ترمب يهدد الاتحاد الأوروبي تجارياً... على غرار الصين

إلغاء رسوم المنتجات الصناعية بين واشنطن وبروكسل يزيد صادراتهما 29 مليار دولار

ترمب يهدد الاتحاد الأوروبي تجارياً... على غرار الصين
TT

ترمب يهدد الاتحاد الأوروبي تجارياً... على غرار الصين

ترمب يهدد الاتحاد الأوروبي تجارياً... على غرار الصين

رغم تحذيرات صندوق النقد والبنك الدوليين، ومؤسسات اقتصادية وبحثية كبيرة، من تداعيات الحرب التجارية على وضع الاقتصاد العالمي، فإن الرئيس الأميركي لم يتوانَ عن فتح جبهة جديدة في حربه التجارية مع الاتحاد الأوروبي، قبل إغلاق أو تسوية الوضع مع الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
وهدد ترمب؛ رئيسُ أكبر اقتصاد في العالم، صراحة باتخاذ الخطوات والإجراءات نفسها التي اتبعها مع بكين مؤخراً، مع الاتحاد الأوروبي، مهاجماً السياسات التجارية للاتحاد بشكل غير مباشر بسبب «الحواجز التي يضعها أمام المنتجات الزراعية والسيارات وكثير من الأشياء الأخرى».
وقال ترمب في كلمة له أمام قادة قطاع الأعمال في ولاية مينيسوتا الأميركية: «إنهم بالكاد يستوردون منتجاتنا الزراعية، في حين أنهم يستطيعون بيع سيارات (مرسيدس بنز)؛ (الألمانية)، كما يمكنهم بيع أي شيء يريدونه في بلادنا؛ بما في ذلك منتجاتهم الزراعية... وهذا ليس عدلاً، وهذه الأيام تتغير بسرعة».
وهدد ترمب الدول الأوروبية مجدداً، وقال: «إذا لم يتغير الوضع، فسنفرض رسوماً على كل سياراتكم، وعلى كل شيء يأتي منكم إلينا. لا يمكنكم معاملة مزارعينا بهذه الطريقة، ولا يمكنكم معاملة شعبنا بهذه الطريقة».
يأتي ذلك، في الوقت الذي قالت فيه مفوضة شؤون التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم، أول من أمس، إن المفوضية الأوروبية تعتزم الانتهاء من المباحثات التي تهدف للتوصل لاتفاق تجاري محدود مع الولايات المتحدة بحلول أواخر أكتوبر (تشرين الأول) المقبل، وذلك بعدما وافقت دول الاتحاد على بدء المفاوضات. وأضافت مالمستروم: «يمكننا إنجاز هذا الأمر سريعاً. ومن جانبنا، نحن عازمون بالتأكيد على فعل كل ما في وسعنا لإنهاء هذا الأمر خلال فترة ولاية المفوضية الحالية».
ومن المتوقع أن يركز المفاوضون على السلع الصناعية بالإضافة إلى مناقشة المجالات التي يمكن تعزيز التعاون فيها، وعلى سبيل المثال المنتجات الدوائية.
وإذا توصل الجانبان؛ الأميركي والأوروبي، إلى اتفاق لإلغاء الرسوم الجمركية على المنتجات الصناعية، فإن هذا سيؤدي إلى زيادة الصادرات الأميركية والأوروبية بنحو 26 مليار يورو (29 مليار دولار)، بحسب رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر. وقال رئيس المفوضية الأوروبية: «نريد الوصول إلى وضع يضمن مصلحة الطرفين في التجارة».
يذكر أن وزارة التجارة الأميركية قدمت إلى الرئيس ترمب في فبراير (شباط) الماضي نتائج دراستها بشأن ما إذا كان هناك اختلال في تجارة السيارات على جانبي المحيط الأطلسي، وما إذا كان هذا الاختلال يضر بالأمن القومي الأميركي، وهو التقييم الذي يمكن أن يبرر للرئيس ترمب فرض رسوم إضافية على السيارات الأوروبية. وأمام الرئيس الأميركي 90 يوماً بعد تقديم التقرير لفرض أي رسوم.
وهناك رسوم مفروضة بالفعل بنسبة 2.5 في المائة على السيارات المصدرة لأميركا. وأشار ترمب إلى أنه قد يرفع النسبة إلى 25 في المائة.

الاتحاد الأوروبي يريد حلاً بحلول أكتوبر
كانت مفوضة شؤون التجارة الأوروبية سيسيليا مالمستروم، أكدت أن المفوضية الأوروبية تعتزم الانتهاء من المباحثات التي تهدف للتوصل لاتفاق تجاري محدود مع الولايات المتحدة بحلول أواخر أكتوبر المقبل، بعد أن وافقت دول الاتحاد على بدء المفاوضات.
ويأمل الاتحاد الأوروبي في أن تمنع هذه الخطوة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من المضي في فرض رسوم إضافية على واردات أميركا من السيارات الأوروبية. ويمهد التفويض، الذي وافقت عليه الدول الأعضاء يوم الاثنين، الطريق أمام إجراء مباحثات رسمية قريباً.
وتحاول المفوضية الأوروبية منذ يناير (كانون الثاني) الماضي، الضغط للمطالبة ببدء اتفاق تجاري أوروبي - أميركي محدود، ولكن دولاً أعضاء؛ مثل فرنسا، أعربت عن ترددها بسبب المعارضة المحلية والحساسية التي تسبق الانتخابات الأوروبية المقررة في مايو (أيار) المقبل.
وكانت فرنسا الدولة الوحيدة التي صوتت ضد تفويض المفوضية الأوروبية ببدء محادثات تجارية مع الولايات المتحدة، في حين اكتفت بلجيكا بالامتناع عن التصويت بسبب الانتقادات الداخلية لفكرة تحرير التجارة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
والعلاقات التجارية بين الاتحاد الأوروبي وأميركا شهدت توتراً منذ أن رفع ترمب قيمة الرسوم المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم العام الماضي، مما دفع بروكسل للرد باتخاذ إجراءات عدة.
وكان ترمب ويونكر قد اتفقا في يوليو (تموز) الماضي، على العمل معاً لرفع الرسوم المفروضة على السلع الصناعية، بالإضافة إلى الحد من الحواجز التجارية في مجالات عدة، وذلك ضمن الجهود الرامية لتخفيف حدة التوتر.
ولكن منذ ذلك الحين، اتهمت واشنطن بروكسل بالتباطؤ، وهدد ترمب بفرض رسوم أعلى على صادرات السيارات الأوروبية.
ومن القضايا الشائكة أيضاً بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الزراعة، التي لم يتم إدراجها في أجندة المفاوضات.
يذكر أن الولايات المتحدة لطالما سعت إلى التوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي يشمل الزراعة. وأكدت مالمستروم أن قضية الزراعة سوف تبقى بعيدة عن طاولة المفاوضات، ووصفتها «بالخط الأحمر» بالنسبة للاتحاد الأوروبي.

الولايات المتحدة ستربح
في غضون ذلك، قال الرئيس الأميركي إنه يعتقد أن الولايات المتحدة ستخرج رابحة من نزاعها التجاري مع الصين مهما حدث. وقال ترمب خلال اجتماع مائدة مستديرة لقطاع الأعمال في بورنسفيل بولاية مينيسوتا: «سنربح في جميع الأحوال. سنربح بالتوصل إلى اتفاق أو بعدم التوصل لاتفاق».
ويخوض أكبر اقتصادين في العالم حرباً تجارية منذ 9 أشهر كلفتهما مليارات الدولارات وأثارت اضطراباً في الأسواق المالية وسلاسل الإمداد.
وفرضت إدارة ترمب رسوماً على واردات سلع صينية بقيمة 250 مليار دولار للضغط على بكين من أجل تنفيذ مطالبها بإنهاء سياسات تقول واشنطن إنها تضر بالشركات الأميركية المنافسة لنظيرتها الصينية. وردت الصين بفرض رسوم جمركية على سلع أميركية.



هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
TT

هل تؤدي العقوبات وأسعار الفائدة الروسية إلى موجة شاملة من الإفلاسات؟

الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)
الساحة الحمراء وكاتدرائية القديس باسيل وبرج سباسكايا في الكرملين كما تظهر من خلال بوابة في وسط موسكو (رويترز)

في ظلّ الضغوط المتزايدة التي فرضتها العقوبات الغربية وارتفاع أسعار الفائدة بشكل مذهل، تتزايد المخاوف في الأوساط الاقتصادية الروسية من احتمال حدوث موجة من الإفلاسات التي قد تهدّد استقرار الكثير من الشركات، لا سيما في ظل استمرار الرئيس فلاديمير بوتين في التمسّك بحربه في أوكرانيا.

وفي كلمته خلال مؤتمر الاستثمار الذي نظمته مجموعة «في تي بي» هذا الشهر، لم يفوّت بوتين الفرصة للتفاخر بما عدّه فشل العقوبات الغربية في إضعاف الاقتصاد الروسي، فقد صرّح قائلاً: «كانت المهمة تهدف إلى توجيه ضربة استراتيجية إلى روسيا، لإضعاف صناعتنا وقطاعنا المالي والخدماتي». وأضاف أن النمو المتوقع للاقتصاد الروسي سيصل إلى نحو 4 في المائة هذا العام، قائلاً إن «هذه الخطط انهارت، ونحن متفوقون على الكثير من الاقتصادات الأوروبية في هذا الجانب»، وفق صحيفة «واشنطن بوست».

وعلى الرغم من التصفيق المهذّب الذي قُوبل به الرئيس الروسي، فإن التوترات بدأت تظهر بين النخبة الاقتصادية الروسية بشأن التأثيرات السلبية المتزايدة للعقوبات على الاقتصاد الوطني. فقد حذّر عدد متزايد من المسؤولين التنفيذيين في الشركات الكبرى من أن رفع البنك المركزي أسعار الفائدة لمكافحة التضخم -الذي تفاقم بسبب العقوبات والنفقات العسكرية لبوتين- قد يهدد استقرار الاقتصاد في العام المقبل. وقد تتسبّب هذه السياسة في تسارع موجات الإفلاس، لا سيما في القطاعات الاستراتيجية الحساسة مثل الصناعة العسكرية، حيث من المتوقع أن يشهد إنتاج الأسلحة الذي يغذّي الحرب في أوكرانيا تباطؤاً ملحوظاً.

حتى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، أشار في منشور على شبكته الاجتماعية «تروث سوشيال» إلى أن روسيا أصبحت «ضعيفة جزئياً بسبب اقتصادها المتداعي».

تحذيرات من الإفلاس

ومع تزايد توقعات أن «المركزي الروسي» سيضطر إلى رفع الفائدة مرة أخرى هذا الشهر، انضم بعض الأعضاء المعتدلين في الدائرة الداخلية لبوتين إلى الانتقادات غير المسبوقة للسياسات الاقتصادية التي أبقت على سعر الفائدة الرئيس عند 21 في المائة، في وقت يستمر فيه التضخم السنوي في الارتفاع ليصل إلى أكثر من 9 في المائة. وهذا يشير إلى احتمالية حدوث «ركود تضخمي» طويل الأمد أو حتى ركود اقتصادي في العام المقبل. وبالفعل، يتوقع البنك المركزي أن ينخفض النمو الاقتصادي بشكل حاد إلى ما بين 0.5 في المائة و1.5 في المائة في العام المقبل.

كما تسبّبت العقوبات الأميركية الجديدة التي شملت فرض عقوبات على 50 بنكاً روسياً، بما في ذلك «غازبروم بنك»، وهو قناة رئيسة لمدفوعات الطاقة، في زيادة تكاليف المعاملات بين المستوردين والمصدرين الروس. وقد أسهم ذلك في انخفاض قيمة الروبل إلى أدنى مستوى له مقابل الدولار منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022. وقد أدى هذا الانخفاض في قيمة الروبل إلى زيادة التضخم، حيث ارتفعت الأسعار بنسبة 0.5 في المائة بين 26 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً للبيانات الرسمية.

وفي هذا السياق، حذّر رئيس هيئة الرقابة المالية الروسية، نجل أحد أقرب حلفاء بوتين، بوريس كوفالتشوك، من أن رفع أسعار الفائدة «يحد من إمكانات الاستثمار في الأعمال، ويؤدي إلى زيادة الإنفاق في الموازنة الفيدرالية». كما انتقد الرئيس التنفيذي لشركة «روسنفت» الروسية، إيغور سيتشين، البنك المركزي بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، مؤكداً أن ذلك أسهم في زيادة تكاليف التمويل للشركات وتأثر أرباحها سلباً.

وفي تصريح أكثر حدّة، حذّر رئيس شركة «روس أوبورون إكسبورت» المتخصصة في صناعة الأسلحة، سيرغي تشيميزوف، من أن استمرار أسعار الفائدة المرتفعة قد يؤدي إلى إفلاس معظم الشركات الروسية، بما في ذلك قطاع الأسلحة، مما قد يضطر روسيا إلى الحد من صادراتها العسكرية.

كما شدّد قطب صناعة الصلب الذي يملك شركة «سيفيرستال»، أليكسي مورداشوف، على أن «من الأفضل للشركات أن تتوقف عن التوسع، بل تقلّص أنشطتها وتضع الأموال في الودائع بدلاً من المخاطرة بالإدارة التجارية في ظل هذه الظروف الصعبة».

وحذّر الاتحاد الروسي لمراكز التسوق من أن أكثر من 200 مركز تسوق في البلاد مهدد بالإفلاس بسبب ارتفاع تكاليف التمويل.

وعلى الرغم من أن بعض المديرين التنفيذيين والخبراء الاقتصاديين يشيرون إلى أن بعض الشركات قد تبالغ في تقدير تأثير أسعار الفائدة المرتفعة، في محاولة للحصول على قروض مدعومة من الدولة، فإن القلق بشأن الوضع الاقتصادي يبدو مشروعاً، خصوصاً أن مستويات الديون على الشركات الروسية أصبحت مرتفعة للغاية.

ومن بين أكثر القطاعات تأثراً كانت صناعة الدفاع الروسية، حيث أفادت المستشارة السابقة للبنك المركزي الروسي، ألكسندرا بروكوبينكو، بأن الكثير من الشركات الدفاعية لم تتمكّن من سداد ديونها، وتواجه صعوبة في تأمين التمويل بسبب ارتفاع تكاليفه. وقالت إن بعض الشركات «تفضّل إيداع الأموال في البنوك بدلاً من الاستثمار في أنشطة تجارية ذات مخاطر عالية».

كما تحدّث الكثير من المقاولين علناً عن الأزمة الاقتصادية المتزايدة في روسيا. ففي أوائل نوفمبر، أشار رئيس مصنع «تشيليابينسك» للحديد والصلب، أندريه جارتونغ، خلال منتدى اقتصادي إلى أن فروعاً رئيسة من الهندسة الميكانيكية قد «تنهار» قريباً.

وفي الثالث من ديسمبر (كانون الأول)، أفادت وكالة «إنترفاكس» الروسية بأن حالات عدم السداد انتشرت في مختلف أنحاء الاقتصاد، حيث تأخرت الشركات الكبرى والمتوسطة بنسبة 19 في المائة من المدفوعات بين يوليو (تموز) وسبتمبر (أيلول)، في حين تأخرت الشركات الصغيرة بنسبة 25 في المائة من المدفوعات في الفترة نفسها.

وحسب وزارة التنمية الاقتصادية الروسية، فقد انخفض الاستثمار في البلاد، وتسببت العقوبات في ارتفاع تدريجي لتكاليف الواردات والمعاملات المالية، مما أدى إلى زيادة التضخم. كما قال مسؤول مالي روسي كبير سابق، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع: «ما يحدث هو صدمة إمداد نموذجية في البلاد».

صناعة الدفاع مهددة

تأتي هذه التحديات في وقت حساس بالنسبة إلى صناعة الدفاع الروسية. فعلى الرغم من ضخ بوتين مبالغ ضخمة من التمويل الحكومي في هذا القطاع، مع تخصيص 126 مليار دولار في موازنة العام المقبل، فإن معظم الزيادة في الإنتاج كانت ناتجة عن تعزيز القوة العاملة لتشغيل المصانع العسكرية على مدار الساعة وتجديد مخزونات الحقبة السوفياتية. ومع ذلك، ومع استمرار الحرب ودخولها عامها الثالث، وارتفاع خسائر المعدات العسكرية، فإن القوة العاملة في القطاع قد وصلت إلى أقصى طاقتها، وإمدادات الأسلحة السوفياتية تتضاءل بسرعة.

وتقول جانيس كلوغ، من المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية، إن التكاليف المتزايدة والعقوبات المشددة على واردات المعدات تجعل من الصعب على قطاع الدفاع الروسي بناء الأسلحة من الصفر. ووفقاً لتقرير صادر هذا العام عن الباحثَين في المعهد الملكي للخدمات المتحدة بلندن، جاك واتلينغ ونيك رينولدز، فإن 80 في المائة من الدبابات والمركبات القتالية المدرعة التي تستخدمها روسيا في الحرب ليست جديدة، بل جُدّدت من المخزونات القديمة. ويضيف التقرير أن روسيا «ستبدأ في اكتشاف أن المركبات بحاجة إلى تجديد أعمق بحلول عام 2025. وبحلول عام 2026 ستكون قد استنفدت معظم المخزونات المتاحة».

ثقة الكرملين

على الرغم من هذه التحديات يبدو أن الوضع لا يثير قلقاً في الكرملين. وقال أكاديمي روسي له علاقات وثيقة مع كبار الدبلوماسيين في البلاد: «لا يوجد مزاج ذعر». وأضاف أن المسؤولين في الكرملين يعدّون أن «كل شيء يتطور بشكل جيد إلى حد ما». ووفقاً لهذا الرأي، فإن روسيا تواصل تحقيق تقدم عسكري، وفي ظل هذه الظروف، لا يرى الكرملين حاجة إلى تقديم أي تنازلات جادة.

وتزيد الاضطرابات السياسية في العواصم الغربية -بما في ذلك التصويت بحجب الثقة في فرنسا، مع التصويت المرتقب في ألمانيا، بالإضافة إلى اعتقاد الكرملين أن ترمب قد يقلّل من دعمه لأوكرانيا- من الثقة داخل روسيا.

وقد تصدّى بوتين لانتقادات متزايدة بشأن زيادات أسعار الفائدة ورئيسة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، قائلاً في مؤتمر الاستثمار إن كبح جماح التضخم يظل أولوية بالنسبة إليه. ومع الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية الأساسية مثل البطاطس التي ارتفعت بنسبة 80 في المائة هذا العام، يواصل بوتين دعم نابيولينا وزيادات أسعار الفائدة، رغم شكاوى الشركات الكبرى. وقالت كلوغ: «من وجهة نظر بوتين، لا يمكن السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة، لأنه يمثّل تهديداً لاستقرار النظام السياسي، ولهذا السبب منح نابيولينا تفويضاً قوياً».

لكن المستشارة السابقة للبنك المركزي، ألكسندرا بروكوبينكو، ترى أن الضغط من الشركات الكبرى لن يهدأ. وقالت: «عندما يكون التضخم عند 9 في المائة، وسعر الفائدة عند 21 في المائة، فهذا يعني أن السعر الرئيس لا يعمل بشكل صحيح، ويجب البحث عن أدوات أخرى. أولوية بوتين هي الحرب وتمويل آلتها، ولا يمتلك الكثير من الحلفاء، والموارد المتاحة له تتقلص». وأضافت أنه من المحتمل أن تتعرّض نابيولينا لمزيد من الضغوط مع استمرار الوضع الاقتصادي الصعب.

ومع تزايد الضغوط على بوتين، أصبحت الصورة في الغرب أكثر تفاؤلاً بشأن فرص التغيير في روسيا، وفقاً لمؤسسة شركة الاستشارات السياسية «ر. بوليتيك» في فرنسا، تاتيانا ستانوفايا.

وأضافت: «بوتين مستعد للقتال ما دام ذلك ضرورياً... لكن بوتين في عجلة من أمره. لا يستطيع الحفاظ على هذه الشدة من العمل العسكري والخسائر في الأرواح والمعدات كما كان في الأشهر الأخيرة».