مشروع بريطاني حول ليبيا في مجلس الأمن

يدعو إلى وقف التصعيد «فوراً» والانخراط في الحوار السياسي برعاية أممية

الجيش الوطني الليبي (رويترز)
الجيش الوطني الليبي (رويترز)
TT

مشروع بريطاني حول ليبيا في مجلس الأمن

الجيش الوطني الليبي (رويترز)
الجيش الوطني الليبي (رويترز)

وزعت بريطانيا صباح اليوم (الثلاثاء) مشروع قرار في مجلس الأمن يطالب بـ"وقف التصعيد فوراً" والتزام وقف النار في ليبيا، مع العودة إلى الحوار السياسي الذي ترعاه الأمم المتحدة. ويعبر عن "القلق البالغ" من النشاط العسكري الذي بدأه الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر قرب طرابلس في مطلع الشهر الجاري.
ولم يتضح على الفور الموعد الذي ينشده الدبلوماسيون البريطانيون للتصويت على مشروع القرار. غير أن المفاوضات على بنوده ستتكثف خلال الساعات الـ48 المقبلة، أملاً في التوصل إلى صيغة مقبولة من كل الدول الـ15 الأعضاء في مجلس الأمن. وعند التصويت، يحتاج أي قرار في المجلس الى ما لا يقل عن تسعة أصوات وعدم استخدام حق النقض "الفيتو" من أي من الدول الخمس الدائمة العضوية في المجلس، وهي الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين. وكانت روسيا عطلت الأسبوع الماضي مشروع بيان يحتاج اصداره الى اجماع من كل الدول الـ15 الأعضاء. وشاعت تسريبات أيضاً أن فرنسا كانت غير راغبة في أي إشارة بالإسم إلى قائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر.
وجاء في الفقرات العاملة لمشروع القرار الذي حصلت "الشرق الأوسط" على نسخة منه، أن مجلس الأمن إذ "يذكر بقراره الرقم 2441 الذي يجدد نظام العقوبات على ليبيا" بالإضافة الى أنه "يقرر أن الوضع في ليبيا لا يزال يشكل تهديداً للأمن والسلم الدوليين"، يطالب كل الأطراف في ليبيا بـ"خفض تصعيد الوضع فوراً، والتزام وقف النار، والإنخراط مع الأمم المتحدة لضمان الوقف الكامل والشامل للأعمال العدائية في كل أنحاء ليبيا". ويدعو كل الأطراف الى أن "تعيد الإلتزام فوراً الحوار السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة"، مع "إعادة تأكيد الدعم التام لجهود الممثل الخاص للأمين العام غسان سلامة، والعمل في اتجاه حل سياسي شامل للأزمة". ويدعو كل الدول الأعضاء الى "استخدام نفوذها على الأطراف في ليبيا لضمان الإمتثال لهذا القرار". ويطلب من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أن يعد تقريراً عن تنفيذ القرار. وكذلك يدعو كل الأطراف الى "القيام بالخطوات الضرورية لضمان الوصول غير المشروط للمساعدات الإنسانية الى المتأثرين" بالنزاع.
وتشير ديباجة مشروع القرار الى القرار 1970 الذي أصدره مجلس الأمن عام 2011 بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، مما أجاز التدخل العسكري الخارجي ضد نظام العقيد معمر القذافي.
ويؤكد المشروع "الإلتزام القوي" من مجلس الأمن حيال "سيادة ليبيا واستقلالها وسلامة أراضيها ووحدتها الوطنية". وتلفت الى القرار 2259 الذي "رحب بالتوقيع في 17 ديسمبر (كانون الأول) 2015 على الإتفاق السياسي الليبي في الصخيرات، بالمغرب وصادق على بيان روما بتاريخ 13 ديسمبر (كانون الأول) 2015 لدعم حكومة الوفاق الوطني باعتبارها الحكومة الشرعية الوحيدة في ليبيا، والتي ينبغي أن تكون في طرابلس".
ويعبر عن "القلق البالغ من النشاط العسكري في ليبيا قرب طرابلس، والذي بدأ عقب اطلاق حملة عسكرية من الجيش الوطني الليبي في 3 أبريل (نيسان) 2019"، مما "يهدد استقرار ليبيا وآفاق الحوار السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة والتوصل الى حل سياسي شامل للأزمة". وتكرر أن "أي أعمال ارهاب هي اجرامية وغير مبررة، بصرف النظر عن الدافع ومتى وأينما وقعت وكائناً من كان مرتكبها". وإذ تأسف للأحداث الأخيرة التي أدت الى ارجاء المؤتمر الوطني حول ليبيا، يعبر عن "الأسى للأثر الإنساني الخطير للعمليات العسكرية في محيط طرابلس"، ويذكر الأطراف "بواجباتها تحت القانون الدولي، وبالتحديد القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان"، معبراً عن "تقديره ودعمه التام لعمل بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، في ظل تحديات جمة". ويدعو كل الأطراف الى "وقف الخطاب التصعيدي، والامتناع عن أي أعمال يمكن أن تقوض الحوار السياسي الذي تيسره الأمم المتحدة، والانخراط بصورة بناءة مع الممثل الشخصي للأمين العام غسان سلامة، بهدف التوصل الى حل سياسي بقيادة ليبية وملكية ليبية، لإحلال الأمن والاستدامة السياسية والاقتصادية، والوحدة الوطنية في ليبيا".



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.