيرانيين لحيازتهم مخدرات، من نوع «الكريستال»... وغيره.
ضجة بعد اعتقال رجل دين قادم من إيران بشبهة الاتجار بالمخدرات
زعيم ميليشيا مرتبطة بطهران يتوعد معتقليه... و«الداخلية» تلاحقه
ضجة بعد اعتقال رجل دين قادم من إيران بشبهة الاتجار بالمخدرات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة