الأجانب المخطوفون والمفقودون في سوريا

TT

الأجانب المخطوفون والمفقودون في سوريا

بعد أكثر من 8 سنوات على اندلاع النزاع، لا يزال مصير كثير من الأجانب ممن خطفوا أو فقدوا في سوريا مجهولاً، ولم يساهم انتهاء مناطق تنظيم «داعش» في كشف أي تفاصيل عنهم حتى الآن، وذلك بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
ووجّهت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أول من أمس، نداء للحصول على معلومات عن 3 من موظفيها؛ بينهم النيوزيلندية لويزا أكافي، خطفهم التنظيم المتطرف في سوريا عام 2013.
وهذا عرض سريع لأبرز الرهائن والمفقودين في سوريا ممن لا يزال مصيرهم مجهولاً:
-وفي 13 أكتوبر (تشرين الأول) 2013، اختُطفت أكافي (62 عاماً) وزميلاها السائقان السوريان علاء رجب ونبيل بقدونس، بعدما أوقف مسلحون سياراتهم التي كانت تقل معدات طبية في محافظة إدلب (شمالي غرب).
وتكتمت اللجنة الدولية على خطف الممرضة والسائقين لأكثر من 5 سنوات، قبل أن تقرر إنهاء حالة الصمت وتوجيه نداء لمعرفة ما حدث لموظفيها.
وتحدّثت اللجنة في بيان عن «معلومات موثوق بها» تشير إلى أن أكافي كانت على قيد الحياة أواخر عام 2018، من دون أن تتمكن من الحصول على معلومات حول السائقين. وأبدت خشيتها من «فقدان أثر لويزا» بعد خسارة التنظيم المتطرف آخر منطقة سيطر عليها في سوريا.
وذكرت صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن اللجنة الدولية أن شخصين على الأقل قالا إنهما شاهدا الممرضة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي في أحد مستشفيات بلدة السوسة (شرق) قبل سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» عليها.
وأعلنت نيوزيلندا بدورها أنها كانت قد أرسلت قوات خاصة إلى سوريا للبحث عن أكافي.
وخُطف الصحافي البريطاني مع زميله جيمس فولي خلال تغطيتهما الحرب في سوريا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2012.
ونشر تنظيم «داعش» شريط فيديو يظهر إعدام فولي، ليكون بذلك أول الرهائن الأجانب الذين أعدمهم التنظيم، بينما ظهر كانتلي في أشرطة عدة للتنظيم وهو يقرأ تقارير إخبارية.
ولا يمكن التحقّق مما إذا كان كانتلي يقوم بذلك تحت الضغط والتهديد. وظهر للمرة الأخيرة خلال معركة مدينة الموصل العراقية في عام 2016 وقد بدا عليه التعب الشديد.
وسرت خلال حملة «قوات سوريا الديمقراطية» ضد آخر جيب للتنظيم المتطرف في شرق سوريا شائعات عدة تحدثت عن احتمال أن يكون كانتلي على قيد الحياة. إلا إن الحملة انتهت من دون أن يتبين مصير الصحافي البريطاني.
وفضّلت عائلة كانتلي الصمت، وقالت في فبراير (شباط) الماضي في تغريدة على موقع «تويتر»: «نحن على علم بالأنباء الحالية المنتشرة والتي تقول إن جون كانتلي على قيد الحياة، ورغم أن هذا أمر غير مُثبت حالياً، فإننا لا نزال نأمل وندعو أن تكون تلك هي الحقيقة». ويعتقد أنهما روسيّا الجنسية وتم خطفهما في سبتمبر (أيلول) أو بداية أكتوبر 2017 في منطقة دير الزور (شرق).
وظهر الرجلان في شريط دعائي للتنظيم، من دون أن تؤكد روسيا أنهما من مواطنيها. لكن مجموعة قوقازية تعرفت إليهما، مشيرة إلى أنهما مقاتلان سابقان من جنوب روسيا، في أواخر الثلاثينات من العمر.
وتحدثت تقارير إخبارية روسية عن كونهما مرتزقة من مجموعة شبه عسكرية تطلق على نفسها تسمية «واغنر» ترسل مقاتلين سابقين إلى سوريا للقتال إلى جانب قوات النظام. وأفادت صحيفة روسية بأنهما قتلا، وهو أمر لم يتم تأكيده.
وفقدت قناة «سكاي نيوز عربية» في 15 أكتوبر عام 2013 التواصل مع مراسلها الصحافي الموريتاني إسحاق مختار والمصور الصحافي اللبناني سمير كساب.
وكان يُعتقد أنهما محتجزان لدى «داعش»، لكن مصيرهما ما زال مجهولاً ويُعدّان في عداد المفقودين.
وحتى عام 2016، كان يُعتقد أنهما على قيد الحياة ومحتجزان في مدينة الرقة، معقل التنظيم السابق في سوريا.
وفُقد تايس (37 عاماً) في أغسطس (آب) 2012 قرب دمشق، ولا يزال مصيره مجهولاً. ومنذ فقدانه، بدأت عائلته حملة إعلامية للمطالبة بكشف مصيره والإفراج عنه، وتؤكد أن لديها أسباباً تدفعها للاعتقاد بأنه لا يزال على قيد الحياة.ولم تتبن أي مجموعة في أو الحكومة احتجاز أوستن، لكن والد تايس أبدى اعتقاده نهاية عام 2018 بأن «الحكومة السورية هي الجهة الأفضل لمساعدتنا على إعادة أوستن بسلام».
وفي سبتمبر 2018، قال مبعوث الرئيس الأميركي الخاص حول شؤون الرهائن روبرت أوبراين إن هناك أسباباً تدفع للاعتقاد بأن تايس لا يزال محتجزاً في سوريا وعلى قيد الحياة.
وكان تايس يعمل صحافياً مستقلاً مع وسائل إعلام عدة منها «واشنطن بوست» و«سي بي إس»، وتعاون أيضاً مع وكالة الصحافة الفرنسية و«بي بي سي» و«أسوشييتد برس».
- كاهن يسوعي إيطالي ذائع الصيت في سوريا نتيجة نشاطه في سبيل الحوار بين الأديان، وقد أسس «رهبنة دير مار موسى» شمال دمشق قبل أن تطلب منه الحكومة السورية مغادرة البلاد في عام 2012 بسبب لقائه معارضين للنظام.
وفي عام 2013، عاد الأب باولو إلى سوريا ليستقر في مناطق خرجت عن سيطرة القوات الحكومية، وخطفه التنظيم قرب الرقة في العام ذاته.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.