المغرب: النقابات التعليمية الخمس تدعو لإضراب وطني لمدة أسبوع

TT

المغرب: النقابات التعليمية الخمس تدعو لإضراب وطني لمدة أسبوع

لم يعمر طويلاً الاتفاق الأولي بين وزارة التعليم المغربية والأساتذة المتعاقدين من أجل إنهاء الإضراب واستئناف التدريس، حيث انهار منذ اليوم الأول من بداية تطبيقه أول من أمس، وعاد الأساتذة للإضراب عن العمل في خطوة ترشح الوضع نحو مزيد من الاحتقان خلال الأيام المقبلة.
وقال محمد روجان، عضو «المجلس الوطني للتنسيقية الوطنية للأساتذة»، الذين فرض عليهم التعاقد، كما تسمي نفسها، إن الأساتذة قرروا تمديد الإضراب احتجاجاً على عدم التزام الوزارة بالاتفاق، الذي تم التوصل إليه خلال لقاء السبت الماضي.
وأضاف روجان، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، أن «غالبية الأساتذة رفضوا قرار تعليق الإضراب، الذي اتخذه المجلس الوطني بحسن نية، واستحضاراً لمصلحة التلاميذ، وفق الاتفاق الذي كان مع الوزارة يوم السبت»، مؤكداً أن الأساتذة «تفاجأوا أول من أمس عند التحاقهم بالمدارس بمطالبتهم بتوقيع محاضر استئناف العمل، واستفسارات عن الغياب».
واتهم المتحدث ذاته الوزارة بخرق الاتفاق، الذي وقعته مع الأساتذة المتعاقدين، معتبراً أن تعامل الوزارة «دفعنا لفقدان الثقة في جديتها»، ولافتاً إلى أن الجموع العامة المحلية، التي عقدها أساتذة التعاقد بعدد من الجهات مساء الاثنين، دعت إلى «مواصلة الإضراب، والعودة إلى الاحتجاج ضد الوزارة».
في غضون ذلك، دعا التنسيق النقابي، الذي يضم النقابات التعليمية الخمس (النقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الحرة للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للشغالين، والنقابة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم المنضوية تحت لواء الاتحاد المغربي للشغل، والجامعة الوطنية للتعليم «التوجه الديمقراطي»، المنشقة عن الاتحاد المغربي للشغل)، إلى إضراب وطني لمدة أسبوع، ابتداء من 22 أبريل الحالي، مصحوباً باعتصام ممركز.
وحمل التنسيق النقابي الخماسي، في بيان، تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، حكومة سعد الدين العثماني ووزارة التعليم مسؤولية استمرار الاحتقان. وجددت النقابات دعوتها للحكومة بالاستجابة لمطالب التنسيق النقابي الخماسي، بخصوص ما سمتها «المشكلات التعليمية المشتركة والفئوية المطروحة منذ سنوات، في إطار حوار تفاوضي حقيقي، يفضي إلى نتائج ملموسة، ويرفع الحيف عن مختلف فئات الشغيلة التعليمية».
من جهة ثانية، تظاهر مئات الممرضين وتقنيو الصحة في مسيرة احتجاجية وطنية، دعت لها حركة الممرضين وتقنيي الصحة بالمغرب أمس في الرباط، وعرفت مشاركة ممرضين من مختلف مدن وجهات المملكة لمطالبة الحكومة ووزارة الصحة بالاستجابة لمطالبهم، التي يصفونها بـ«العادلة».
وردد المشاركون في المظاهرة الغاضبة شعارات مناوئة للحكومة ووزير الصحة، أنس الدكالي، طالبوا فيها بتحسين الأجور وظروف العمل، بالإضافة إلى الإنصاف وفتح حوار مباشر جدي ومسؤول، ينهي الاحتقان الذي يعيشه القطاع الصحي بالبلاد.
وقال زهير معيزي، عضو لجنة الإعلام والتواصل في حركة الممرضين وتقنيي الصحة بالمغرب، إن الإضراب الوطني الذي ينفذه الممرضون المغاربة على مدى يومين «يمثل تأكيدا على أن أي حوار اجتماعي لا ترضينا نتائجه، ولا يلبي مطالبنا وحاجات المواطنين، لا يعنينا في شيء».
وأضاف معيزي في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن نتائج الحوار الاجتماعي بالنسبة للممرضين المغاربة غير مطمئنة، معتبرا أن الحوار الذي جمع الوزارة مع النقابات «هو فقط عقد اجتماعات من دون نتائج، وحتى الساعة لا يمكن أن نتحدث عن عرض حكومي حقيقي واضح بالنسبة للشغيلة الصحية، وخاصة الممرضين»..
ويطالب الممرضون المغاربة أيضا برفع الأجور، وتحسين معايير الترقي لتكون مثل باقي موظفي القطاع العام، حيث يشكو هؤلاء من ارتفاع مدة اجتياز امتحان الترقية المهنية، مقارنة بزملائهم من موظفي القطاع، والمحددة عندهم في أربع سنوات، مقابل ست سنوات بالنسبة للممرضين.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم