تصعيد مفاجئ بين جناحين من حزب الدعوة العراقي

TT

تصعيد مفاجئ بين جناحين من حزب الدعوة العراقي

رفض «ائتلاف النصر» بزعامة رئيس الوزراء العراقي السابق حيدر العبادي ما أثاره قيادي سابق في حزب الدعوة من أن العبادي، الذي ينتمي إلى الحزب، يروم العودة إلى «ائتلاف دولة القانون» بزعامة نوري المالكي في حال اليأس من الحصول على رئاسة الوزراء للمرة الثانية إذا أطيح رئيس الوزراء الحالي عادل عبد المهدي، الذي توصف حكومته بأنها حكومة الفرصة الأخيرة.
وقال «النصر» في بيان، أمس، إن «العبادي نجح فيما فشل فيه الآخرون، وهو رمز وطني يخدم مشروع الدولة من أي موقع كان، ومشروع (النصر) بقيادة العبادي يطمح لقيادة البلاد تأسيساً على النجاحات لخلق الدولة العادلة الموحدة القوية». وأضاف البيان أن «(ائتلاف النصر) مشروع وطني شامل، له رؤيته وسياساته ورمزه الوطني الذي نجح بمعارك التحرير والوحدة والسيادة، والنصر مستمر بمسيرته لخدمة الدولة من موقعه ورؤاه وسياساته».
وبشأن ما أثاره القيادي السابق في حزب الدعوة سامي العسكري، وهو مقرب من المالكي الذي يتزعم الحزب، من أن العبادي سيقبل بالمحاصصة إذا عاد إلى رئاسة الحكومة، قال البيان إن «العبادي رفض المحاصصة عملياً عندما خوّل عادل عبد المهدي بحصة (النصر) في الحكومة».
وكان العسكري أعلن في تصريح، هو بمثابة تصعيد مفاجئ قبيل مساعٍ وشيكة للتقريب بين المالكي والعبادي تسبق المؤتمر العام لحزب الدعوة بعد شهر رمضان، أن العبادي صعد إلى رئاسة الحكومة بفضل حزب الدعوة، بينما رد «النصر» في بيانه بأن «حزب الدعوة حزب تاريخي لا يدعي أحد امتلاكه أو ابتلاعه، وهو قوة وطنية شاركت بإدارة الحكم من خلال موقع رئاسة الوزراء، والحكم عراقياً توافقي يشمل جميع القوميات والطوائف والكتل، واختيار رئيس الوزراء خاضع لاعتبارات عدة؛ وليست الحزبية وحسب». وأشار إلى أن «(ائتلاف النصر) تعرض لمؤامرات الداخل والخارج لخشية البعض من استمرار نهج الدولة وتراكم منجزاتها، فالبعض يريد للعراق أن يبقى ضعيفاً مستلباً»، مبينا أن «(النصر) الآن بخير، وهو يعيد بناءه وهيكليته وسياساته بقوة وتصميم برلمانياً وفي عموم الساحة السياسية».
إلى ذلك، أكد القيادي في «ائتلاف النصر» علي السنيد في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «(ائتلاف النصر) الذي يقوده العبادي يمثل مشروع دولة، فيما يحاول سواه التشبث بالسلطة، ولذلك فإن المؤامرات تتكاثر عليه من هنا وهناك بسبب أنه نجح في التعامل مع الملفات الأساسية لبناء الدولة». وبشأن دعم الائتلاف الحكومة الحالية، أكد السنيد أن «ائتلافنا داعم لحكومة عادل عبد المهدي، وقد عبرنا عن ذلك بخطوات عملية؛ منها حريته في اختيار الوزراء». وبشأن الحديث عن إمكانية اندماج «النصر» بزعامة العبادي و«دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، يقول السنيد إن «هذا الأمر غير مطروح، وغير ممكن، ونحن بدورنا ننفي ذلك تماماً».
من ناحية ثانية، اتهم «تحالف الفتح» بزعامة هادي العامري كتلاً سياسية؛ لم يسمّها، بمحاولة السعي لتشويه صورة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من أجل إطاحته وحكومته. وقال عضو البرلمان عن «تحالف الفتح»، فاضل جابر، في تصريح أمس، إن عبد المهدي «يسير وفق التوقيتات التي أعدها البرنامج الحكومي رغم محاولات عدد من الكتل السياسية وضع العراقيل أمام حكومته، خصوصاً التأخير في حسم الوزارات المتبقية». وأضاف أن «هذه الكتل لم تَرُقْها إجراءات وسياسات عبد المهدي سواء كانت داخلية أو خارجية؛ حيث حقق توازناً إقليمياً في علاقات العراق الإيجابية مع دول الجوار ودول الإقليم»، مبيناً أن «(تحالف الفتح) ما زال متمسكاً برئيس الوزراء عادل عبد المهدي وداعماً له، ولن يسمح بأي مسعى لاستبداله». لكن القيادي في «تحالف الإصلاح والإعمار»، أحمد المساري، اتهم عبد المهدي بعدم الإيفاء بالتزاماته. وقال المساري في تصريح تلفزيوني إن «رئيس الوزراء لم يلتزم بالاتفاق السياسي بشأن تشكيل الحكومة وتوزيع المواقع بالمناصفة». وأضاف المساري أن «(تحالف الإصلاح) لا يملك دولة عميقة تؤثر على قرار رئيس الوزراء، وكثير من نوابه ذهبوا إلى (البناء) مقابل إغراءات مادية ومناصب».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».